وردة لا هواء يحرّكها ولا سماء لها

عيد الام

(إلى روح أمي)
[لماذا؟]
ما هذا الصيف؟
كل ما فيه مرّ
حتى كوب الماء يفيض بالنار والغبار!
[روحها]
شاهد روحها تصعد الى ربها
تلمّسها جيداً
من خلال اللحظات الطالعة من كل الأماكن التي عرفتها

«أجنحة زرقاء»
لحظات من أشجار وطيور
تسير بانتظام باتجاه غيابها
تمتد وتمتد في السماء

[غابت]
جبال تنهار
أنهار تجفّ
تعب يحلّ
عذاب ينهض
غيوم تتعطل
أيام تئن
بحار تفيض
ليل يغرق
هو في مكانه
جالس ينظر بهدوء
يحاول جمع أطيافها المنشترة

[هل]
حين صعد الى أعلى عاطفتها
لم يكن يعرف انه الصعود الأخير
ولم يكن يتوقع أن هذا الصعود العظيم
يليه سقوط مخيف
وحطام هائل..
هو الآن تحت
يداوي سقوطه
يجمع حطامه..
هل سيعثر على «علبته السوداء؟»

[لا]
لا نوم يبدد عذابه
ولا يقظة تخرجه من صحوته القاسية
لا شرود أو خيال
لا ظنون تنقله الى استراحة ولو عابرة!

[حزن]
يفيض وينسكب
يتدفّق في كل المسارب
لا توقفه سدود
ملبّد وداكن
عنيف وسريع
يستمر
لا بشائر بقرب نهايته
الى أين أنت سائر أيها العنيف المدمّر
يا حارق القلوب يا مشعل الآهات يا حزن؟

[فجأة]
التي ساعدت ابنها
أنقذته من الموت بدعائها
التي ضاعفت من حبِّها لأولادها
قبل نزولها الى قبرها
واهدتهم ثروة إيمانها قبيل غيابها
التي حضرت فور موتها
وسطعت في أيامهم قبل جنازتها
التي غادرت بدون سابق إنذار أو مرض
التي توفيت فجأة كي لا تتعبهم
هل ماتت حقاً؟

[جاءه الصوت]
في اللحظة الفاصلة
بين حضورها وغيابها
كان ابنها يلهو بأحاسيس تشبه القنابل الموقوتة
أحاسيس غريبة لا تولد إلا فجأة:
حين رنَّ الهاتف بين يديه
شعر وأحسّ وتأكد انها ليست رنّة هاتف
كان الصوت يبث هدوءاً كهدوء، ما قبل العاصفة
ثم انتظمت «التكتكات»
رفع الهاتف بحذر جاءه الصوت: توفيت أمك..
بعدما حلَّ خبر الموت انكسر زمنه
تفتت
وما زالت العواصف تمارس جنونها في ملعبه

[غيمة الذعر]
ليس في الحديقة سوى غيمة هرمة
محشوة بالصمت العجوز
لا هواء يحركها
لا سماء لها
غيمة الذعر
لا تغادر مكانها
ستمكث طويلاً مع العيون المقهورة
بوابة الحديقة مقفلة أومفتوحة لم تعد صالحة للخروج أو الدخول
]صباحه]
صباح ليس كسواه
أقفله الموت بإحكام
لا منفذ له أو فسحة
تمكن البصر من التمدد قليلاً
صباح شحيح يغلّف نومه المعتل
يمتد من غرفة غيابها الى قبر حضورها

]ليس]
ما زال تحت قوس القهر:
صورتها في كل مكان
وقلبه أيضاً
وليس بوسع بصره ما يفعله قلبه
[جموع]
مرآته صافية
تعكس صورة الفتى الذاهب الى حزنه اليومي
جموع أخرى في المرآة
تهتف ملء الحضور والغياب:
أنا الكآبة بأسرها.

السابق
بعد هبوطه الى ما دون الـ21 الف.. كيف أقفل الدولار مساءً؟
التالي
اللبنانيون دفعوا 50 مليار دولار على «كهرباء بلا كهرباء».. ماذا يريد ميقاتي بعد؟!