إلغاء الوكالات الحصرية.. محاصصة «شعبوية» مفتوحه!

الوكالة الحصرية
تمّ إقرار قانون المنافسة في مجلس النواب على أبواب الانتخابات النيابية، لإيهام الناخبين أن ثمة قانون سيعمل على حمايتهم من الاستغلال، لكن في الحقيقة أن هذا القانون هو صورة من صور تقاسم الحصص بين القوى السياسية، لضمان مصالحها على طريقة "لا يموت الديب و لا يفنى الغنم".

لم يكن أمرا عاديا أن يستنفر نواب “الثنائي الشيعي”، في جلسة مجلس النواب اليوم، للدفاع عن إقرار قانون المنافسة الذي تم طرحه منذ 25 عاما تقريبا، وتم إقراره في مجلس النواب عام 2004، لكن رئيس الجمهورية السابق إميل لحود، أعاده إلى مجلس النواب لمزيد من الدرس. ذلك أن النقاش الحاد الذي دار داخل الجلسة، بين عضو تكتل لبنان القوي النائب آلان عون وبين عضو كتلة التنمية والتحرير علي حسن خليل، يشي بتنافس على إظهار أن القانون وُلد بجهود هذه الكتل، لصالح المستهلكين وخزينة الدولة، وأن هناك “قطبة” مخفية” أو “إختلاف على تقاسم مغانم”، بين القوى السياسية التي طبخت القانون، والدليل هو كلام عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن بعد الجلسة، الذي إعتبر “أن إسقاط المادتين 5 و9 منه، هو ثغرة سيتم العمل على معالجتها لاحقا”. فما سر تسابق الكتل النيابية على تسجيل إنجاز إقرار قانون المنافسة لصالحها؟

اقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: الدولار نحو هبوط تدريجي الى 15 ألفاً بعد تمديد التعميم 161!

بداية لا بد من الاشارة، إلى أن وضع هذا القانون على طاولة التطوير في اللجان النيابية، جاء نتيجة جهود نواب تكتل لبنان القوي، لإلغاء الوكالات الحصرية وتعزيز المنافسة، وقد إستطاعوا تحقيق بعض النقاط لصالحهم،  خلال دراسته في اللجان النيابية. أما حزب الله. بحسب مصادر نيابية ل”جنوبية” فهو ضد الوكالات الحصرية، لأنه لا يملك أيا منها في السوق اللبنانية ومن صالحه الدخول إلى هذا السوق عبر وكالات متعددة، على غرار ما حصل حين كسر إحتكار إستيراد المحروقات من قبل شركات معينة في الصيف الماضي. أما دخول كتلة التنمية والتحرير على خط إلغاء الوكالات الحصرية فهو لهدفين، الاول عدم السماح لتكتل لبنان القوي تسجيل إقرار هذا القانون لصالحهم على أبواب الانتخابابات النيابية، وثانيا لا حرج لدى نواب الكتلة في التصريح  أمام الاعلام عن ضرورة إلغاء الوكالات الحصرية، أما في الغرف المقفلة، فيتم التوافق مع الكتل الاخرى على قانون على طريقة لا يموت الديب ولا يفنى الغنم بحيث يحافط الجميع على مصالحه وحصته بما فيهم النواب الذين يساندون أصحاب الوكالات.

الخلاف داخل الجلسة دار حول المادة 5 التي تحدد نسب الاستحواذ على السوق من قبل الوكلاء، فتم إقرار(بعد التصويت) على أن تكون بنسبة 35 بالمئة للوكيل الواحد، و45 بالمئة لثلاثة وكلاء، 55 بالمئة لخمس وكلاء، وهذه النقطة تحديدا دارت عليها النقاشات ولاقت إعتراضات نواب الثنائي، الذين أرادوا تخفيض هذه النسبة إل 25 بالمئة للوكيل الواحد، وحصل حدة في النقاش بين النواب آلان عون وعلي حسن خليل، وأعلن عون لاحقا ان الصيغة التي أقرها المجلس هي الصيغة التي تم الاتفاق عليها في اللجان المصغرة. وفي المحصلة فإن إقرار قانون المنافسة تم على الطريقة اللبنانية، ما يجعل السؤال مشروعا عما إذا سيصار إلى إصدار مراسيم تطبيقة له، من قبل الحكومة كي يصبح نافذا أم سيقبع في أدراج مجلس النواب لعقود أخرى؟

بلال عبدالله

يجيب عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله “جنوبية” بالقول:”يحتاج  القانون إلى مرسوم واحد، لكن بعد تأجيل البت بقانون إستقلالية القضاء، لست متفائلا بإصدار مرسوم قريبا ليصبح قانون المنافسة نافذا وجاهزا للتطبيق”، موضحا أن “النواب خلال صياغة هذا القانون حاولوا إختصار الكثير من المراسيم والحرص أن يكون واضحا بالنسبة للمعايير الدولية المتبعة”، ويلفت إلى أنه “تم التنسيق مع وزارة الإقتصاد والهيئات الاقتصادية والجهات المعنية وأخذنا بعين الاعتبار تجارب الدول الاوروبية والعربية”.

ويضيف:”هذا القانون مهم لدرجة أنه يكرس وقف الاحتكارات كليا ويحدد تركز السلع ويمنع التلاعب بالاسعار ويخلق مرجعية  موحدة ، وبالتالي قانون المنافسة أقر اليوم المبدأ الأساسي، ولم يعد في لبنان وكالات حصرية، بل يمكن لأي مستثمر الاستيراد من إي مورد السلع وفقا للسعر الارخص، والدخول الى السوق اللبناني، بمعنى أن تحكم الكارتيلات بالسوق اللبناني منذ عقود  إنتهى وهذا هو الاهم”. 

عبدالله لـ”جنوبية”: لست متفائلا بإصدار مرسوم ليصبح قانون المنافسة نافذا

يوضح عبدالله أن “المشادة التي حصلت هي حول نسب توزيع الاستحواذ، إنطلاقا من أنه إذا كان  للمورد أو الشركة الام، لديها أكثر من وكيل كيف ستوزّع النسب عليهم”، لافتا إلى أنه” كلما زاد عدد الوكلاء  كلما إنعكس ذلك إيجابا على مبدأ المنافسة والمستهلك، وهذا كان رأي نواب اللقاء الديمقراطي،  ونواب الثنائي بينما كان هناك نواب يريدون الابقاء على عدد قليل من الوكلاء”، ويشير إلى أنه “بالتصويت كانت النتيجة لصالح هؤلاء النواب أي بنسب 35 و40 و50 بالمئة، أي سيكون هناك أكثر من وكيل لشركة معينة ولكن ليس بالعدد الذي كنا نطمح له، ولكن الاساس أن الوكالات الحصرية والحماية لها إنتهى”.

يرى عبدالله أنه “ممكن تعديل المادتين في وقت لاحق لامشكلة، وبالممارسة تظهر الثغرات التي تحتاج إلى تعديل”، معتبرا أن “الاساس في كل ما نقوم به هو حماية حدودنا، إذ لا يمكن إقرار قوانين للمنافسة وفي الوقت نفسه حدودنا فالتة من دون حسيب أو رقيب وهذا يتطلب إجراءات صارمة من الحكومة”.

نسيب غبريل
نسيب غبريل

في القراءة الاقتصادية للقانون يرى الخبير الاقتصادي ورئيس مركز الابحاث في بنك بيبلوس نسيب غبريل ل”جنوبية” أن “إلغاء الوكالات الحصرية هو قرار سياسي وليس إقتصادي، لأن المنافسة موجودة بين الوكالات وليس هناك شخص واحد لديه كل وكالات السيارات في لبنان مثلا ، ولا أعرف ما هو المقصود من هذا القانون”، لافتا إلى أنه” تقريبا كل أنواع السيارات موجودة في لبنان ومستوردة وهذا يشكل منافسة بين الوكلاء، وبالنسبة لسلع أخرى ينطبق عليها نفس المبدأ”.

غبريل لـ”جنوبية” القرار سياسي لا إقتصادي.. والمنافسة موجودة  

 يضيف:”الوكيل الذي يبني علاقة مع الشركة المصدرة مضطر ان يستثمر ملايين الدولارات في الوكالة التي حصل عليها، من خلال التسويق وتدريب الموظفين”، سائلا “عن الهدف من السماح لتجار الشنطة أن يجلبوا هذه البضائع، وشخصيا لا أفهم ما هو الهدف من هذا القانون بالرغم من كل الشعبوية التي تُثار حوله”.

 ويختم:”أنا أؤمن بالاقتصاد الحر والمنافسة إلى أقصى حدود وضد الاحتكار، لكن السوق هو من يقرر الاسعار ومبدأ العرض والطلب، وأتمنى أن يكون للقانون مردود إيجابي على الاقتصاد اللبناني ولا يضرب المبادرة الفردية ومبدأ الاقتصاد الحر”. 

السابق
فضيحة برسم المسؤولين.. ماذا يحصل في القلعة البحرية بصيدا؟
التالي
ترسيم الحدود تابع.. خليفة: الخط 29 خط أحمر والتنازل عنه خيانة عظمى!