اللبنانيون يتوجسون من «ظُلمات» آب اللهاب!

كهرباء لبنان
"في كهربا بشهر آب اللهاب أو ما في"؟ سؤال يقض مضاجع اللبنانيين لكن لا جواب شاف من المسؤولين إلى الآن، لأن مصرف لبنان لم يوضح بعد إذا كان سيكمل تمويل دعم الكهرباء من الاحتياطي الالزامي أم لا، وإستيراد الفيول من العراق دونه عقبات كثيرة، وحتى المولدات الخاصة لا يمكن الرهان على قدرتها على تأمين الكهرباء إلا لقاء فاتورة باهظة، كل ذلك يعني أن أياما صعبة بإنتظار اللبنانيين.

فتح كلام المديرة العامة لمنشآت النفط في وزارة الطاقة أورور فغالي منذ يومين أنه “بعد شهر تموز لن يعود هناك أموال للكهرباء”، الباب مجددا أمام مخاوف اللبنانيين من حلول العتمة الشاملة إبتداءا من شهر آب المقبل، خصوصا أن فغالي أوضحت “أن سلفة الخزينة التي كانت أُقرّت للكهرباء بقيمة 200 مليون دولار والتي كان يُفترض أن تكفي لـ3 أشهر أي لأيلول المقبل، ستُصرف قبل ذلك الموعد بكثير وبالكاد ستكفي حتى آخر تموز الحالي”، مشيرة إلى أن “ما بقي من مبلغ الـ 200 مليون دولار “يكفي لشحنة واحدة فقط”.

صحيح أن انقطاع التيار الكهربائي ليس بالأمر غير المعتاد في لبنان، إذ أنه لم يكن في لبنان كهرباء على مدار الساعة طوال عقود، وقوننت الدولة الطاقة المولدة، وسد الناس الثغرات عن طريق توصيل نظام موازٍ من المولدات الخاصة. لكن الجديد اليوم هو إحتمال توقف شبكة كهرباء الدولة بالكامل، لتصبح المولدات الخاصة هي المصدر الوحيد للطاقة، في ظل إنهيار إقتصادي غير مسبوق، وإرتفاع جنوبي في سعر الدولار في السوق السوداء، وعدم قدرة مصرف لبنان على تغطية الاعتمادات المالية المطلوبة لتأمين المازوت والبنزين و الفيول، علما أن أصحاب المولدات هم أيضا يتعرضون للضغط، كما يقولون، لأنهم يفتقدون مادة المازوت التي تشغل مولداتهم، ويضطرون لشرائها من السوق السوداء على سعر 90 ألف ليرة للصفيحة الواحدة، بدلا من الحصول على المازوت المدعوم من منشآت النفط .

إقرأ أيضاً: محطات حزب الله «تَشفط» بنزين الجنوبيين..والغالونات «تَهزم» الملاحقات الأمنية!

صورة ضبابية

إذا الصورة ضبابية في ما يتعلق بإستمرار دعم الكهرباء في لبنان أم لا من قبل مصرف لبنان، وهذا ما يوافق عليه الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين الذي يشرح لـ”جنوبية” أنه “لا أحد يعرف إذا كنا متجهين نحو العتمة الشاملة مطلع آب المقبل، لأن المسألة مرتبطة بفتح الاعتمادات، وإذا قرر مصرف لبنان فك إعتمادات إستيراد الفيول فهذا يعني أن لا عتمة تنتظرنا، وإذا توقفت الاعتمادات فهذا يعني أننا حكما سائرون نحو الظلمة الكاملة”، لافتا إلى أن “مصادر الكهرباء من الطاقة المائية تراجعت حصتها بشكل كبير من إجمالي الانتاج في لبنان، ولذلك يعتمد لبنان بنسبة 92 بالمئة من حاجتة المنتجة من الكهرباء على الفيول والمازوت وأي تعثر أو إمتناع عن فتح الاعتمادات فهذا يعني عدم وجود الطاقة في كل لبنان”.

يُرجع شمس الدين عدم تغطية مبلغ 300 مليون دولار، المخصصة من مصرف لبنان، لشراء الفيول على مدى 3 أشهر القادمة كما كان متوقعا إلى “إرتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية”، شارحا أنه “في العام الماضي كان متوسط سعر البرميل 27 دولارا واليوم هو 75 دولارا، ويمكن أن يقفز إلى أسعار أعلى في حال تعافى العالم من جائحة كورونا، وهذا يعني أن الاعتمادات الملحوظة لم تعد كافية وهذا ما يؤدي إلى تراجع الأموال”.

شمس الدين لـ”جنوبية”: يخشى ان يعتمد لبنان على المولدات بشكل كامل

ماذا عن إستيراد الفيول من العراق الذي جرى الحديث عنه سابقا؟ يجيب شمس الدين:”إستيراد النفط والفيول من العراق هو شائك تقنيا، لأن لبنان من المفروض أن يستورد النفط الخام، ولكن المشكلة أن ليس لديه مصفاة لتكريره، وبالتالي فإن يجب تكريره في مكان ثالث، لجلب الفيول بعدها إلى لبنان، أو أن نبيعه بشكل خام ونشتري بثمنه فيول جاهز، وهذا يعني أن هناك مشكلة تقنية، تحتاج إلى مزيد من الوقت وكمية المليون طن كافية للبنان”.

بناءا على ما تقدم أن لا مفر أمام اللبنانيين سوى الرهان على المولدات الخاصة، لتغطية حاجاتهم من الطاقة الكهربائية، ويشرح شمس الدين أنه “بحسب الاحصاءات في لبنان 3600 من المولدات الكهربائية، يوزعون الاشتراكات على المواطنين، هذا عدا المولدات الخاصة بالمنازل، ونحن نعتمد على هذه المولدات”، معتبرا أن “السؤال هو هل سيكون هناك مازوت لتلبية حاجة هذه المولدات، والنقطة الثانية في حال أن المازوت المدعوم لم يتوفر، وإضطر أصحاب المولدات إلى شرائه من السوق السوداء، فهذا يعني إرتفاع للأسعار”، ويلفت إلى أنه “بالرغم من أن وزارة الاقتصاد شددت في المرحلة السابقة على تركيب عدادات، إلا أن معظم المولدات اليوم تعتمد بنسبة كبيرة، على نظام “المقطوعة” وليس على “العداد” وتقريبا التعرفة المعتمدة هي 500 ألف ليرة ل5 أمبير ومليون ليرة ل10 أمبير، والمشكلة في غياب البديل المواطن مضطر يدفع الفاتورة لأن لا خيارات أمامه”.

ويرى أن “مقاربة موضوع الكهرباء في لبنان، منذ تسعينات القرن الماضي إلى اليوم، كانت مقاربة خاطئة، وكانت تقوم على إنشاء معامل تعمل على الفيول والغاز بدل ان يتعمد على الطاقة المائية مثل معامل مركبا وعبد العال و جون لإنتاج الطاقة الكهربائية”.

ويختم:”لبنان بطبيعته الجغرافية وغناه بالموارد المائية، قادر على توليد كهرباء من الماء من دون تلوث ولكن للاسف المقاربة ذهبت نحو المكان الخطأ”.

محمد شمس الدين
السابق
ترشح مقابلة هاري وميغان مع أوبرا لنيل جائزة «إيمي»
التالي
تصاعد حدة المواجهات في الكولا بين محتجين والجيش.. كرّ وفرّ وتراشق بالحجارة!