روسيا تلعب الشطرنج مع أوكرانيا..وتتقاسم الربح مع أميركا!

روسيا اوكرانيا

في العاشر من حزيران الجاري تمّ افتتاح أول جسر عبور بري بين الصين وروسيا، فوق نهر الأمور، بطول كيلومتر واحد تقريباً، وبتكلفة 19 مليون روبل أي حوالى 307.000 يورو… فقط!

وهو احتاج الى 4 سنوات لاتمامه بسبب أزمات كوفيد المتكررة. ويحمل الجسر الروسي الصيني رمزية كبيرة في مواجهة الدولتين العظمتين للقوة العظمى الأكثر نفوذاً في العالم، أي الولايات المتحدة. فالصين تواجه وتهدد الأميركيين لجهة عدم التدخل في تايوان! وفتح الأميركيين للجبهتين الشرقيتين في الوقت نفسه سيكون عنصراً مساعداً… جداً لتقاربهما!

فالأسواق الصينية مع 1.6 مليار نسمة هي 8 أضعاف أسواق أوروبا الغربية بسكانها الذين لا يصل عددهم الى 200 مليون نسمة. وهذا لا ينسحب على الغاز الروسي فقط، بل على كل التبادلات التجارية، علماً أن أسواق أوروبا الغربية غير قادرة على توفير البدائل حالياً، لا للغاز الروسي ولا للقمح الروسي والأوكراني.

وذلك، في حين أن الأزمة رفعت أسعار النفط والغاز في العالم، وحققت روسيا زيادة في أرباحها في الغاز والنفط يصل الى 33%، بالمقارنة مع الوقت نفسه في العامين الأخيريين بحسب عدد من خبراء الطاقة، أي أن الأرباح الروسية ارتفعت في حين ارتفع التضخم في أوروبا والولايات المتحدة وكندا، كما في العالم أسره. 

من الأرجح أن روسيا قادرة على تحويل العقوبات عليها، حتى ولو كانت ضاغطة عليها، وحرمتها من كم كبير من المليارات من الدولارات، الى “فرصة” اقتصادية تنموية داخلية، لجهة تطوير انتاجها الزراعي والصناعي وحتى التكنولوجي الداخلي. خاصة، وأن الغرب سيصل الى حل مع روسيا بتسوية، من دون القدرة على إسقاطها لا بالضربة القاضية ولا بالنقاط، ولا تبدو في ظاهر الأمور عاصمة أوكرانيا كييف هدفاً عسكرياً لروسيا، في الوقت الحاضر على الأقل، ومن جهة أخرى، فإنه في معركة شد السواعد الاقتصادية، فإن قساوة الحياة الشرقية أكثر تحملاً من الرفاهية الغربية. فعنصر الغنى الغربي قد يتحول الى عنصر ضاغط على شعوب، بدأت تعاني من ارتفاع كبير في الأسعار للوقود كما للسلع الغذائية! 

روسيا قادرة على تحويل العقوبات عليها حتى ولو كانت ضاغطة عليها الى “فرصة” اقتصادية تنموية داخلية


يملك الروس خبرة كبيرة في لعبة الشطرنج! وهم قادرون على المبادرة في الهجوم، وعلى استعمال هجمات خصومهم الاقتصادية ضدهم، بالضغط عليهم عبر نقاط الضعف التي تلقاها روسيا عندهم. وهي بادرت الى قطع الغاز عن فرنسا وعن عدد من الدول، بعدما كان التهديد من قبلهم بالتخلي عن الغاز الروسي!

إقرأ ايضاً: قُتِل ولم يمتْ..45 عاماً على رحيل المفكر علي شريعتي

بعد زمن، ستعود فيه العلاقات الغربية مع روسيا الى طبيعتها عبر المفاوضات والمبادرات. وسيكون ذلك، على أساس استقلال جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، واستمرار القرم روسية وعدم تواجد صواريخ حلف الأطلسي داخل أوكرانيا، حتى ولو انضمت أوكرانيا الى الاتحاد الأوروبي. علماً أن أوكرانيا تعاني من معيار الفساد، الذي يمنعها من الانضمام الى الاتحاد الأوروبي، كما قال ممثلون عن هولندا ودول أوروبية أخرى. وذلك، بحسب المعيار المعتمد من قبل الجمعية العالمية للشفافية.

إذ أن أوكرانيا بحسب هذه الجمعية حصلت على المركز الأخير في أوروبا بعلامة 32 من 100 خلف مولدافيا 36. وعلى الرغم من ذلك، فإن تضامن أوروبا الغربية مع أوكرانيا، يمكن أن يقفز فوق الموانع ويمكن أن يتمّ ضمها بالتالي الى الاتحاد الأوروبي، وإن كانت روسيا لن تقبل مطلقاً بانضمامها الى حلف الأطلسي! 

إعادة إعمار أوكرانيا سيكون فائق الكلفة وستكون الشعوب الأوروبية تحت وزر التضخم

حتى في زمن لاحق، فإن إعادة إعمار أوكرانيا سيكون فائق الكلفة، وستكون الشعوب الأوروبية تحت وزر التضخم، في حين أن روسيا، يمكنها أن تعتمد أن تستبدل أوروبا الغربية بالصين أسرع بكثير من قدرة استبدال أوروبا للغاز الروسي بأي حل آخر! 

للأسف، فإنه تحت “زئير” المدافع يصبح على الجميع التحلي بلغة العقل، والإدراك أن السلام أقل كلفة من الحروب، التي تستفيد منها بشكل خاص لوبيات شركات تصنيع الأسلحة! إذ تشكل هذه الحرب فرصة لتصريف الذخيرة “العتيقة” من جهة، ولزيادة الالتزام بتسليح أكبر من جهة أخرى، وخاصة لدول أوروبا الغربية مثل ألمانيا وفرنسا والسويد وفنلندا.. والرابح في النهاية هما الولايات المتحدة… وروسيا!

السابق
اللبنانيون بانتظار عودة الشيعة إلى رشدهم
التالي
يُفكك السيارات الى قطع غيار وخردة..«حرامي المرسيدس» في قبضة «المعلومات»!