الجنوبيون «مزهوون» بهزيمة «الثنائي» بعد ٣٠ عاماً على «الإستئثار» الإنتخابي!

انتخابات 2022 حزب الله وحركة امل اقتراع

ماذا يعني “خرق” لائحة الثنائي في دائرة الجنوب الثالثة، ولم هذا الزهو بهذا الخرق الأقرب للهزيمة؟


للإجابة على هذا السؤال يقتضي الرجوع إلى العام 1992، تاريخ أول انتخابات نيابية في لبنان والجنوب، بعد الحرب الأهلية التي استمر خلالها مجلس العام 1972 بالتمديد لنفسه تجنباً للفراغ.

اقرا ايضا: علي الأمين: الناخب الجنوبي قال كلمته دعماً للدولة القوية لا لمقاومة تغطي الفساد

قبيل هذه الإنتخابات جرى تقارب وتفاهم، وصل إلى شبه توافق على التحالف في الإنتخابات النيابية في الجنوب، بين حزب الله والرئيس الأسبق لمجلس النواب كامل الأسعد الذي كان يمثل الأكثرية النيابية في الجنوب، تقارب معلن دفع بالرئيس نبيه بري بمخاطبة حزب الله علناً خلال مهرجانات انتخابية بوجوب ترك التحالف مع الأسعد، مطلقاً عبارة ترددت في آذان الجنوبيين حينها مآلها “بدكن تتحالفوا مع البيك؟ ما أني أقربلكن من البيك”.

فجأة ودون مقدّمات أو مبررات أعلن من مكان ما، عن تحالف بين القوتين الكبيرتين “المتخاصمتين” في الجنوب بين أمل وحزب الله، تحالف لم يستطع الحزبيون من الفريقين تحمل مضاضته، أو تبرير أسبابه خاصة من جهة حزب الله.

فجأة ودون مقدّمات أو مبررات أعلن من مكان ما عن تحالف بين القوتين الكبيرتين “المتخاصمتين” في الجنوب بين أمل وحزب الله

يروي لنا الشيخ عضو مجلس السياسي أن “الإخوان السوريين” هم من أملوا هذا التحالف، وأن السيناريو البديل هو تعرض حاجز للجيش اللبناني للتفجير يليه اتهام حزب الله بذلك بحسب الشيخ، الشيخ نفسه كان مرشحاً عن دائرة الزهراني بمواجهة الرئيس بري… ويضيف إنه اتفاق الربع الساعة الأخير.. ولا حول لنا ولا قوة، وقد تردد أن امين عام حزب الله آنذاك قد خضع للإقامة الجبرية في سوريا حتى إعلان التحالف.

جرت الإنتخابات وفق نظام أكثري، وانضوت في تحالف الحزب وامل كل من أحزاب البعث السوري والقومي السوري، واليساري حبيب صادق والدكتور سعيد الأسعد (نكاية بكامل الأسعد)، وقد شهدت هذه الإنتخابات ما يشبه الإرهاب إن لم نقل الإرهاب عينه من قبل “الدولة”، ممثلة بأجهزتها المستنفرة لخدمة التحالف وميليشيات أمل التي كانت بعز سطوتها آنذاك … وقد انفض غبار المعركة عن فوز تحالف “الثنائي” بعدد أصوات أقصاه 93000 صوتاً تقريباً مقابل 45000 تقريباً نالها كامل الأسعد رئيس اللائحة المواجهة.

الإخوان السوريين” هم من أملوا هذا التحالف وأن السيناريو البديل هو تعرض حاجز للجيش اللبناني للتفجير يليه اتهام حزب الله

مع الإشارة إلى ان القانون المعتمد في حينه كان يسمح ب”التشطيب” وتأليف اللوائح، وهو ما يمنع استقراء معدل الصوات داخل اللائحة الواحدة عندما تُسقط كاملة.

في العام 1996 تكرر المشهد قبل الإنتخابات، المفاوضات جارية بين الحزب وكامل الأسعد على قدم وساق، المفاوضات تناولات التفاصيل التقنية، الشيخ نفسه يصرّح على مسامعنا: لا ربع ساعة أخير هذه المرّة، و”قلنالو للسيد حسن ما تشوفوا بالمنام للإمام المهدي هالمرّة”، وكذلك صرّح رئيس كتلة الوفاء في جلسة مفتوحة قائلاً: يدنا ممدودة لكم دون قيد ونتمنى أن لا يقدم احد على ضربها مرةً ثانية”، وقبيل موعد الإعلان عن التحالف اعتذر رئيس الماكينة الإنتخابية للحزب (الشيخ نعيم قاسم) عن الموعد المحدد لإبرام الإتفاق، وانقطع عن السمع والبصر وصدر “التكليف الشرعي” للمرة الثانية الذي أخضع القلوب ولم يخضع العقول.

في الدورات اللاحقة حتى انتخابات العام 2018 تكرر المشهد، إئتلاف هجين يناقض كل مفاهيم وأسس التنافس الديمقراطي … تحالف الخصوم في انتخابات نيابية.

في الدورات اللاحقة حتى انتخابات العام 2018 تكرر المشهد إئتلاف هجين يناقض كل مفاهيم وأسس التنافس الديمقراطي … تحالف الخصوم في انتخابات نيابية.

هذا الإئتلاف بسيطرته العددية المصطنعة، مع ما يحوزه من قدرات مالية غير محدودة، وسطوة على الأرض بقوة “الذراع والعصي”، إذ لا حاجة للسلاح بوجه العزّل المدنيين وبغطاء من دولة متواطئة ونظام أمني مملوك من الخارج، قضى على “الطموح” لدى غالبية من يتعاطى الشأن العام حيث أصبح الترشح بوجه هذا الإئتلاف بمثابة انتحار وجنون… من يتحالف على الترشح بوجه الله والسلاح والمقاومة وسائر الفصائل المنضوية في هذا الإئتلاف، الكارتيل المالي والطائفي المملوء بالنفوذ والقوة، فأصبحت عبارة “شو بدك بهالشغلة” النصيحة الجاهزة التي توجه ـــــ وربما في محلها ــــ إلى كل من يرغب في افنخراط في الشأن العام.

الثنائي ليس واحداً .. هو ليس ثنائياً.. هو ائتلاف كل أركان السلطة بوجه الناس، المسألة العددية أمنتها الفتوى والتكليف الشرعي، لما يكن هذا التكثيف للتصويت ممكناً، دون توسل الله والمال وكل لوازم الترغيب والترهيب في المعركة الإنتخابية.

الثنائي ليس واحداً .. هو ليس ثنائياً.. هو ائتلاف كل أركان السلطة بوجه الناس المسألة العددية أمنتها الفتوى والتكليف الشرعي

والعجب أن ثمة من يعيب على “المعارضة” فرحتها بخرق لائحة الإئتلاف المهجّن بنائب واحد، كل من يعيب هذا الفرح أو من لا يفهمه، فليتخيل شعور شخص بالحرية بعد ثلاثين سنة في السجن، أو إحساس شخصٍ أبصر في الثلاثين، أو فرحةً بلقاء عائدٍ بعد ثلاثين عاماً.

تشبيه مجازي، وقد يكون مبالغاً به ولكنه يحاكي الواقع في الجنوب، واقع الإغلاق المحكم للطموح والسعي والأمل في الشأن العام، واقع خلق إئتلاف بين الخصوم “الكبار” لا يشبهه إئتلاف آخر في لبنان او خارجه، الفرحة ليس بالدكتور الياس جرادي فحسب، انما بتفكك الصدأ عن محركات الأمل.

ناشط سياسي*

السابق
«هيستيريا» الطحين… استعدوا لأسعار خيالية للمواد الغذائية!
التالي
اسرائيل تزعم الكشف عن مسار نقل الأسلحة من ايران لـ«حزب الله».. وتورط نجل شخصية بارزة!