خارطة طريق «ثورية» للإلتحاق بالإنتخابات النيابية!

فعلاً، الغاية تبرر الوسيلة. ولكن ما هي غاية الثورة، وبحسب الغاية يمكن أن تحدد الثورة وسيلة التعاطي مع الانتخابات النيابية، هل هو الاستمرار في الصراع البطيء 70 الى 100 سنة لازاحة المنظومة الفاسدة في غياب القدرة على إزاحتها بالقوة العسكرية، أو في غياب تدخل خارجي يفرض خيارات الثورة، أو في عدم تجاوب الشعب الذي لم يعد يشارك في تظاهرات مليونية أو نصف مليونية أم أن الغاية هو انتظار اهتراء كامل للدولة وانهيارها مع موجة ثورية جديدة، أم أن تنسج الثورة أكبر تحالف ممكن لاضعاف هذه السلطة الحاكمة، ما هي الخيارات المتاحة، وما هي امكانيات الثورة وقدراتها، ما هي قدراتها في الحشد وفي تنفيذ خياراتها، في ظل رفض الوصول الى قيادة ثورية وارتفاع منسوب “الإيغو” والتشكيك والتخوين، وحتى في ظل تضخم شهوة الترشح غير المدروسة وغير الجدية للانتخابات النيابية، وما هو هدف الثورة من المشاركة في الانتخابات النيابية، هل هو شرف المشاركة، كما في الألعاب الأولمبية، أم تحقيق فوز على السلطة؟، علماً أن الانتخابات هي أصوات في الصناديق وليست مشاعر وتمنيات. إن الغاية من مشاركة الثورة بالانتخابات هو الفوز بها. وعليه، يجب بناء الاستراتيجية، بناء على برنامج ثوري موحد وليس على أحقاد شخصية حاضرة أو ماضية!

اقرأ ايضاً: عام الانهيار الثقافي الكبير!

الهدف العملي.. أكبر كتلة برلمانية!

إن الهدف التغييري في المجلس النيابي المقبل، يجب أن يكون بحصول الثورة وحدها إن أمكن، أو الثورة مع المعارضة على أكبر كتلة برلمانية، وبأكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية. ما يسمح لها الوقوف في وجه وهج سلاح حزب الله وفساد المنظومة! هذا هو أقرب المنطق حالياً فهل هناك قراءات أخرى تحقق أفضل من ذلك؟!

الخيار الانتخابي الثوري للثوار

إن الخيار الثوري في اختيار المرشحين أولاً هو ضرورة، بشرط توفر مرشحين جديين لذلك. ولكن هذا الخيار غير متوفر بشكل كاف في عدد كبير من الدوائر، مما يفرض الخروج من حلقة الثورة المركزية للتحالف أو لدعم من هم الأقرب إليها، من أصدقاء الثورة في الحلقة الثانية، ومن ثم في المعارضة في الحلقة الثالثة. كل ذلك، بهدف كسر مرشحي السلطة!

هل تفيد التحالفات؟

يقول البعض إن التحالفات تضعف لوائح الثورة، خاصة لأنها تستطيع أن تستقطب حزبيين سابقين تركوا أحزابهم. ولكن المطلوب معرفة حجم هذه الأصوات. وهل هو يعادل حجم الأصوات التي يمكن الحصول عليها من الحلفاء، ويمكن لكل دائرة أن تقرر عندها، في غياب التوحد حول قرار مركزي.

إن القرار الانتخابي للثورة هو في وسط الثورة، وليس على أجنحتها.. لا في المنصات ولا في الخيارات الفوقية لبعض مجموعات “النخبوية” التي لا يراها الثوار على الأرض إلا في ما ندر!

الثورة أولا، ثم الأصدقاء ثم المعارضة!

أن ترفض الثورة التحالف مع المعارضة، على الأقل، في حدود بعض الأحزاب والشخصيات الوازنة مثل الحزب الشيوعي في الجنوب، والكتائب في المناطق المسيحية والنواب المستقيلين في عدد من المناطق الوازنة (نعمة افرام، بولا يعقوبيان، ميشال معوض…)، وبعض النواب المعارضين مثل أسامه سعد وفؤاد مخزومي أو عدد من الشخصيات المستقلة، مثل زياد بارود ومصباح الأحدب… هو اعادة السلطة الى مكانها كما هي، وهو ضرب لكل ما أنجزته الثورة من إضعاف للسلطة، أما الأهم، فهو اعتماد معيار موحد ينطبق على الجميع (وهو أمر تطرقنا له مراراً، وخصصت له الاعلامية ديما صادق فقرة في برنامجها)! فلا يمكن تطبيق معيار على بعض الشخصيات مثل بولا يعقوبيان وشربل نحاس، وعدم تطبيقه على نعمة افرام وميشال معوض. ولا يمكن قبول أسامه سعد ورفض فؤاد مخزومي ولا يمكن قبول زياد بارود ورفض مصباح الأحدب. ولا يمكن قبول في الأحزاب الحزب الشيوعي ورفض الكتائب. إن وحدة المعيار ضرورية للتعاطي الانتخابي. ولا يمكن من أي جهة كانت رفض الجميع، وإلا فإن الخيار “الرفضي” سيؤدي الى انتحار الجميع، أما التوفيق بين الراغبين بإجراء التحالفات أو عدمها، وهو إن كان يخضع لتأثير مناطقي، أو “على القطعة”، فمن الضروري أن يكون على أساس علمي، وليس بخلفية أحقاد تاريخية، قسم منها مبني على يسار متطرف أو يمين متطرف، فاليسار يريد الشيوعي وأسامه سعد وشربل نحاس ويرفض الباقين. واليميني يريد نعمة افرام وميشال معوض والكتائب ويرفض الباقين… أما مصلحة الثورة فهي أن تستفيد من كل رافعة ممكنة حيث تحتاج إليها علمياً، من دون أن تتخلى عن أي من أفكارها وطروحاتها! ولا تعفي التحالفات الانتخابية أياً كان من “كلن يعني كلن”. فليس هناك ملف فساد ممنوع فتحه يخص أياً كان، وليس هناك موضوع “تابو” ممنوع التطرق إليه!

تخسر الثورة الحواصل في تعدد اللوائح!

تشير بعض الاحصاءات الى بعض الحواصل للوائح الثورة في بعض المناطق. ولكن بشرط أن تكون اللوائح موحدة. إن تعدد اللوائح يعني انقسام الحاصل المحتمل وبالتالي خسارته وخسارة كل الحواصل المحتملة. لذلك، تحتاج الثورة الى لوائح موحدة. وكل ما هو غير ذلك من تفرد وتعنت يؤدي الى انتحار انتخابي مشابه لما جرى في انتخابات المحامين الأخيرة. (وإن كان فوز المرشح المستقل ناضر كاسبار، والذي ساهم به عدد من المحامين الثوار، أفضل من فوز مرشحي أحزاب السلطة)!

هل مقاطعة الانتخابات النيابية خيار جدي؟

لو كانت مقاطعة الانتخابات النيابية فعالة، لكانت الدعوة الى المقاطعة ضرورية خاصة مع احتمال تعرض النتائج للغش، في ظل عدم وجود مراقبة دولية جدية لشفافية الانتخابات ولنزاهتها، ولكن تجربة المقاطعة للانتخابات في العام 1992 بنسبة 87% لم تؤدِ الى النتائج المرجوة. فأي مقاطعة للانتخابات ليست في مصلحة الثورة. ولا شيء يمنع من الطعن بالنتائج عند حصول أي خلل فيها.

الحوار الثوري بهدف التقارب

“كل مملكة تنقسم على نفسها تخرب”. وكل ثائر يتشبث بموقف من دون حوار مع الآخرين، يؤدي الى التباعد والى انقسام الثورة والى خسارتها. من الضروري التقدم باتجاه الآخرين وباتجاه الأصدقاء من الثوار أولاً، وتقريب وجهات النظر، والتوصل الى التوافق بشأن المواقف الرئيسية. إن الهم الأساسي للثورة في الانتخابات اليوم هو بذل كل الجهود لتوحيد اللوائح ولتوحيد الثوار عامة. كل ذلك، مع تفعيل تحركات على الأرض موجعة للسلطة!

من الضروري أن يطغى التفكير العلمي المحترف في الانتخابات النيابية المقبلة على التفكير العاطفي. لأن هذه الانتخابات النيابية ستكون فرصة جدية لتحقيق خطوة أولى باتجاه التغيير. وفقدان هذه الفرصة سيطيح بالثورة كلها لفترة طويلة!

السابق
«التفشي أصبح مجتمعيًا».. عراجي يحذر من سيناريو ما بعد رأس السنة!
التالي
ترقبوا يوم غضب في 2022!