«الرد اللبناني يدفع بالمفاوضات إلى الأمام».. تعليق مفصل لهوكشتاين حول ترسيم الحدود

هوكشتاين

بعد التوترات الصاخبة التي وصلت اليها المفاوضات غير المباشرة بين لبنان واسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية، ناشد المبعوث الأميركي الخاص للطاقة الدولية، آموس هوكشتاين ، المسؤولين اللبنانيين “التركيز على بناء لبنان أفضل” عوض “الانصراف إلى التفكير في إيقاف الآخرين”، في إشارة إلى ضرورة التوصل لحل قضية النزاع الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل والبدء في الاستفادة من حقول الغاز الطبيعي في المتوسط.

وفي مقابلة خاصة على قناة “الحرة”، قال هوكشتاين اليوم الاربعاء : “كنت هنا قبل بضعة أشهر وقدمت في حينها بعض الاقتراحات بشأن ما يفترض أن تكون عليه المفاوضات كما قدمت هذه الاقتراحات إلى الجانب الآخر أيضًا، واليوم جئت للاستماع للمسؤولين في الحكومة اللبنانية والإصغاء لوجهات نظرهم وتلقي أفكارهم حول المسارات المحتملة للدفع قدمًا”.

وردا على سؤال عما سمعه من الجانب اللبناني في زيارته، أشار هوكشتاين إلى أن “الخبر السار هو أنّني وجدت إجماعًا أكبر حول الرسالة، وإعدادًا جدّيًا للزيارة، وقد قدّموا بعض الأفكار التي تشكل أسس مواصلة المفاوضات والتقدم بها”.

وتابع المبعوث الأميركي الخاص “أعتقد أن ما سمعته أيضًا كان فهمًا واضحًا، مفاده أن الخيار الحقيقي لمستقبل لبنان، وهو الهم الأساس للرؤساء والقادة الآخرين الذين التقيت بهم، هو إيجاد حل للأزمة الاقتصادية التي يعانيها لبنان والتي ترتبط بشكل وثيق بملف النفط، وحل النزاع البحري يشكل خطوة أساسية وهامة من أجل إيجاد حل للأزمة الاقتصادية، وللانطلاق بمسار الانتعاش والنمو، لذا أعتقد أن ما جرى كان محاولة جدية تقضي بالنظر إلى الخيارات المتاحة للمضي قدمًا، من غير أن تغفل عن بالنا فكرة أن علينا أن نقدم تنازلات والتفكير بشكل بناء”.

وعما إذا كان قد قدم اقتراحات أو نقاط جديدة، نفى هوكستين ذلك، موضحاً أنه جاء إلى لبنان للاستماع إلى ردود الفعل حول الاقتراحات والنقاط التي أثارها من قبل.

وبشأن الردود والأفكار التي تلقاها من الجانب اللبناني، فضل هوكشتاين عدم الكشف عنها حالياً، قائلا: “لأننا في مرحلة حساسة نحاول فيها أن نردم الهوة بين الجانبين كي نتمكن من التوصل إلى اتفاق بينهما، أعتقد أن هذا بالغ الأهمية بالنسبة للبنان بقدر ما أعتقد بصراحة أنه بالغ الأهمية لإسرائيل، لذلك، قبل أن أفصح عن هذه الأفكار، سأتشاركها مع الجانب الآخر، ونكمل المسار من هناك”.

هوكشتاين رأى أن الرد اللبناني “يدفع بالمفاوضات إلى الأمام، وعليه سأتشارك هذه الأفكار مع إسرائيل وما أن أحصل على رد واقتراح من الجانب الإسرائيلي، سأبلغه إلى الحكومة في لبنان”.

ولدى سؤاله عما إذا ناقش المسؤولون اللبنانيون معه الخط 29، لاسيما وأن فريق الجيش اللبناني الفني واللوجستي أفاد أنه يعد ملفًا متينًا فيما يخص هذا الخط، اعتبر هوكستين أن “أمتن الملفات الذي يفترض بالجانب اللبناني إعداده هو ما قد ينجح، والحل الناجح يقضي بالإقلاع عن التفكير هل أملك أفضل قضيّة قانونية، هل أنا في أفضل موقع لي..”.

وتابع “ثمة طرفان هنا وعلى الجانبين بدل التركيز على ما هو حق لي مقابل الطرف الآخر الذي يرى ما هو حق له، يجب أن يكون التفكير قائمًا على الطاقة التي يفترض بذلها في التفكير، ما هي الأفكار الخلاقة التي يمكننا كلّنا أن نتفق عليها. قد لا أحصل على كل ما أردته، لكنني حصلت على ما هو أكثر بكثير مما لدي الآن، وفي حالة لبنان، هو لا شيء”.

كاريش مقابل قانا

وعن موقفه من الفكرة التي طرحها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، لناحية فرض مبدأ “كاريش مقابل قانا”، قال هوكشتاين : “أعتقد أن كثيرين كونوا أفكارًا حول ما يفترض أن تكون عليه المفاوضات. أعتقد أن الحكومة اللبنانية قد قامت بخطوة قوية جدًا إلى الأمام اليوم، عبر طرح مقاربة موحدة، والتفكير مليًا، لا أعتقد أن الأمر حكر على الشعارات، بل يقضي بالنظر إلى نوع التسوية التي يمكن التوصل إليها، ويوافق عليها الإسرائيليون من غير أن يشعروا أن في ذلك ما يتعارض مع مصالحهم، وذلك مع الحفاظ على أهم جزء من مصالح لبنان”.

وتابع “لذلك لا يتناول الأمر صيغة أو أخرى بل ما يمكن أن يكون ناجحًا، وأعتقد أن هنا تكمن الصعوبة في الموضوع. أعرف أن الأمر صعب لأن الناس يحبون “الشعارات”، ولا شك في أن الأمور أكثر تعقيدا من ذلك”.

وعن مدى تفاؤله بالمفاوضات أجاب هوكشتاين “إن لم تكن متفائلاً في عملك في الشأن الدبلوماسي، فلا يجدر بك العمل في الدبلوماسية. إن رأيت أنّك لست متفائلة حيال إمكانية إحداث أي تقدم للوصول نحو الازدهار والنمو والأمل والتعاون والتنسيق والتركيز على ما يهم حقًا لجعل لبنان مكانًا أفضل للعيش وللاهتمام بعائلتك، فيجدر بك ألًا تعمل في الشأن الدبلوماسي. لذلك أنا هنا، لأنني شخص متفائل، حتّى عندما يصعب ذلك.”

ورأى المبعوث الأميركي أن وضع المفاوضات “ليس صعبًا اليوم”، مضيفا “لكن حتى عندما يكون على هذا النحو، أحافظ على تفاؤلي حتى نصل إلى مكان أفضل، لكن يصعب أن أتكلم عن أمور جديدة ونحن نعلم ما كانت عليه عوامل هذا النزاع لفترة طويلة”.

المبعوث الأميركي أوضح أن لبنان رسم وأعلن حدوده، في المقابل أعلنت اسرائيل حدودها وهناك نزاع حول مساحة 860 كلم مربع خاضعة للنزاع. “نريد أن نصل إلى مكان حيث يستطيع فيه لبنان الشروع بالاستثمار بالنفط والتنقيب عن الغاز الطبيعي”.

كيف تديرون الأسر؟

وسأل “في كل اجتماع عقدته اليوم، انقطعت الكهرباء أقله مرتين. كيف تنشئون الأعمال، كيف تديرون الأسر؟ كيف تبنون أعمالًا كبيرة أو صغيرة، كيف تكونون رواد أعمال؟ إن كنتم لا تعلمون إن كانت الكهرباء ستنقطع، إن كنتم لا تعلمون إن كانت حواسيبكم ستعمل، إن كنتم لا تعملون إن كانت معداتكم ستدور؟ أريد أن يصبح في لبنان في موقع يلتحق فيه بسائر دول شرق المتوسط مثل قبرص، ومصر وإسرائيل واليونان، وينقب عن موارده الخاصة، لا سيما الغاز الطبيعي، وأن يتمكن من استخراج الغاز الطبيعي البخس الثمن للكهرباء في لبنان، أن تحظوا بالكهرباء 24ساعة على 24، وليس ساعتان أو أربعة وعدم شرائها من السوق السوداء عبر المولدات لكن أن تكونوا مثل الدول الأخرى، تضغطون على الكهرباء وتحصلون عليها، كذلك الأمر بالنسبة للمكيفات والحواسيب. أعتقد أننا لو تمكنا من حل النزاع البحري، هذا ما يستطيع أن يحصل عليه لبنان وقد يعمل على تصدير الطاقة أيضًا. فكروا بذلك على هذا النحو. بدأت بالعمل على هذه المسألة منذ حوالي العشر سنوات”.

وتابع “لو توصلنا إلى اتفاق في العام 2015 أو 2016 عندما كانت الصفقات مطروحة على الطاولة، لكان لبنان اليوم يحظى بالكهرباء 24 ساعة على 24، ويبيع الغاز الطبيعي في الأسواق بأعلى الأسعار، ويشتري بأبخس الأسعار . لكن عوضًا عن ذلك، لبنان يشتري الطاقة بأغلى سعر، بينما كان الأمر في متناول يديه. لذا أتوجه إلى الشعب اللبناني بالقول إننا لسنا بحاجة إلى أفكار جديدة، بل يتعين علينا حل النزاعات القديمة”.

خاتمة سعيدة

وعما إذا كان يتوقع “خاتمة سعيدة للمفاوضات”، أعرب هوكشتاين عن اعتقاده بإمكانية التوصل إلى خاتمة سعيدة، وأنه يتعين على الجميع بالقدرة على الوصول إلى خاتمة سعيدة، “لذلك أنا هنا.”

وقال: “لا أعتقد أن المسار تعثر. في خلال فترة الثلاثة أشهر التي لم أكن فيها هنا، واصلت نقاشاتي مع المسؤولين في الحكومة اللبنانية وفي إسرائيل، فضلًا عن بعض الدول المجاورة لنرى ما يمكننا فعله للمضي قدمًا. وأنا هنا اليوم أتلقى الردود على المقترحات التي قدمتها في السابق وأعتقد أننا سنتمكن قريبًا من العودة إلى المفاوضات المباشرة. آمل أن يكون ذلك ممكنًا. سأحصل على المزيد من التفاصيل في الأسبوعين المقبلين”. 

هوكشتاين ، وفي تعليقه على وصول سفينة “إنرجين” إلى حقل كاريش واتهام إسرائيل بالتعدي أو التهديد، كشف أن السفينة والشركة اليونانية ليست السفينة الأولى التي تصل، وقال: “وصلت سفن أخرى قبلها ولم يثر أحد الموضوع أو يعترض عليه في السابق”.

وأضاف “كنا على علم، والجميع في لبنان، وفي المنطقة، وكل من يبحث على شبكة الإنترنت ويطالع الأخبار يعلم أن السفينة كانت ستصل في وقت ما للقيام بأعمال التنقيب. أعتقد بشكل عام، أنه من الأفضل التركيز على بناء الأمور بدل التهديد بهدمها. لذلك آمل أن يركز الخطاب على التعاون وليس التفكير في كيفية إيقاف الجانب الآخر من القيام بأمر ما بل التركيز على كيفية بناء شيء ما هنا”.

وخاطب هوكستين الجانب اللبناني بالقول “إن قمتم بمنعهم من التنقيب، لن تربحوا شيئًا، بل ستوقفونهم ليس إلا. كيف يساعد هذا الأمر؟”.

التركيز على بناء لبنان أفضل

وتابع هوكشتاين “كل هذه الطاقة وهذه الجهود لمنعهم من القيام بأمر ما. تعودون إلى المنزل مساءً، في ليلة حارة، والمكيف لا يعمل، والأنوار مطفأة، وشاحن الحاسوب لا يعمل، وعليكم شراء الطاقة بأسعار باهظة من مولدات خاصة. لذلك، لا يهم إيقاف الجانب الآخر، لا يؤدي إلى بناء أي شيء. لذلك أعتقد أن كل من في لبنان عليهم التركيز في كيفية بناء لبنان أفضل بدل الانصراف إلى التفكير في إيقاف الآخرين”.

وعن متابعته لمواقف “حزب الله” من المفاوضات البحرية، أكد هوكشتاين أنه يستمع “إلى كل الأصوات التي تتعالى في لبنان كي أفهم وجهات نظر الجميع، ولا بد لي من أن ألاحظ أن غالبية اللبنانيين يريدون التركيز على بناء لبنان أفضل. هذا ما أريد التركيز عليه. لذا من جديد، الخطاب الأنجع هو الذي يركز حصرًا على بناء لبنان. ولا أسمع الكثير من ذلك”.

هوكشتاين تمنى على الذين “يقضون الوقت في تهديد الآخرين، أن يضعوا الخطط التي تجعل من لبنان مكانًا أفضل لشعبه كي يعود أولئك الذين غادروه، ولا يرسلوا مداخيلهم إلى عوائلهم من الخارج، بل يستثمرون أموالهم هنا، في بناء أعمال جديدة، حتى يتمكن لبنان من الازدهار والنمو”.

وكان هوكشتاين قد التقى خلال زيارته وزير الطاقة اللبناني وليد فياض، في وقت سرت تقارير تزعم بأن “الولايات المتحدة تفرض قيود حول خطة استيراد الغاز والكهرباء من مصر والأردن إلى لبنان”، وعليه أكد هوكستين أن الولايات المتحدة “لم تعرقل ذلك، أبدًا، بل تريد أن ترى إمدادات النفط تصل إلى لبنان، وأعتقد أن خط الأنابيب من مصر عبر الأردن وسوريا إلى لبنان هو فكرة جيدة جدًا والولايات المتحدة تدعم ذلك طالما لا يتعارض ولا ينتهك قانون قيصر. وأعتقد أن هذا ممكن”.

وكشف عن إجرائه “اتصالات لا تعد ولا تحصى” مع ثلاثة من الأطراف الأربعة، مصر، الأردن، ولبنان وتكلم مع الوزير فياض عبر الهاتف، “سفارتنا هنا تتواصل معه كما أتكلم بشكل دوري مع المصريين والأردنيين وأنا أعتقد أنه لو تمكن الأطراف من التوصل إلى اتفاق وتوقيع العقود وإبرام اتفاق نهائي، أعتقد أنّه يمكننا الاطلاع عليه والموافقة عليه في نهاية المطاف”.

ولفت هوكشتاين إلى أنه وعد فياض وكل مسؤول حكومي في لبنان بأنه سيساعد لبنان، “وأنا أقوم بذلك منذ فترة طويلة. في هذا الصدد، أنا أعد منذ أشهر هذا مشروع، ولا أعتقد أن ثمة مشكلة، بل إن المفاوضات بين دول أربعة ليست بالأمر السهل. أعتقد أنها بلغت خواتيمها. قدمت مداخلة أمام مجلس الشيوخ الأميركي الأسبوع الماضي وطُرح علي هذا السؤال فأجبت أننا أعطينا موافقتنا المبدئية على هذا المشروع، ما إن توافق مصر ولبنان على الشروط، وهذا ما لم يحصل بعد”.

وختم “نستطيع عندئذ تقييم المشروع، وعلى افتراض أنه لا يتعارض مع ما نؤمن به، أعتقد أننا ربما نكون في موقع نرى فيه أنّه لا ينتهك قانون قيصر ونستطيع أن نبدأ بإمدادات الغاز”.

السابق
ارتفاع كبير بدولار «صيرفة».. كم سجّل؟
التالي
بعد تخطيه الـ٣٠ الفاً.. انخفاض بدولار السوق السوداء