لو لم يقتلوا رفيق الحريري!

رفيق الحريري
قتلوا الحريري وقتلوا معه مستقبل لبنان، فهو لم يسمِّ تياره السياسي بهذا الاسم (المستقبل) عبثا، فقد أوكل لنفسه تحقيق مهمة صعبة لا تليق الّا به، كرجل استثنائي صاحب رؤية تنموية مستقبلية نذر نفسه لاعمار بلده واخراجه من اتون الحروب والنزاعات في المنطقة، كي يعود كما كان في الماضي واحة حرية وسلام وازدهار.

حاول الاعلام الشامت بقتل رفيق الحريري الصاق كافة التهم به بعد اغتياله، وهو استكمل ما كان يتهمه قبلا، من عمالة للغرب وفساد، ليظهر لاحقا ان من اتهمه هو العميل المتباهي بعمالته، وليفضحهم العالم ويسطر عقوبات على الفاسدين الحقيقيين في صفوفهم، مع تفاصيل شائنة عن المبالغ التي سرقوها من خزينة الدولة والغاية منها.

ولكن ماذا لو لم يقتلوا رفيق الحريري وساد مشروعه القائم على الاعتراف ببقاء خط الهدنة مع اسرائيل، الذي تم عام 1949 دون توقيع اتفاقيات سلام معها، فينتفي دور السلاح بعد تحرير الارض، وتعم سيطرة الدولة وجيشها على الجنوب وكافة الاراضي اللبنانية؟

لو لم يقتلوا رفيق الحريري، لكان مشروعه القائم على التكامل الاقتصادي بين لبنان والجوار العربي من ناحية واوروبا من ناحية ثانية، قد اعاد لبنان الى حقبة الازدهار التي طبعته قبل الحرب الاهلية، عندما كان اقتصاده الامتن والليرة تصنف من بين العملات الصعبة.

لو لم يقتلوا رفيق الحريري، لبقي لبنان واحة استجمام ولكانت السياحة على مدار السنة والفنادق ممتلئة والمطاعم اللبنانية تغص بالرواد

لو لم يقتلوا رفيق الحريري لانتعش اقتصاد لبنان، كما كان يخطط بفضل اعمار قلب العاصمة الذي بناه “سوليدير”، واستحواذها لمكاتب كبرى الشركات التجارية والصناعية في العالم، التي فتحت منذ التسعينات نهاية القرن الماضي، ثم اقفلت بعد ان اغتيل، وكان يأمل الشهيد ان يبقى الوسط التجاري قلب لبنان النابض فيؤمن العمل لآلاف الخريجين الجامعيين ويفضي نهائيا على بطالة الشباب.

لو لم يقتلوا رفيق الحريري، لبقي لبنان واحة استجمام، ولكانت السياحة على مدار السنة والفنادق ممتلئة والمطاعم اللبنانية تغص بالرواد.

لو لم يقتلوا رفيق الحريري لبقي القطاع التربوي والعلمي في لبنان، بكلياته وجامعاته الوطنية والاجنبية منارة الشرق، تخرّج الطلاب اللبنانيين ويتباهى زملاؤهم العرب بأنهم من خريجيها، لانها تفتح لهم أبواب العمل في شركات ومصانع العالم أجمع.

لو لم يقتلوا رفيق الحريري لبقي أطباء لبنان في وطنهم، فلم يهاجر العديد منهم لتأمين عيشهم، وبقيت المستشفيات العريقة الحديثة، مقصدا للعرب والاجانب للتداوي والعلاج، كما كان دأب تلك المستشفيات دائما، فلا يفقد المواطنون قطاعهم الصحي، ويصبحون كالغرباء في وطنهم على ابواب مستشفيات تستعد غالبيتها للاقفال.

لو لم يقتلوا رفيق الحريري لكان مشروعه القائم على التكامل الاقتصادي بين لبنان والجوار العربي واوروبا قد اعاد لبنان الى حقبة الازدهار

لو لم يقتلوا رفيق الحريري لازدهرت الاستثمارات في كافة القطاعات الاقتصادية، ومولت البنوك اللبنانية اعمارها من احتياط أرباحها وليس من رساميلها، واحتياط المودعين كما هو الحال الان، والخبر المشهور ان الشيخ محمد بن راشد امير دبي استمع الى خطة الرئيس الشهيد الاقتصادية للبنان، وطبقها في دبي فتفجرت الخبرات في اماراته، في حين رفض تجار الحروب ان ينعم لبنان بالسلام بعد تحرير عام 2000، فيسبق دبي نحو التألق والازدهار، مع العلم ان لبنان الحريري سبق دبي وجميع البلدان العربية منتصف التسعينات، بإنشاء شبكة الهاتف الخلوي، وكان القادمون من اوروبا يستهجنون وهم يرون غالبية المواطنين اللبنانيين حينها، وهم يتكلمون عبر اجهزتهم في الاماكن العامة، في حين انها كانت في بلدانهم حكرا على قلّة غنيّة.

هذه أمثلة تصلح عينة بسيطة لما كان سيصبح عليه لبنان، لو لم يقتلوا رفيق الحريري، فعساهم سعداء الان بما وصل اليه حال الناس الذين تقلصت رواتب العمال منهم الى عشرات الدولارات، بعد ان كانت تساوي المئات والآلاف من العملة الخضراء، فاللبنانيون يبيعون املاكهم اليوم ليعيشوا كفاف يومهم بقحط، وهم يستعجلون الخلاص وقدوم اليوم الذي سيكون على الظالم فينتقم للمظلوم.

السابق
«تحالف وطني» ينفي علاقته بوضاح الصادق.. و«جنوبية» يوضح
التالي
نائب «يشوش» على «صلاة» الحريري بموسيقى صاخبة.. ومسؤول «مستقبلي» يصفه بـ«الطفيلي»!