حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: أولُ جُرعَة إصلاحٍ سياسي إعادةُ تَكوينِ الدولة العميقة في لبنان

حارث سليمان
يخص الناشط السياسي والأكاديمي الدكتور حارث سليمان "جنوبية" بمقال أسبوعي ينشر حصرياً على صفحات الموقع و منصاته الإلكترونية.

لا يُبنَى وطنٌ ويزدهرْ دون دولةٍ، دولةٌ تَحفظُ مصالحَ شعبِه وتَستثمرُ ثرواتِه، وتصونُ حدودَهُ، وتُديرُ مرافقَه، وتُنظِّمُ علاقاتِه مع الدُوَلِ الأخرى…كما تَحفظُ أمنَ سُكانه، وسلامةَ أراضيه، وتحتكر حق امتلاك ادوات ووسائل العنف وإستعماله في حدود القانون.

اقرأ أيضاً: حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: أوهامُ قانا وحقائقُ الصفقة

سيادة الدولة على حدودها

والوطنُ كأرضٍ وشعبٍ وإدارةٍ ومؤسسات، قد يكونُ موجوداً وحقيقياً، لكنَّهُ ليس سيداً في غياب دولتِهِ الوطنيَّة، لأنَّ السيادةَ تَعْني قيامَ الدولة، والدولةُ تلكَ تكونُ سيدةً على حدودِها وداخلَ حدودِها، وينبثقُ عن السيادة على الحدود سياسةٌ دفاعيةٌ وعسكريةٌ، يتأمَّنُ من خلالِها الدفاعُ الوطني وتقريرُ خياراتِ السِلْمِ والحربِ والأمنُ القومي… كما تَنبثقُ عن دولةٍ سيدةٍ على حدودِها، سيادتُها الماليةُ والقانونيةُ و الجمركيةُ وإستيفاؤُها الرسوم المالية، عن عبورِ البضائعِ والرَساميلِ وضَبطِ حَرَكةِ دخولِ وخروجِ الأفراد _ مواطنينَ وأجانبَ_ … والسيادة أيضا تتضمَّنُ الحقَّ الحصري للسلطاتِ العامة، بتسييرِ دينامية وإدارةِ علاقات ديبلوماسية وسياسية، في الإطار الجيوسياسي للدولة أي علاقاتها الخارجية…

السيادة أيضا تتضمَّنُ الحقَّ الحصري للسلطاتِ العامة بتسييرِ دينامية وإدارةِ علاقات ديبلوماسية وسياسية

سيادة الدولة داخل حدودها

أما سيادةُ الدولة داخل حدودها  فهي سيادةٌ لدستورها وقوانينها، وهذا يعني : أن يُسلِّمَ كل من فيها _مواطنين واجانب_ بشكل طوعي بالقوانين التي تٌصدِرُها، كما تُسَلِّمُ جماعاتُها واحزابُها وطوائفُها، بشكل طَوْعِيّ بالاحتكام للدستور روحاً ونصاً، وتكونُ سيادةُ القانون، هي سيادةٌ شاملةٌ لكل قانونٍ ولأي قانون..  والسيادةُ أيضاً تفترضُ حِفاظاً على المَصلحةِ العامةِ كقيمةٍ تَسْمُو وطنياً، وتُشكلُ سَقفاً لانتِظامِ الأفرادِ والجَماعَاتِ في سُلوكيَّاتِهم ومشاريعِهم وسِيَاساتِهم، ومراعاتِهم للمصلحة الوطنية العليا. والسيادةُ أخيرا هي صيانةُ  الأملاكِ العامةِ ومرافقِ الخدماتِ المختلفة، كما تحتوي إحترامَ المجالَ العام بكُلِّ أشكالِه، في البيئةِ والهواءِ والطرقاتِ والساحاتِ والشواطئ والأنهارِ وقِمَمِ الجِبالِ، والغِطاء النباتي والأحراش والغابات والأثير والثروات الوطنية.

سيادةُ الدولة داخل حدودها  فهي سيادةٌ لدستورها وقوانينها

البناء الفوقي للحوكمة الرشيدة

ولا تُقامُ دولةٌ دون معاييرَ آمرة ومفاهيمَ تأسيسية، تَتحدّدُ من خِلالِها مجموعةُ قِيَّمٍ، تُوَجِهُ الحياةَ السياسيةَ، وتُلزِمُ اللاعبينَ في ساحاتِها، بالإنضواءِ الطَوْعّي، لحَيثيَّاتِ الممارسةِ السياسيةِ ومُسَلماتِها، ولذلك كانت دساتيرُ الدول، نصوصاً آمرةً ومستدامة، لتحديد ضوابطِ اللعبةِ السياسية والأصولِ الديموقراطيةِ لتداولِ السلطةِ وإعادةِ تكوينِها، كما تُحدِّدُ علاقاتِ السلطاتِ المختلفةِ من تشريعية، أو إجرائية تنفيذية، أو قضائية، وتُنظِّمُ تداخلَها واستقلالَ الواحدةِ عن الأخرى، وتَرسُمُ أصولَ الفَصْلِ بين صلاحياتِ كلٍ منها، ومناحي التعاونِ فيما بينَها…  وتَنْدرِجُ انطلاقا من ذلك، سلسلةٌ من القوانين والتشريعاتِ، التي تَرعَى أصولَ عملِ كُلِّ سُلطَةٍ، وتُنظِّمُ علاقاتِها بالمواطنين والأفرادِ داخل المجتمع وفي مختلف أرجاء الوطن.

لا تُقامُ دولةٌ دون معاييرَ آمرة ومفاهيمَ تأسيسية تَتحدّدُ من خِلالِها مجموعةُ قِيَّمٍ، تُوَجِهُ الحياةَ السياسيةَ


مع البناء القانوني وآلية الإمرة من الأعلى الى الأدنى، تَرتَسِمُ تَدَرُجاً من “سُلَّمِ المَعايير” الى “نُصوصِ الدستور” إلى موادِ القوانينَ وتطبيقاتِها، الى المَراسيمِ الوزارية والتطبيقية، ومن بَعدِها تَأتي القراراتُ التنفيذيةُ، فيَتَشَكَّلُ من كُلِّ ما تَقَدَمَ، بُنيَةٌ فِكريةٌ قانونيةٌ متكاملة، تُمَّثِلُ البناءَ الفوقي للحكم الرشيد والحوكمة الفاعلة.ويَنْبَثِقُ عن هذا البناءُ الفوقي النظري، هيكلياتٌ وبنى وأنظمةٌ، تُحَدِّدُ آلياتِ تسييرِ الحياة العامة، في كُلِّ مجالاتِ الإدارة، والنَقلِ والصِحَةِ والتَعليمِ والعُمْران والإتصالات وبُنَى الخَدَماتِ والمرافقِ العامةِ والرِعايةِ الاجتماعيةِ والصحيةِ، وحِفْظِ الأمنِ والسِلْمِ الأهلّي، والدفاع الوطني، وتُعْتَمَدُ في هذا المستوى من النشاط الدولتي :  الكفاءةُ والعلمُ والامتحانُ، إضافةً للنزاهةِ والشفافيةِ والمهنيةِ والمناقبيةِ، وذلك من أجلِ تحقيقِ جَوْدَةِ الإداءِ وحُسْنِ التدبير والإختيار، وزيادةِ الفعاليةِ ورفعِ مستوى الإنتاجية، ويَتِمُ إخضاعُ مواقعِ المسؤولية كافة، لآليات رقابية إدارية وعمليات تقييم ومراجعة، يجري على أساسِ نتائجِها، تقويمُ التراتبيةِ الوظيفيةِ، واصطفاءُ العناصرِ المؤهَلَةِ للتَرقِيَة الى مراتب قيادية أعلى، كما يترافقُ ذلك، مع أنظمةِ محاسبة مالية، وهيئاتٍ تتولى قمع المخالفات وإنزال العقوبات بمرتكبيها.

الدولة العميقة شأن مواطني وشأن سيادي

عبر المُمارسَةِ والوَقتِ يَتراكمُ بُنيانٌ سياسيٌّ إداري ومؤسساتي، له تقاليدُه والتزاماتُه وضوابطُ عمله، وخصائصُ وظيفتِه في الحياة العامة، فتتأسَّسُ ملامحُ “دولة عميقة” تترسخُ صورتَها وتظهرُ في انتظامِ عملِ الجيشِ والأجهزةِ الأمنيةِ والقضاءِ والادارة العامةِ والاعلامِ، و مؤسسات التعليمِ و الجامعاتِ الرسميةِ وحتى الخاصةِ، وفي المالية العامةِ والجماركِ والنظام المصرفيّ والنقديّ، وأجهزة الرقابة المالية والادارية، وكافة المؤسساتِ والمرافقِ التي تُقَدِّمُ خدماتٍ في مجالاتِ الكهرباءِ والإتصالاتِ وضبطِ حركةِ المعابرِ الحدوديةِ الوطنيةِ والجبايةِ الضريبيةِ والرسوم الجمركية… .انَّ مجالاتِ عملِ هذه الشبكة من المؤسسات، لا علاقة لها بالصراع السياسي أو الانقسام الطائفي او الانحيازات لمحاور اقليمية او دولية. لذلك فإن الدولةَ العميقةَ بكُلِّ تَجَليَاتِها ومَيَادينِها، هي شأنٌ مُواطنيٌّ يَضمَنُ حُقوقَ الأفرادِ الأساسية، وشأنٌ سياديٌّ يَحفَظُ المصلحةَ العُليا لشعبٍ بمُجمَلِهِ،  وعليه لا يَصِّحُ السَطوُ عليها، أو إنتهاكُ أُصولِ عَمَلِ كُلٍّ منها، أو استتباعها لأهداف سياسية او طائفية او صراعات إقليمية.

تشكل المحاصصة الطائفية والسياسية التي دَأبَتْ المنظومة السياسية الحاكمة على ممارستها نهجاً تَدميرياً مُتفاقِماً  مُتصاعِداً


وتشكل المحاصصة الطائفية والسياسية التي دَأبَتْ المنظومة السياسية الحاكمة على ممارستها، من ثمانينات القرن الماضي لتاريخه، نهجاً تَدميرياً مُتفاقِماً  مُتصاعِداً، لتفكيك كُلِّ مَلامِحِ دولةٍ لبنانيةٍ عميقة، ولمنعِ قِيامِ أية مُحاولةِ ولو جنينية، لاستحداث بُنَى تتطورُ لتُصبِحَ جُزءاً من دولة عميقة مرتجاة. فالإستتباعُ  في الوظيفةِ العامة، على أساسِ الوَلاء، يَضرِبُ معيارَ الكفاءةِ ويتجاوزُ القانونَ ويُنتِجُ ادارةً مُختلةَ التراتبيةِ وقليلةَ الإنتاجية. أما تَدخّلُ المنظومة السياسية في القضاء فيؤدي الى شلِّ فعاليتِهِ، والتَشكيكِ بمصداقِيَتِه، والإستهانة بأحكامِهِ، ولَعَلَّ ما حَدَثَ سابقاً، وما يَحدُثُ اليوم من حربٍ بين القُضاة، طِبقاً لأجنداتِ تبعياتِهم السِياسيةِ، يُبرِزُ حَجْمَ الجريمةِ التي إرتكبَتْها المنظومةُ الحاكمةُ في حَقِّ القضاءِ واستقلاليتِه ونزاهتِه. 

السلطة الفعلية تمارسُ من خارجِ المؤسساتِ الدستورية، والمراسيمُ والسياساتُ تصدرُ من خارجِ الحكومة

سلطة الخروج عن القانون والفشل في تسيير الخدمات العامة

إنَّ مُجمَلَ هذه الضوابط لا توجدُ في لبنان، فدولتنا ليست لديها معاييرَ آمرة، تَضبِطُ سُلوكَ اللاعبين السياسيين فيها، وعلى الرَغمِ من وجودِ نصٍّ دستوري، تُحدِّدُ أحكامُهُ حدودَ صلاحياتِ السلطاتِ العامة، وأصولَ فَصلِها وتعاونِها، فإنَّ السُلطَةَ الفعليةَ تُمارَسُ من خارجِ المؤسسات،  خَرقاً لقوانين الدولةِ ومصالحِ لبنان الوطنية، فيما تَتَفشَى بشكلٍ دراماتيكي، “ثقافةٌ” شاملةٌ للخروجِ عن القانون، بحيثُ أصبحَ إنتهاكُ القوانين كل القوانين، “نمطَ عَيْشٍ شامل” من قانون السير الى قانون النقد والتسليف، وما بينهما من قوانين اخرى، من ابسطها كقانون منع التدخين في الأماكن العامة  إلى سائر القوانين كافة، في التنظيم المديني، أو أنظمة التعليم والإستشفاء وسائر مناحي الحياة العامة… لا يَقتصِرُ الخَلَلُ في استسهالِ أصحابِ السلطة،  أمرَ الخروجِ عن القانونِ، بل يمتدُ الخللُ الى عجزِ الإداراتِ المختلفةِ والمؤسساتِ العامةِ عن القيامِ بوظائفِها اليوميةِ وتسيير المرافق والخدمات التي تتولى إدارتَها والاشرافَ عليها، وقد أصبحَ معتادا أن ينبري كلُّ صاحبِ مسؤوليةٍ او مديرِ مرفقٍ، الى إعفاءِ نفسِهِ من فشلِهِ، والى التَنَصُّلِ من أفعالِه، التي تسببت بتَوَقُفِ خدمات قِطاعِه، عبر إعلان صحفي يُعلِمُ به الجمهور بموعدِ إنقطاعِ الخدمة، فمؤسسةُ الكهرباء ليست مسؤولةً عن إمدادِ الكهرباء، بل جُلُّ دورِها الاعلانُ المُسبقُ عن ساعاتِ العتمةِ المتوقعة، أمّا قِطاعُ الإتصالات والهاتف فمسؤوليتُه تتحددُ بأنْ يُعْلِمَ الجمهورَ عن مناطق قطع الاتصال، واذا ذهبنا الى البريد، وهو مِرْفَقٌ جرى تخصيصَهُ لتحسينِ جَودَةِ خدماتِه، فستواجه اذا ما كنت منتظرا، رسالةً أو وثيقةً آتيةً من دولة أجنبية، أحجيةً تُشبِهُ “البحث عن كنز مفقود” بين مكتب البريد وعامل التوصيل، ولعل أفدحَ أشكالِ التَنَصُّلِ من المسؤولية والعجز عن الفعل والإنجاز، هو ما جرى في جريمة تفجير مرفأ بيروت، فقد إكتشفنا بعد الكارثة أنَّ عشرات اللا” مسؤولين” قد اكتفوا بمراسلاتٍ فيما بينهم، عن خطرِ أكبرِ قنبلةٍ تقليديةٍ في التاريخ، بأن إكتفى كُلُّ واحدٍ منهم، بإحالةِ قَصاصَةِ ورقٍ الى رئيسِه، ليُصَوِّرَ نَفْسَهُ انَّهُ قامَ بما عَليهِ، فيما القرارُ التنفيذي لنزعِ القنبلةِ كان غائباً او ممنوعاً… قد يكونُ نادراً واستثنائيا أن تَجِدَ في هَرَمِ هذه السلطةِ ودولةِ محاسيبها، من يُجِيدُ عَمَلَه ويقومُ بتنفيذِه على وَجْه الإتقان…لم يَسْلَمْ أي مجالٍ يُنتِجُ ربحاً او يَدِرُّ مالاً من طَمَعِ المنظومة وشهواتِها؛ من سِرقَةِ رِمالِ الشواطئ الى أملاكِ لبنانَ البحريةِ والنهريةِ، الى قِمَمِ الجبال وصخورِها، ومن ودائعِ الناسِ وجَنى أعمارِهِم في بنوكِ المنظومةِ وحاشياتِها الاقتصاديةِ، الى بيعِ المراكزِ الوظيفيةِ في أجهزة الدولةِ ومؤسساتِها، لم تخجلْ المنظومةُ ولم يَجرَحْ حياءَها أيُّ ارتكاب.

السلطة الفعلية تمارسُ من خارجِ المؤسساتِ الدستورية، والمراسيمُ والسياساتُ تصدرُ من خارجِ الحكومة، حتى لو نالت تواقيعَ الوزراء واختامَهُم، والتشريعاتُ الأساسيةُ، يُتَخّذُ أمرُ صياغتِها خارجَ مجلسِ النُواب، حتى لو شَهِدْنا نِقاشاً حامياً حولَها في الندوةِ البرلمانيةِ…

ستة ضمانات مواطنية في مواجهة محاصصة المنظومة الطائفية

لم يعدْ مُمكناً متابعةُ حياتِنا، كشعبٍ وأجيالٍ جديدة، إذا تابَعَت السُلطةُ و المنظومةُ الحاكمةُ ممارساتِها وحماقاتِها وإرتكاباتِها، لذلك لا بد من جُرعَةِ إجراءاتٍ إصلاحيةٍ أوليةٍ وسريعةٍ، تُعيدُ وضعَ لبنانَ على مسارِ التغييرِ وإعادة تكوينِ السلطةِ واستعادةِ الدولةِ وهذه الإجراءاتُ هي:
فصلُ النيابة عن الوزارةِ، لتكريس مبدأ فصلِ السُلطاتِ ولتفعيلِ الرقابة التشريعية وتقليص دائرة الزبائنية السياسية.
فصلُ القضاءِ عن السياسةِ، لتكريس استقلاليةِ القضاءِ وترسِيخِ مبدأ المساءَلة والمحاسبة، بحيثُ يُمنعُ رجالُ السياسةِ من التدخلِ بالقضاءِ ويُمنعُ القضاةُ من ممارسةِ السياسةِ أو تولي مناصبَ سياسيةٍ أو الانتماءِ لأحزابٍ سياسيةٍ او التبعيةِ لها.

شكلت نتائجُ الانتخاباتِ الأخيرةُ خطوةُ أولى على طريقِ تغييرٍ منشودٍ ومنتظرٍ


فصلُ السياسةِ عن الأعمالِ الخاصةِ، بحيث يُجْبَرُ كُلُّ سياسيٍ على الإمتناع عن ممارسةِ تجارتِه أو مشاريعِ صفقاتٍ وتلزيماتٍ وتعهداتٍ تعودُ له او لعائلتِه وفروعِها، مع الدولةِ ومؤسساتِها العامةِ ومرافقِ الخدماتِ فيها والبلديات، وذلك درءا لصرفِ النُفوذِ وتضاربِ المصالحِ ومنعاً للتَرَبُّحِ من السُلطَةِ.
فصلُ الجيشِ والأمنِ عن السياسةِ، لقيامِ جيشٍ مُحترفٍ وطنيٍ واجهزةٍ أمنيةٍ لا تُستهدِفُ من قِبَلِ السياسيين ولا تُسْتَتْبَعُ لمصالحِهم، ويُمنعُ قادةَ الجيشَ وأجهزةَ الأمن، من تولي أيّ منصبٍ سياسيٍ او الانتماءِ لأيِّ فريقٍ سياسيّ.
فصلُ السياسةِ عن الدين، بحيث لا يستقيم أن يكون سياسيا أو في قيادة حزب سياسي، رجل من رجال الدين، ولا يصح أن يقومَ رجلُ دينٍ بممارسةِ دورٍ سياسيّ او الدخولِ في صراعٍ انتخابيّ ديمقراطيّ. وبناء لذلك يتوجب لكل صاحب عمامة او ثوب كهنوت ان يختار صفة واحدة من صفتين لا يصح الجمع بينهما.
فصلُ السياسةِ عن الادارة، ومنع السياسيين من تقاسمِ تعييناتِها واعتمادِ آلياتٍ حديثةٍ لدخولِ ملاكاتِها، ولإصطفاءِ كادراتِها وترفيعِ أعضائِها، تعتمدُ الكفاءةَ والعلمَ والخبرةَ، ويَتَّصِفُ المتقدمون لها بالاستقلاليةِ عن أي تحزب سياسيّ أو تخندُقٍ طائفيّ.

لقد شكلت نتائجُ الانتخاباتِ الأخيرةُ خطوةُ أولى على طريقِ تغييرٍ منشودٍ ومنتظرٍ، فهل نَستجمعُ كل طاقاتنا للتقدم على هذا الطريق، أم نتلهى بما لا يُفيدُ احدا، و نُضيِّعُ فرصةً على لبنان قد لاتُعَوَّضُ ابداً.

السابق
مالك لـ«جنوبية»: غالبية الطعون الـ 15 لا تتسم بالجدية لإبطال النيابة
التالي
المكاري جال في إذاعة صوت لبنان في الاشرفية: فخور بما شاهدت