المصارف جاهزة للمفاوضات حول إعادة هيكلة الدين.. هذا ما كشفه صفير!

سليم صفير

فيما يترقب اللبنانيون بدء خطوة المفاوضات مع الصندوق النقد الدولي بعد التأليف الحكومي، أكد رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور سليم صفير عبر “دايلي ستار” أن “المصارف جاهزة للمفاوضات على اعادة هيكلة الدين: المصارف غير مفلسة وقادرة على تمويل الانتعاش الإقتصادي”.

وكشف التقرير الذي نشره مصرف “غولدمان ساكس” حول االاقتصاد اللبناني (وضع خطة لتعافي الاقتصاد اللبناني – فاروق سوسة 22/9/2021) عن قلة معرفة بالاقتصاد اللبناني، واعتمد على نموذج موحّد لا يمكن تطبيقه على الطابع الخاص بواقع المالية العامة اللبنانية.

اقرا ايضا: هل يسعى ماكرون لفتح «أبواب الرياض» أمام ميقاتي


والأسوأ من ذلك هو أن تبادر مؤسسة عريقة بمثابة “غولدمان ساكس” بشكل مفاجئ إلى نشر تحليل يعتمد على تحديد خاص بالمؤسسة لقيمة الخسائر وليس على تحديد التزامات النظام المالي اللبناني بموضوعية. فلا يمكن تحديد الخسائر قبل أن تضع الحكومة خطة إصلاحات بالاتفاق وبدعم من برنامج صندوق النقد الدولي.
 
إن “الخسائر” ليست جزءً من نموذج إدارة الالتزامات ولا تدخل في تحليل القدرة على ادارة استدامة الديون، إنّما الخسائر هي نتيجة للواقع الحالي.
فالازمة المالية والاقتصادية في لبنان نتجت عن فقدان إمكانية الولوج إلى الأسواق المالية جراء النشاط المالي غير المستدام بعد تعاقب حكومات لا تريد تطبيق الإصلاحات المطلوبة من المجتمع المالي المحلي والدولي.    
 
ورغم عدم القدرة على تعويض الضرر الناجم عن سوء إدارة الأزمة منذ بدايتها، الا ان تعافي لبنان وامكانية تحقيق نمو سيعتمد على إعادة هيكلة مُتقنة (وتوافقية هذه المرّة) لدين القطاع العام وفق أولية تحدّد لاحقاً.
 
إن الأولوية الأولى هي للإلتزامات القانونية. ويوفّر قانون النقد والتسليف الخاص بنا، ومثل معظم البلدان في العالم، قاعدة للدعم المالي حيث تُكلَّف الحكومة من خلال القانون (تحت طائلة عقوبة جزائية) بإعادة رسملة المصرف المركزي الذي استمرّت الحكومات المتعاقبة في نهبه لعقود من الزمن. ورغم أن لبنان هو بلدٌ يعاني من ضائقة مالية شديدة، إلا أنه يتمتّع بقطاعٍ عامٍ ثريٍ ويمكن للحكومة الوفاء بالتزاماتها المالية وتعرب جمعية مصارف لبنان عن استعدادها لمساعدة الحكومة على تطوير خطة اقتصادية ومالية شاملة جديدة من شأنها أن تساهم في إنعاش الاقتصاد الحقيقي وتتطبيق إصلاحات القطاع العام التي نحن بأمس الحاجة إليها، وفي إعادة هيكلة التزامات القطاع المالي وخسائره، مع الحفاظ على حقوق المودعين.
 
وبعد أن تفي الحكومة بالتزاماتها القانونية سينبغي عليها أن تعالج التزاماتها التعاقدية ولكنها ستكون قد اكتسبت مرونة للتفاوض مع الدائنين ما لم يكن متاحاُ سابقاُ.
 
ان جمعية مصارف لبنان مستعدة لتكون جزءًا من الخطة الحكومية للإصلاح والتفاوض على إعادة هيكلة الديون بحسن نية كما تقديم التنازلات الضرورية الممكنة من حيث نسبة “الهيركات” وشطب الفائدة وجزء من استحقاقات الديون الآجالة. للسماح لنسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي بالانخفاض بطريقة منتظمة تعكس القدرة على تحمل الديون على المدى المتوسط.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الناتج الاقتصادي لا يقلّ أهمية عن رصيد الدين لتحقيق النتيجة المرجوة.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف، إن جمعية مصارف لبنان مستعدّة للمساهمة بالإصلاحات المقترحة التي سيكون لها التأثير الكبير اضافة الى اعادة تفعيل الإقراض لقطاعنا الخاص، ما سيؤدي إلى ارتفاع واستداة النمو الاقتصادي ا​​وجذب استثمارات تتجاوز الإستثمارات التي تعهّد بها مؤتمر سيدر. 
 
نظرًا لحجم وعمق الأزمة ، قد لا تتمكن بعض المصارف اللبنانية من تخطّي هذا الواقع الذي لم يشهد لبنان مثيلا له في تاريخه الحديث. وقد تحتاج بعض المصارف الأخرى إلى الاندماج مع منافسيها لخفض الكلفة بما يتوافق مع تراجع حجم محفظة الأصول.
وعلى عكس ما جاء في الاستنتاج الغير دقيق الصادر عن مصرف “جولدمان ساكس”، فإن أكثرية البنوك في القطاع المصرفي اللبناني قادرة على تعزيز ملاءتها المالية ومستعدة لتمويل الانتعاش الاقتصادي.

السابق
بعد تخطيه عتبة الـ 17 الف.. كيف افتتح دولار السوق السوداء؟
التالي
التحضيرات للانتخابات النيابية بدأت.. هل يعطي وزير الداخلية الاذن بملاحقة اللواء ابراهيم؟