إجراءات حكومية «خبيثة».. يشوعي لـ«جنوبية»: ميقاتي وسلامة إفتعلا خفض الدولار لتمرير رفع الدعم بلا «البطاقة»!

ايلي يشوعي خبير اقتصادي
لا أرقام في البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، التي سيناقشه مجلس النواب الاثنين المقبل، بل كلام فضفاض وعام، على شاكلة البيانات الوزارية للحكومات السابقة، علما أن المرحلة التي تمر بها بلاد الارز حساسة ودقيقة إجتماعيا ومعيشيا. في المقابل سجلت هذه الحكومة في أيامها الاولى خطوات تحمل الكثير من المكر والدهاء، للإيحاء بأنها تسعى لإتخاذ خطوات جدية في ملفات موجعة (رفع الدعم عن المحروقات مثلا وخفض سعر الدولار في السوق السوداء)،٠ ليتضح لاحقا أنها طبقت قاعدة "من دهنوا سقيلوا"، أي أنها نفذت هذه الخطوات على حساب المواطنين، من دون أن تمس بمصالح القوى السياسية المتمثلة فيها.

من المرجح أن تّظهر الأسابيع الأولى التي ستلي تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وجهتها، خصوصا أن البيان الوزاري الذي سيجري مناقشته يوم الاثنين المقبل وستنال الحكومة الثقة على أساسه، لا يحمل إلا الكلام العمومي والفضفاض الذي لم يغب يوما عن البيانات الوزارية السابقة.

إقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: أمن الدولة «لم يعثر» على دياب.. وهذا ما ينتظره الإثنين!

لكن ثمة عنصر مهم يمكن الإنطلاق منه لمعرفة ما المنتظر من حكومة “معا للإنقاذ”، وأولها أنها تشكلت وفقا لمبدأ المحاصصة بين القوى السياسية، المسؤولة عن الأزمة المعيشية منذ سنتين، بالاضافة إلى تباين الاولويات بين هذه القوى للخروج من النفق، ما يعني غياب الرؤية المتكاملة لكيفيّة الخروج من نفق الانهيار الذي تمر به البلاد. ناهيك عن إمكانية أن تصبح هذه الحكومة في أي لحظة ملعبا لتصفية الحسابات السياسية (السجال الميرنا الشالوجي وعين التينة نموذجا) بالإضافة إلى حرص كل فريق على حماية مكاسبه ومصالحه.

إذا ثمة تباينات عديدة، يُمكن أن تُفرق بين مكونات الحكومة بقدر المصالح التي تجمعها حاليا، والوقت كفيل بإظهار الحالتين، لكن ما يمكن تسجيله في هذا الوقت الضائع، بين الاستحقاقات التي ستواجهها الحكومة قريبا ( التفاوض مع البنك الدولي وتحديد الخسائر في المالية العامة)، هو نسبة “الخبث” الذي تميز خطواتها منذ أيامها الاولى، وليس من المبالغة القول أنها منذ أن ولدت تتصرف على قاعدة “من دهنو سقيلوا”،  أي أنها تحاول معالجة الملفات الداهمة من ما تبقى من أموال في جيوب المواطنين، من دون أن تقوم بأي خطوة على حساب مصالحها والامثلة كثيرة ، منها التلاعب بسعر الدولار في السوق السوداء ورفع الدعم عن المحروقات، من دون إقرار البطاقة التمويلية وتوقيع العقد بين وزارة المالية وشركة “ألفاريز أند مارسال” لإجراء التحقيق الجنائي. فكيف تجلى هذا الخبث؟

سيتم تطويق “الفاريز أند مارسال” من وزارة المال والمصرف المركزي والهدف من توقيع العقد معها هو إرضاء الرأي العام

يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي على “الخبث” الذي ميّز أداء الحكومة في الايام الماضية ويلفت ل”جنوبية” أنه “من اليوم الاول لا يجب الرهان على هذه الحكومة، لأنه تّم تشكيلها وفق أسس المحاصصة بين القوى السياسية، وبالتالي فهي من دون لا رائحة ولا طعمة ولا لون، علما الوضع خطير ويستلزم شخصيات ومعالجات أخرى”.

ويرى أنه “في ما يتعلق برفع الدعم عن المحروقات من دون إقرار البطاقة التمويلية، يجب تسجيل أن الرئيس ميقاتي إجتمع على مدى 3 أيام مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة،  لترتيب إنخفاض الدولار في السوق السوداء بشكل إصطناعي لتمرير رفع الدعم عن البنزين من دون البطاقة”، لافتا إلى أنه  “كل أسبوع سيصدر جدول أسعار جديد عن وزارة الطاقة، وسيتم كل أسبوع زيادة سعر البنزين رويدا رويدا”.

ويشدد على أن “أمثلة عديدة أيضا تدل على هذا “الخبث” ومنها الكلام “إصلاح القطاع المصرفي”، معتبرا أنه “كلام لا قيمة له لأن اول خطوة، يمكن أن تقوم بها هذه الحكومة لإصلاح القطاع المصرفي، هو إعادة أموال المودعين بالعملة التي تم وضعها فيها، وأن تدفع المصارف كل ودائعها بعملة إيداعها وبقيمتها الكاملة”. 

الاصلاح المصرفي الذي تريده الحكومة الجديدة هو المحافظة على الوضع كما هو وهذا كلام لا فائدة منه

ويضيف “الكلام الذي له قيمة حين تُلزم الحكومة المصارف في تكوين رأسمال من حساباتهم الخاصة، وإلا يتم تصفية مصارفهم، كي يتمكنوا من رد الودائع للمودعين وهذا هو الاصلاح الحقيقي”، مشيرا إلى أن “الاصلاحات يتم إستعمالها بشكل فضفاض، والاصلاح المصرفي الذي تريده الحكومة الجديدة، هو المحافظة على الوضع كما هو وهذا كلام لا فائدة منه”.

لبنان بلد الحقوق الضائعة ولم يتم الاكتفاء بسرقة أموال الناس في المصارف بل الاموال الزهيدة التي يملكونها في جيوبهم

والسؤال الذي يطرح أيضا في هذا المجال، هل سيصل التدقيق المالي الجنائي إلى خواتيمه المطلوبة، بعد أن تم الاعلان عن توقيع العقد اليوم مع شركة ألفاريس أند مارسال؟ يجيب يشوعي :”هذه الخطوة يمكن أن توصل إلى نتيجة، في حال لم يكن حاكم البنك المركزي، هو المسؤول عن الفجوة المالية الموجودة في مصرف لبنان”، مشيرا إلى أن “شركة التحقيق سيتم تطويقها من وزارة المال والمصرف المركزي، والهدف من توقيع العقد معها هو إرضاء الرأي العام”.

 ويختم:”للأسف لبنان بلد الحقوق الضائعة والتسيب والفلتان والاذلال، ولم يتم الاكتفاء بسرقة أموال الناس في المصارف، بل أيضا بسرقة الاموال الزهيدة التي يملكونها في جيوبهم، من خلال رفع الدعم من دون إقرار البطاقة التمويلية، ومن خلال عملية مصطنعة لخفض سعر الدولار من أجل رفع الدعم من البطاقة”.

السابق
خاص «جنوبية»: أمن الدولة «لم يعثر» على دياب.. وهذا ما ينتظره الإثنين!
التالي
بالفيديو: مخيم عين الحلوة يغلي.. اشتباكات مسلحة واطلاق قذائف!