خلوة بعبدا الثلاثية: «ما بعدها كما قبلها»!

عون وبري-وميقاتي

على رأس دولة منقوصة السيادة، مسلوبة القرار ومشلولة الحركة والإرادة، احتفل العهد بذكرى الاستقلال الأخيرة في ظله وكنفه وسط بصمات درامية باتت تطبع مختلف جوانب الحياة في البلد، لكن وعلى دارج عادتها في التنكر للواقع والتعامي عن الوقائع المأسوية لمسلسل الانهيار، بدت الطبقة الحاكمة أمس منسجمة مع انفصامها، فجسّدت دور القيادة والريادة على أطلال الاستقلال، مزهوّة بجوّ الوئام الرئاسي على خشبة اليرزة، مروراً برحلة “الليموزين” ثلاثية الأبعاد الرئاسية من وزارة الدفاع إلى القصر الجمهوري، وصولاً إلى انعقاد خلوة بعبدا بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي على نية فكّ أسر مجلس الوزراء وتحريره من قيود التعطيل… فكانت النتيجة مزيداً من الرشقات “الخلبية” في عيد الاستقلال على وقع ما نقلته مصادر مواكبة لـ”نداء الوطن” من أنّ “الخلوة نجحت شكلياً في كسر الجليد الرئاسي لا سيما بين الرئيسين عون وبري بعد فترة من التراشق الحاد بينهما، لكن عملياً بقي ما بعد الخلوة كما قبلها، إذ لم تسفر عن أي تفاهمات ناجزة خارج إطار التمنيات والتوافقات المبدئية على الحاجة إلى الإسراع في حلحلة الأوضاع وإعادة لمّ الشمل الحكومي”.

اقرا ايضا: في ذكرى الاستقلال: أي لبنان نريد؟

وأشارت مصادر “نداء الوطن” إلى أنّ الخلوة الرئاسية “لم تخرج عن هامش البحث في عموميات الأزمة دون الغوص في أي طرح أو حل متفق عليه لرفع الفيتو “الشيعي” على انعقاد مجلس الوزراء”، موضحةً أنّ حصر رئيس المجلس مفاعيل الخلوة بعبارة “إن شاء الله خير” عكست حقيقة الوضع لناحية “بقاء كل طرف على موقفه من دون التوصل بعد إلى أرضية مشتركة تتيح التأسيس لاستئناف العمل الحكومي”. وهو ما عكسه أيضاً، استمرار رئيس الحكومة في العزف على وتر “المناشدات والدعوات إلى التفاهم والحوار” مكتفياً إثر خلوة بعبدا بالإعراب عن تمنياته بأن “تؤدي إلى خير”، في إشارة لمست منها المصادر، تأكيداً على كون “الحلول المنشودة لم تنضج صيغتها بعد، سواءً في ما يتصل بقضية المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار أو بمسألة استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي”.

أما على ضفة دوائر الرئاسة الأولى، فحرصت أوساطها على تعميم نظرتها التفاؤلية لنتائج الخلوة الرئاسية الثلاثية، مشددةً على أنها تناولت “المواضيع العالقة وضرورة حلها”، وأكدت أنّ “الجو كان إيجابياً لناحية وجود إرادة حل مشتركة لدى الرؤساء الثلاثة وقناعة متقاطعة بأنّ الظرف الراهن في البلد يحتاج إلى حلحلة سريعة للعقد والعراقيل”، مشيرةً انطلاقاً من ذلك إلى أنّ “الاتصالات سوف تستمر خلال الأيام المقبلة وسط توافق على وجوب استمرار المعالجات القائمة عبر المؤسسات المعنية بالنسبة إلى أسباب تعطيل مجلس الوزراء”.

وعن عودة مجلس الوزراء، آثرت الأوساط عدم الخوض في المواعيد الزمنية واكتفت بالقول: “فكرة دعوة مجلس الوزراء مطروحة لكن تحديد الموعد لم يحصل بعد”، مضيفةً: “أما من ناحية رئيس الحكومة، فأصبح من الواضح أنه ينوي توجيه الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء بعد عودته من روما”.

من جهة أخرى، رأت مصادر وزارية أن اجتماع الرؤساء الثلاثة بحد ذاته هو “كسر للجليد الذي قد يؤدي إلى حلّ ما”. وقالت لـ”الشرق الأوسط”: “لو لم يكن هناك أمر جديد وجدي لما كان عقد اجتماع بعبدا، وكانوا اكتفوا باللقاء في الاحتفال”، معتبرة أنه “مجرد حصول هذا اللقاء يعني قد يؤسس لحلحلة ما”. وجددت المصادر التأكيد في الوقت عينه على أن “الحل الأقرب إلى التطبيق يبقى ذلك الذي اتفق عليه كل من بري والبطريرك الماروني بشارة الراعي ويقضي بإحالة التحقيق (في انفجار مرفأ بيروت) مع الوزراء والنواب إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”.
في المقابل، وصفت مصادر مطلعة على اللقاء الثلاثي الأجواء بـ”الإيجابية”. وقالت لـ”الشرق الأوسط” إنه تم خلاله البحث والحديث في المواضيع العالقة وضرورة حلّها وكان هناك “توافق وقناعة على أن الظرف الراهن يحتاج إلى حلحلة سريعة وتأكيد على استمرار الاتصالات في الأيام المقبلة علها تؤدي إلى نتيجة قريبة”. ولفتت المصادر إلى أن هناك نية للدعوة إلى جلسة للحكومة لكن لم يتم تحديد الموعد حتى الآن، وقد يكون بعد عودة رئيس الحكومة من زيارته إلى روما هذا الأسبوع”.

السابق
الأزمة طويلة.. المفاوضات الرسميّة مع صندوق النقد لن تبدأ قريباً!
التالي
صراع بين عبد الله ورندة بري.. صفقة إنتخابية تشعل الخلاف داخل «أمل»!