الدولار « يطير» بجناحيه المغترب..و«حزب الله» المقيم!

الاحصاءات تؤكد ان ثلث ال عائلات اللبنانية يصلها تحويلات من الخارج، وذلك عبر الأبناء والأقارب الذين يعملون في المغتربات، في حين أن حزب الله الذي يصرف شهريا عشرات آلاف الرواتب لمتفرغيه ومحازبيه وموظفيه العاملين في مؤسساته الخاصة، ومنها بالدولار الاميركي، يُعزى له "الفضل" أيضا في تزويد السوق اللبنانية بالعملة الصعبة، وهو ما يمنع الانهيار الكامل.. ولكن "كله بثمنه"!

يستطيع أي لبناني ان يتلمس صعوبة الحصول على العملة الصعبة، بسبب الازمة الاقتصادية التي ضربت لبنان نهاية عام 2019، وذلك مع انهيار العملة الوطنية لتصل حدّ 13 الف ليرة للدولار الواحد.  

ويقول اقتصاديون ان التحويلات الخارجية الى لبنان التي تقدّر بـ ٥ مليون دولار يوميا، هي التي تبقي سعر الدولار ثابتا منذ شهور على حدود 13 الف ليرة، وذلك بعد احجام المصرف المركزي عن دعم العملة. 

وكشفت بيانات جديدة للبنك الدولي أنّ لبنان جاء في المركز الثالث عربياً، من حيث الدول التي تلقت تحويلات مالية من الخارج في العام 2020. ووفقاً للأرقام، فإن لبنان تلقى تحويلات مالية بقيمة 6.2 مليار دولار، وذلك في خضم الأزمة المالية التي يعيشها، وتشمل هذه التحويلات الاعمال التجارية، اضافة الى مساعدات المغتربين النقدية الى ذويهم. 

رواتب “حزب الله” 

يقول احد التقارير الغربية  الصادر عن “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”عام 2018، بأن «حزب الله اللبناني يتلقى ما بين 700 إلى 800 مليون دولار سنوياً من إيران وذلك لتمويل الأنشطة الإرهابية»، وذلك بحسب تغريدة لتيلور ستابلتون، المتخصص في العلاقات الخارجية والشرق الأوسط. 

حال الجنوبيين في لبنان الذين يعيشون في بيروت وضاحيتها كما في الجنوب هو صورة ليست مختلفة كليا عن حالة باقي الشرائح اللبنانية

هذه الاموال غير المنظورة التي تدخل الى لبنان، ويتم صرفها كمدفوعات لآلاف المحازبين العسكريين، وغيرهم من الموظفين العاملين في مؤسسات حزب الله التربوية والصحية والاعلامية والاجتماعية والدينية، تنعش شريحة لا بأس بها من بيئة حزب الله بشكل اساسي، لتنعكس على مجمل الاقتصاد اللبناني “ايجابا” بطريقة غير مباشرة، بفعل الدورة الاقتصادية التي ما زالت نشطة بين مختلف المناطق، رغم ضعفها نسبيا قياسا على فترات الازدهار. 

الاموال غير المنظورة التي تدخل الى لبنان من ايران الى حزب الله تصرف كمدفوعات لآلاف المحازبين العسكريين

ويقول احد القاطنين في الضاحية الجنوبية لبيروت لـ “جنوبية” ويدعى حسن، ان جاره يعيش عيشة مرفهة لأن ولديه وهما شابان في مقتبل العمر، متفرغان عسكريا في حزب الله ويقبضان 2000 دولار من الحزب، فلم يعد يتكل جاره على راتبه الذي تضاءل لتصبح قيمته اقل من 200 دولار. 

إقرأ ايضاً: الجنوب «عطشان».. و«الصهريج» يصل إلى 50 ألف ليرة!

ويلفت حسن ان كبار الموظفين من المدراء واصحاب المراكز الكبيرة معاناتهم أقل من معاناة صغار الموظفين، لان العائلة الان تحتاج لحوالي 500 دولار في ظل قانون دعم الطحين والمحروقات كي تعيش فوق مستوى خط الفقر، وهو متوفر تقريبا في رواتب هؤلاء الموظفين الكبار وما يحصلون عليه من اضافات و “براني” عند البعض، أي خدمات مقابل رشاوى على الطريقة اللبنانية! 

تحويلات المغتربين 

بالمقابل أحد الموظفين المتقاعدين القاطنين في مدينة صور، يقول ل “جنوبية”، انه ما زال يحتفظ بخدمات عاملة المنزل التي تتقاضى 200 دولار شهريا منه، مع ان معاشه التقاعدي اصبح اقل من هذا المبلغ. 

ويشرح لنا الموظف المتقاعد محمد، ان سبب احتفاظه بعاملة المنزل هو مرضه من وزوجته من ناحية، وعجزهما عن القيام بأعباء المنزل، وكذلك الحوالة التي ترده شهريا من الخليج من ولده بقيمة 500 دولار، يستطيع من خلالها دفع راتب عاملة المنزل وتأمين الجزء الاكبر من مصروف المنزل، بعد تهاوي قيمة راتبه الى اقل من ربع قيمته بفعل انهيار العملة”. 

ويبدي محمد خشيته “من عودة القانون الجائر، الذي منع العام الماضي لفترة عدة شهور، من قبض الحوالات الخارجية بالدولار، ويقول انه لو استمر هذا القانون لكانت الكارثة قد وقعت فعلا، مؤكدا بتحليله الخاص، “ان اموال المغتربين هي التي تمنع العملة من الانهيار اكثر، فهو يصرف شهريا 300 دولار من حوالة نجله في السوق اللبناني، كي يعتاش ويؤمن مصاريفه الطبيعية وعائلته، وهناك آلاف العائلات تصلها عملة صعبة كما هو حاله، وبالتالي فاننا “سوف نبقى مستورين ببركة اموال المغتربين” كما  يقول متفائلا الموظف المتقاعد! 

وبالنتيجة فان حال الجنوبيين في لبنان الذين يعيشون في بيروت وضاحيتها كما في الجنوب، هو صورة ليست مختلفة كليا عن حالة باقي الشرائح اللبنانية، فالاغتراب اصبح طموح معظم الشباب اللبناني، غير ان الوطن الذي تخلى عن ابنائه ونبذهم، يرفض ابناؤه بالمقابل التخلي عنه، ويردد الكثير منهم ان اموالهم التي يعود جزء منها الى وطنهم لاعالة الاهل ليس هو الطموح، وانما طموحهم هو العودة لاعادة بناء الوطن بعد ازالة الطبقة السياسية الحاكمة التي تستبد بلبنان بفعل غياب القانون وهيمنة النظام الطائفي.

السابق
عداد «كورونا»: إنخفاض الإصابات وإرتفاع طفيف للوفيات..191 حالة جديدة و6 ضحايا!
التالي
يوميات لبناني في زمن الازمة..ألبسة مستعملة و«تقنين» في اللحوم والأجبان والحلويات!