الجوز في فم أدرد…!

نصرالله اسماعيل هنية

يعيش رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية هذه الأيام “عصر الانتصارات” حتى أنه بدا منتشيا إلى حد الثمالة من على منصة الخطاب في المهرجان الذي أقيم في صيدا اللبنانية، الذي حشدت له حماس بالتعاون مع حزب الله (..!!) بخطاب عرمرمي حلق هنية في فضاء هذا العصر حتى أنه ولشدة انتشائه دعا حشده ليجهز حقائب عودته إلى فلسطين…!! وقال لإسرائيل: لم يتبق لديك الكثير من الوقت …!! 

وقبل أي قول، يعرف أهلنا في قطاع غزة المكلوم الانتصارات الحمساوية جيدا ويعرفون عصرها الذي ما زال يعتصرهم وجعا، وعوزا، وقلقا يتمدد في لياليهم المظلمة، ويعرفون الأهم أنهم المحتجزون حتى الآن، في كهوف الخطاب الحمساوي وكمثل رهينة لمقايضات سلعوية في سوق التفاهمات الإسرائيلية.

اقرأ أيضاً: براغماتية هنية تعيد حماس إلى بيت الأسد

وبالخطاب ذاته قدم هنية على نحو مغلف بسيلوفان المقاومة المزعومة، قدم لأشقائنا اللبنانيين خريطة جديدة لوطنهم وليس أكثر من كونه ساحة إيرانية..!! وبهذا الشأن نعرف، أن الأشقاء اللبنانيين هم الأقدر على الرد على هكذا خريطة، ويعرفون كما نعرف، أن كل هذه الحكاية، هي حكاية التحالفات التمويلية، التي تريد كذلك أن تجعل من المخيمات الفلسطينية في لبنان ساحة ملحقة للساحة الإيرانية هناك، بالأداة الحمساوية وهذه الغاية تحديدا خطوة في المخطط التآمري الساعي لتقويض منظمة التحرير الفلسطينية، لترسيم حماس بانتصاراتها الوهمية بديلا عنها، ذلك لأن المخيمات الفلسطينية في لبنان قلعة من قلاع منظمة التحرير، ومؤسساتها هناك هي التي ترعى شؤونها، وتخدم مصالح أهلها اليومية، غير أن هنية يتوهم أن تحالفاته التمويلية قادرة على هدم هذه القلاع بالشعارات الثورجية، والوعود التي لا تبرق بغير الأكاذيب.

نقول لهنية ولتحالفاته التمويلية: كان غيركم قبل هذا اليوم أشطر وأقوى، وظلت المخيمات على عهدها، وبصلابتها الوطنية، وهي التي لم تعرف حماس ولا إطارها الإخونجي الأوسع، أيام الكفاح المسلح، ولم تر لها أي حضور حتى في هذا الإطار أيام التصدي للاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 82 من القرن الماضي. 

لمخيمات أهلنا في لبنان ذاكرة وطنية، وجراح يعرفون مسببها، وقرار وطني لا يحيدون عنه قيد أنملة، وفي هذه الذاكرة يعرفون من هم الوطنيون الوحدويون في الساحة الفلسطينية، ومن هم المناهضون للوحدة الوطنية، الذين برهنوا وما فتئوا يبرهنون على تفردهم الإقصائي بالانقلاب الدموي العنيف، على الشرعية، الوطنية، والدستورية في غزة قبل خمسة عشر عاما خلت، وما زالوا انقلابيين بالانقسام البغيض الذي يكرسونه يوما بعد يوم، وخطابا إثر خطاب، بلا أي تردد، ولا أية مراجعة…!! 

وفي هذا الخطاب العرمرمي تسلق هنية على أكتاف المقاومة الحقيقية التي تشهدها الضفة الفلسطينية، مدعيا أنها له وما من أحد شاهد حمساويا في مواجهات هذه المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي لا في جنين ولا في برقة ولا في نابلس ولا في القدس ولم ير أحدا منهم في مؤتمر التحدي والصمود في مسافر يطا..!!!

يبقى أن نقول لهنية: حبل الكذب قصير، والأقصر منه حبل التنافخ الاستعراضي من فوق منصات التمويل الحرام، ومن يحلق في فضاء هذا التنافخ لن يجد في المحصلة أرضا ليهبط عليها، وإنما بحر الواقع الذي يغرق حتى من له تلك القشة. 

السابق
ارتفاع كبير بسعر المازوت.. ماذا عن البنزين؟
التالي
«تسليم» نيابي ببقاء حكومة تصريف الأعمال.. والسباق إلى الرئاسة ينطلق!