«سيناريوهات صعبة»..كيف تُرسم نهاية الغزو الروسي لأوكرانيا؟

نزوح في اوكرانيا

رغم فرض عقوبات غير مسبوقة وتقديم دعم هائل لأوكرانيا، لم ينجح الغربيون في وقف حرب زعيم الكرملين، بل يتوقعون «الأسوأ». غير أن خياراتهم لتشديد الضغط على فلاديمير بوتين تبدو معقدة، بينما يتابع العالم مأساة الضحايا والنازحين، ويسمع عن التحركات الديبلوماسية بعيداً عن الأضواء.

فما هي التوقعات الأكثر واقعية للطريقة التي ستنتهي بها الحرب؟ وما هي السيناريوهات التي تطرح في كل التوقعات، ولو أنها تبقى هي أيضا محاطة بالغموض؟

سقوط بوتين

سيناريو يحلم به الغربيون. وهم يسعون من خلال استهداف الاقتصاد الروسي بعقوبات وضعت منذ نوفمبر، مع التخطيط لسلسلة أخرى من العقوبات يجري إعدادها، لإضعاف موقع بوتين سعياً في نهاية المطاف لإسقاطه.

وقد يقرر الجيش التوقف عن تنفيذ الأوامر، أو قد يتمرد الشعب عليه في وسط أزمة اقتصادية كبرى، أو يتخلى عنه أفراد الأوليغارشية بعد تجميد أصولهم أو مصادرتها في العالم. غير أن مثل هذه الاحتمالات تبقى محاطة بشكوك كبرى.

وكتب سامويل شاراب، الباحث في مؤسسة راند على «تويتر»، ساخراً، أن «سيناريو وصول خلف ليبرالي إصلاحي يطلب المغفرة عن خطايا بوتين سيكون أمراً رائعاً، لكن من الرائع أيضاً أن نربح جائزة اللوتو».

وأشار أندري كوليسنيكوف، من مركز كارنيغي، إلى أن بوتين مازال يحتفظ بشعبيته، مشيراً إلى أن «الضغط المالي الغربي غير المسبوق» حوّل الطبقة السياسية وطبقة الأوليغارشيين إلى «مؤيدين ثابتين» لرئيسهم.

وكان السناتور الأميركي ليندسي غراهام، دعا صراحة إلى اغتيال بوتين، معتبراً أن «أحداً داخل روسيا» يجب أن يقدم على ذلك.

إقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: سلامة يضخ كميات من الليرات بعد «جفاف» السوق..و«الصوم» يرفع الدولار!

إلا أن البيت الأبيض رد الجمعة بشكل قاطع «لا ندعو إلى اغتيال قائد بلد أجنبي ولا إلى تغيير نظام. هذا لا يمثل سياسة الولايات المتحدة».

رضوخ أوكرانيا

هذا هو سيناريو بوتين المفضل… فالجيش الروسي متفوق على القوات الأوكرانية وبإمكانه إرغام العاصمة كييف على الرضوخ. غير أن هذا الاحتمال يواجه عقبات لا يمكن التغلب عليها.

وقال المؤرخ البريطاني لورنس فريدمان، من معهد كينغز كولدج في لندن، «إنها حرب لا يمكن لبوتين الانتصار فيها… دخول مدينة يختلف عن إبقائها تحت السيطرة».

وعن احتمال الضم، كتب برونو تيرتريه، مساعد مدير معهد البحث الإستراتيجي، «هذا يكاد لا يحظى بأي فرصة بأن يتحقق». ويرى أن تقسيم أوكرانيا على غرار كوريا أو ألمانيا عام 1945، أمر غير ممكن كذلك. يبقى خيار أن «تتمكن روسيا من دحر القوات الأوكرانية وتنصيب نظام دمية في كييف».

المراوحة

فاجأ الأوكرانيون، العالم أجمع، بتعبئتهم الشديدة وصمودهم رغم الخسائر الفادحة. القوات الروسية قد تجد نفسها غارقة في «الوحل الأوكراني»، وقد تستغرق وقتاً أطول في السيطرة على المدن الرئيسية مثل كييف، ما يعيد إلى الأذهان معركة تدمير غروزني عاصمة الشيشان في التسعينيات، أو الانسحاب المذل من أفغانستان، كما حدث للقوات السوفياتية في العام 1989.

وأشار ديبلوماسي غربي إلى أن «الدولة والجيش والإدارة لم تنهر»، لافتاً إلى «صعوبات على الأرجح في السلسلة العسكرية الروسية، مازال الوقت مبكراً لتوصيفها».

وبإمكان القوات الأوكرانية، بدعم من أجهزة الاستخبارات الغربية وبفضل إمدادات بالأسلحة، أن تجر الروس إلى «حرب شوارع مدمرة»، تكون فيها معرفة الميدان حاسمة. وأظهرت التجربة أنه نادراً ما حققت دولة محتلة انتصاراً في «حرب شوارع».

توسّع النزاع

تتقاسم أوكرانيا حدوداً مع أربع دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي كانت سابقاً جزءاً من الكتلة السوفياتية التي لا يخفي بوتين حنينه إليها.

وبعدما امتصت روسيا، بيلاروسيا وغزت أوكرانيا، هل تتجه بأنظارها نحو مولدافيا، الدولة الصغيرة الواقعة بين أوكرانيا ورومانيا، وصولاً ربما إلى جورجيا على الساحل الشرقي للبحر الأسود؟

رأى تيرتريه أن موسكو قد تحاول إسقاط التوازنات الأمنية من خلال «إثارة حوادث على حدود أوروبا» أو ربما من خلال هجمات إلكترونية.

لكن هل تجرؤ روسيا على تحدّي حلف الأطلسي والمادة الخامسة من ميثاقه التي تنص على مبدأ الدفاع المشترك في حال تعرض أحد الأعضاء لهجوم؟

يستبعد مدير المعهد المتوسطي للدراسات الإستراتيجية الأميرال السابق باسكال أوسور هذا الخيار «في ضوء حرص الطرفين الشديد على تفاديه».

لكنه يضيف أن «دخول قوات روسية إلى أحد بلدان الحلف الأطلسي، ليتوانيا على سبيل المثال، لربط جيب كالينينغراد (ببيلاروسيا)، يبقى احتمالاً قائماً».

وتابع «من الممكن أيضا وقوع هفوة أو اشتباك على حدود أوكرانيا (الأوروبية) أو في البحر الأسود حيث تنتشر العديد من السفن والبوارج الحربية في مساحة محدودة ووسط أجواء مشحونة».

المواجهة النووية

أقدم بوتين على تصعيد كبير بإعلانه وضع قوات الردع النووي «في حال تأهب خاصة»، في موقف مقلق، لكنه يفتقر إلى مصداقية حقيقية.

وهنا تنقسم الآراء إلى فئتين، الأولى يمثلها كريستوافر تشيفيس، من معهد كارنيغي، الذي يرى أن روسيا قد تستخدم قنبلة «تكتيكية» وبالتالي محدودة الوطأة.

وكتب أن «تخطي العتبة النووية لن يعني بالضرورة (…) حرباً نووية فورية، لكنه سيشكل منعطفاً في غاية الخطورة في تاريخ العالم».

في المقابل، يبدي آخرون موقفاً مطمئناً أكثر، وفي طليعتهم غوستاف غريسيل، من المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، الذي يعتبر أن تصريحات بوتين «موجهة بصورة أساسية إلى الجماهير الغربية لإثارة الخوف».

الحل الديبلوماسي

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إن «السلاح نطق الآن، ولكن لابد أن يبقى طريق الحوار مفتوحاً».

والسؤال الأساسي المطروح هو ما إذا كان الغرب على استعداد لتقديم ما يسميه الديبلوماسيون «مخرجاً من الطريق السريع».

قد يتدخل الديبلوماسيون ويتوصلون إلى اتفاق: يقبل الأوكرانيون مثلاً بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم، وعلى أجزاء من إقليم دونباس. وفي المقابل يوافق بوتين على استقلال أوكرانيا وتعميق روابطها بأوروبا.

السيناريو لا يبدو مرجحاً، لكن ليس من المستبعد أن يخرج من «رحم الأنقاض».

كما يراهن البعض على خصم آخر للولايات المتحدة والأوروبيين هو الصين.

ويقول ديبلوماسي غربي إن «بكين مستاءة بشكل متزايد من الوضع»، مشيراً إلى أنها «لم تهب لنجدة الاقتصاد الروسي والتعويض عن مفاعيل العقوبات. بإمكان بكين من الآن فصاعداً لعب دور أكثر فاعلية من الغربيين في الكواليس».

العقوبات والحظر الجوي

توعدت دول مجموعة السبع، الجمعة، بفرض «عقوبات صارمة جديدة» على روسيا، وتعهد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بـ«إبقاء الضغط» إلى أن «تنتهي الحرب».

غير أن هامش المناورة أمام الغربيين ضيق.

كما يطالب زيلينسكي، حلف شمال الأطلسي، بفرض منطقة حظر جوي فوق أوكرانيا. لكن هذا يبقى «خطاً أحمر» يرفض «الناتو» الذي لا تنتمي إليه أوكرانيا، اجتيازه.

مهما كانت الطريقة التي تنتهي بها الحرب، فإن العالم تغيّر… وعلاقة روسيا بالخارج، اختلفت. وسيكون تعامل الأوروبيين مع القضايا الأمنية مختلفاً. فما قبل غزو أوكرانيا، لن يكون مقبولاً مستقبلاً.

بوتين يُحذّر من حظر طيران فوق أوكرانيا

وشدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على أن «أي محاولة لفرض منطقة حظر جوي من أي بلد آخر فوق أوكرانيا، سنعتبرها مشاركة مباشرة في الأنشطة العسكرية». وأكد أن روسيا لا تنوي فرض الأحكام العرفية.

وأوضح بوتين خلال اجتماع مع موظفي شركة الطيران الروسية (إيروفلوت) التي أعلنت أمس، تعليق رحلاتها الدولية اعتباراً من الثلاثاء، «أي تحرك في هذا الاتجاه سنعتبره مشاركة في نزاع مسلح من قبل ذلك البلد» الذي سيستخدم أراضيه «لتشكيل تهديد لقواتنا العسكرية».

وأكد الرئيس الروسي من ناحية ثانية، أن بلاده «تسعى لنزع سلاح أوكرانيا والتخلص من النزعة النازية بها»، مشيراً إلى أن روسيا «واجهت تهديداً حقيقياً ولم نستطع تجاهل تصريحات تتحدث عن تحول أوكرانيا لقوة نووية».

وقال إن «النازيين الجدد»، في إشارة إلى القوات الأوكرانية، يمنعون المدنيين من مغادرة المدن، مؤكداً أن «هناك جهات تستخدم الطلاب الأجانب رهائن».

في سياق متصل، صرح الناطق باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف بان بوتين عقد لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في الكرملين، مضيفاً أنهما ناقشا الوضع في أوكرانيا.

وكانت وسائل إعلام عبرية أفادت بأن رئيس الوزراء زار موسكو بشكل سري، أمس، لبحث الأزمة الروسية – الأوكرانية.

من جانبها، ذكرت أنقرة أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أبلغ بوتين، أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مستعد لعقد لقاء معه.

السابق
منازلة إنتخابية في بيروت الثانية..و«الحريرية» متوجسة من حركة السنيورة!
التالي
أثرياء روسيا يتكبدون خسائر بمليارات الدولارات