«إما رأس الحكومة أو البيطار».. مالك لـ«جنوبية»: لا يمكن قانونا ودستورا إقالة المحقق العدلي

سعيد مالك خبير دستوري
بلغ ملف التحقيق في إنفجار بيروت ، اللحظة الحرجة التي بات فيها كل شيء فوق الطاولة ‏دفعة واحدة، بعد شهور من الضرب تحت الحزام، وصارت المواجهة واضحة والانقسام عامودي، بين حلفاء الأمس والكتل النيابية والمرجعيات الدينية وأهالي الضحايا ومناصري الثنائي الشيعي، وفي الوقت الذي يصر القاضي طارق البيطار على إكمال مهماته حتى النهاية، يصر خصومه على "أبلسته" وتخوينه، تمهيدا لشطبه من المعادلة القضائية، فهل ينجحون في ذلك؟ لا أحد يملك الجواب الشافي.

لا شك أن كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأن “ما يحصل في ملف المرفأ خطأ كبير جداً جداً جداً”، وتأكيده بأنه “يجب إيجاد حل لا سيما خلال الأيام القليلة المقبلة”، وما تبع ذلك من مطالبة وزراء الثنائي الشيعي وتيار المردة في جلسة مجلس الوزراء يوم الثلاثاء، ب”قبع” المحقق العدلي القاضي بيطار من منصبه” وإلا فإن مصير الحكومة على المحك، يعني أن ملف التحقيق في إنفجار بيروت بلغ الخطوط الحمر، وأن المواجهة باتت مباشرة ومن دون قفازات، بعد شهور من المواجهات القانونية بين البيطار، والوزراء والنواب والقادة الأمنيين الذين يطلب التحقيق معهم.

إقرأ أيضاً: توقيفات البيطار تُصدّع تحالف «حزب الله»-باسيل..و«الثنائي» يَشُدّ «العصب» في الشارع!

 إذا تحول التحقيق في ملف المرفأ إلى موضوع سياسي ‏بإمتياز، يقع على خطوط الإنقسام الطائفي ويهدد بالمزيد أي بالمواجهات الشعبية بين أهالي ضحايا المرفأ وبين مناصري الثنائي الشيعي(كما يتم الترويج)، وسط إستقطاب أصاب ‏المرجعيات الدينية والكتل النيابية وصولا إلى مجلس الوزراء، فدار الفتوى والمجلس ‏الإسلامي الشيعي الأعلى يقفان في ضفة، وبكركي والمرجعيات الكنسية تقف في ضفة ‏مقابلة، كذلك تقف الكتل النيابية الكبرى مسيحياً على ضفة التمسك ‏بالقاضي البيطار(التيار الوطني الحر)، وتقف الكتل النيابية الأخرى ( نواب الثنائي الشيعي وحلفاؤهما) على ضفة إتهامه بالتلاعب بالتحقيق، لتحقيق ‏أغراض سياسية.

البيطار سيستمر في تحقيقاته بمجرد أن يصدر القرار عن محكمة التمييز المدنية بخصوص طلب الرد

تجدر الاشارة أيضا إلى أن قضية التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت، إتخذت في اليومين الماضيين  ‏منحاً تصعيدياً في الشق القانوني، مع إصدار القاضي البيطار مذكرة توقيف غيابية بحق الوزير السابق النائب علي حسن خليل، قبيل إنعقاد العقد العادي لمجلس النواب في 20 الشهر الجاري، ومع هذا التصعيد فإن الاتصالات السياسية لم تهدأ منذ الثلاثاء لإيجاد مخرج للإنقسام في مجلس الوزراء بين الثنائي الشيعي و”المردة” مع فريق رئيس الجمهورية، حيث يطلب الثنائي كف يد البيطار عن التحقيق، وإلا فإنهم سيعلقون مشاركتهم في الحكومة، على إعتبار أن تعيين القاضي البيطار جاء بمرسوم ويمكن كف يده بمرسوم أيضًا، رغم أن الصيغة الأمثل هو بت الأمر في مجلس القضاء الاعلى.

بالاضافة إلى ما يحصل في الداخل، فإن ملف المرفأ لم يغب عن أعين المجتمع الدولي، وكان لافتا بيان ‏بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان الذي أعاد “تأكيد الاتحاد على ضرورة إستكمال التحقيقات في ‏إنفجار مرفأ بيروت في أسرع وقت ممكن، وأن يكون غير منحاز ويتم بمصداقية وشفافية ‏وإستقلالية. ويجب السماح بالمضي في الإجراءات القانونية من دون أي تدخل ويجب محاسبة ‏المسؤولين عن هذه المأساة‎”.

إعلان عدم ميثاقية الحكومة بمرحلة ما هو  من ضمن اللعبة السياسية والتي لا يمكن أن يبقى الشعب اللبناني رهينة لهذا الابتزاز.

بناءا على كل ما تقدم، فإن ملف تفجير المرفأ يحمل في ثناياه الصواعق، الذي تنذر بتفجير الوضع الحكومي والتحالفات النيابية والحساسيات الطائفية، ما يجعل السؤال مشروعا عن السيناريوهات القانونية والسياسية لمعالجة هذا الملف، وفي هذا الاطار يأسف الخبير الدستوري الدكتور سعيد مالك ل”جنوبية”، “لما يتعرض له القاضي البيطار من تهديد من الثنائي الشيعي، وصولا إلى التهديد بالإنسحاب من الحكومة، إن لم تتم إقالته من قبل مجلس الوزراء”، مشددا على أن “الحكومة ليس بإستطاعتها على الاطلاق  قانونا ودستورا، الذهاب بإتجاه  إقالة المحقق العدلي، كون هناك مبدأ الفصل بين السلطات، فلا يحق للسلطة التنفيذية على الاطلاق التعاطي مع السلطة القضائية  والتي هي سلطة مستقلة، عملا بأحكام الفقرة ه من مقدمة الدستور وأحكام المادة 20 منه، مما يفيد بأن هذا الضغط الذي يمارس على الرئيس البيطار لا يستقيم على الصعيد القانوني”.

يضيف:” أما لجهة  التهديد بالانسحاب من الحكومة (هذا من حقهم)، وكل هدفه من أجل الضغط من لإقالة الرئيس البيطار، اليوم إذا كان الهدف من ذلك هو إعلان عدم ميثاقية الحكومة بمرحلة ما، فهذا من ضمن اللعبة السياسية، والتي لا يمكن أن يبقى الشعب اللبناني رهينة لهذا الابتزاز، فإما رأس الحكومة وإما رأس البيطار، فهذا الامر غير مقبول ومستهجن وينسف مفهوم الدولة بكليته”. 

إما رأس الحكومة و إما رأس البيطار ؟ هذا الامر غير مقبول ومستهجن وينسف مفهوم الدولة

يرى مالك أنه “لجهة الخيارات القانونية أمام القاضي للبيطار لمواجهة هذه الهجمة التي يتعرض لها، فإنه سيستمر في عمله وتحقيقاته بمجرد أن يصدر القرار عن محكمة التمييز المدنية، بخصوص طلب الرد والعالق راهنا أمام غرفة الرئيس ناجي عيد”، مشددا على أنه “بمجرد أن يفصل بهذا الطلب، يمكن للقاضي البيطار أن يستعيد نشاطه ويستكمل تحقيقاته، ويحدد مواعيد جلسات إستماع بالنسبة للنواب غازي زعيتر ونهاد المشتوق إستكمالا للتحقيق”.

ويختم:”ندعو القاضي بيطار إلى متابعة ما يلزم من الإستماع والإجراءات التي يجب أن يتخذها بحق بقية باقية، وبحق أسماء جديدة إذا كان هناك على لائحته، من أجل إظهار أن التحقيق غير موجه بإتجاه أحد أو بإتجاه فريق على الإطلاق”.

السابق
خاص «جنوبية»: هكذا «نجا» زعيتر والمشنوق من التحقيق.. ودياب على الطريق!
التالي
بسبب «التطاول على عون وباسيل».. القضاء يستدعي ديما صادق!