ترسيم الحدود تابع.. خليفة: الخط 29 خط أحمر والتنازل عنه خيانة عظمى!

الحدود البحرية

يأخذ التناقض في موقف لبنان الرسمي حول ملف ترسيم الحدود البحرية، بين الرسالة التي أرسلتها الحكومة اللبنانية في 28 كانون الثاني الفائت الى الأمم المتحدة، التي اعترفت ضمناً بأنّ “حقل كاريش” يقع ضمن المنطقة المتنازع عليها أي بين الخطين 23 و29، وبين موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الأخير الذي أعلن فيه أنّ الخط 23 هو حدود لبنان البحرية وليس الخط 29، جدلاً واسعاً بين السياسيين والمُفاوضين والاقتصاديين والخبراء والقانونيين والناشطين وسواهم.

اقرأ أيضا: تنديدا بموقف عون.. مؤتمر صحفي لعصام خليفة: التنازل عن الخط 29 خيانة عظمى!

ولشرح حيثيات ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، عقدت “قوى الثورة والتغيير”، مؤتمرا صحافياً أكد فيه الباحث عصام خليفة أن المسؤولين يرتكبون الخيانة العظمى بالتخلي عن 1430 كلم2، في منطقة تحتوي على ثروات تقدر بمئات مليارات الدولارات.
وعرض العميد المتقاعد جورج نادر بعض الخرائط التي رسمت الحدود البحرية الشمالية، والتي تؤكد صحة الموقف اللبناني، معتبراً أن السلطة تمعن في إفقار اللبنانيين ولا يرفّ جفن لمسؤوليها في التخلي عن ثروات شعبنا، وآخرها إعلانها عن التراجع عن الخط القانوني 29 والالتزام بالخط 23 غير القانوني.

الخيانة العظمى
بدوره قدم خليفة مداخلة بعنوان “الخط 29 خط أحمر والتنازل عنه خيانة عظمى”، اعتبر فيها أن المسؤولين يتخلون عن ثروات شعبنا الغازية والنفطية والمائية والسمكية بالإعلان عن التراجع عن الخط 29 القانوني والعلمي، والالتزام بالخط 23 اللا قانوني واللا علمي، بالنسبة لحدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان مع المنطقة الاقتصادية الخالصة لفلسطين المحتلة. وأعلن خليفة ما يلي:

1. الخط 23 غير علمي وغير قانوني: من المسلم به، انطلاقاً من قانون البحار المقر من قبل الأمم المتحدة (1982)، وقرارات المحاكم الدولية ذات الصلة، أن خط ترسيم الحدود البحرية يجب أن ينطلق من نقطة الحدود البرية. ولما كان الخط 23 وتالياً الخطين (1) وهوف لا تنطلق من رأس الناقورة، فهي خطوط غير قانونية وغير علمية. فرأس الناقورة ذكر في اتفاق بوله-نيوكومب الذي رسم الحدود بين لبنان وفلسطين عام 1923، وثبت هذا الخط في 4 شباط 1924. وفي المادة الخامسة من اتفاقية الهدنة، الفقرة الأولى، تأكيد بأن خط الهدنة هو نفسه خط الحدود الدولية (23 آذار 1949). وبعد اتفاقية الهدنة بين 9 – 15 كانون الأول 1949 أعيد إحياء خط بوله-نيوكومب، ووضعت نقاط ثانوية، 96 نقطة بين النقاط الأساسية (38 نقطة). وقد اعترف ممثل إسرائيل الكابتن فريد لندر بأن رأس الناقورة هو نقطة الحدود على البحر المتوسط، كذلك وقع ممثل لبنان الكابتن اسكندر غانم على اتفاق تجديد الترسيم مع الخرائط المرفقة”.

وأضاف: “الخط 23 يعطي صخور “تخليت” تأثيراً كاملاً على نحو يخسر لبنان أكثر من 1800 كلم2. وهذه الصخور التي تبعد عن رأس الناقورة، جنوبا، 1800 متر ليست جزيرة بحسب المادة 121 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. وقد ورد في هذه المادة: “الجزء الثامن – نظام الجزر – المادة 121: الجزيرة هي رقعة من الأرض متكونة طبيعياً، ومحاطة بالماء، ولا تعلو عليه في حالة المد. وليس للصخور التي لا تهيء استمرار السكنى البشرية أو استمرار حياة اقتصادية خاصة بها، منطقة اقتصادية خالصة أو جرف قاري”. وهكذا فـ”تخليت” ليست جزيرة لعدة أسباب:
أ- إن الماء يغمر هذه الصخور عند المد ولا وجود لرقعة من الأرض فوق الماء واضحة المعالم.
ب- لا وجود للسكن فوق هذه الصخور.
ج- لا وجود لاستمرار الحياة الاقتصادية خاصة بها.
د- واستطراداً، وبناء على ما تقدم، لا يمكن أن يلحظ لـ”تخليت” أي تأثير في المنطقة الاقتصادية الخالصة.

2. الخط 29 هو الخط العلمي والقانوني: إن الخط 29 الذي وضعه خبراء الجيش اللبناني، في مصلحة الهيدروجرافيا، كان قد طرح منذ العام 2011 من قبل مكتب UKHO البريطاني. فقد طرح هذا المكتب ثلاث فرضيات: إما إعطاء أهمية لتخليت، إما إعطاء نصف أهمية لتخليت، وإما عدم إعطاء أي أهمية لتخليت. وفي ضوء الفرضية الثالثة تم وضع الخط 29.

هذا الخط ينطلق من نقطة رأس الناقورة، بعكس كل الخطوط الأخرى. وهذا الخط يتطابق مع المادة 15 من اتفاقية الأمم المتحدة للبحار. لقد رسم الوفد المفاوض خطه على قاعدة المواد 15، 74، 121، إضافة إلى اجتهادات القانون الدولي والمحاكم الدولية. وقد بينت محكمة العدل الدولية بحكمها الأخير بين كينيا والصومال، مستندة إلى أحكام كثيرة، بما أن الظروف الخاصة هي متل صخرة تخليت التي لا يجب أخذها بعين الاعتبار كجزيرة في ترسيم الخط البحري.
 
والخط 29 جاء نتيجة تطبيق قاعدة خط الوسط بما هو تقنية هندسية أي أنه خط متساوي الأبعاد بين الساحلين للبنان وفلسطين المحتلة بحيث توضع النقاط على النتوءات الأكثر تقدماً في البحر. وبعد ذلك استنتج الخط. وكذلك فاجتهادات المحاكم الدولية ذات الصلة أجمعت على ضرورة الحل المنصف وتطبيق خط الوسط.
 
على صعيد آخر، هذا الخط لم يعط تخليت أي تأثير لأنها ليست جزيرة كما ورد في المادة 121 المشار إليها.
 
وقد جاء الحكم القضائي الصادر عن محكمة العدل الدولية في 12 تشرين الأول 2021 حول نزاع الحدود البحرية بين كينيا والصومال، ليصب إلى صالح وجهة النظر اللبنانية. فهذا الحكم لم يأخذ بعين الاعتبار الصخور ذات التأثير المتناسب في تحديد خط الوسط، بل اعتبر أن نقاط اليابسة فقط نقاط أساس لتحديد خط الوسط. وهكذا فلا مسوغ قانونياً أو تقنياً لحسبان أي تأثير لتخليت على خط الوسط. وهذا يدعم قوة الخط اللبناني 29. 
 
3- حول أداء الوفد العسكري اللبناني المفاوض:
لقد قام الوفد اللبناني في المفاوضات غير المباشرة مع العدو الإسرائيلي بأداء وطني ينسجم مع دور المؤسسة العسكرية التي كانت دائماً مدافعة عن حقوق الشعب ومصالح الوطن العليا.
 
أ- لقد اتصف كل الأعضاء بمزايا العلم والتمكن من القانون الدولي واجتهادات المحاكم الدولية في موضوع الحدود. واستند الوفد إلى كل الوثائق التاريخية التي تدعم الحق اللبناني.
 
ب- لقد فاجأ الوفد اللبناني الإسرائيليين والأميركيين بقوة الحجج التي قدمها دفاعاً عن الخط 29. وقد كان في أدائه ينسجم مع توجيهات القيادة العسكرية من جهة، وتوجيهات رئيس الجمهورية من جهة ثانية. ومع العلم أن رئيس مجلس النواب كان منذ عشر سنوات يفاوض بين خط هوف والخط 23. ويبدو أن اتفاق الإطار الذي صاغه تجاهل اتفاق الهدنة، واتفاق بوله-نيوكومب، وربط ترسيم الحدود البحرية بترسيم الحدود البرية، متجاهلاً أن بين لبنان والعدو الإسرائيلي اتفاق ترسيم للحدود يعود للعام 1949، وقع بعد اتفاق الهدنة بين الكابتن فريد لندر والكابتن اسكندر غانم مع خريطة مرفقة تبين بوضوح إحداثيات النقاط الأساسية (38 نقطة) وإحداثيات النقاط الثانوية (96 نقطة) للحدود.
 
ج- لقد تفاعل الوفد وتعاون مع كل الاختصاصيين اللبنانيين في شتى المجالات واستفاد من خبراتهم دعماً للمصلحة اللبنانية في مواجهة أطماع العدو. 
 
د- لم تبادر السلطات السياسية إلى إرسال التعديل المقترح من قبل قيادة الجيش للمرسوم 6433 إلى الأمم المتحدة لكي يكون التفاوض من موقع قوة. وتم الاكتفاء في المرحلة الأخيرة بعد توقف المفاوضات إلى إرسال وزارة الخارجية اللبنانية رسالة تمسكت بحقوق لبنان بعد الخط 23 وصولاً إلى حقل كاريش، وتبنت ما قدمه الوفد في المفاوضات من دفاع عن الخط 29.
 
هـ – لقد كان أعضاء الوفد شجعاناً وأقوياء ولم يخضعوا للترغيب أو الترهيب، وكانوا يتابعون إعلام العدو الإسرائيلي والإعلام الخارجي ويحللون كل ذلك في إطار الدفاع عن المصلحة الوطنية. 
 
و- لقد نال أعضاء الوفد ثقة الحراك الشعبي وكان انفتاحه على الجامعات والرأي العام مجال تقدير وترحيب ودليل ثقة بالنفس.
 
ز- بعكس ما أوحى حديث رئيس سابق لوفد التفاوض يتمتع كل فرد من أفراد الوفد بكل الصفات العلمية والأخلاقية والثقافية والدبلوماسية والوطنية التي أهلتهم أن يكونوا محط ثقة الرأي العام.
 
ح- الوفد هو الذي تحرك لتعديل المرسوم 6433 وهو الذي وضع استراتيجية كاملة للتحرك. الوفد هو الذي أرسل المذكرات إلى الوزارات المعنية (الدفاع، الخارجية، الأشغال، العدل).
 
ط- وبسبب مثابرة الوفد، وافق رئيس الوزراء حسان دياب والوزراء المعنيين على تعديل المرسوم 6433، وأصدرت وزارة العدل هيئة القضايا والاستشارات دراسة تؤكد ضرورة تعديل المرسوم 6433 ومن الخطأ الاستمرار في اعتماد الخط 23.
 
4- الرد على اللواء عبدالرحمن شحيتلي: كنا نتمنى أن يبقى الجيش اللبناني موحداً في مواقف قياداته وراء الوفد المفاوض، وكنا نتمنى أن لا يخرج اللواء شحيتلي على الإعلام ويطلق العديد من المغالطات. ونكتفي في الرد عليه بما يلي: 
 
أ- يقول اللواء أنه لم يطلع على تقرير مكتب UKHO قبل صدور المرسوم 6433. وهناك معلومات تؤكد أنه بالعكس كان مطلعا. (الأستاذ جو عيسى الخوري يؤكد أنه أعطاه التقرير، وإن كان محقاً فليسأل جو عيسى الخوري لمن أعطى التقرير؟).
 
ولكن بعد صدور المرسوم بشهرين وأثناء محادثات في قبرص، كان منظم تقريرUKHO موجوداً وأعطى تقريره. فلماذا كان اللواء شحيتلي عراب خط هوف ولماذا اعتبر مع لجنة موسعة أن الخط 23 (عام 2012) هو خط متقدم. في الحقيقة إذا كان اللواء شحيتلي يعلم فتلك مصيبة وإذا كان لا يعلم فالمصيبة أعظم!
 
ب- نحن نربأ أن يتهم اللواء الوفد الذي فاوض بأنه من الهواة، مع العلم أن الوفد برهن أنه الوفد المحترف الذي لا يستطيع فقط أن يحسن ترسيم الحدود البحرية للبنان، بل يستطيع ترسيم حدود الدول الأخرى. وشهادات أعضائه من أعلى المراجع العلمية الدولية.
 
ج- كيف يقول اللواء شحيتلي أن الخط 29 غير قانوني وغير علمي، ثم يعود فيؤكد: “إذا لم تقبل إسرائيل بالخط 23 نعود ونطالب بالخط 29″؟؟

مطالب وتحرك
وأكد خليفة أنه “انطلاقاً من ذلك كلفنا لجنة من المحامين والخبراء والقانونيين بإعداد دعوى جزائية بحق كل من يتبين أنه فاعل أو متدخل أو مشارك في الجرائم التي تخالف الدستور أو الأنظمة المنصوص عنها في قانون العقوبات، والمناقضة للاتفاقات والمعاهدات الدولية، تمهيداً لتقديمها أمام المحاكم والمراجع الدولية والوطنية في حال إصرار هؤلاء المسؤولين على مواقفهم”.

وأضاف: “إننا ندعو الشعب اللبناني داخل الوطن وفي الإغتراب أن يتحرك معنا ضد هذه الخيانة العظمى لمصالح أجياله القادمة بكل أساليب الضغط الديموقراطي المنظم. إننا ندعو كل المواطنات والمواطنين من كل الطوائف والأحزاب والنقابات والروابط والجمعيات والهيئات والاتحادات، كما ندعو الشباب والطلاب والنساء وكل المثقفين وأساتذة الجامعات والمعلمين في القطاعين الرسمي والخاص وكل الجسم القضائي، والمتقاعدين من العسكريين والقضاة والإداريين وكل الإعلاميين في المرئي والمسموع والمقروء. ندعو الجميع للإلتفاف حول تحركنا الوطني الذي ينطلق من المصالح العليا للدولة اللبنانية، ولشعبنا المقهور والمعذب ولاقتصادنا المنهار، أملاً في الخروج من الكارثة الكبرى التي نعاني منها باتجاه مستقبل يؤمن الرفاه والإنماء لكل أبناء شعبنا اللبناني”.
 
وتابع: “التخلي عن الخط 29 كما صرح المسؤولون يرفع الضغط عن شركة Energean وتبدأ عملية الإنتاج من دون عائق. ولا شيء بعدها يجبر الجانب الإسرائيلي على التنازل. وأكثر من ذلك فإن خط آموس هوكشتاين بتقاسم أو تبادل الحقول في مساحة 860 كلم2 (أي بين الخط 1 والخط 23) كما صرح في مقابلته الأخيرة، هذا الأمر يتطلب عشرات السنين لإنجازه وأكبر شاهد على ذلك تقاسم حقل أفروديت مع قبرص، وقد بدأ الحوار حوله عام 2012  ولم ينته حتى تاريخه رغم أن إسرائيل وقبرص دولتان صديقتان”.
 
وطالب خليفة بالتمسك بالخط 29 ورفض الخط 23 وخط هوف. وطلب من مجلس الوزراء الاجتماع فوراً وإقرار التعديل المقترح من قيادة الجيش للمرسوم 6433 وإرساله فوراً إلى الأمم المتحدة، ومجلس النواب الاجتماع فوراً ورفض التراجع للخط 23، وقيادة الجيش للوقوف مع الشعب في رفض المؤامرة الخطيرة والصفقة المشبوهة التي تحضر على حساب الشعب. ودعا إلى إلغاء المرسوم 43 وتطبيق القانون 132 القاضي بإعطاء مردود الغاز والنفط إلى شركة حكومية. 

السابق
إلغاء الوكالات الحصرية.. محاصصة «شعبوية» مفتوحه!
التالي
الغاء الوكالات الحصرية هل يسري على حصرية حمل السلاح؟