بيروت.. أرض منزوعة الحياة لا السلاح!

شارع ويغان وسط بيروت

منذ ما قبل اندلاع ثورة تشرين٢٠١٩، والعاصمة بيروت تشهد ضموراً وانكفاءً وضيقاً بوسطها التجاري السياحي، الذي نهض واستنهض وشمخ عالياً بُعيد إنتهاء (أعمال) الحرب الأهلية، وبعدما حقق “دستور الطائف” شيئاً، قيل أنه أرسى سلاماً في البلاد، بعد حرب ضارية نهشت الوطن وأهله.

إقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: خلاف بين السفير والقنصل في دبي يتهدد إنتخابات الجالية اللبنانية!

الضمور الشحيح والخفيف في الوسط البيروتي، سرعان ما تحول الى مساحة ضيقة تضج بالفوضى والخراب، بعيد اغتيال الشهيد رفيق الحريري عام ٢٠٠٥، وازدادت الامور تعقيداً بعدما اجتاحت قوى الممانعة وسط بيروت، احتلت الوسط التجاري وحاصرت السراي، وأقامت مخيماتها في المكان على هيئة “مستوطنة” غريبة، تسعى لنبذ معالم المدينة، وإلغاء ما بناه السلام “وسوليدير” والشهيد الحريري طبعاً، في البلاد وفي العاصمة وتحديداً في وسط بيروت.

زحف الوقت سريعاً وتثاقلت خطوات الزمن لكنها كانت سريعة أيضاً، حيث، وربما، فجأة، اندلعت ثورة تشرين، فدب الفراغ القاتل في الوسط البيروتي، لم يبق في المكان سوى القلة القليلة من المتاجر والمكاتب، وانقلبت المدينة رأساً على عقب، ولم يبق في الميدان سوى جيوش المتظاهرين “ثوار تشرين”..

الى أن حلّت كارثة انفجار المرفأ، وأحدث هذا الزلزال عتمة شاملة، انفجر المرفأ وانطفأ “محرك” المدينة، ولم يبق للمدينة حيلتها، وتحول وسطها الى خاصرة رخوة مهلهلة تتراقص وتتلوى كطيرٍ مذبوح.

تفاقمت الأزمة وتفرعت الى أزمات وطنية كبرى، ماتت العملة الوطنية، جنت الاسعار والغلاء،فرِغ البلد والوسط التجاري من كل ما يدل على الحياة الطبيعية، انهارت البلاد بكل بناها التحتية والفوقية، وخيمت الغربان السود في الأرض الخراب في الدولة المتشظية.

وسط بيروت اليوم لا يمكن وصفه الا بكلمة واحدة، وليس سواها من كلمات، مشهد كارثي.

الوسط البيروتي الذي كان عنوان السلم والسلام بعد الحرب، والذي فتح نافذة البحر، مجدداً، على العالم، والذي حقق نمو البلاد واقتصادها بسرعة قياسية.. هو اليوم أشبه بأرض منزوعة الاقتصاد، منزوعة المال،منزوعة السلام، منزوعة الأمل،منزوعة الحياة… وكل هذا الخراب يتجلى “بفضل” ما أقدم عليه أولئك الذين احتشدوا، في ليلة ليلاء، وأطلقوا نيرانهم الحاقدة على رأس الوطن، أولئك الذين فجّروا موكب الإعمار والبناء والحياة، في وضح النهار في قلب الوسط البيروتي!

السابق
مكتب السيد فضل الله يعلن اول ايام عيد الفطر
التالي
معركة الجنوب الثالثة.. وامتحان المعارضة