لبنان بين «النفير» الخليجي و«النفور» الإيراني!

علي الامين
النفق اللبناني المظلم، لم تكتمل نهايته بعد، ولم يكن ينقص أزماته الداخلية المستفحلة، سوى تحويل "حزب الله" أرض لبنان وشعبه و مؤسساته، إلى منصة إيرانية "متوحشة" لتصفية حساباتها الإقليمية والدولية، ومحاولة تحقيق أضغاث أحلام سلخه عن محيطه العربي، و تغيير وجهه وهويته، وضمه إلى المحور الفارسي التوسعي في المنطقة.

كل المؤشرات تدل على أن مسار الانهيار لن يتوقف، وأن الازمات تستفحل في كل القطاعات الحيوية على مستوى الدولة، وحتى الحكومة التي تشكلت اخيرا برئاسة نجيب ميقاتي، ليست قادرة على الإجتماع طالما لم يأذن امين عام “حزب الله” بانعقادها.

إقرأ أيضاً: طبارة لـ«جنوبية»: زيارة زكي جزء من ضغوط اميركية وفرنسية وخليجية


وسط هذا التعطيل شبه الكامل لدور الحكومة، برزت الأزمة مع الرياض المرشحة إلى مزيد من التدهور، الذي يفاقم من الازمات الداخلية ويشرّع الأبواب على مخاطر اقتصادية اضافية، لا يبدو أن ثمة ارادة سياسية لتلافيها، ومن جهة ثانية يحضُر العنوان الأمني بقوة، طالما أن الأبواب موصدة على أي حلول سلمية باتت بعيدة، بعدما اتخذت المواجهة بعدا اساسيا، يرتبط بوظيفة “حزب الله” الاقليمية، والتي اعتبرت جهات سعودية دبلوماسية انها “تنسحب على أمن المملكة”، واصفة الإجراءات ضد لبنان، بمثابة “خطوات دفاعية عن الأمن القومي السعودي والخليجي”.

حتى الحكومة التي تشكلت اخيرا ليست قادرة على الإجتماع طالما لم يأذن امين عام “حزب الله” بانعقادها


استشعار الخطر سعوديا من “حزب الله”،  “يتأتى من دوره في حرب اليمن”، بحسب هذه الجهات، الأمر الذي تعتبره  “سعياً لتخريب الأمن الخليجي، من خلال محاولة العبث بالاستقرار الأمني والاجتماعي”.

بهذا المعنى تذهب السعودية إلى أبعد مما يتوقع اللبنانيون، فالمقاربة السعودية باتت تتحسس مخاطر الأذرع الايرانية على الخليج ودوله، ويمكن ملاحظة أن الملك سلمان بن عبد العزيز، قد خص الكويت والبحرين باتصالي شكر لرأس الدولة في البلدين، على مواقفهما من الداعمة لموقف السعودية من الأزمة المستجدة مع لبنان، من دون أن يهاتف اي من مسؤولي بقية دول الخليج، وذلك -على الأرجح- لأن هاتين الدولتين، هما الأكثر تحسسا للخطر الإيراني، لناحية القدرة الايرانية على اختراق بيئات شيعية في بلدين، يحظى الوجود الشيعي فيهما بقوة وازنة.

استشعار الخطر سعوديا من “حزب الله” “يتأتى من دوره في حرب اليمن” بحسب هذه الجهات الأمر الذي تعتبره “سعياً لتخريب الأمن الخليجي


لذا في البعد الاستراتيجي، يتركز الصراع اليوم على محور إيران والسعودية، ليست إسرائيل ولا أميركا هما العدوان اللدودان لإيران، والمؤشرات السياسية والاعلامية تدللان على أن عداء إيران أو “حزب الله”، بات أكثر وضوحا باتجاه السعودية، و التعبئة الفعلية والتجييش هو ضدها، حتى بات يمكن نقل توصيف “الشيطان الأكبر” ايرانيا، من أميركا.. إلى السعودية.

تذهب السعودية إلى أبعد مما يتوقع اللبنانيون فالمقاربة السعودية باتت تتحسس مخاطر الأذرع الايرانية على الخليج ودوله

 في المقابل، فإن الرياض تتوجس من المفاوضات النووية ومن تداعيات حرب اليمن، وتجد نفسها في موقع يفرض عليها أن تكون رافعة للمنظومة العربية، بعدما شكل تصدع النظام الإقليمي العربي وانفكاكه، فرصة اضافية لإيران من أجل التمدد والسيطرة وتعزيز نفوذها، كما هو الحال مع تركيا وإسرائيل فضلا عن الدول الكبرى.

يتركز الصراع اليوم على محور إيران والسعودية ليست إسرائيل ولا أميركا هما العدوان اللدودان لإيران


حماية السعودية والخليج عموما، يفرض بعدا استراتيجيا على دوله، طالما أن التوسع الإيراني يقوم على تفكيك المجتمعات، واستغلال البيئات الشيعية بشكل اساسي لخلق النفوذ، وربما التقسيم، فالبحرين وجزء من السعودية في المنطقة الشرقية، عناوين تتردد في إطار التحفيز على خلق الشرخ والعداء مع السعودية، من خلال التجييش على فكرة تقسيم السعودية، عبر خطاب مذهبي يرفع لواء المظلومية فيما هو يندرج في إطار تقسيم المقسم، وبالتالي ترسيخ النفوذ الإيراني وتقويض الهوية الوطنية والعربية بل حتى الهوية الإسلامية التي تزعم إيران رفعها، وهو تقسيم يدغدغ غير العربي الغربي والشرقي معا بطبيعة الحال.ويأتي العراق في هذا السياق أيضا، ليتحول إلى أحد حجر الرحى في هذه المواجهة، فيما الهوية العربية تفرض نفسها في إطار التصدي لتفتيت المجتمعات، وتقسيم الدول على ولاءات خارجية عصبها مذهبي وأقلوي.

الرياض تتوجس من المفاوضات النووية ومن تداعيات حرب اليمن وتجد نفسها في موقع يفرض عليها أن تكون رافعة للمنظومة العربية


وليس بعيداً من ذلك، فإن الأزمة العراقية اليوم تعرقل هذا المسار، بعدما أظهرت البنية العراقية والشيعية على وجه التحديد، حالة من النفور والعداء احيانا لإيران، والتي انفجرت في وجهها منذ انتفاضة تشرين، وهي وجهة مفادها أن شيعة العراق، ليسوا في جيبها، كما حال شيعة لبنان، الذين يختطف “حزب الله” أغلبيتهم.. ويتعامل معهم كرهائن لتحصيل مطالب إيرانية “على القطعة.. وغب الطلب”! 

السابق
غانتس يهدّد «حزب الله»: لن نسمح لوكلاء إيران بحيازة أسلحة تضر بتفوق إسرائيل!
التالي
للمرة الأولى منذ 10 سنوات.. وزير خارجية الإمارات في دمشق!