سجّل دولار السوق السوداء أمس أرقاماً غير مسبوقة، بتخطيه عتبة الـ 27 ألف ليرة، في تفلّت يدفع ضحيته المواطن التائه وسط أزمات لا أفق لحلول لها، فالحديث عن أي خرق إيجابي إن داخلياً أو في العلاقة مع دول الخليج غير ملموس، وهوّة الإنهيار تتّسع بغياب أي معالجة، في مشهد يُنذر بالأسوأ المحتوم على كل المستويات.
اقرأ أيضاً: تجاوز الـ 27 الفاً.. الدولار يواصل كسر الأرقام القياسيّة!
وعلى الرغم من أن تحليق الدولار ليس مفاجئاً كثرت التكهنات حول سعر “طيرانه”، إلا أنه وفق ما أكد الخبير الاقتصادي الدكتور بيار الخوري لـ”جنوبية”، “لا يمكن توقّع السقف الذي يمكن أن يبلغه سعر صرف الدولار في بيروت ولا مستويات محددة له “، وقال:”نحن في لبنان، لا في أوروبا ولا الولايات المتحدة حيث لا يتوقف الأمر هنا على عناصر التحليل الاقتصادي والمالي البحتة، فهناك مزيج من العناصر الاقتصادية والمالية وارتباطها بصناعة السياسات ،كما هناك بيئة خارجية لا يمكن التحكم بها خصوصاً بعد أن فقد البلد أي مناعة تجاه الصراع الإقليمي والدولي”.
وشدد على أن “ما نعرفه الآن أن لا شئ يوحي باتجاه معكوس لانهيار سعر صرف الليرة ، وهنا يمكن توقع كل شيء بشكل سلبي: خمسون الفاً أو مايتان وخمسون أو حتى مليون ليرة للدولار الواحد، وهذه توقعات سمعناها من خبراء ونواب وقامات في القطاع النقدي”.
الخوري لـ”جنوبية”: لا سقف لمستويات الدولار !
ولفت إلى أن “جذر المشكلة هو ضياع السياسات في مواجهة أزمة بهذا الحجم، وهذا الضياع قد يكون سياسة بحد ذاته تهدف إلى حل المشكلة بالتضخم ،وهذا ليس جديداً في كل العالم الثالث، كما ان هذا الضياع قد يكون مؤسساً على عجز أطراف السلطة المختلفة، عن اتخاذ سياسات جريئة خوفاً على مصالحهم والتوازن الدقيق فيما بينهم ، وقد يكون هناك مزيج من السياسات الخبيثة والعجز في الوقت عينه”.
وأوضح “أنه في ظل عجز وتواطئ الداخل، وفي ظل ضياع برنامج التغيير وضعف الاعتراض الشعبي، لن يكون هناك اي تغيير نحو الأفضل، الا بتوافقات خارجية تعيد الثقة اللبنانيين المقيمين والمغتربين، كما للمستثمرين العرب والدوليين، فترسيم الحدود الجنوبية مثلاً هو مؤشر كبير”، مضيفاً”: كذلك توقيع اتفاق برنامجي مع صندوق النقد أو جسور تمويل عربية و دولية، فأي من هذه التطورات في حال حصولها قادرة على قلب المشهد بشكل سريع ولكن.. ما مدى حظوظها الواقعية؟”.
