هل «يفلت» لبنان الرسمي من الإتهامات «الموثّقة» لـ «حزب الله»؟

عباس ابراهيم

هل يكرر لبنان «سوء الإدارة» نفسه الذي حَكَم تعاطيه مع خطيئة وزير الإعلام جورج قرداحي قبل نحو شهرين وتصريحاته العدائية ضد الرياض وأبو ظبي ما أدى إلى «زلزال» ديبلوماسي في علاقات بيروت مع دول مجلس التعاون الخليجي ما زالت ارتداداته ماثلةً، ليكون «الثمن» هذه المَرّة أكثر فداحة وفوق طاقة الوطنِ الصغير على تَحَمُّل تبعاتِ زجِّه الفاضح في «أعمال عدائية» تستهدف المملكة العربية السعودية؟

هذا السؤال بدا الحاضر الأكبر وإن مع «كاتم صوت» في بيروت التي غاب مسؤولوها «عن السمع» بعد أكثر من 24 ساعة من التطور النوعي الذي ستكون «له تتمات» والذي شكّله الاتهام الموثّق من تحالف دعم الشرعية (في اليمن) لـ «حزب الله» بالتورط في اليمن واستخدام مطار صنعاء لاستهداف السعودية عبر دعم الحوثيين بالتدريب على استخدام المسيرات والصواريخ البالستية.

وفي حين كان الترقب يسود لِما إذا كانت إطلالة رئيس الجمهورية ميشال عون مساء أمس ستتولى مقاربة هذا الاتهام بما يخفّف من «المترتبات السياسية» والديبلوماسية التي سيستجرّها على لبنان الرسمي الذي لم يكن بعد «فكك» تفاعلات قنبلة قرداحي (عاد واستقال)، فإن أحداً لم يتصوّر أن يعمد عون في رسالته لإطلاق مسار إخراج لبنان من المحور الإيراني، مُلاحِظة في هذا الإطار أن «التيار الوطني الحر» كان حدّد سقفاً لـ «المشكلة» مع الحزب وشريكه في الثنائية الشيعية لوّح من خلاله بـ «مترتباتٍ سياسية» على إشكالية موْضعية مزدوجة: أوّلها الإمعان في تعطيل جلسات مجلس الوزراء.

هل يكرر لبنان «سوء الإدارة» نفسه الذي حَكَم تعاطيه مع خطيئة قرداحي قبل نحو شهرين وتصريحاته العدائية ضد الرياض وأبو ظبي؟

وثانيها خروج المجلس الدستوري بـ «لا قرار» سرتْ معه كل التعديلات التي أُدخلت على قانون انتخاب 2017 بما جعل النائب جبران باسيل يدخل انتخابات مايو 2022 بأكثر من «خاصرة رخوة» ليس أقلّها عشرات آلاف أصوات المغتربين التي قد تشكل له «كابوساً» انتخابياً.

وكانت بعض الأوساط، قبيل كلمة عون، تقيم على تشكيك متجدّد في رغبته أو قدرته وفريقه على «الفصْل» مع «حزب الله»، ما خلا بعض المراجعات لعناصر في تفاهم مار مخايل بين الطرفين من دون التراجع عنه كونه حاجة لـ «التيار الحر»، سواء في حسابات الانتخابات النيابية التي يحتاج فيها التيار الذي بات «وحيداً» لدعم الحزب مباشرةً كما عبر تحويل التمايز عنه سلاحَاً لشدّ العصَب مسيحياً ورفْع الشعبية، أو في الانتخابات الرئاسية التي يدرك باسيل أن طريق بعبدا لن تكون مفتوحة له من دون رافعة «حزب الله».

ومن هنا، وبمعزل عن المعاني السياسية التي ستقارب بها ابتداء من اليوم كلمة عون، فإنّ أوساطاً واسعة الاطلاع بدت على قدر كبير من التشاؤم حيال الملف اللبناني خصوصاً في ضوء ما عبّر عنه وضع تحالف دعم الشرعية في اليمن لـ «حزب الله» في قفص الاتهام الصريح والمدعّم بالأدلة من منحى جديد في التعاطي مع شراكته في الحرب على المملكة، وسط تقديراتٍ بأن هذا الاتهام لن يتأخّر ليتحوّل رسمياً برسْم الحكومة اللبنانية التي يشكل الحزب قاطرتها الرئيسية والتي لم يكن صدر عن رئيسها نجيب ميقاتي بعد أكثر من 24 ساعة على الإحاطة الشاملة للأزمة اليمنية التي قدّمها «التحالف» أي تعليق.

واستوقف هذه الأوساط أن رَبْطَ «حزب الله» مباشرةً بالأعمال الإرهابية ضد المملكة العربية السعودية جاء من ضمن مقاربة تنطلق من أدوار إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة، كما انطوى على تحذير واضح من «اننا كسعوديين قد نسامح لكن لا ننسى. لا نغضب.

وإن غضبنا أوجعنا» في موازاة تحميل «حزب الله» مسؤولية استهداف المدنيين في المملكة والداخل اليمني، مذكّرة بأن مجمل هذا المناخ يصبّ في النتيجة عند ما أكدت عليه القمة الخليجية الأخيرة في الرياض لجهة تأكيد «العمل بمضمون المادة الثانية من اتفاقية الدفاع الخليجي المشترك، والتي تنص على أن الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعتبر أن أي اعتداء على أي منها هو اعتداء عليها كلها، وأي خطر يتهدد إحداها يتهديدها جميعا»، وتأكيد التزام الدول الأعضاء «بالعمل الجماعي لمواجهة كل التهديدات والتحديات».

إقرأ أيضاً: عون «يزكزك» حزب الله بالسلاح والخليج..والمولوي يُحرّك «بئر الانتخابات» الراكدة!

ومن هنا تعتبر الأوساط نفسها أن الواقع اللبناني سيكون محكوماً في الأيام المقبلة بالديناميات الجديدة التي سيفرضها تسمية تحالف دعم الشرعية في اليمن «الأمور بأسمائها» في ما خص انغماس «حزب الله» في الاعتداءات على السعودية عبر دعم الحوثيين ولا سيما في ضوء الهجوم الارهابي على جازان، وهو ما يجب مقاربته من زاوية نتائجه السياسية وليس مرتكزاته التقنية والتوثيقية، لافتة إلى أن هذا المعطى الخارجي الجديد الذي بدّد بالكامل «المهدئات» التي أفرزها لقاء جدة بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حيال الأزمة مع لبنان يتقاطع مع الأفق المقفل داخلياً في الملف الحكومي ربْطاً بمعركة الثنائي الشيعي لإقصاء المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، والذي اتخذ بُعداً أكثر تعقيداً بعد كلام عون ليل أمس.

وفي موازاة ذلك، وبعدما كان رئيس الجمهورية جزم أنه لن يوقّع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لاستحقاق 2022 النيابي وفق ما أوصى البرلمان في 27 مارس، بل إما في 8 أو 15 مايو المقبل، وقّع وزير الداخلية القاضي بسام مولوي مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على أن يكون للبنانيين المقيمين على الأراضي اللبنانية في 15 مايو وللمغتربين في 6 و 8 مايو.

لبنان سيكون محكوماً في الأيام المقبلة بالديناميات الجديدة التي ستفرضها اجراءات السعودية ضد انغماس «حزب الله» مع الحوثيين في الاعتداءات عليها!

وإذ اعتبر مولوي أن توقيع المرسوم «وإحالته على مجلس الوزراء يعكس جدية وزارة الداخلية والحكومة بإجراء الانتخابات في مواعيدها الدستورية التزاماً بما تعهدت به أمام المجتمعين المحلي والدولي»، لم يُعرف إذا كان عون سيربط توقيعه بانعقاد الحكومة وذلك في سياق الضغط على ميقاتي للدعوة لجلسة بمَن حضر. علماً أن هذا المرسوم عادي ولا يحتاج لاجتماع مجلس الوزراء، وأن نصاب تواقيع مرسوم دعوة الهيئات يجب أن يكون اكتمل قبل 3 أشهر من موعدها.

الخارجية اللبنانية دانت هجوم جازان

ودانت وزارة الخارجية اللبنانية «بشدّة الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له السعودية بمحافظة صامطة بمنطقة جازان»، مؤكدةً «وقوف لبنان الدائم حكومةً وشعباً إلى جانب المملكة العربية السعودية الشقيقة ضدّ كل ما يمس أمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها».

وأعربت عن أسفها لسقوط الضحايا والجرحى وتقدمت «بأصدق التعازي لأهالي الضحايا والتمني بالشفاء العاجل للمصابين».

السابق
«ثالوث» عون..«باسيل والحزب والسلاح»!
التالي
خاص «جنوبية»: إسرائيل تستهدف معسكراً بين النبي شيث وجنتا..و«حزب الله» يُروّج لمخلفاتها!