روما تستضيف مؤتمر «الكاثوليكية والشيعة في وجه المستقبل».. السيد جواد الخوئي: لتأليف لجنة دائمة مشتركة تدفع بعملية التواصل

تحت شعار “الكاثوليكية والشيعة في وجه المستقبل”، عقدت أكاديمية البلاغي التابعة لدار العلم للإمام الخوئي في النجف الأشرف وجمعية (سانت ايجيدو) التي تعد من أبرز الجمعيات المسيحية في العالم مؤتمرا في العاصمة الايطالية روما، واستمر المؤتمر ليومين 13-14 من شهر تموز الحالي 2022.
وقد تضمن اللقاء أربع جلسات علمية ذات محاور تخص المجتمعات الإسلامية والمسيحية تتعلق بمستقبل هذه المجتمعات ودور الشباب، فكان المحور الأول بعنوان “القيم الإنسانية المشتركة: رسالة البابا والمرجعية الشيعية العليا”.
أما المحور الثاني فكان بعنوان “مسؤوليات المرجعيات الاسلامية والمسيحية في المجتمع الديني المعاصر”.
والمحور الثالث كان بعنوان “الحرية والشهادة: نماذج من الفكر الإسلامي والمسيحي”.
والمحور الرابع كان بعنوان “المستقبل: اللقاء بين الأجيال”.

وشارك في المؤتمر من الجانب الكاثوليكي الشخصيات التالية: الكاردينال لويس روفائيل ساكو بطريرك الكلدان، الكاردينال خوسيه تولينتينو، مدير مكتبة الفاتيكان الشهيرة، المطران فينشينسو باليا، رئيس أكاديمية الحياة، المطران امبروسيو سيرافيكو، مطران فروزينوني وتوابعها،
ومن جانب جمعية سانت إيجيديو: اندريا ريكالدي، مؤسس الجمعية، ماركو انبالياسو، رئيس الجمعية الحالية والأب فيتوري ياناري، ودانيال بومباي المسؤول عن المهاجرين في الجمعية، وباسكواليه فيرارا، مسؤول السياسة والخدمة في الجمعية وارماندو تاريك برشلونة.
اما من الجانب الشيعي، فقد شارك السادة: جواد الخوئي رئيس مؤسسة الخوئي في النجف، حيدر السهلاني الكوفة، نزيه محيي الدين النجف، الشيخ اسماعيل خليق مدير مؤسسة الامام الخوئي في باريس، طلال الكمالي الكربلا، عباس الفحام جامعة الكوفة، زيد بحر العلوم النجف،ميثم الخونيزي، القطيف المملكة العربية السعودية ومهدي الأمين لبنان، أبوالقاسم الديباجي الكويت، مصطفى محقق داماد جامعة المشهد.

وبعد ذلك تضمن المؤتمر التوصيات الختامية التالي:
1- ليس المقصود من الحوار ذوبان الأديان بعضها في بعضها الاخر. وإنما فهم بعضها لبعض .
2- ‏هنالك تحدي يقف عائقاً أمام الحوار ينبغي الانتباه له إذ أن الحرب على الأديان تجعل من العالمين الإسلامي والمسيحي في خندق واحد لذلك على المؤمنين الانتباه إلى معالجة المغالطات التي توجه إلى الخالق والى الدين التي تؤثر في القيم الإنسانية وبنية المجتمع .
3- ‏ندعو إلى وقفة جادة أمام النصوص الدينية التي تؤسس للحوار والتعايش وتسليط الأضواء عليها كي نتمكن من الانطلاق على أسس دينية وعلمية رصينة.
4- ‏الاختلاف في الفهم هو أمر طبيعي في الإنسان، لكن أن يكون سببا للتطرف فهو أمر مرفوض.
5- تأسيس لجنة دائمة شيعية – كاثوليكية تعمل على تحقيق المصالح الإنسانية المشتركة والعمل بتوجيهات و مقترحات المؤتمر.
6-‏العمل على معالجة التحديات التي تواجه المجتمع، منها: الإلحاد، خطر المخدرات، عدالة توزيع الثروات، حقوق وواجبات الإنسان، الاهتمام بالطفل ،الاهتمام بالأسرة.
7- ‏إن كرامة الإنسان محترمة ومصانة مطلقا.
8- ‏الغاية من الأديان تنظيم العلاقة بين الإنسان وربه وبين الإنسان وأخيه الإنسان.
9- ‏إن القراءة المغلوطة للنص تؤدي إلى الخروج من شرائع الدين وتحميل النص بما يناقض روح الرسالات السماوية، مما يستدعي بنا الالتفات إلى ضرورة تفسير النصوص الدينية من مشاربها العقلية والشرعية.
10- ‏تبني مشاريع مشتركة إسلامية مسيحية تعود بالفائدة للطرفين.
11- ‏الاستمرار في اللقاءات الحوارية المشتركة على أن يكون اللقاء الشيعة الكاثوليكي الثالث في النجف الاشرف.

السيد جواد الخوئي

الى ذلك، تخلّل المؤتمر كلمة للسيد جواد الخوئي، رئيس مجلس الحوار الديني في مؤسسة الخوئي، أشار فيها الى ان “هذا المؤتمرَ هو اللقاءُ الثاني بعد انعقادِ المؤتمرِ الأولِ في مارس 2015 في روما، الذي كان باكورةَ التلاقي والتعارُفِ بين الطرفينِ، وتمّ فيه تبادلُ وجهاتِ النظرِ وقد أرسى المجتمعونَ في المؤتمرِ الأولِ قواعدَ وخطةَ عملٍ مشتركةً واضحةً أسهمت في بلورةِ مشروعٍ حواريٍّ مثمرٍ، وأسهمت بشكلٍ فاعلٍ في مدِّ جسورِ الصداقةِ والتعاون، مما ترك انطباعًا إيجابيًّا أسهمَ في ترسيخ الثقةِ المتبادَلةِ وهي اساس العملِ المشتركِ من أجلِ تعزيزِ فهمٍ صحيحٍ عندَ الطرفينِ بهدفِ الوصولِ إلى القواسمِ المشتركةِ بينهما، وتحقيقِ كلمةٍ سواءٍ تجمعُنا لخير الإنسانية جمعاء.”
ولفت الى ان الهدف من المؤتمر، “تحقيقَ جملةٍ من الأهدافِ المهمّةِ، منها إبرازُ المشتركاتِ وتعزيزُها وفهمُ الفوارقِ بينَ الأديانِ والمذاهبِ المختلفةِ واحترامُها، ومنها أيضًا ترسيخُ القيمِ الإنسانيةِ والدينيةِ واحترامُ التنوُّعِ وثقافةِ الآخَرِ ووضعُ أُسُسٍ للحوارِ الثابتِ والمُستدامِ بما يُسهمُ في تحقيقِ التعايُشِ السِلميِّ وتقديمِ رؤًى جديدةٍ تتلاءمُ مع حجمِ التحدياتِ المعاصرة”.

الحوارُ هو من أجلِ التعرُّفِ على الآخَرِ بشكلٍ أفضلَ لخلقِ مُناخاتٍ للتعايُشِ


وتابع” كذلكَ يهدِفُ المؤتمرُ إلى تقديمِ التوصياتِ الواقعيّةِ الفاعلةِ التي يتوصَّلُ إليها المفكرونَ والعلماءُ المشاركونَ في هذا المؤتمرِ وطرحِ المبادراتِ الهادفةِ إلى تنميةِ ثقافةِ قبولِ التنوُّعِ الدينيِّ والثقافيِّ بوصفِهِ إرثًا إنسانيًّا وحضاريًّا عبرَ الحوارِ والسعيِ لإيجادِ حلولٍ شاملةٍ ومستدامةٍ للمشاكلِ المرتبطةِ بالتطرُّفِ التي تواجهُ عالمَنا المُعاصِر”.
وأضاف الخوئي “المقصودَ من الحوارِ الذي ندعو له ونعملُ على ترسيخِهِ ليس تذويبَ الأديانِ في بَوتقةِ دينٍ واحدٍ ولا توحيدَها في ديانةٍ واحدةٍ، بل على العكسِ من ذلك، فالحوارُ هو من أجلِ التعرُّفِ على الآخَرِ بشكلٍ أفضلَ لخلقِ مُناخاتٍ للتعايُشِ، وهذا يستلزم ضرورةِ احترامِ كلِّ الأديانِ والمذاهِبِ وحقِّها في حفظِ عقائدِها وتعاليمِها بكلِّ متبنّياتِها”.
وعن الأثرُ الفاعلُ للمؤسسةِ الدينيةِ في تطويرِ المجتمع، لفت الى ان “دورِ المؤسساتِ الدينيةِ والمرجعيةِ في النجفِ الأشرفِ في تطويرِ البناءِ وتقديمِ الخِدْماتِ الاجتماعيةِ لجميعِ أطيافِ الشعبِ العراقيِّ بلا استثناءٍ، فالمؤسسةُ الدينيةُ في النجفِ الأشرفِ المتمثلّةُ بمرجعيةِ الإمامِ السيدِ السيستانيِّ ومن خلالِ ممثليها في العتباتِ المقدَّسةِ وبقيّةِ المراكزِ التابعةِ لها استطاعتْ بوعيِها الدينيِّ والإنسانيِّ أن تقومَ – فضلا عن دورِها في تبيينِ أحكامِ الدينِ وتعاليمِهِ – بالمحافظةِ على النسيجِ الاجتماعيِّ العراقيِّ والقيامِ بوظيفةِ بناءِ المؤسساتِ العلميةِ والاجتماعيةِ والخِدْميةِ في مختلفِ المجالاتِ وتطويرِها بوصفِها فاعلاً رئيساً وإحدى أهمِّ ركائزِ التنميةِ البشريةِ في العراقِ، وعلى الرغمِ من المواردِ الماليةِ المتواضعةِ للمرجعيةِ الدينيةِ التي لا تُقارَنُ مع إمكاناتِ الدولةِ، استطاعتْ توظيفَ تلكَ الأموالِ بكلِّ أمانةٍ ومِهْنيّةٍ في تطويرِ المشاريعِ الصحيةِ والإنسانيةِ العامّةِ في العراقِ”.

حاولنا وحرصْنا على اختيارِ وفدِنا العلميِّ والدينيِّ من علماءَ ومفكّرينَ بارزينَ في عالَمِ التشيُّعِ لهم باعُهم الطويلُ ومكانتُهُم العلميةُ المتميزةُ


ولفت الخوئي في تعريف عن أعضاءِ الوفدِ ومحاورِ المؤتمر الى انه “لقد حاولنا وحرصْنا على اختيارِ وفدِنا العلميِّ والدينيِّ من علماءَ ومفكّرينَ بارزينَ في عالَمِ التشيُّعِ لهم باعُهم الطويلُ ومكانتُهُم العلميةُ المتميزةُ، ومراعاةِ التنوعِ الجغرافيِّ والثقافيِّ في بعضِ البلدانِ التي فيها حضورٌ شيعيٌّ، وكذلك تمّ اختيارُ محاورَ علميةٍ وفكريةٍ واقعيةٍ تُلامِسُ حاجاتِ المجتمعِ وتُعَدُّ في الوقتِ نفسِه من التحدّياتِ المشترَكةِ للدينِ بصورةٍ عامّةٍ في عالمِنا المعاصرِ”.

لتأليف لجنة دائمةٍ مشتركة شيعية كاثوليكيةٍ تدفعُ بعمليةِ التواصُلِ بينَ المؤسَّستينِ وأن يكونَ بينهما خطوطُ ارتباطٍ وتنسيقٍ دائمٍ ومستمرٍّ


ختاما، اقترح الخوئي “تأليف لجنة دائمةٍ مشتركة شيعية كاثوليكيةٍ، تدفعُ بعمليةِ التواصُلِ بينَ المؤسَّستينِ، وأن يكونَ بينهما خطوطُ ارتباطٍ وتنسيقٍ دائمٍ ومستمرٍّ، تحملُ على عاتِقِها تنظيمَ اللقاءاتِ بينَ الطرفينِ ودراسةَ التحدّياتِ المشتركةِ وتقديمَ رؤًى وحلولٍ لهذه التحدّياتِ بالتواصُلِ مع العلماءِ والمفكّرينَ من الطرفينِ، وابتكارَ أُسُسٍ جديدةٍ أكثرَ فاعليّةً للحوارِ المثمرِ وإرساءَها، وإيجادَ رؤًى للإبداعِ المشتركِ من أجلِ تجاوزِ الاختلافاتِ بعقلانيّةٍ على وفقِ مبادئَ إنسانيّةٍ دينيةٍ مشتركة. وسيعقد اللقاء الثالث في النجف الاشرف.

السابق
سوريا تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا؟!
التالي
السيد مهدي الأمين في مؤتمر روما: الحوار الديني يحتاج إلى خطوات جبارة وجريئة