حيدر لـ«جنوبية»: السلطة تُحرك «الإتحاد العمالي».. وتُمثل بجثته!

سقطت ورقة التوت عن الاتحاد العمالي العام و الطبقة السياسية معا، فتحركاته والاهداف التي وضعها "تشكيل حكومة إنقاذ" تدل بوضوع على أن السياسيين يتخذونه مطيّة لتبادل الرسائل السياسية بينهم، أما المواطن فهو في واد آخر يعاني الأمرين من أجل الحصول على دواء أو صفيحة بنزين.

يستشهد أحد المخضرمين في العمل النقابي بقول الامام علي “كيف يصلح غيره من لا يصلح نفسه”، في معرض تعليقه على تحركات الإتحاد العمالي العام اليوم إحتجاجا على ما آلت إليه الاوضاع الاقتصادية والسياسية المزرية في لبنان.

وبعيدا من المبالغة، فإن تحرك العمالي على طول البلاد وعرضها، يشي بأن ورقة التوت التي كانت تستره، وتُخفي أيدي السلطة السياسية التي كانت تحركه سقطت، وبات المشهد فاضحا بأن هذا الاتحاد، هو “ألعوبة” في يد الطبقة السياسية، والدليل هو الكلام المكرر الذي أطلقه رئيس الاتحاد بشارة الاسمر، بأن الإضراب هو إحتجاجا على “عدم تشكيل حكومة إنقاذ”، وبتأييد من كافة أحزاب السلطة، بدل أن يكون إحتجاجا على “دخول البلد في الانهيار الشامل والتدهور في دخل اللبنانيين، ومعيشتهم وسكنهم وصحتهم وتعليم أبنائهم، وصرف المئات من العمال من مؤسساتهم وهجرة الآلاف من الشباب إلى بلاد الله الواسعة”.

إذا إضراب اليوم هو مناسبة لتبادل الرسائل المشفرة، بين القوى السياسية عن “الفوضى التي يمكن القيام بها”، في حال تأزمت الأوضاع السياسية بينهم أكثر، من دون خجل أو وجل من شعب، يبدو أنه أُنهك وسئم من التحرك بوجه سلطة، تملك كل الادوات التي تمكنها من دفن أي تحرك يقوم به، والشواهد على ذلك كثيرة وفي محطات متعددة منذ العام 2015 وحتى 17 تشرين 2019، ناهيك عن القضم المتدرج لنقابات الاتحاد العمالي العام، التي كانت تتميز بنفس إعتراضي على سياسات طبقة السلطة، الذي بدأ منذ تسعينات القرن الماضي وإستبدالها بأُخرى كاملة الولاء والطاعة، لتنفيذ كل إجراءات إطباق السلطة على أي تحرك إعتراضي يٌطلق في وجهها.

خطابات الاحزاب التي ألقيت في المناطق اليوم أثناء الاعتصامات والتي جرى فيها تقاذف المسؤوليات على جري العادة

ولذلك يمكن وضع إضراب اليوم في خانة لزوم ما لا يلزم بالنسبة للمواطن العادي، الذي لن يشعر بفرق بين ما قبل يوم الاضراب وما بعده، فالغلاء يلتهم إمكاناته المالية يوميا والاحساس بالذل سيظل يرافقه عند ذهابه لشراء دواء أو إحتاج إلى دخول مستشفى، أو تعبئة صفيحة بنزين، والدليل، على أن لا شيء سيتغير قيد أنملة، هو في خطابات الاحزاب التي ألقيت في المناطق اليوم أثناء الاعتصامات، والتي جرى فيها تقاذف المسؤوليات على جري العادة و تحميل الطرف الاخر مسؤولية ما ستؤول إليه الامور.

صرخة في برية

يوافق النقابي محمود حيدر (التحالف الاجتماعي) على أن إضراب اليوم هو صرخة في برية، ولا علاقة له بالمطالب الحقيقية التي تعني الشعب اللبناني، بل هي جزء من تمثيل الطبقة السياسية بجثة الاتحاد العمالي العام الذي قتلوه في محطات مطلبية سابقة، ويقول ل”جنوبية”: “دعوة الاتحاد العمالي العام للإضراب ليس مفاجئة، كونه إتحاد السلطة ويأتمر بأوامرها وبما يخدم مصالحها، وفسادها وإصرارها على نفس السياسات التي كانت السبب لكل ما نعيشه من إنهيار شامل على كل الصعد”، لافتا إلى أن “الاتحاد العمالي كان في سبات عميق قبل ثورة 17 تشرين، بدءا من تحركات لإسقاط النظام الطائفي وهيئة التنسيق النقابية 2015 والحراك الوطني للإنقاذ وما رافقها من تحذيرات بأن سياسة السلطة ستوصلنا إلى ما وصلنا إليه”. 

إضراب اليوم هو صرخة في برية ولا علاقة له بالمطالب الحقيقية التي تعني الشعب اللبناني، بل تمثيل الطبقة السياسية بجثة الاتحاد العمالي العام

يسأل حيدر “أين كان الاتحاد العمالي العام في هذه التحركات وفي هذه المحطات الرئيسية  وفي 17 تشرين؟ فبناء على هذه التجارب التي كنا نتابعها، نرى أن أداء الاتحاد لم يوصل إلى نتيجة لأن قيادته وتركيبته ومحاولات تفريخه (625 نقابة)، هدفت إلى وضع اليد عليه من قبل السلطة والقيام بما يحلو لها وتفريغه من مضمونه، والغاء كل إمكانية للرقابة والمحاسبة، من قبل هذه الاتحادات والنقابات لتنهب وتفسد كما يحلو لها والتغطية على موبقاتهم”.

إقرأ أيضاً: حزب الله «يَهرب» من الشارع..مشاركة جنوبية خجولة في «تظاهرة العمالي»!

و يرى أنه “من الطبيعي أن لا يكون لتحرك إتحاد العمالي اليوم أي صدى شعبي، أولا نتيجة غيابه عن المحطات المعيشية الكبرى، وعدم قيامه بدوره لناحية حمل قضايا العمال والمستخدمين، مما أفقده ثقة الناس فيه، كما أن أكثرية النقابات التي تم تفريخها لا قاعدة شعبية لها”، مشددا على أن “الفراغ  في الحركة النقابية والاجتماعية والمهنية لمواجهة هذه السلطة، أوصلت الازمة إلى هذا الحد، ولهذا كان إطلاق (التحالف الاجتماعي) يوم السبت الماضي بهدف بناء حركة نقابية مستقلة تغطي كل القطاعات  وتكون بديلا عن هذا الاتحاد التابع للسلطة”.

ويشرح أن “التحالف سيقوم بدوره على قاعدة أهداف واضحة ومشتركة لمواجهة هذه السلطة، كي ترفع يدها عن الحركة النقابية كي تأخذ دورها في عملية المواجهة إلى جانب القوى الوطنية”.

ويختم:”هدفنا التغيير في موازين القوى، وفرض حكومة إنتقالية من خارج هذه المنظومة الفاسدة، لوقف الانهيار ومعالجة الازمات التي سببتها هذه المنظومة”.

السابق
محمد رمضان يثير الجدل بإلقائه كتب وصحف على الأرض في كليبه الجديد
التالي
ردّ على منشور ينتحل صفة مكتب الشيخ طراد: «وقفية المسجد ليست لحزب الله»!