بين «دعاء بري» وتفاؤل العونيين..البلد «لا معلق ولا مطلق» حكومياً!

نجيب ميقاتي

عاد الحديث بقوة عن قرب تأليف الحكومة بعدما كانت تراجعت فرَص ‏هذا التأليف، وفي ظل حديث عن دخول دولي على الخط، كما عن ‏عدة مَساع لم تتوقّف للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ‏وقد أسفرت كل هذه المساعي عن تضييق رقعة الخلاف وتذليل ما ‏تبقّى من عقد، وفي حال أُعلِن عن زيارة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ‏إلى القصر الجمهوري للقاء الرئيس ميشال عون، فهذا يعني انّ ‏احتمالات إصدار مراسيم التأليف أصبحت كبيرة.‏

لا شك في انّ تأليف الحكومة يُدخل لبنان في مرحلة جديدة بعد فراغ ‏طويل، وعدم قدرة الحكومة المستقيلة على معالجة شكاوى الناس ‏الحياتية، ويتحوّل معظم التركيز إلى المراحل التي ستلي إصدار ‏المراسيم، من البيان الوزاري، إلى جلسة الثقة، وما بعدها الخطة ‏الحكومية وطريقة عملها في معالجة الأزمة المالية والتصدي للأزمات ‏الحياتية، فهل تصدق النيات والأخبار هذه المرة، أم عود على بدء من ‏الفشل والفراغ والوعود الكاذبة؟
‏ ‏
وعلى رغم ان الدفع الدولي ليس جديداً في ظل الرغبة الدولية الثابتة ‏سعياً لولادة الحكومة في لبنان، إلاّ ان الدخول الأميركي بقوة على ‏الخط هذه المرة وَلّد انطباعات إيجابية مختلفة في اعتبار ان الموقف ‏الأميركي مؤثر في تحديد مسار الأمور واتجاهاتها، ومن الواضح انّ ثمة ‏رغبة أميركية في إخراج لبنان من الفراغ المفتوح على الفوضى في حال ‏استمرار الأوضاع على المنوال الحالي، خصوصاً في ظل الحرص ‏الأميركي على استمرار الاستقرار اللبناني في انتظار ان تنجلي الصورة ‏الإقليمية في المفاوضات النووية مع إيران.‏
‏ ‏
وفي موازاة الرغبة الأميركية، هناك أيضاً بيئة إقليمية مواتية للتأليف، ‏ويحظى لبنان فيها بتحييد إيجابي وتقاطع موضوعي على ضرورة ‏إبقاء الأوضاع فيه مستقرة خوفاً من الفوضى وما يمكن ان تَستتبعه ‏من مواجهات وفصول سود يصعب تقديرها وتحوِّل الأزمة في لبنان ‏من مالية وحكومية، إلى أزمة نظام.‏
‏ ‏
وبالتوازي مع المناخات الدولية والإقليمية المواتية، هناك نوع من ‏شعور ان الأمور في لبنان “استوت”، حيث أن الأوضاع المالية ‏والاقتصادية والمعيشية والاجتماعية لم تعد تحتمل مزيدا من الفراغ، ‏خصوصا مع اقتراب رفع الدعم وغياب البدائل واستمرار التردي فصولاً، ‏وارتفاع منسوب الغضب الشعبي.‏
‏ ‏
ولا شك في انّ المعنيين بالتأليف لا يمكنهم عدم الأخذ اولاً في ‏الاعتبار المعطى الخارجي الدافع والضاغط في اتجاه تأليف الحكومة، ‏كما لا يمكنهم أيضا عدم الأخذ في الاعتبار وضع البلد وشعبه ‏والمصير الذي سيلقاه في حال لم تتألف الحكومة. وبالتالي، لكل هذه ‏الأسباب مجتمعة هناك فرصة حقيقية لإنهاء الوضع الشاذ ووضع حد ‏للفراغ، فهل ستنطبق حسابات الحقل على حسابات البيدر هذه المرة، ‏أم ان الفراغ سيتواصل فصولاً، والبلاد ستكون مشرّعة على فصول ‏سوداء؟

نقطة واحدة

‏في هذه الاثناء علمت “الجمهورية” ان توزيع الحكومة اصبح جاهز،اً ‏ولم يبق عالقاً فيها الا نقطة واحدة هي حقيبة وزارة الاقتصاد والاسم ‏المرشح لتولّيها. وقالت مصادر عاملة على خط التأليف ‏ان “الحكومة جاهزة في انتظار القرار السياسي الذي بيده اعلان ‏مراسيمها اليوم قبل الغد”. واكدت “انّ اي تأخير اضافي في اعلان ‏الولادة يعني وجود قطبة مخفية، وهناك فعلا من لا يريد حكومة لأن ‏الوساطة الاخيرة التي قادها اللواء عباس ابراهيم ووسطاء آخرون كانت ‏نشطة جدا خلال الساعات الماضية وبلغت ذروتها”.‏
‏ ‏
وأضافت المصادر: “البلد من دون حكومة منذ اكثر من عام ودائماً ‏نقول ان الشروط التي توضع هي شروط تعجيزية لعرقلتها والآن ‏‏”لحقنا الكذاب على باب داره”، اذا صدق يمكن ان لا يقفل هذا ‏الاسبوع الا على ولادة الحكومة، واذا لا فإن الحقيقة تكون قد انكشفت ‏والمطلوب غير ذلك”.

“الفول والمكيول”

‏وكان اللافت في هذا الصدد أمس قول رئيس مجلس النواب نبيه بري ‏لموقع “مستقبل ويب” حول امكان إنجاز هذا الاستحقاق: “ما تقول ‏فول ليصير بالمكيول”. ورَدّ على سؤال عن مصير تشكيل الحكومة ‏بالقول: “لم يعد ينفع إلا الدعاء”.‏
‏ ‏
الى ذلك، استبعد مطلعون ان تولد الحكومة اليوم كما جرى الترويج ‏اخيرا، لافتين الى انه تبين ان عملية ضخ الإيجابيات ‏المضخمة والتي يليها تراجع في معدلات التفاؤل انما تندرج في جزء ‏منها على الاقل ضمن لعبة المضاربة في السوق المالية والتلاعب ‏بسعر الدولار هبوطا وصعودا لتحقيق أرباح على حساب المواطن.‏

إقرأ ايضاً: رفض عكاري لإختراق حزب الله «الإنساني»..و«تقطيع» وقت بين عون وميقاتي!

لكن هؤلاء المطلعين لم يستبعدوا احتمال تشكيل الحكومة في ‏النصف الثاني من هذا الأسبوع وإن تكن التجارب المريرة لم تعد ‏تشجّع على ضرب المواعيد مسبقا.‏
‏ ‏
وعلى وقع خلط الاسماء المرشحة للتوزير وتبديلها من حين الى آخر، ‏نُقل عن مرجع سياسي كبير قوله “ان بعض الاسماء التي يتم التداول ‏بها في كواليس التفاوض توحي أننا سنكون أمام حكومة موظفين ‏ومأمورين ينتظرون الحصول على رواتب آخر الشهر والتعليمات ممّن ‏عَيّنهم”.‏
‏ ‏
وتساءل المرجع عما اذا كانت حكومة من هذا النوع “ستستطيع ‏مواجهة تحديات هذه المرحلة الصعبة”.‏
‏ ‏

إتصالات ونتائج غامضة

وفي رواية أخرى ان الغموض يلف المفاوضات الجارية وما تم التوصل ‏اليه في الايام المنصرمة وسط اجماع محيط بعبدا والبياضة من جهة ‏ومبنى البلاتينيوم من جهة اخرى على “طلعات ونزلات” لا افق لها ولا ‏نتيجة حاسمة حتى ساعة متأخرة من ليل امس.‏
‏ ‏
وقالت مصادر قريبة من بعبدا ان الاتصالات جارية من ‏دون اعطائها اي توصيف لهوية الوسطاء الجدد والقدامى. ومع ‏إشارتها الى ان اللواء ابراهيم، الذي غاب امس عن بعبدا في يوم ‏تشييع رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير ‏قبلان، سيعود اليها اليوم للوقوف على الجديد. في وقت تحدثت ‏المصادر عن وسيط جديد هو القنصل مصطفى الصلح من دون اي ‏معلومات عن هويته ومهنته سوى الإشارة الى انه صديق مشترك ‏لميقاتي وباسيل الموجود على خط الاتصالات ان لم يكن مباشرة مع ‏ميقاتي، في ظل نفي اي اتصال او لقاء بينهما او مع من انتدبه ‏الرئيس المكلف لهذه المهمة.‏
‏ ‏
وعلى هامش الغموض المسيطر على نتائج الاتصالات ونتائجها ‏المعلقة على هوية وزير الاقتصاد واسمه، نَفت مصادر مطلعة ‏لـ”الجمهورية” ما تناولته وسائل الاعلام من اسماء مطروحة من دون ‏نفي مقولة “اسماء تصعد وأسماء تختفي”. ولفتت الى انها لم تلاحظ ‏وجود اسم السيدة حنين السيد التي قيل ان ميقاتي يقترحها لحقيبة ‏الاقتصاد من بين اسماء لائحة مقترحة تضم 3 او 4 اسماء بعدما ‏حسمت ان تكون من حصة من الطائفة السنية.‏

ثقة “لبنان القوي”‏

وفي معلومات ان إمكان إعطاء كتلة “لبنان القوي” ‏الثقة للحكومة باتت من النقاط المطروحة في المفاوضات الجارية ‏وسط حديث عن امكان اعادة النظر في تفاهمات سابقة، ان لم يحسم ‏باسيل هذا الامر في وقت قريب يسبق التفاهم على التشكيلة ‏الوزارية في صيغتها النهائية.‏
‏ ‏
تزامناً، نفت مصادر واسعة الاطلاع اي حديث عن تبادل حقائب بين ‏عون وبري تشمل وزارة الزراعة بعدما تنازل عون لميقاتي عن الاقتصاد. ‏كما نفت المصادر اي اشارات جديدة لحسم اسم الوزيرين المسيحيين ‏من خارج حصة عون، واللذين قد يخفيان خلفهما عقدة “الثلث ‏المعطل” بالاستناد الى هوية الاسماء التي طرحها عون وتلك التي ‏يقترحها ميقاتي.‏

السابق
بعد رفع الدعم..إرتفاع هستيري في المحروقات والمواد الغذائية!
التالي
دور فرنسا السلبي في لبنان والعراق