«شدّ أحزمة» في لبنان مع طغيان «الأمن» على الإنتخابات!

الشيوعي عيد العمال

احتدم السباقُ النيابي الذي بات يجْري «على حافة» الأيام الأربعة الفاصلة عن انطلاق «أمتاره الأولى» يوم الجمعة المقبل للمغتربين في الدول العربية ثم في البلدان الأخرى (في 8 الجاري)، وسط تحميةٍ متزايدة للأرض الانتخابية بدأ يطغى عليها شدّ العصَب السياسي والطائفي الذي لطالما شكّل جزءاً من «عُدة الشغل» التجييشية ولكنه هذه المرة يُخشى أن يتسبَّب بالدوْس على «لغم» أو آخَر أو «قطْع الشعرة» الفاصلة بين استنهاض الناخبين بجولات ميدانية وبين تحوّل هذه المحطات «بؤر توتّر» تُنْذِر بتشظياتٍ من شأنها أن تزنّر انتخابات 15 مايو في لبنان بـ… «الخطر العالي».

وإذ لن يسمح «الإعصار» الانتخابي الذي أخذ يتكوّن في الأفق اللبناني بأن تأخذ «بلاد الأرز» عطلة الفطر السعيد، فإن المشهد الداخلي انتقل ابتداء من السبت إلى «شدّ الأحزمة» مع اشتداد المكاسرة السياسية بين القوى المتصارعة وخصوصاً «حزب الله» وحلفاؤه وفي مقدّمهم «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) وخصومهما متعددي الأطياف السياسية كما الطوائف وإن لم يتخندقوا جميعاً في جبهة انتخابية واحدة، وما بينهما من مجتمع مدني يحاول شقّ طريقه، من فوق «تشققاته»، الى الحياة السياسية كقوة تغييرية ارتكازاً لعناوين «يلتبس» لدى بعض مجموعاتها البُعد السياديّ فيها لمصلحة طغيان الإصلاحيّ والتقني.

تلويح باسيل بتعليق المشاركة بالاستحقاق محاولة لـ «إصابة أكثر من عصفور…»؟

وفي هذا السياق تحوّلت الجولات الانتخابية لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بمثابة «محطات متسلسلة» من حبْسِ الأنفاس بفعل عامليْن:

  • الأوّل المناخات المشحونة التي ترافقها، وفق ما ظهّرته محطة باسيل في عكار يوم السبت وما رافقها من احتجاجاتٍ شعبية وقطع طرق، وهي الأجواء التي يُخشى أن تتفاقم في الزيارات المتتالية التي أعلن رئيس «التيار الحر» عزمه على القيام بها ابتداءً من اليوم وتشمل عاليه والشوف وجزين والبقاع ثم بيروت وسائر الدوائر.

وتتعاظم المخاوف من أن تستيقظ مع هذه الجولات توترات لم تخمد أصلاً بالكامل، كما في الجبل الذي لم تندمل فيه بعد كلياً أحداث قبرشمون الدموية التي وقعت صيف 2019 على خلفية احتجاجات على زيارة باسيل لمنطقة ذات غالبية درزية في جبل لبنان، أو في البقاع الذي توعّد بعض أبنائه بمنْع رئيس «التيار الحر» من زيارة مناطق فيه ربْطاً بالمآخذ على الأخير وعهد عون والتي شكّلت أحد ركائز انفجار «انتفاضة 17 اكتوبر 2019»، ناهيك عن علاقة «القلوب المليانة» لغالبية المكوّن السني مع «التيار الحر» على خلفية كل مسار التعاطي مع زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري الذي علّق مطلع السنة العمل السياسي وانكفأ عن خوض الانتخابات النيابية.

  • والثاني البُعد الذي أسبغه باسيل نفسه على الأجواء التي واكبت محطته العكارية والتي جعلتْ كل واحدة من جولاته المرتقبة امتحاناً للحكومة ووزارتيْ الداخلية والدفاع ومختلف القوى السياسية المعنية، مع ربْطٍ بين حماية هذه الجولات أمنياً وتوافر مناخاتٍ لحصولها بلا إشكالات وبين حصول الانتخابات.

فرئيس «التيار الحر» الذي زار عكار بمواكبة من الجيش اللبناني لوّح بتعليق المشاركة في الانتخابات، إذا لم تثبت الدولة بحكومتها ووزرائها أنها قادرة على تأمين الأمن للمرشحين والناخبين، وقال: «نحن اليوم في عكار وغداً في عاليه والشوف وجزين وبعد غد في البقاع ثم بيروت فإما أن نكون قادرين على التحرك مع جميع المواطنين وإلا تكون السلطة غير قادرة على إجراء الانتخابات وعندها نعلق مشاركتنا فيها»؟

وسأل: «هل من المقبول في زمن الانتخابات أن تحدث مشكلة كلما اردنا أن نزور منطقة؟ وهذا السؤال مطروح على الحكومة برئيسها ووزرائها وعلى رأسهم وزير الداخلية ووزير الدفاع.‏

إقرأ أيضاً: الانتخابات.. الفرصة الأخيرة قبل الرمق الأخير!

أين تكافؤ الفرص في الانتخابات إذا كنا لا نستطيع أن نزور منطقة يستطيع التيار مع حلفائه أن يفوز فيها بثلاثة نواب؟».

وقال: «نحن وصلنا إلى هنا بفضل المواكبة ولكن الناس الأبطال والعزل كيف يصلون إذا كان هناك قطع طرق وضرب بالحجارة وإذا كان السلاح منتشراً على الطرق؟ كيف يأتي الناس إلى الانتخابات إذا لم نوفّر لهم الأمان؟ نحن نشارك بالانتخابات في كل لبنان والحكومة والقوى الأمنية مسؤولون عن أمن الناس وتنقلات المواطنين وإلا يكونون غير قادرين على إجراء الانتخابات».

واعتبرت أوساط سياسية أن باسيل يحاول من خلال معادلة «جولات آمنة أو لا انتخابات» إصابة أكثر من عصفور بحجر واحد، بينها إبقاء السلطات المولجة إدارة العملية الانتخابية في وضعية «دفاعية» تجاه أي نتائج ستفرزها الصناديق وباتت مشوبة سلفاً بـ «عيب» غياب الأمن للناخب والمرشحين وذلك بعدما كانت «شبهة التزوير» المسبق رُسمت تحت عنوان الإنفاق الانتخابي المتفلّت من الضوابط القانونية، بالتوازي مع تسريبٍ بدا مُمَنْهَجاً لـ «نتائج» الانتخابات قبل حصولها وفق ما عبّر عنه كلامه عن «اننا مع حلفائنا قادرون على حصد 3 مقاعد في دائرة عكار» بما يعكس «ربْط نزاع» مع حصيلة الاستحقاق النيابي و«طعْن» مبكر فيها.

كما رأت هذه الأوساط أن اندفاعة باسيل في جولات «مهما كان الثمن» تشكل باباً لشدّ العَصَب الانتخابي الذي سيتغذى من كل محاولة لمنْع رئيس «التيار الوطني» من دخول منطقة وما قد يرافق ذلك من توتراتٍ لا يُعرف المدى الذي قد تأخذه، علماً أن باسيل استحضر أمس محاولة «الاغتيال الجسدي كما حصل في قبرشمون».

طغيان العنوان الأمني على الانتخابات النيابية وتَحوُّله مُواكِباً لآخر الأيام الفاصلة عن 15 ايار يؤشّر إلى أنها ستكون محكومة بترقُّب ثقيل لمفاجآت سلبية

وفي أي حال، فإن الأوساط نفسها تعتبر أن طغيان العنوان الأمني على الانتخابات النيابية وتَحوُّله مُواكِباً لآخر الأيام الفاصلة عن 15 مايو، يؤشّر إلى أن هذه الأيام ستكون محكومة بترقُّب ثقيل لمفاجآت سلبية يمكن أن تطلّ من قلب الاحتقانات المتصاعدة التي تتسع «ملاعبها» ويُخشى أن يبقى معها مصير الانتخابات برمّتها «معلَّقاً» حتى فتْح صناديق الاقتراع، وسط توقُّفها أيضاً عند «الرسالة» التي انطوى عليها كشف رئيس «لقاء سيدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد، المعارض الشرس لـ «حزب الله» و«الاحتلال الإيراني» (والمرشح عن جبيل) عن تحليق drone فوق منزله في قرطبا صباح السبت، رابطاً بين هذا التطور و«اللحظة الانتخابية الحادة في منطقة حساسة وحامية».

السابق
الإتفاق النووي إلى النقطة النهائية..أو الإخراج الأخير!
التالي
باسيل كاد يكرّر حادثة قبرشمون في عكار في ظل احتجاجات شعبية غاضبة