طبارة لـ«جنوبية»: دعم «حزب الله» للحوثيين أكبر من غلطة قرداحي

رياض طبارة
خطيئة أخرى إرتكبها وزير الاعلام جورج قرداحي بحق لبنان، بعد مهاجمة المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة، وتأتي بالتزامن مع محاولات لبنان الرسمي، لإعادة الزخم لعلاقاته مع أشقائه العرب، لمساعدته في الخروج من جهنم التي يقبع فيها منذ سنتين. خطيئة قرداحي تعكس إلى حد بعيد التركيبة السياسية والاخلاقية الهشة للفريق السياسي الذي سماه وزيرا، لكن ثمنها سيدفعه كل اللبنانيين.

إفتتحت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي “إنجازاتها” بخطيئة إرتكبها وزير الاعلام جورج قرداحي، بحق المملكة العربية السعودية و الامارات العربية المتحدة ، بدل أن تكون واحدة منها إعادة العلاقات اللبنانية والعربية إلى سابق عهدها من الود والتعاون، بعد الانتكاسات التي أصابتها على يد وزيري الخارجية السابقين جبران باسيل وشربل وهبة. صحيح أن كلام قرداحي سُجل قبل توليه حقيبته الوزارية، و سارع الرئيس ميقاتي إلى التأكيد على أنه لا يمثل حكومة “معا للإنقاذ”، إلا أنه لا يمكن وضع “هفوات الوزراء الثلاثة” إلا في خانة إصرار الاطراف السياسية التي يمثلها قرداحي على هدم كل “حيطان العمار” بين لبنان والدول العربية ومنع أي أوكسجين يمكن أن يصله منها سواء عبر تبادل تجاري أوتصدير زراعي وصناعي أو فرص عمل لشباب لبنانيين هاربين من آتون جهنم التي وصل إليها لبنان بفضل الطبقة السياسية التي تحكمه.

المضحك المبكي أن هذا الاصرار يأتي في توقيت حساس بالنسبة للبنان وأثناء محاولات حثيثة من الرئيس ميقاتي لإعادة وصل ما إنقطع بين لبنان والدول العربية وحثهم على مساعدته في أزمته، إلا أن كلام قرداحي جاء يظهر الحقيقة الواضحة بأن كلامه هي إنعكاس للهشاشة السياسية والاخلاقية التي تميّز القوى السياسية التي أتت بقرداحي وزيرا للعلام وتعطي نموذجا عن المسؤولين الذين يديرون البلد ويمسكون بزمام البلاد والعباد.

العلاقات سيئة بين لبنان والدول العربية منذ 2013

إذا منذ يوم أمس ولبنان الرسمي منشغل في لملمة تداعيات كلام قرداحي بحق كل من المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة، ناهيك عن عاصفة ردود الفعل الشعبية والرسمية عليه، فهل ما قام  به الرئيس نجيب ميقاتي كاف، لتطويق ذيول ما حصل وعدم تأزيم علاقات لبنان مع اشقائه العرب من جديد؟ يجيب سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة “جنوبية” بالاشارة إلى أن ما “قاله الوزير قرداحي غلطة كبيرة، وحاول “تزبيطها” من خلال إعادة تأكيده على إحترام وتقدير المملكة العربية السعودية ودولة الامارات، وقد سارع الرئيس ميقاتي إلى معالجتها من خلال التأكيد أن رأي قرداحي لا يمثل الحكومة، كما أن وزير الاعلام إعتذر عن هفوته بطريقة غير مفصلة”.

تبرؤ ميقاتي من كلام وزير في حكومته يعني عدم وجود تضامن وزاري

وأعرب عن إعتقاده أن “الامور ستنتهي عند هذا الحد، لكن تأثيرها على العلاقات اللبنانية – العربية سيبقى، لأن هذه الغلطة ستُضاف إلى لائحة الاخطاءاللبنانية، التي أدت إلى  الانكفاء الخليجي عن بلاد الارز، والتي بدأت بسبب مهاجمة حزب الله للدول الخليجية”، ويشير إلى أن” كلام قرداحي جاء في الوقت، الذي على لبنان الرسمي أن يبذل قصارى جهده لإعادة علاقاته مع الدول العربية إلى زخمها وحرارتها، لأنه لا يتحمل تبعات هذا الانكفاء العربي، خصوصا في ظل الوضع الاقتصادي المنهار الذي نتخبط فيه”.

الغلطة ستُضاف إلى لائحة الاخطاءاللبنانية التي أدت إلى الانكفاء الخليجي عن بلاد الارز

يضيف:”الدول العربية تستوعب أن هناك قوى لبنانية متعددة ولكنهم لن يعمدوا إلى مساعدتنا وستبقى المعادلة العربية تجاه لبنان سلبية وربما ستزيد سلبيتها قليلا، لأنهم يعتبرون أن لبنان واقع تحت سيطرة حزب الله، وأنه يهاجم دول الخليج من خلال جبهة اليمن ثم أتى كلام قرداحي الذي زاد الطين بلة”، مشددا على أن “الرئيس ميقاتي قام بما يقتضي عليه القيام به، لكن يجب التذكير أنها ليست الغلطة الوزارية الاولى فقبلها كانت كلمة وزير الخارجية آنذاك جبران باسيل خلال إجتماع وزراء الخارجية العرب (بشأن سوريا)، والتي دفعت رئيس الحكومة حينها سعد الحريري، إلى الاعلان أن موقف الحكومة اللبنانية لا يتبنى كلام باسيل”، معتبرا أن “الغلطة بحد ذاتها سواء أكانت مع باسيل أو وهبة أو قرداحي فهي تدل على هشاشة الحكومة، لأن رئيس الحكومة يعلن التبرؤ من كلام وزير في حكومته ما يعني عدم وجود تضامن وزاري أي أن هناك نكسة أصابتها”.

ستبقى المعادلة العربية تجاه لبنان سلبية وربما ستزيد سلبيتها قليلا

يرى طبارة أن “العلاقات سيئة بين لبنان والدول العربية منذ العام 2013، وغلطة قرداحي ليست المشكلة الاساسية في هذه العلاقات، بل بدعم حزب الله للحوثيين في اليمن بما يضر بمصالح وأمن هذه الدول”، مشيرا إلى أن “إقالة قرداحي لن تغير الامور، وهي ستخض الحكومة وسيكون لها تداعيات داخلية على لبنان، أما خارجيا  فحزب الله لن يغير سياسته تجاه الدول العربية، والحوثيون سيواصلون هجماتهم و سيبقى دعم حزب الله لهم”.

السابق
أحداث خلدة تابع.. عائلة غصن تدعو لطيّ ذيول الحادثة نهائياً
التالي
«الشرق الأوسط الأخضر».. مبادرة سعودية لحماية كوكب الأرض!