تَهَيُّب سياسي لتحريك «وكر الدبابير» المالي قبل الإنتخابات!

ميقاتي السفير القطري

تَهَيَّبَتْ غالبية الأطراف في لبنان تحريك «وكر دبابير» الإجراءات الموجعة التي توصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي و«الموصولة» بعنوانيْ الخسائر المالية وكيفية توزيعها وضبْط السحوبات والتحويلات وذلك على بُعد 25 يوماً من الانتخابات النيابية، فتمّ ترحيل هذا الملف الشائك واقعياً لِما بعدها نتيجة كرة اعتراضاتٍ متشابكة، مصرفية وشعبية، وسياسية بعضها «شعْبوي» وبعضها الآخر موضوعي، ما جعل البلاد أمام مرحلةٍ من «شدّ الأحزمة» على مختلف المستويات في الطريق إلى ما يبدو «سباق بَدَلٍ» بين الاستحقاقات الدستورية التي تبدأ نيابية وتنتهي رئاسية وما بينهما من تحدّي تشكيل حكومة جديدة.

وتجلّى أمس بوضوح «الأثَر السلبي» المتعدّد البُعد الذي تَرَكه تسريبٌ، البعض اعتبره مريباً، لخطة التعافي الاقتصادي والمالي التي يُنتظر ان تُبحث اليوم على طاولة مجلس الوزراء، والتي تضمّنت نقاطاً تم التعاطي معها على أنها بمثابة «عبوات» مالية معدّة للانفجار بحقوق المودعين جراء قرار شطْب 60 مليار دولار من التزامات البنك المركزي إزاء المصارف التجارية، وهذه عملياً أموال المودعين.

ورغم محاولة القيمين على الخطة، التي تلقى دعم صندوق النقد الدولي، الطمأنة إلى أن 85 في المئة من المودعين يقعون ضمن خانة المستفيدين من «خط الحماية التامة» الذي تلحظه الخطة حتى حدود 100 ألف دولار، فإن هذا الأمر لم يبدّد الهواجس الكبرى التي انطلقت من كيفية «تسييل» هذه الحماية وعلى أي فترة زمنية وهل من ضمانات بأن تكون بالعملة نفسها أي الدولار طوال فترة السداد، والأهم «ناقوس الخطر» الذي قُرع حيال ما اعتُبر إجهازاً ممنهجاً على القطاع المصرفي برمّته كما المودعين بفعل «نفض» الدولة يدها من «دم» الانهيار والتنصل من أي التزامات ومسؤوليات بإزاء ما قامت هي بهدره وتحميل خسائر «المركزي» إلى البنوك.

جعجع: سنطرح الثقة بوزير الخارجية في «الجريمة» بحق اقتراع المغتربين في الخارج

وفيما كان يتفاعل البند المتصل بالودائع التي تتجاوز الـ 100 ألف دولار والتي تنص الخطة على أن يتم إما تحويلها الى حصص ملكية أو حذف جزء منها، كما تحويل جزء من ودائع العملات الأجنبية الى الليرة بأسعار صرف ليست تبعاً لسعر سوق القطع، فإن المناخ الشديد السلبية الذي أعقب تسريب الخطة التي يُرتقب أن تفتح الباب أمام نزاعات قانونية بين الدولة والمصارف اللبنانية، والذي تُرجم في الأسواق بتجاوز سعر صرف الدولار في السوق الموازية 26 ألفاً و250 ليرة للمرة الأولى منذ نحو 3 أشهر، سرعان ما بلغ صداه اجتماع اللجان المشتركة التي تناقش مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي لا يقلّ إثارة للجدل.

وبعدما بدا يوم الثلاثاء أن ثمة محاولة جدية للفصل بين مساريْ «الكابيتال كونترول» وخطة التعافي بفعل ضغطٍ من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وتقاطُعات مع قوى وازنة مثل رئيس البرلمان نبيه بري تستفيد من مناخات غير مريحة عادت تلف علاقة الأخير بفريق رئيس الجمهورية ميشال عون، هبّت أمس على اللجان رياحٌ عكست أن غالبية الأفرقاء باتوا يتهيّبون «اللعب بالنار» على مشارف فتْح صناديق الاقتراع، ولا سيما أن جمعيات تُعنى بحقوق المودعين نفّذت تجمعات اعتراضية وغاضبة في محيط البرلمان احتجاجاً على مضمون مشروع القانون وأي تصفية لهذه الحقوق تطلّ من بين سطوره.

إقرأ ايضاً: خاص «جنوبية»: بلديات «الثنائي» تنتهك القوانين جنوباً..الإعتداء على مشاع ومخفر الزرارية!

وحاول ميقاتي، عبر تجديد التعهّد لنائب رئيس البرلمان ايلي الفرزلي بأن 85 في المئة من حقوق المودعين محفوظة بالكامل، تفادي إحكام الربط بين الكابيتال كونترول وخطة التعافي وفق ما يصرّ عليه خصوصاً نواب كتلتي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» الذين يتمسكون بـ «كشفِ حسابٍ» في ما خص توزيع الخسائر تبعاً المسؤوليات التي لا يجوز رميها على المودعين، في حين بدا ترحيل استكمال البحث في الكابيتال كونترول إلى الثلاثاء المقبل وكأنه تمهيدٌ لتكريس طي إمكان إقراره في جلسة عامة باتت تسابق عطلة عيد الفطر ودخول مجلس النواب ربع الساعة الأخير قبل الاستحقاق النيابي.

يأتي كل ذلك، عشية جلسة حكومية تنعقد على وهج «خروج الجمر» مجدداً الى فوق رماد العلاقة بين فريقيْ عون وبري على خلفية التشكيلات القضائية الجزئية ذات الصلة بتعيين رؤساء الغرف الشاغرة لدى محكمة التمييز والتي احتجز وزير المال (محسوب على بري) توقيع مرسومها، بحجة عيْبِ غياب التوازن الطائفي، وهو ما اعتبره رئيس الجمهورية وحزبه «التيار الحر»، في سياق الرغبة بالمضي في تجميد التحقيق بانفجار مرفأ بيروت عبر الإبقاء على الهيئة العامة لمحكمة التمييز فاقدة للنصاب، وتالياً عرقلة بتها دعاوى مخاصمة الدولة المقدّمة من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر (من كتلة بري).

ورغم وضْع البعض «التسخين» المتجدّد على خط فريقيْ عون – بري في سياق «عُدّة» الاستقطاب الانتخابي، مع أن الطرفين يلتقيان في الانتخابات النيابية في عدد من الدوائر على لوائح مشتركة مع حزب الله«، فإن هذه الأجواء التي تُنْذِر بالمزيد من الفصول الحامية تؤشر لِما سيكون عليه الواقع اللبناني في الأيام الفاصلة عن استحقاق 15 مايو والتي تزخر أيضاً بمحطات مهمة في إطار محاولة ترتيب علاقات بيروت مع دول الخليج انطلاقاً من المناخات الجديدة التي عبّرت عنها عودة سفيريْ الكويت عبدالعال القناعي والسعودية وليد البخاري لبيروت.

وفي حين عاد سفير لبنان لدى الرياض فوزي كبارة إلى مقر عمله، وسط استعداد السفيرين لدى الكويت هادي هاشم والإمارات فؤاد دندن للعودة، أفادت صحيفة«النهار» بأن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي تلقى دعوة لمؤتمر ديني وحواري يعقد خلال مايو المقبل في السعودية، وأنه لم يتقرر بعد إذا كان رأس الكنيسة المارونية، الذي سبق أن زار المملكة في 2017، سيلبي الدعوة.

في موازاة ذلك، قفز بقوة إلى الواجهة موضوع اقتراع المغتربين الذي تخشى قوى معارِضة أن يكون بمثابة «عود الثقاب» للإطاحة بالانتخابات النيابية، بحال اقتضت المصلحة السياسية أو الاقليمية ذلك.

في هذا الإطار، حذّر رئيس حزب«القوات اللبنانية»سمير جعجع من«جريمة تحصل بحقّ المغتربين في الخارج وبدل أن تبحث وزارة الخارجية في تسهيل عمليّة اقتراعهم تصعبّ الأمور عليهم»، متهماً رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وفريقه في وزارة الخارجية بأنهما «المسؤولان عملياً عن توزيع المغتربين ووزير الخارجية يأخذ دور المبرّر بشكل أكاديمي».

وقال جعجع: «على رئيس الحكومة أن يطلب من وزير الخارجية توزيع المغتربين على أقلام الاقتراع الأقرب إليهم وتسليم لوائح الشطب»، مشيراً إلى أنه «سنطرح الثقة بوزير الخارجية (عبدالله بوحبيب) انطلاقاً ممّا يقوم به في ملف انتخاب المغتربين».

جاء ذلك على خلفية اتهاماتٍ من خصوم العهد لقنصل لبنان في سيدني شربل معكرون، بأنه عمد الى توزيع لوائح شطب اللبنانيين الذين تسجلوا للانتخاب بشكل يحول دون انتخابهم، اذ وزّع أقلام الاقتراع بشكل لا يتلاءم مع أفراد العائلة الواحدة، بحيث جاء الزوج في قلم والزوجة في قلم آخر والأبناء توزعوا على أقلام تبعد عن بعضها البعض، ساعات قيادة في السيارة، الأمر الذي اعتُبر متعمّداً لعرقلة الاقتراع.

في المقابل، أعلن بوحبيب، بعد اجتماع ترأسه ميقاتي للبحث في انتخابات المغتربين، أنّ القنصل العام معكرون، «عمل بموجب ما طلبته منه لجنة الانتخابات وما اتفق عليه وزيرا الخارجية والداخلية، بأن يتم تقسيم المراكز في المدن الكبيرة، وفقاً للرمز البريدي للمنطقة، وهو نفذ ما طلب منه».

وأكد «لكن ما حصل هو أن الاحزاب قوية في منطقة سيدني ومساحتها أكبر من لبنان، وقسم كبير من المغتربين تم تسجيلهم من الأحزاب فحصل اختلاف بالرمز البريدي، وهذا لا تتحمل مسؤوليته الدولة او القنصلية او وزارتا الخارجية والداخلية، إنما الأحزاب التي سجلت الناخبين على المنصة».

وكشف، في شأن الحلول الممكن اتخاذها، «أننا ندرس الوضع لنرى ما يمكننا القيام به، وأكرّر بأن ما قام به القنصل العام هو بموجب التوصيات التي اعطيت له بتوزيع الناخبين حسب الرمز البريدي».

وشدد على أنّ «الانتخابات ستحصل أينما كان وفي سيدني ايضاً، حيث هناك نحو 17 ألف ناخب وسنرسل لهم خمسة ديبلوماسيين لمساعدة القنصل، وفي دبي هناك نحو 20 ألف ناخب أيضاً»، مشيراً إلى أنّ «العائق الوحيد هو تأمين المال نقداً، وسنحاول حل هذا العائق لكنه لن يؤثر على مجرى الانتخابات».

السابق
خاص «جنوبية»: بلديات «الثنائي» تنتهك القوانين جنوباً..الإعتداء على مشاع ومخفر الزرارية!
التالي
من مهنة المتاعب إلى اللعب مع «الثعالب»..إعلاميات قررن اقتحام «أم السلطات»!