بوريل في بيروت مع «العصا والجَزْرة»..حكومة الآن أو عقوبات!

بوريل والحريري

«كما هي» قالها الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية نائب رئيس الاتحاد جوزيب بوريل للقادة السياسيين اللبنانيين في زيارته التي حَمَلَ فيها «رسالة صارمة» حيال الأزمة «المثيرة للقلق» التي تعيشها «بلاد الأرز» والتي جزم بأنها «صناعة وطنية، صنعها اللبنانيون بأنفسهم وفُرضت من الداخل وليس الخارج، وعواقبها على الشعب كبيرة»، محدِّداً خريطة طريق لتفادي الوقوع في الانهيار الكبير ترتكز على «جزْرة» المساعدات بعد تشكيل حكومة تطبّق الإصلاحات «وفور توقيع اتفاقية مع صندوق النقد الدولي» وعلى «عصا» ما أسماه بـ «العقوبات المستهدَفة» والتي «هي قيد الدرس» مع تلميح إلى أنها على طريقة «آخِر الدواء».

وشغلت زيارة بوريل (تنتهي اليوم) بيروت ليس فقط نظراً إلى اللغة الحازمة التي استخدمها، بعد لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، لتوصيف الواقع في «بلاد الأرز» والمَخارج «الوحيدة» لفرْملة الانهيار الشامل، بل أيضاً لأن حركته والمواقف البارزة التي أطلقها عكستْ «أَوْرَبَةَ» الأزمة اللبنانية والحلول الممكنة ومساريْ «الترغيب والترهيب» للطبقة السياسية، وذلك بعدما لم تنجح المبادرة الفرنسية بـ «نُسخها» المختلفة منذ أغسطس الماضي في تشكيل «الرافعة» المطلوبة لوقف «تعميق الحفرة» التي اقتربت من آخِر قعرٍ يفصل عن… جهنّم.

إقرأ أيضاً: «الثنائي» يَتلطى خلف البلديات لإحتكار البنزين..والطوابير «تكسر» بطالة اللبنانيين!

وجاءت محطة بوريل، الذي استهل محادثاته أمس مع عون ثم رئيس البرلمان نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب، عشية اجتماع لجنة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي غداً في لوكسمبورغ (قبل اجتماع المجلس الأوروبي في 24 و 25 الجاري) حيث سيُبحث الوضع اللبناني والخيارات المتاحة في ضوء خلاصاتِ اجتماعات وزير خارجية الاتحاد في بيروت، وسط استبعاد أوساط مطلعة أن تترك هذه الزيارة التي بدت بمثابة «الإنذار الأخير» تأثيراتٍ على «الأفق المسدود» للأزمة التي تتشابك في بُعْدها «العميق» مع الصراع في المنطقة وتالياً اتجاهات الريح فيها، فيما لا تقلّ تعقيداً عناصرها الداخلية سواء ذات الصلة بما بات يُسمى بـ «حرب إلغاء» تكليف الحريري أو بكون «الموْقعة الحكومية» صارت تخاض بخلفية استحقاقات 2022 الانتخابية (النيابية ثم الرئاسية).

الأفق الحكومي مسدود وبري يَمضي برفع السقف وباسيل يقول كلمته اليوم

واعتُبر الكلام الذي أطلقه عون خلال استقباله بوريل، أوّل مؤشر إلى تباين واضح مع المسؤول الأوروبي في مقاربة «أصل» الأزمة ومفتاح تفكيكها وإلى أن «ما كُتب قد كُتب» على صعيد خوض فريقه حتى النهاية معركة «الحكومة وفق شروطنا»، وذلك من خلال تأكيد رئيس الجمهورية على «العقبات الداخلية والخارجية أمام التشكيل» وترحيبه «بأي دعم يقدمه الاتحاد لتشكيل الحكومة» على أن «تنطلق من الأصول الدستورية والأعراف والعادات المنبثقة منذ سنوات»، مشدداً على «خصوصية الوضع اللبناني التي تتطلب مقاربة واقعية وتشاركية وميثاقية في تكوين السلطة التنفيذية».

«انكسار الجَرّة» بين عون و«الوسيط المحلي» بري عبر «الهجمات المتبادلة بالبيانات» التي كانت حتى الأمس القريب من «المحرمات»

ولم يكن هذا الأمر مفاجئاً للأوساط السياسية في ضوء التطورات التي حملتْها الأيام الماضية وأبرزها:

  • «انكسار الجَرّة» بين عون و«الوسيط المحلي» بري عبر «الهجمات المتبادلة بالبيانات» التي كانت حتى الأمس القريب من «المحرمات» والتي اكتملت فصولها مع مقدمة نشرة أخبار محطة «ان بي ان» (تابعة لبري ليل الجمعة) ضدّ «عهد لم يبق منه سوى 500 يوم» ولم ينجح إلا في «بسط سيطرة السوق السوداء وتجويع الناس» وضدّ «تفسيرات في الدستور على مد عينك والنظر ومخالفات لا سمَع فيها ولا بصر»، وهو الهجوم الذي عَكس أن رئيس البرلمان لم يعُد يطرح مبادرته الحكومية (24 وزيراً من الاختصاصيين من غير الحزبيين وفق توزيعة 3 ثمانيات) من باب الوساطة بل كونها «البوابة الوحيدة للحل».
  • إعلان الحريري بوضوح أن «الأولوية هي للتأليف قبل الاعتذار، الذي يبقى خياراً مطروحاً، وهو ليس هروباً من المسؤولية بقدر ما هو عمل وطني، إذا كان يسهّل عملية تأليف حكومة جديدة، يُمكن أن تساهم في إنقاذ البلد»، وهو الموقف الذي يُلاقي ما كانت «الراي» ذكرته في عددها الصادر في 2 يونيو الجاري حول أن الرئيس المكلف يصعب أن يختار إلا اعتذاراً «منظّماً» يكون من ضمن تَفاهُم مسبق على حكومةٍ بات يُرجح أن تكون انتقالية لتتولى تنظيم الانتخابات النيابية.

وفي حين يسود ترقُّب لِما سيعلنه رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل في «أول كلام» بعد انفجار جبهة عون – بري والحريري وهل سيَمْضي في استراتيجية «السلبية المقنّعة بالايجابية» حيال الملف الحكومي أو يندفع نحو «خطاب مسيحي» يطلق عملية استنهاضٍ شعبية تحكم المرحلة الفاصلة عن الانتخابات النيابية (بين مارس ومايو 2022)، أتت مواقف بوريل لتؤكد أن الإحاطة الخارجية بالأزمة اللبنانية تزداد ومرشحة لجولاتٍ من «التشدّد» عبر الخيارات… الزاجرة (العقوبات).

السابق
إطلالة «ملغومة» لباسيل لتبرير التعطيل..وعون يستعيد نغمة «الحكومة السياسية» !
التالي
ماذا يعني إبراهيم رئيسي… رئيساً لإيران؟