عبد القادر لـ«جنوبية»: «حزب الله» يُعوم سلاحه عبر مُسيرات كاريش!

العميد نزار عبد القادر
ليس تفصيلا أن يعلن وزير الخارجية عبد الله بو حبيب موقف لبنان "المتبرئ"، من إطلاق حزب الله للمسيرات بإتجاه حقل كاريش يوم السبت الماضي، وأن تعلن أوساط رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن الوسيط الاميركي عاموس هوكشتين سيزور لبنان مطلع الاسبوع المقبل، فعدا عن أن الحادثة بذاتها أعادت خلط الاوراق المتعلقة بملف ترسيم الحدود الذي يديره رئيس الجمهورية وفريقه، فإن موقف الحكومة اللبنانية الذي جاء على لسان بو حبيب، قد يفتح إشكالا داخليا لأن جزء من الرسائل التي حملتها المسيرات هي للداخل اللبناني أيضا وليس فقط لإسرائيل والولايات المتحدة.

أطلق حزب الله مسيراته نحو حقل كاريش يوم السبت الماضي، محمّلا إياها العديد من الرسائل الاقليمية والدولية والداخلية أيضا، ويبدو أن الجميع تلقف مضمون هذه الرسائل بدءا من العدو الاسرائيلي، الذي إستنفر بكل إمكانياته اللوجستية والاعلامية، مرورا بالوسيط الاميركي الذي عبرّ عن إنزعاجه من هذا التطور (بحسب ما نقل مطلعون ل”جنوبية” عن السفيرة الاميركية دوروثي شيا)، وصولا إلى الداخل اللبناني والموقف المتقدم لوزير الخارجية عبد الله بو حبيب، بعد لقائه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي  اليوم، حيث أعلن أن “لبنان يعوّل على إستمرار المساعي الاميركية لدعمه وحفظ حقوقه في ثروته المائية، ولإستعادة عافيته الاقتصادية والاجتماعية، ويعتبر أن أي عمل خارج إطار مسؤولية الدولة والسياق الدبلوماسي الذي تجري المفاوضات في إطاره، غير مقبول و يعرضه لمخاطر هو في غنى عنها”.

كل هذه التطورات، تعني أن هناك عاملا مهما ومفصليا دخل على ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، و لن يكون من السهل تجاوزه أو إخراجه من المعادلة في المقبل من الايام، فبعد أن كان موقف حزب الله أنه “يقف خلف اللدولة اللبنانية في موقفها و مفاوضاتها في ترسيم الحدود البحرية” بات اليوم متقدما عليها ، فهل يمكن للمفاوضين اللبنانيين مجاراة رسائل حزب الله، التي أطلقها مع المسيرات وإستخدامها في عملية المفاوضات التي يجب أن تستعيد زخمها قريبا؟ 

حزب الله يريد الضغط على المفاوض الاميركي بعد فشل الوساطة القطرية بشأن الملف النووي الايراني

يشرح الخبير الإستراتيجي والعسكري العميد نزار عبد القادر ل”جنوبية “أن “مسيرات حزب الله، هي رسالة ذات هدفين متساويين في الاهمية، هما الضغط على إسرائيل على الوسيط الاميركي عاموس هوكشتين في آن معا”، مشيرا إلى أن” الحزب يريد الضغط على المفاوض الاميركي خصوصا بعد فشل الوساطة القطرية بشأن الملف النووي الايراني، وقد تكون إيران بحاجة إلى نوع من الضغط على الولايات المتحدة الاميركية، بواسطة أحد حلفاءها الأقوياء أي حزب الله،  خصوصا أن هوكشتين سيرافق الرئيس جو بايدن في جولته إلى دول المنطقة هذا الشهر”. 

يضيف:”من ناحية إسرائيل، حزب الله يريد أن يحافظ على طبيعة الاشتباكات بينهما، بمعنى يريد تثبيت معادلة هي “كما أن إسرائيل تخرق المجال الجوي اللبناني وتجتاحه ساعة تريد، فهو قادر أيضا على إجتياح المنطقة الاقتصادية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل وصولا إلى حقل كاريش”، مشيرا إلى أن “الهدف الثالث من اطلاق المسيرات هو داخلي لأن الحزب يريد أن يقول للدولة اللبنانية، لا تتراخوا كثيرا فلدينا أوراق يمكن ان نلعبها لتحقيق المصلحة اللبنانية، وبذلك يكون قد أعاد التذكير بأهمية دوره في المجال الحيوي اللبناني”، مشددا على أن “هذه الخطوة هي  رد غير مباشر على كل اللذين يقولون خاصة قبل الانتخابات وبعدها، أن دور المقاومة قد إنتهى ولا بد للدولة اللبنانية أن تستعيد سيادتها وأن يسلم حزب الله سلاحه”.

حزب الله يريد القول  للدولة اللبنانية لا تتراخوا فلدينا أوراق يمكن ان نلعبها لتحقيق المصلحة اللبنانية

يؤكد عبد القادر أن “مسيرات يوم السبت الماضي هي رسائل إلى إسرائيل والولايات المتحدة و اللبنانيين، ولا سيما المسؤولين عن ملف الترسيم، وهذا الموضوع واضح جدا ورسالة للداخل بأنه أعاد تأهيل دوره الاستراتيجي لحماية المصالح اللبنانية في وجه الغطرسة الاسرائيلية”، معتبرا أن “تلقف هذه الرسائل داخليا مرهون بمن يمسك بملف المفاوضات مع هوكشتين، أي  رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ونائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ومدى قدرتهم على الاستفادة منها، لتوظيفها لصالح المفاوضات لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة للبنان”.

أهمية رفع العقوبات عن باسيل وبعض رجالات العهد قد تتقدم على المصلحة الوطنية في ملف الحدود البحرية

ويلفت إلى أن “الوسيط الاميركي منزعج جدا من هذه الرسالة، وقد إنعكس ذلك في تصريحات السفيرة شيا في اكثر من لقاء معها خلال اليومين الماضيين، وبالتالي السؤال ما هي قدرة المفاوض اللبناني على إستثمارها”، مشددا على أنه “لا يعرف مدى طبيعة علاقة الرئيس عون والنائب بو صعب بهوكشتين، ولا طبيعة مصالحهم الخاصة التي قد تكون قد دخلت كعنصر من عناصر التفاوض ومنها ملف العقوبات على باسيل ورجال العهد، ولكن بحسب التحليل وكمراقب يرى أن القادة اللبنانيين، عودونا على الخلط بين المصالح الوطنية ومصالحهم الخاصة”.

ويختم:”أعتقد أن أهمية رفع العقوبات عن باسيل وبعض رجالات العهد قد تتقدم على المصلحة الوطنية في هذا الملف، وبالتالي قد تكون قدرتهم محدودة جدا في إستعمال هذه الرسالة القوية التي نفذها حزب الله، في مواجهة إسرائيل في حقل كاريش”.

السابق
وجيه قانصو يكتب لـ«جنوبية»: الملف البحري.. إما أن يكون إنجازا لبنانياً أو لا يكون
التالي
رحيل المخرج بيتر بروك «أسطورة المسرح» البريطاني