«خميس غضب» في لبنان فوق جمْر «التقاتُل» الرئاسي!

ميقاتي

الحوار «طار» ولو اختار رئيس الجمهورية ميشال عون الردّ على تفريغ الطاولة من أقطاب رئيسيين بعقدها «بمَن حضر»… وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي ما زالت في مهبّ «التقاتل» السياسي بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه وبين رئيس البرلمان نبيه بري… والدولار يَمْضي محلّقاً فوق كل الخطوط الحمر التي فُتحت معها «بوابات جهنّم» المعيشية منذرةً بتفاعلاتٍ في الشارع الذي يقترب من… الانفجار.

هكذا بدا المشهد أمس في بيروت التي «يُطْبِقُ» عليها في الداخل الانهيارُ الشاملُ الذي «تغذّيه» الصراعاتُ السياسيةُ على وقع «طبول» الانتخابات النيابية بعد 4 أشهر، فيما لا تقلّ أزماتُها مع الخارج وطأةً وسط اضطرار الحكومة لـ «التفرّج» على الإمعان في تسديد «الطعنات» لعلاقات لبنان مع دول الخليج العربي من دون القدرة على ضبْط هذا المسار بكل ارتداداته على «خطوط إمداد» البلاد بـ «حبل النجاة» من «العاصفة الأعتى» التي تضربها، وهو ما شكّله اللقاء المعادي للسعودية وبلدان مجلس التعاون الأخرى الذي أقيم أمس في الضاحية الجنوبية لبيروت (معقل حزب الله) بعنوان «لقاء المعارضة في الجزيرة العربية».

واليوم سيكون لبنان على موعدٍ مع «خميس غضبٍ» لقطاع النقل البري و«أخواته»، انضمّتْ إليه اتحاداتٌ ونقاباتٌ أخرى، احتجاجاً على الواقع المعيشي ومضيّ أسعار المحروقات بتسجيل أرقامٍ خيالية في ظل «افتراس» الدولار للعملة الوطنية، و«شدّ أحزمةٍ» مع تَرَقُّب ارتفاعاتٍ إضافية في منسوب التضخّم المتوحّش وتالياً انزلاقة أكثر حدّة في الطريق إلى… الارتطام المميت.

ملاحقة حاكم «المركزي» تفجّر جبهات سياسية وميقاتي لم ينفِ تلويحه بالاستقالة

وإلى الوضع المعيشي المتدهور، فإنّ السياسةَ لن تغيب عن تَحَرُّك الـ 12 ساعة (من الخامسة فجراً حتى الخامسة عصراً) الذي سيتخلله قطع غالبية الطرق الرئيسية وأخرى حيوية في عدد كبير من المناطق (بيروت وجبل لبنان والبقاع والشمال والجنوب)، وسط تَوَقُّعِ أن يتحوّل الشارع منصةّ جديدة للرسائل المتطايرة على جبهة عون – بري، وخصوصاً أن العمل النقابي في لبنان «موصول» بقوة بالسياسة، ما يشي بجعْل «الأرض» ساحة جديدة في الاشتباك المفتوح الذي بدأ على خلفية ملف التحقيق بانفجار مرفأ بيروت، ثم تَمَدَّد في مختلف الاتجاهات.

وثمة مَن قرأ «بين سطور» تطوريْن شهدتهما الساعات الماضية مناخاتٍ تؤشر إلى أن «التدافع الرئاسي» لا يقترب حتى من التهدئة بل على العكس فهو يحمل بذور «انفجارات» إضافية، مدفوعةً باشتداد «عض الأصابع» السياسي ومكابرةِ أطرافه في التسليم بـ «خسائر» ولو معنوية واندفاعهم نحو «هروب إلى الأمام» فيما البلاد تتدحرج في المنحدر المخيف. وهذان التطوران هما:

• الانتكاسة الكبيرة التي تلقتها طاولة الحوار الوطني التي كان عون أعلن نيّته الدعوة إليها، وتَعَذَّر تأمين نصاب انعقادها بحضور وازن، بعدما تكاتف خصوم العهد (الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري ورئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع ومعهما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط) على «تنفيسها» بإعلان مقاطعتها، في حين لاقاهم، من موقع آخَر «ابن الخط» (8 مارس) رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية.

وفي موازاة حلقة المقاطعة «العابرة للطوائف» للحوار، فإن اللقاءات الثنائية التي عقدها عون مع رؤساء الكتل لاستمزاج آرائهم حول جدول أعماله، انطبعتْ بتفادي كل المقاطعين (ما عدا فرنجية) المشاركة في «الجولة التمهيدية»، مع توقُف أوساط سياسية عند مغازي إبلاغ بري أنه لا يمكن أن يدير الظهر لأي دعوة حوارية، هو الذي يُعتبر «عرّاب» طاولات الحوار في لبنان منذ 2006، ولكن مع تفاديه زيارة رئيس الجمهورية، في مؤشرٍ إضافي إلى أن حضوره «المبدئي» للحوار، بحال أصرّ عليه عون، سيكون بصفة دستورية أكثر منها سياسية، مع ما يعكسه ذلك من «ضراوة المعركة» مع رئيس الجمهورية وفريقه.

إقرأ أيضاً: بالفيديو.. طليس يحذر عبر «جنوبية» من «غضبة الخميس»: 53 ألف مركبة الى الشارع!

ويُنتظر بحلول اليوم، وبعد أن يكون عون جوْجل نتائج لقاءاته الثنائية أن يحدد موقفه النهائي من المضي في الدعوة للحوار أو إرجائه تلافياً لتظهير «عزلةٍ رئاسية» من شأنها «تعميق جِراحه»، رغم توقُّف أوساط متابعة عند «توصية» رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بأن «الحوار يجب أن يحصل بمن حضر وعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم».

وقال باسيل بعد زيارة عون «لسنا فريقين بل أكثر… ونحنا لحالنا»، معتبراً ان «من يرفضون الحوار يرفضون لأسباب سياسية وانتخابية صغيرة»، موضحاً رداً على عودة «حزب الله» إلى الحكومة «ما منمون عليه ولو منمون كان رجع، ونحمله والثنائي الشيعي مسؤولية التعطيل ورئيس الحكومة الذي لا يدعو إلى جلسات حكومية”.

• والتطور الثاني، مذكرة منْع السفر التي طلبت القاضية غادة عون تعميمها بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بالاستناد إلى شكوى مقدمة ضده من الدائرة القانونية لمجموعة «الشعب يريد إصلاح النظام» على خلفية اتهامه بملف تهريب أموال إلى الخارج وتبييضها والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي، وذلك في موازاة تفعيل القاضي جان طنوس ملفاً بحق شقيق حاكم «المركزي» (رجا) وإيفاده عناصر من أمن الدولة إلى عدد من المصارف للاطلاع على بيانات خاصة بالأخير قبل طلب النيابة العامة التمييزية وقف هذه الخطوة.

وسرعان ما أطلّت السياسةُ من قلب هذا التطور، وسط معلوماتٍ عن أن ميقاتي لوّح بالاستقالة بحال المضيّ في هذا المسار الذي اشتمّ منه خصوم العهد، منحى سياسياً يريد عبره فريق عون، من خلال القاضية المحسوبة عليه، تصفية الحسابات مع رئيس الحكومة الذي يقف بقوة ضدّ الإطاحة بحاكم مصرف لبنان على قاعدة «لا نغيّر الضباط خلال المعركة»، وأيضاً مع بري الذي يُؤخذ عليه أيضاً أنه يوفّر حماية سياسية لسلامة.

وفي حين قال باسيل بعد زيارة عون «لا يمكن ألا ينال حاكم مصرف لبنان عقابه دولياً وأوروبياً ولبنانياً فسرقة شعب بكامله والإصرار على التغطية لا يمران بلا عقاب»، لم ينفِ ميقاتي أن يكون لوّح بالاستقالة ربْطاً بقضية سلامة، إذ أوضح «ليس صحيحاً أننا تدخلنا في عمل القضاء، وجل ما شددنا عليه، ليس الدفاع عن أشخاص بل الحفاظ على المؤسسات، واتباع الأصول في التعاطي مع أي مسألة تتعلق بأي أمر قضائي، ومنها ما يتعلق بواقع المصارف انطلاقاً من أولوية الحفاظ على حقوق المودعين وفي الوقت نفسه عدم ضرب ما تبقى من مقومات اقتصادية ومالية تبقي هذا الوطن واقفاً على قدميه بالحد الأدنى».

وجاء تَشَظي قضية سلامة على وقع نفي السفارة الأميركية تقارير تحدّثت عن أن السفيرة دوروثي شيا أثارت الملف مع بري، في موازاة تَراجُع صندوق النقد الدولي عن القيام بزيارة كانت مقرَّرة للبنان خلال أيام والاستعاضة عنها بـ «مَهمة الكترونية» في الأسبوع الأخير من يناير، معلناً في إشارة لافتة «ننوي متابعة إنخراطنا بشكل وثيق في الأسابيع المقبلة لمساعدة السلطات اللبنانية في صوغ استراتيجية إصلاحية شاملة تُعالِج التحديات الاقتصادية البالغة الشدة في لبنان. ومن المهم أن يكون هناك دعم سياسي واسع لتنفيذ هذه الاستراتيجية، من أي حكومة في المستقبل».

صندوق النقد الدولي يستعيض عن زيارة بيروت بـ «مَهمة إلكترونية»

وعلى وهج هذه العناوين الساخنة، توقفت الأوساط عند إعلان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن الإمارات ستنضم للصندوق السعودي – الفرنسي الذي يستهدف تقديم الدعم للشعب اللبناني (لن تمرّ مساعداته عبر الدولة)، فيما كان ميقاتي يفتتح المستشفى الميداني الإماراتي عند الواجهة البحرية لبيروت (مركز الشيخ محمد بن زايد الإماراتي – اللبناني الاستشفائي) والذي كانت السلطات الإماراتية قدّمته هبةً استجابة لمسعى قام به الرئيس الحريري إبان تفشي وباء كورونا العام الماضي، وهو يضمّ 80 سريراً لمرضى كورونا، وحدة عناية، مركز طوارئ، وقسم أشعة ومجهّز بأهم المعدات.

توتّر في الخيام

شهدت بلدة الخيام الجنوبية أمس، توتراً على خلفية حرق صورة لرئيس مجلس النواب (زعيم حركة «أمل») نبيه بري كانت علقت في ساحتها العامة.

وذكر موقع «جنوبية» أن حرق الصورة تم بعدما كانت «أمل» حصلت على قرار بلدي بتسمية ساحة البلدة باسم «ساحة نبيه بري»، ما «أثار حفيظة حزب الله الذي كان يريد إقامة تمثال لقاسم سليماني في وسطها».

ونقل الموقع عن أوساط «أمل» اتهامها مؤيّدين لـ «حزب الله» بالوقوف وراء الحادث، مؤكدة أن الأمور عادت الى نصابها وعُلِّقت صور بري مجدداً.

السابق
افتراق قريب لوديع العبسي عن «التيار»؟
التالي
«حزب الله» يتلطى بـ«أمل» جنوباً..ولعنة «الظلام البقاعي» تُلاحق باسيل!