بالفيديو.. الشاعر اللبناني «الاسترالي» شوقي مسلماني لـ «جنوبية»: لن أضع قناعا ثقاقيا على هجرتي الطويلة!

شوقي مسلماني

الشاعر اللبناني الجنوبي شوقي مسلماني، ابن قرية كونين، عمَّر هرم اغترابه وغربته بعيدا، هاجر الى الى استراليا قبل أكثر من نصف قرن. ومنذ وصوله الى القارة البعيدة، مكث وترسّخ وأعطى وأنجب وكتب..وما زال الى اليوم يعيش هناك ، في كنف الغربة والاغتراب. ما زال هناك في مساحة الحنين والذكريات والأشواق..والشعر طبعاً.. 

إقرأ ايضاً: بسام كيرلس.. نحات «الزمن المتشائل»!

ينتمي الشاعر اللبناني ــ الأسترالي شوقي مسلماني الى الشعر، والقصيدة له هي فعل حياة، ونشاط حياة أكثر. هاجر الى أستراليا  قبل أكثر من نصف قرن، تاركاً أرض طفولته في قريته (كونين) في الجنوب اللبناني. وحين وطأ أرض الغربة، لم يكن ليتأكد أنه سيبقى (أبد الدهر والعمر) في منفاه الإختياري، يعمل بشتى الأعمال، وامتلاكه متعة ومهنة الصيد في القارة الكبيرة البعيدة. وبعد مضي سنوات العمر السريعة، في متاهات ومناخات تلك الغربة القاسية، استيقظ الشاعر أمام مرآة كبيرة تعكس صورة زمنه العابر والغابر، فرأى ما رأى من مشاهد العمر: مشاهد حياة مألوفة وغير مألوفة له، لكنه تابع واستمر وما زال على قيد الغربة حتى هذه اللحظة. وبقيت القصيدة، طوال غربته، المشهد والصورة والنبض الذي يخفق بحنين الوطن وانسانه وعذابه، ولم تغب قصيدتة عن مناجاة الزمن الغائر والممتد بين وطنين، لبنان وأستراليا.أصدر شوقي العديد من الكتب الشعرية والأدبية، وكانت زيارته الأولى لوطنه الأول بعد مضي 40 سنة غياب. عاد الى الجنوب والى قريته، ثم انتقل الى بيروت، فوجد نفسه في مكان جديد، كأنه يطأه أول مرة. “جنوبية” التقته بعد هذا الغياب. فماذ يقول شاعر المهجر ، عن الهجرة والهجير، وعن الوطن الذي فارقه طفلا وعاد اليه كهلاً :


كأنّك ولدت في المهجر، أو أردت الولادة في المهجر؟. ـ سؤال شعري جميل. والحقّ صديقي اسماعيل كثيراً لم تكن لي يد في شيئ، وربّما لا أزال. هي هجرة من لبنان إلى أستراليا في سنة 1977 بسبب من الظروف الأمنيّة والإقتصاديّة، هجرة حظّها من دون نقاش أن تطول وتمتدّ فعلاً إلى عقود، تماماً كما تقول،  وأيضاً الحقّ أقول لك أنّ الهجرة هي دائماً جسديّة، أي هي عين ما أنا عليه: هجرة بالجسد، والروح كثيراً تحوّم في سماء الوطن الأوّل: لبنان. هذه قصّتي مع الهجرة مجرّدة من دون ادّعاء، وما قولي هذا إلاّ لأنّي سمعت “مدّعين” يقنّعون هجرتهم بأقنعة ثقافيّة أو فكريّة ليظهروا بمظهر أنّهم “غير شكل” وقد يكونوا على حقّ ما أدراني؟!. باختصار صديقي أنا مهاجر والغياب حظّي.

مولود في لبنان. هل تذكر أو تتذكّر ملاعب طفولتك في وطنك الأوّل، كيف توصّفها من مكانك البعيد؟ـ تورّطني بما نسيتُ كثيرَه. صدّقني أنّي فخور أنّي مولود في لبنان، وطفولتي، حتى وأنا ابن 19 سنة، قضيتها في لبنان قبل أن تبدأ رحلة الهجرة إلى مصر فألمانيا فأستراليا، وحياتي اللبنانيّة قضيتها أيضاً بين بيروت وبين قريتي كونين في جنوب لبنان. وإذا تقول بيروت فأنت في عاصمة مهمّة من عواصم العالم العربي،  وإذا قلت كونين قريتي الجنوبيّة “النائية” فأنت في الطبيعة الوادعة البعيدة كثيراً من تعقيدات المدن فما بالك بالعاصمة؟. أوصِّفُ تلك المرابع بما سيظلّ بي: هي الأحلام العالية، الفرح المطلق، وفي آن معاً هي الواقع المتعثّر والمؤلم. كيف تسلّل الشعر الى غربتك وأيامك؟. ـ الشعر كان ملجئي منذ تفتّحت عيناي. قلتُه مبكِّراً. أحببتُ “الزجل” و”الفصيح”. تسلّل الشعر إليّ في “غربتي” كما تسلّل إليّ في “إقامتي” من طريق الإحساس بجماليّة أن تقول الأشياء بطريقة مختلفة فيها جماليّة، ومن طريق حبّ الآخرين وحبّ العدل، وربّما لهذا قيل أنّ في شعري سياسة. هذا ببسيط العبارة، وأنت تعلم صديقي اسماعيل من موقعك كشاعر، أنّ الشِعر أمداء وجهات بلا عدد، وعالمه خاص. ومثل كلّ فنّ نبيل يأتي متأصِّلاً أو هو عبث يكرّر ذاته. والشعر مثل كلّ فنّ موهبة وتثقيف للموهبة. والموهبة مع الولادة. أخيراً أيضاً: الشعر في غربتي هو من واقع غربتي:  ذكرى وعاطفة. والشعر في عمري هو عمري المجبول بالتناقضات السعيدة والحزينة يداً بيد.


هل ردّ لك الشعر ما خسرته من وطنك وناسك؟.ـ يوماً لم يردّ شيئاً ويوماً لم آمل منه أن يردّ لي شيئاً. أكتب الشعر بعاطفة اللحظة فقط لأسجّل اللحظة. أعبِّر فيها عنّي كإنسان بين مليارات البشر فإذا فرَح فالقصيدة فرِحة، وإذا العكس فالقصيدة عكسها لا أكثر ولا أقلّ. وعموماً الشعر شيء أنظر منه أو شيء أتمسّك به. أنظر منه على عوالمي وعلى العالم وعلى عوالم الآخرين، وأتمسّك به من غرق وشيك. وإذ يردّ لي الشعر ما خسرته ولو افتراضيّاً فلا يسعني إلاّ أن أفرح كطفل. كيف تعيش الحبّ في أرضٍ ليست مسقط رأسك؟.ـ أن تكون النتيجة أن يعيش الإنسان بعيداً من أرضه الأولى أو من مكانه الأوّل أو من وطنه الأوّل وأن يطول البعاد فالجرح حاصل والألم حاصل وهو ألم مُعدي. ومرّة لاحظتُ بعدَ نظرة على أعمالي الشعريّة أنّ قصائدي مثالاً في المرأة قليلة، وحتى وهي كذلك فيها أبعاد لا تطابق الحبّ لذاته مثل الدعوة إلى كسر قيود المرأة والنظر في أعماق إنسانيّة المرأة واحترام المرأة كمساوية للرجل تماماً في كلّ الحقوق والواجبات. وإذا الألم توأم الهجرة أو توأم الغربة فاعلم صديقي أنّه توأم حتى في الحب. مواضيع قصائدك مليئة بالدوائر كأنّك تدور حول أفق مقفَل؟.ـ ها إنّنا نوغل أكثر في عالم الهجرة حيث لا شيء أكيد حتى في الموت الأكيد، بمعنى إذا وافت المنيّة إنساناً في وطنه يضمّه في ثراه وطنه من دون سؤال، أمّا في اللاأكيد، في أوطان بعيدة،  فالسؤال قائم: أين سيدفن؟. سيُدفن حيث هو أم سيُنقل إلى وطنه الأم؟. وإذا أنت من أصل عربي وبلادك في جرح كبير وناسك يموتون غرقى في البحار البعيدة ماذا يتبقّى في زحمة الرِدّة غير الدوائر؟. إنّما الحقّ، وباختصار، فالدوائر عندي بإمعان النظر كلّها عند منحنى ما مكسورة، بمعنى أنّ ضوءاً دائماً عندي في آخر النفق إذا صحّت المقاربة. والشعر بالنسبة إلي هو الوجه الآخر للأمل الكريم فكيف هو وقد خلا من الأمل؟

السابق
خاص جنوبية: البيطار يتلقّى «جرعة دعم» من «القضاء الاعلى».. ماضٍ في ملاحقة النواب والوزراء!
التالي
رد عون لقانون الانتخاب يفتح أبواب البرلمان على معركة أوزان سياسية