هل يلجأ «حزب الله» الى المجتمع المدني أو«القوات» بعد نكسة الإنتخابات؟!

السيد حسن نصرالله
سلسلة من الخسارات غير المتوقعة، تلقاها حلفاء حزب الله في الانتخابات النيابية التي جرت قبل أيام في 15 شهر أيار الحالي، فهي لم تلحق به هزيمة كاملة، انما أضعفته بعد ان افقدته عددا من المقاعد الحليفة، فكانت انتكاسة قوية لمعسكر الممانعة،اذ انها تسببت بخسارة الحزب الأغلبية النيابية، مع تراجع تمثيل مقاعد 8 اذار في البرلمان من 72 مقعدا الى 59 مقعدا فقط، حسب النتائج التي أعلنت امس، مع العلم ان الاغلبية المطلقة في المجلس هي 65 من اصل 128 مقعدا نيابيا.

لا شك أن خسارات  حزب الله في الانتخابات الاخيرة التي تمثلت بداية، بانحسار عدد مقاعد حليفه المسيحي التيار الوطني الحر وهو حزب رئيس الجمهورية الذي يرأسه صهره النائب جبران باسيل، فذهبت ربع المقاعد المسيحية للعدو الماروني اللدود حزب القوات اللبنانية، كما اقتنصت شخصيات مستقلة ومنخرطة في المجتمع المدني عددا من مقاعد الحلفاء، وهؤلاء الذين انبثق معظمهم من ثورة ١٧ تشرين، فاجأوا المراقبين بنجاحهم في حصد حوالي 30 مقعدا لأول مرة (المستقلون والمجتمع المدني)، فارضين انفسهم كقوّة اصلاحية تغييرية خارج نفوذ الاحزاب الطائفية التاريخية في لبنان.   

اقرأ أيضاً: فقدنا الأكثرية.. أول تعليق لنصرالله على نتائج الانتخابات!

خسائر بالجملة  

اضافة الى خرق لائحة الجنوب الثالثة للثنائي الشيعي امل وحزب الله بمقعدين لحساب اليسار والمجتمع المدني، فان دائرة صيدا جزين خسرها تحالف امل حزب الله والتيار الحر بمقاعدها الخمسة جميعا، وعادت عاصمة الجنوب لحضن الزعامتين التاريخيتين، أي عائلتي سعد والبزري العريقتين، مع نجاح اسامة سعد والدكتور عبد الرحمن البزري، وذهبت المقاعد المسيحية للقوات اللبنانية، فكانت الخسارة ضربة موجعة لمعسكر حزب الله، وقد ساعد مقاطعة تيار المستقبل للانتخابات في حدوث هذا الانقلاب في صيدا ودائرتها.  

حزب الله سيفوض برّي ان يتحاور مباشرة مع الكتل المعارضة “السيادية” من أجل تحييد نواب المجتمع المدني والمستقلين الجدد 

وفي المعلومات ان توجها جديدا للمجلس النيابي المقبل سوف يفرض نفسه، بسبب عدم نيل حزب الله والحلفاء الاكثرية، وذلك بسبب الخرق الكبير للمجتمع المدني (15 نائبا) وللمستقلين (13 نائبا)، وهؤلاء يرفعون شعار االاصلاح ورفض المحاصصات وتقسيم مغانم الدولة كما هو معمول به حاليا، وهذا التوجه للقادمين الجدد الى الندوة البرلمانية،  سوف  يجعلهم اقرب الى كتلة المعارضة التي تقودها القوات اللبنانية.  

وبالانتقال الى نتائج الانتخابات في جبل لبنان في دائرة عاليه الشوف، فقد تكفل تحالف جنبلاط القوات بتصفية الجيوب الدرزية المعارضة للزعامة الجنبلاطية، ليحلّ مكانهم موالون وناشطون من المجتمع المدني، فسقط طلال ارسلان ووئام وهاب، ولم يفز بالتالي في عموم لبنان أي مقعد درزي موالٍ لحزب الله وحلفائه، وبذلك لم يعد لديه أي حليف درزي في المجلس، فتكرس بذلك وليد جنبلاط زعيما أوحدا للجبل.  

اما على صعيد حلفاء حزب الله من الاحزاب والشخصيات، فقد خسر الحزب القومي السوري وحزب البعث كافة مقاعدهم ، وكانت خسارة فيصل كرامي في طرابلس مرّة وأليمة، وكذلك الخسارة الفادحة لصديق النظام السوري إيلي فرزلي في البقاع الاوسط، وهو المقرب من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.  

كيف سيردّ حزب الله؟  

 لذلك وبحسب المعلومات نفسها، فان حزب الله أولا، سوف يقوم بإعادة فرض نبيه بري رئيسا للمجلس، فيرأس المجلس النيابي مجددا بسبب عدم وجود بديل شيعي فائز في الانتخابات من كتل أخرى، وثانيا، تفويض بري للحوار مباشرة مع الكتل المعارضة “السيادية” واهمها كتلتي القوات اللبنانية جنبلاط، من أجل تحييد نواب المجتمع المدني والمستقلين الجدد، ثمّ التوصل لابرام تسويات جديدة حول شخص رئيس الجمهورية المقبل وتشكيل الحكومة المرتقبة، وفي المعلومات أيضا ان السعودية وايران ستتم دعوتهما من قبل الرئيسين بري وميقاتي للدخول على خط المفاوضات العسيرة المقبلة بين الطرفين. 

حزب الله سيوعز لعدد من النواب المستقلين المقربين منه بانشاء تيارات صغيرة تعزز الانقسامات داخل كتلة نواب المجتمع المدني

 ومن اجل ضمان نجاح مسعى تحييد النواب التغييريين، فان حزب الله سيوعز لعدد من النواب المستقلين المقربين منه, بانشاء تيارات صغيرة تعزز الانقسامات داخل ممثلي المجتمع المدني في المجلس باللعب على وتر اليسار واليمين وشعار حماية المقاومة، وغيرها من الشعارات التي قسمت الحراك المدني في الشارع سابقا.  

وبهذا، وبحسب المعلومات، فان امام القوى السيادية التي فازت في الانتخابات تحدّ كبير، فهي مدعوة الى عدم الانصياع لإغراء الشراكة في المنافع والمحاصصات، على حساب اللبنانيين ودولتهم المتداعية التي استبيحت من قبل زعماء الطوائف على مرّ عقود، حتى حصل الافقار والانهيار الاقتصادي الشامل، ولعلّ الاسراع في المبادرة الى عقد حوار بين قوى المعارضة السيادية التي تعزز حضورها في المجلس، مع زملائهم نواب المجتمع المدني العتيدين، قد يكون هو السبيل الوحيد لقطع الطريق على المخطط الممانع، الساعي لفصل النواب السياديين عن التغييريين، والذي يهدد اتحادهم ونجاحهم مستقبلا وجود  الطبقة السياسية الحاكمة برمتها.  

السابق
فقدنا الأكثرية.. أول تعليق لنصرالله على نتائج الانتخابات!
التالي
في صور.. عثر عليه جثة داخل سيارته!