«يا نواب التغيير إتحدوا».. منيمنة وخلف ويعقوبيان وفنج وجرادي يرسمون عبر «جنوبية» خارطة الطريق والإستحقاقات!

لا يمكن النظر إلى إستحقاق إنتخاب رئيس جديد للجمهورية على أنه إستحقاق عابر. هو محطة أساسية ستحدد مصير لبنان للأعوام المقبلة، وجميع الكتل النيابية تتحضر لأن تكون "بيضة قبان" فيه طالما أن لا أغلبية مضمونة حتى لما يسمى بقوى "الممانعة"، فهل يمكن للنواب التغييريين لعب هذا الدور بعد التنوع والتعدد في آرائهم، وعدم تمكنهم حتى الساعة من إحداث تغيير كبير في الاستحقاقات النيابية والحكومية السابقة؟ من حيث المبدأ، يسعى النواب التغييريون الى خلق دور وازن لهم في هذا الاستحقاق وبدأوا يعدون العدة لذلك، فهل ينجحون؟

قد يكون من المُبكر إصدار حُكم مُبرم على أداء النواب التغييريين الثلاثة عشر، الذين إستطاعوا شق طريقهم إلى المجلس النيابي بصعوبة، وسط حقل ألغام القانون الإنتخابي الذي وضعته المنظومة السياسية،  كي تمنع وصول أي نائب من خارجها. لكن مرور نحو شهرين على إنتخابهم ومشاركتهم في أكثر من إستحقاق دستوري (إنتخاب رئيس مجلس النواب واللجان وتسمية رئيس الحكومة) يسمح بإجراء قراءة نقدية لهذا الأداء، ومدى قدرته على إحداث فرق أو أثر في المسار السياسي الذي تقوده هذه المنظومة منذ ما يزيد على ثلاثين عاما، خصوصا، على أبواب إستحقاق مفصلي مرتقب، ألا وهو إنتخاب رئيس جديد للجمهورية.

اقرأ أيضاً: ميقاتي.. الأقوى بين «العاجزين»!

بداية لا بد من تسجيل أن هؤلاء النواب التغييريين، حاولوا أن يكونوا مختلفين عن زملائهم من نواب الكتل النيابية الكبرى بالشكل والمضمون، حيث دخولوا إلى مجلس النواب لإنتخاب رئيس جديد- عتيق للمجلس سيرا على الاقدام ومن دون ربطات عنق، وعبر مظاهرة من مكان الانفجار في المرفأ مع أهالي الشهداء للقول لمن يعنيهم الامر، بأنهم يتمسكون بهذه القضية حتى النهاية، ومنهم عمد إلى تمييز نفسه عن نواب الكُتل حتى باللباس خلال إنتخابات اللجان (النائب فراس حمدان إرتدى الجينز). أما في المضمون فإن أداء هؤلاء النواب، بحسب المراقبين، “كان أقرب لمن يعزف “سولو” وسط فرقة موسيقية كبرى، ولم يستطيعوا أن يجدوا النونات المشتركة بينهم وبين العديد من النواب المستقلين عن الكتل النيابية الكبرى، بما يمكنهم من حجز مكان لهم في هيئة مكتب المجلس أو رئاسة اللجان النيابية، ما يقوي موقفهم المعارض للمنظومة الحاكمة، فضلاً عن مشهد ترشح النائب ميشال الدويهي نفسه إلى رئاسة أحد اللجان لكنه لم ينل سوى صوتين .

هذا السلوك “المتنوع” الذي خاضه النواب التغييريون في مجلس النواب، تكرر بشكل آخر في تسمية رئيس جديد للحكومة، بمعنى أنه حصل “تعدد في الآراء” حول تسمية السفير نواف سلام( 10 نواب سموه و 3 إمتنعوا) لكنهم أصدروا بيانا واحدا، وحين تمت تلاوة البيان من على منبر القصر الجمهوري.

ليس الهدف من “التذكير” بالإستحقاقات التي خاضها النواب التغييريون هو التقليل من إنجاز وصولهم إلى المجلس، بالرغم كل العراقيل التي وضعتها المنظومة في وجههم، ولا تنغيص “الفرحة” التي لاقاهم بها الكثير من اللبنانيين الحانقين على هذه الطبقة السياسية ويطمحون للإقتصاص منها بأي وسيلة، ويريدون من هؤلاء النواب التحول إلى “مسلة” تشلّ أذرعتها وتمنعهم من تشريع ما هو ضد مصلحة اللبنانيين. لكن أداء هؤلاء النواب إلى الآن لم يتمكن من خرق أي جدار في هيكل منظومة السلطة، التي مررت ملفاتها وتركيباتها في المجلس النيابي وتسمية رئيس الحكومة بكل “سلاسة”. “جنوبية” و على أبواب إستحقاق رئاسي سيرسم مصير البلد لسنوات عديدة، يقرأ مع عدد من النواب التغيرييين خارطة طريقهم نحو تشكيل إطار سياسي جامع والإستفادة من “أمثولة” الاستحقاقات السابقة التي خاضوها، ما قد يؤهلهم إلى لعب دور “بيضة القبان” في هذا الإستحقاق المصيري؟

ابراهيم منيمنة
ابراهيم منيمنة

بداية، يُصر النواب التغييريون على النظر إلى أدائهم “المتعدد والمُتنوع” في الاستحقاقات التي خاضوها، هي دليل عافية وأحد أوجه الديمقراطية، أما “لعب دور وازن في المستقبل أو “بيضة القبان” في الإستحقاق المقبل فهو يحتاج إلى مواصفات عدة”، كما يشرح النائب إبراهيم منيمة ل”جنوبية”، لافتا إلى أن “الكتلة النيابية يجب أن تكون شبه حزبية ومتجانسة سياسيا تماما، ولديها إطارها المعروف لكي تتمكن من القيام بهذا النوع من المفاوضات والتشبيكات مع القوى الموجودة”. 

منيمنة لـ”جنوبية”: نعمل على إزالة التمايزات بيننا للوصول لرؤية مشتركة وهناك محاولات جدية لذلك

يضيف:”نحن اليوم كقوى تغييرية ومتنوعة تعمل في إطار ديمقراطي، وهناك نوع من التمايزات ونحاول الوصول إلى توافق داخلي حول المواقف السياسية، وهذا برأيي لا يؤدي إلى أن نلعب هذا الدور( بيضة القبان) بالشكل المتوقع”، مشيرا إلى أنه “مع الوقت دورنا كنواب تغييريين سيتبلور بشكل مختلف لأن القوى التغييرية، لا بد أن تعمل ضمن تقاطعات داخل المجلس النيابي وعلى قوانين وهذا الدور، الذي من المفروض أن يبدأ بعد أن عبرنا إستحقاقات المجلس النيابي، ومن الأرجح أن يأخذنا إلى مكان متطور أكثر”.

يشدد منيمنة على أن “هناك عمل على إزالة التمايزات في ما بيننا للوصول إلى رؤية مشتركة، وهناك محاولات جدية لذلك، ولكن بسبب ضغط الاستحقاقات كان من الصعب العمل عليها، للتوصل إلى قواسم مشتركة بسرعة في الفترة الماضية”.

ملحم خلف
ملحم خلف

بالنسبة للنائب ملحم خلف فالمرحلة يجب أن تحمل تعاطيا مختلفا مع إستحقاق الرئاسة الاولى، يقول ل”جنوبية”: “نحن اليوم في أول الطريق لترتيب وضعنا للتصدي لإستحقاق رئاسة الجمهورية، ونحن سنعقد إجتماعات مفتوحة ستفضي إلى نتائج إيجابية ومؤثرة، لوضع الاطار الذي يسمح لنا بالتأثير بشكل أكبر في هذا الاستحقاق، لكن علينا ألا ننظر إلى التنوع في الاراء إلا من زاوية الغنى، وهذا ما تتمتع به كتلة النواب التغييريين”، مشددا على أنهم “تكتل وليس كتلة حزبية تسكب عليها الاراء من أعلى إلى أسفل، ولسنا ضمن إطار فكر شمولي، وعلينا أن نتعود أن الديمقراطية تتضمن تباين في الاراء ومحاولات إقناع  ومقابلات وهذا ما نعتمده كنواب تغييريين”.

خلف لـ”جنوبية”: سنعقد إجتماعات مفتوحة لوضع إطار يسمح بالتأثير بشكل أكبر في الاستحقاق الرئاسي 

يرى خلف أن “عتب الناس على أداءنا في المرحلة السابقة (إنتخابات المجلس النيابي) سيزول، عندما تعرف أننا لم ندخل في المساومات وتبادل المصالح في هذه الإستحقاقات، ونحن لا نريد العمل بنفس النهج الذي تعمل المنظومة السياسية وفقا لإطاره “، شارحا أن “النواب التغييريين لم يدخلوا المجلس النيابي لتبادل الحصص والمناصب، بل لرد الاطار الذي يُدخلنا في لعبة الديمقراطية الحقيقية التي تُراقب وتُحاسب، ولذلك نحن في كل لجان مجلس النواب”، ويعتبر أن “تصوير الامر وكأننا خرجنا من اللجان غير صحيح، وما حصل هو تأليف مطبخ تشريعي أنتج ما أنتجه من لجان تم توزيعها تحاصصيا، ووفقا لمبدأ مساومة وهذه ليست ألعابنا”.

بولا يعقوبيان

تتحدث النائبة بولا يعقوبيان بشكل واضح عن السياق الذي يحاول النواب التغييريون سلوكه للتعامل مع إستحقاق إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، تقول ل”جنوبية” : “نسعى للإتفاق على طرح مرشح لرئاسة الجمهورية، يستطيع أن يجمع أكبر عدد أصوات من الكتل النيابية، وقد بدأنا إجتماعاتنا المفتوحة وسنكثف تواصلنا المباشر، لبلورة أفكار حول إسم ومواصفات هذا المرشح لكي ينال إستقطاب أكبر عدد من النواب”.

يعقوبيان لـ”جنوبية”: نسعى لطرح مرشح لرئاسة الجمهورية يجمع أكبر عدد أصوات من  الكتل النيابية

ترى يعقوبيان أن “الكلام الذي يُقال عن أن تنوع و تعدد آراء النواب التغييريين،  كان سببا في عدم تحقيقهم إنجازات في إنتخابات مجلس النواب غير صحيح”، وتسأل :حين ينتخب الرئيس نبيه بري والنائب إلياس بو صعب 65 نائبا من أين يمكن أن نأتي بأكثرية نيابية، من يطلق هذه المواقف يحاول الكذب على الناس وتحميل المسؤولية للنواب التغييريين، ففي الاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة تم تسمية السفير نواف سلام من قبل 25 نائبا، فمن أين يمكن أن تأتي بأصوات النواب الباقين كي يفوز على الرئيس نجيب ميقاتي “، مشددة على أن “هناك من يريد إقناع الناس  بأن هناك أكثرية نيابية يمكن أن تحقق إنجازا  وهذا الامر غير صحيح، لأن الاكثرية النيابية لا تزال بيد حزب الله وهو يستطيع إستخدامها بحسب مصالحه”.

وتؤكد أن “التنوع الموجود لدى النواب التغييريين هو دليل صحة، لأننا غير مرتهنين لزعيم يفرض علينا آرائه، ولسنا مرتبطين بمحاور كما يحاول البعض إتهامنا أو بسفارات، بل كل منا يملك رأيه الحر الذي يؤدي إلى تباينات في المواقف، و لكننا نتمكن من الخروج بالحد الادنى المشترك في كل المواضيع”

رامي فنج
رامي فنج

يُبدي النائب رامي فنج تفاؤلا بأن الايام المقبلة، ستحمل تطورا لجهة مقاربة النواب التغييريين للإستحقاق الرئاسي، يقول ل”جنوبية” “أعتقد أنه في الايام المقبلة وفي ظل التماسك الذي وصلنا إليه في التكتل، يجب أن يتبلور أداء أفضل لمقاربة للإستحقاق الرئاسي، بما يجلب الخير للبلد وأنا متفائل أكثر وأداءنا سيكون أكثر قوة  وفعالية، وأتمنى على النواب المعارضين أن يخطوا خطوة بإتجاه المبادئ السيادية التي نطرحها”.

فنج لـ”جنوبية” : سنبلور أداءنا  أفضل لمقاربة للإستحقاق الرئاسي بما يجلب الخير للبلد وأنا متفائل

يلفت فنج إلى أنه “من المنطلق الذي وُجدنا فيه كنواب تغييرين عابرين للمناطق والطوائف، يعطينا القدرة على إتخاذ قرار مختلف ديمقراطي وتغييري ويجعل أداءنا مختلف في كل المراحل”، مشيرا إلى أنه “في بداية ولاية المجلس كان وجودنا طريا، واليوم بتنا أكثر تماسكا وقراراتنا أكثر نضوجا ومعرفة بالعمل السياسي، ولا سيما في الاستحقاقات المقبلة وأولها رئاسة الجمهورية “.

ويؤكد أنه “من حق الناس أن ينتظروا منا التغيير، ولكن ما هو مأمول منا صعب في وجه المنظومة السياسية والوضع الاقتصادي والمعيشي، وما تم وصلنا إليه إلى الآن أعتبره إيجابيا وحتى الصورة التي أظهرناها في المشاورات لتسمية رئيس الحكومة، كنا مجموعة خرجت ببيان واحد ومشترك، ولو أن هناك نواب كانوا مختلفين عنا بالرأي”.

ويختم:”هذا التباين أراه نقطة إيجابية وأول تعبير ديمقراطي فيه تنوع مغاير عن الكتل النيابية التابعة لزعيم معين،  والإتفاق على بيان موحد في الإستشارات النيابية في بعبدا هو دليل تماسك للتكتل، واتمنى من القوى السيادية المعارضة أن تقوم بخطوة بإتجاهنا لتوسيع تكتلنا”.

إلياس جرادي
إلياس جرادي

يجزم النائب إلياس جرادي لـ”جنوبية” أن “الخيار الأكبر كنواب تغييريين ستكون في معركة رئاسة الجمهورية، وعلينا مسؤولية ان نكون بيضة قبان في هذه الانتخابات وأعتقد أنه لا خيار لنا سوى ذلك”.

مؤكدا أنه “في إنتخابات رئاسة الجمهورية القادمة سنكون يدا واحدة وصوت واحد ولن يكون هناك تنوع في الاراء، فهذا التنوع إعتمدناه في تسمية رئاسة الحكومة لأن من بين زملائنا، من رأى أن حكومة الرئيس المكلف لن تبصر النور ولذلك وجدنا أنه لا جدوى من التركيز، للخروج بموقف موحد تجاه تسمية الرئيس وتأليف الحكومة “.

جرادي لـ”جنوبية”: سنكون بيضة قبان في الانتخابات الرئاسية  ولا خيار لنا سوى ذلك

يشدد جرادي على أنهم “في المرحلة الماضية لم نكن مشتتين، فعددنا هو 13 نائبا مقابل 115 نائبا ينضمون إلى كتل نيابية كبرى، وهم لن ينحازوا لخياراتنا بل لخياراتهم وعندها لن نتمكن من إحداث أي خرق”، لافتا إلى أن “الخيار كان أن ندخل بمساومات مع المنظومة وهذا ما رفضناه، بل نريد ترسيخ المبدأ الديمقراطي وتعدد الاراء، وهو نموذج يجب أن تحتذي به كل الكتل، كي تتمتع بالتنوع حتى داخل الكتلة الواحدة، بعيدا عن الاسقاطات الحزبية والايديولوجية والعقائدية “.

يرى جرادي أن “المشهد السياسي اللبناني يفتقد إلى هذه الديناميكية وبات هناك تراتبية، وتعوّد  في العقل اللبناني بأن الكتل يجب أن تكون على رأي واحد، وحين حصل تنوع في الاراء إعتبرها أمرا خاطئا، وهذا أمر غير صحيح لأن الخطأ هو عدم تعودنا على الديمقراطية وإستسلامنا للمساومات”.

ويختم:” نحن من مشارب متنوعة وما يجمعنا هو رؤية 17 تشرين ومصير الناس، وهو أكبر من أي إطار عقائدي أو حزبي، وسنكون مستقبلا ضمن إطار المحافظة على الروح الديمقراطية و التنوع”.  

السابق
عصام خليفة يعلن فشل الدولة اللبنانية: خسرنا في مفاوضاتنا مع قبرص وإسرائيل وحتى مع سوريا!
التالي
«الوقت داهم».. ميقاتي: تتعرض حكومتنا لحملة جائرة ومنظمة!