من طبخ الحبوب حتى تغليفها وتصديرها.. هذه أسرار تفشي الكبتاغون في سوريا برعاية حزب الله والفرقة الرابعة !

كبتاغون

خلال الثلاث سنوات الماضية، زادت أنشطة إنتاج حبوب الكبتاجون، وهي من أشهر أنواع المخدرات، في الأراضي السورية فضلا عن تهريبها في مناطق مختلفة في الداخل السوري، في ظل الحديث عن دور هام لـ”حزب الله” في رواج هذه الظاهرة.

اقرا ايضاً: لبنان يصارع عصابات المخدرات بين حقبتي الحشيش المحلي والكبتاغون السوري

وقد نمت تجارة المخدرات في سوريا إلى حد كبير خلال سنوات الحرب والفوضى، بحسب ما أكدت العديد من التقارير السابقة، تحت أعين الميليشيات والفصائل المنتشرة في البلاد، لا سيما حزب الله.

وقد نشرت “العربية” اليوم (الاثنين) تقريرا تحت عنوان “برعاية حزب الله والفرقة الرابعة.. أسرار “تفشي الكبتاغون”، اشارت فيه الى كيفية توسع تلك التجارة غير المشروعة.

أكدت العديد من المصادر والمعلومات أن تلك التجارة أضحت قوية و”محمية” في البلاد، بعد أن بدأ يديرها شركاء أقوياء وأجنحة ضمن النظام السوري.

كما أشارت إلى أن عمليات المخدرات تدر ملايين الدولارات، متجاوزة الصادرات القانونية للبلاد، وقد حولت سوريا إلى أحدث مصدر للحبوب المخدرة في العالم، وفقاً لتقرير مفصل نشرته اليوم الاثنين صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.

ماهر الأسد وحزب الله وأفراد من العائلة


وأفادت المعلومات أن المنتج الرئيسي لتلك العمليات هو الكبتاغون، وهو عقار غير قانوني يسبب الإدمان. وتنطلق صناعة تلك الحبوب في سوريا ، من ورش تصنيع ومصانع تعبئة حتى تصديرها، عبر شبكات التهريب ونقلها إلى الأسواق في الخارج.

والأهم من ذلك أن الكثير من عمليات الإنتاج والتوزيع تشرف عليها الفرقة الرابعة المدرعة، وهي قوات معروفة جداً يقودها ماهر الأسد، الأخ الأصغر لرئيس النظام وأحد أقوى الرجال في البلاد.

ورجال أعمال أيضاً


كما أن من بين اللاعبين الرئيسيين أيضا رجال أعمال تربطهم صلات وثيقة بالنظام، ومعهم ميليشيا حزب الله اللبنانية، وأفراد آخرون من عائلة الأسد محصّنون من المساءلة، وذلك وفقاً لتحقيقات جرت في 10 دول تضمّنت مقابلات مع خبراء مخدرات دوليين وإقليميين وآخرين سوريين لهم خبرة كبيرة بتجارة المخدرات ومسؤولين حاليين وسابقين في الولايات المتحدة.

ووفق المصادر، فقد ظهرت تجارة المخدرات على أنقاض عقد من الحرب التي دمرت الاقتصاد السوري، ودفعت بمعظم الشعب إلى خط الفقر، فتركت نخبة تضمّنت عسكريين وساسة وتجّار في سوريا يبحثون عن طرق جديدة لكسب العملة الصعبة والالتفاف على العقوبات الاقتصادية الأميركية.

بيد أن أكثر ما يثير قلق الحكومات الرسمية، أن تلك الشبكة التي تم إنشاؤها لتهريب الكبتاغون، بدأت في نقل مخدرات أكثر خطورة، مثل “الكريستال ميث”، كما يقول مسؤولون في الأمن الإقليمي.

وأشاروا إلى أن أكبر عقبة في مكافحة التجارة هي أنها تحظى بدعم أجنحة من النظام ليس لديها سبب كاف للمساعدة في إغلاقها.

فقد اعتبر جويل ريبيرن، المبعوث الأميركي الخاص لسوريا خلال إدارة الرئيس دونالد ترمب، أن فكرة الذهاب إلى حكومة النظام في سوريا للطلب منها التعاون في هذا الموضوع، “فكرة سخيفة”، لأن الحكومة هناك هي التي تصدّر المخدرات”، بحسب تعبيره.

خطة العمل كاملة


يذكر أنه بعد اندلاع الحرب السورية، استغل المهربون الفوضى لبيع المخدرات للمقاتلين من جميع الجهات، فكان لدى سوريا المكونات اللازمة من خبراء لخلط الأدوية، ومصانع لتصنيع منتجات لإخفاء الحبوب، والوصول إلى ممرات الشحن في البحر المتوسط​، وكذلك طرق التهريب نحو الأردن ولبنان والعراق.

ومع استمرار الحرب، انهار اقتصاد وطالت العقوبات الدولية أسماء كبيرة في البلاد، فاستثمر بعضهم في الكبتاغون بينهم ضباط وقادة ميليشيات والتجار الذين ازدهرت أعمالهم خلال الحرب.

فيما انتشرت مختبرات الكبتاغون في المناطق التي يسيطر عليها حزب الله بالقرب من الحدود اللبنانية، وخارج العاصمة دمشق، وحول مدينة اللاذقية الساحلية.

وهناك أيضاً مصانع صغيرة كحظائر صغيرة أو فيلات فارغة، حيث يقوم العمال بجمع المواد الكيماوية مع الخلاطات وضغطها في أقراص بآلات بسيطة.

إلى أن يتم إخفاء الحبوب الجاهزة في حاويات الشحن، كعبوات الحليب، والشاي، والصابون، وغيرها.

ثم يتم تهريبهم برا إلى الأردن ولبنان، حيث يغادر بعضهم عبر موانئ بيروت الجوية والبحرية، فيما يغادر الجزء الأكبر سوريا من ميناء اللاذقية على البحر الأبيض المتوسط.

لاعبان أساسيان أحدهما كرّمه الأسد


ووفق التقرير أيضاً، يوفر المكتب الأمني ​​للفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد، برئاسة لواء معروف، الجهاز العصبي للشبكة، فقوات المكتب تحمي المصانع وتسهل انتقال المخدرات إلى الحدود والموانئ، وذلك بحسب مسؤولين أمنيين إقليميين وضابط عسكري سوري سابق.

أما اللاعب الرئيسي في الشبكة، فهو رجل أعمال، مثّل صعوده رمزاً لطبقة رجال الأعمال الجديدة في سوريا التي طفت في زمن الحرب، حيث كان في الأصل تاجرا متواضعا، وأصبح بعدها مهرباً يتنقل بالطعام والبضائع الأخرى بين دمشق والضواحي التي تسيطر عليها ميليشيات معارضة، وبات اليوم أحد أهم الأطراف بالقرب من دمشق، وفقاً لمسؤولين أميركيين وسوريين سابقين على دراية بتجارة المخدرات.

وبعد خروج المعارضة من ضواحي العاصمة، اشترى هو نفسه عقارات هناك واستثمر في مرافق التعبئة والتغليف التي تستخدم في التهريب.


فيما أصبح آخر خرج من الفقر إلى الثراء، بعدما كان تاجر دواجن، مشرفاً على نقاط تفتيش الفرقة الرابعة في جميع أنحاء البلاد، وبات يسهل حركة الكبتاغون.

وتقرّب الرجلان، وفق التقرير، من النظام عبر الإنفاق الكبير على المآدب واللوحات الإعلانية والتجمعات والحفلات الموسيقية لدعم حملة الأسد الانتخابية، كما دفع أحدهم أموالًا لتجديد مركز التجنيد العسكري والمباني الحكومية الأخرى التي تضررت في الحرب، إلى أن فاز العام الماضي بمقعد في مجلس الشعب، وكرّمه الأسد.

أما في لبنان لا يزال الكبتاغون ينتج فيه ويتم تهريبه عبره.

ويعد نوح زعيتر، أهم اللاعبين هناك، ووفق المعلومات فإن زعيتر مقيم في سوريا بشكل أساسي، ويربط بين الجانبين لتسهيل عملياته، وفقا لمسؤولين أمنيين إقليميين وسوريين على دراية بتجارة المخدرات.

وحُكم على زعيتر، بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة من قبل محكمة عسكرية لبنانية هذا العام بتهمة جرائم المخدرات.

إلا أنه نفى تلك الاتهامات، وأكد أن عمله يقتصر على تجارة الحشيش.


يشار إلى أنه في السنوات الأخيرة، صادرت السلطات في اليونان وإيطاليا ومصر والأردن وغيرها من الدول مئات الملايين من الحبوب، مصدر معظمها من ميناء على الساحل السوري، في عمليات تجاوزت قيمتها مليار دولار.


كما تم ضبط أكثر من 250 مليون حبة كبتاغون في جميع أنحاء العالم حتى الآن هذا العام، أي أكثر من 18 ضعف الكمية التي تم الاستيلاء عليها قبل 4 سنوات فقط.

ويقول خبراء المخدرات إن هذه المضبوطات (الحبوب المخدرة) ربما لا تمثل سوى جزء بسيط من الأدوية المشحونة، إلا أنها تشي بأن هذه الصناعة انفجرت فعلاً وتوسعت في السنوات الأخيرة.

وكان “المرصد السوري سلط الضوء في شباط 2021، على تصاعد تجارة “الحشيش والحبوب المخدرة” في عموم منطقة القلمون الحدودية مع لبنان بريف دمشق، وذلك من قبل مسؤولين وعناصر في حزب الله بمشاركة ميليشيات محلية موالية لهم، حيث يتم الترويج للحبوب المخدرة بشكل كبير، في الوقت الذي يكون إنتاجها في معامل متواجدة بالمنطقة، يقدر عددها وفقاً لمصادر المرصد السوري بنحو 14 معمل، توزعوا على الشكل التالي: ( 3 معامل في سرغايا ومعملان اثنان في كل من رنكوس وعسال الورد والجبة، ومعمل واحد في كل من تلفيتا وبخعة والطفيل ومضايا والصبورة)، حيث يتم بيع منتجات تلك المعامل في المنطقة ويتم تصديرها لمناطق سورية مختلفة لا تقتصر على مناطق النظام، بالإضافة لخروجها خارج الأراضي السورية”.

السابق
حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: لبنانُ ليسَ دولةً «محتلةً» وإنمّا شعبٌ «مخطوفٌ»!
التالي
بعدسة «جنوبية»: حملة التطعيم مستمرة.. الحلبي والابيض اطلعا على سير حملة التلقيح في ثانوية شكيب أرسلان