رسالة من لقمان (11): العدوسية تجبُّ ما قبلها

ينشر موقع «جنوبية» سلسلة حوارات إفتراضية بين الشيخ محمد علي الحاج العاملي والمفكر والباحث السياسي لقمان سليم حول الساحة اللبنانية ومستجدات الداخل السياسية.

[لأنَّهم – بالعمق – ضربوا أنفسهم، ولم يضربوني؛ لذلك سأسمح لنفسي أن أستعير بعضاً من الأدبيات التي جاءت في الصدر الأوّل للإسلام؛ لأقول: “بأنَّ العدوسيَّة تَجبُّ ما قبلها” لا نريد أن يجرَّنا أحد إلى أي ساحة عنف وإجرام، كنَّا مسالمين، وسنبقى كذلك، نتحدّث بإنسانيّة ومحبَّة وعلم، وعلى ذلك نبقى.

طبعاً معرفة الحقيقة – والحقيقة معروفة – هي مطلب محق، بل ومطلوب؛ لأننا لا نريد لمسلسل الإجرام أن يستمر، كما لا نريد للقتلة أن يبقوا مرتدين زي القداسة والنزاهة!
لذلك أقول: من جهتي لم يحصل أن حقدتُ عليهم سابقاً بالرغم من كلّ الخلاف السياسي، كما لم أحقد عليهم في العدوسيّة، كذلك لن أحقد أبداً.

لقمان سليم الشيح محمد علي الحاج العاملي

أمَّا هم يكفيهم “الكره” المتغلغل بفكرهم، هذا عقاب تكويني إلهي بحد ذاته – إن صحَّ التعبير – ويكفيهم أنَّهم مسلوبو التوفيق، هم مضطربون، لم يجيدوا الحكم، كما خرَّبوا كامل بنية الوطن، هجّروا اللبنانيين في السلم أكثر مما تهجّروا في الحرب! جوّعوا الناس في ظل قيام الدولة أكثر مما جاعت الناس أيَّام حكم الميليشيات!

لا يجوز أن نتراجع بل لا يجوز أن نقف على ما نحن عليه

مولانا: الأهم عندي أن نعود إلى الوراء، أي إنجاز حققناه سنبني عليه، ونراكم، لا يجوز أن نتراجع، بل لا يجوز أن نقف على ما نحن عليه].

على ذلك شدد لقمان متابعاً: [وبدون تواضع كاذب أقولها لك: التضحية التي حصلت في العدوسية لا يجوز التفريط بها؛ لم نُقْدِم على كلّ نضالنا كي تبقى ميليشيات الاستبداد والاجرام.. بعد العدوسية ليس كما قبلها، فما بعدها صارت السلطة السياسيّة الحاكمة ليست مسؤولة عن كم الأفواه، وعن الاحتكار السياسي، وعن المحاصصة القائمة في البلد فحسب؛ بل أضحت مسؤولة عن قتل الأبرياء، وعن أفعال جرميَّة.

حرام أن نضيَّع جهودنا في القضايا “السلبيَّة” كما يحبّ خصمنا السياسي أن نفعل

وفي المقابل: لم يعد من مسؤوليتنا مجرد الإضاءة على قضايا سياسيّة ثانوية، وبعضها من باب الترف السياسي؛ بل أضحت واجباتنا أعمق، تستند إلى دماء بريئة طاهرة روت حركة الإعتراض الشيعي.. حرام أن نضيَّع جهودنا في القضايا “السلبيَّة” كما يحبّ خصمنا السياسي أن نفعل؛ يجب أن تكون الرؤية واضحة، والتركيز على القضايا الكبرى المفيدة التي تنتج واقعاً يعبّر عن الآمال والطموحات].

السابق
خاص «جنوبية»: توافق اولي على لائحة «تغييرية» في بيروت الثانية.. وسط خلافات مستحكمة!
التالي
إعتزل النجم «بروس ويليس» بسببه: ما هو مرض «الحُبسة»؟