تحت إشراف الحرس الثوري و«حزب الله»..250 مقاتلاً عراقياً تدرّبوا في لبنان!

ميليشات الحشد تابعة لايران

انتقت إيران، مئات من المقاتلين الذين يحظون بثقتها من بين كوادر أغلب الفصائل القوية الحليفة لها في العراق، لتشكل جماعات نخبوية أصغر حجماً شديدة الولاء لها، متحولة بذلك عن اعتمادها على جماعات كبيرة كان لها في وقت من الأوقات نفوذ عليها.

وتم تدريب الجماعات السرية الجديدة العام الماضي على حرب الطائرات المسيرة والاستطلاع والدعاية الإلكترونية، وهي تأتمر بأمر ضباط في «فيلق القدس» ذراع الحرس الثوري المسيطر على الفصائل المتحالفة مع إيران في الخارج.

وتكشف روايات مسؤولين أمنيين عراقيين وقادة فصائل ومصادر ديبلوماسية وعسكرية غربية، أن هذه الجماعات مسؤولة عن سلسلة من الهجمات المعقدة على نحو متزايد التي استهدفت الولايات المتحدة وحلفاءها.

الايرانيون شكّلوا جماعات جديدة من الأفراد العراقيين المنتقين بعناية كبيرة لتنفيذ هجمات والحفاظ على السرية التامة

ويعكس هذا الأسلوب، رد إيران على ما شهدته من انتكاسات وعلى رأسها مقتل قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني بهجوم صاروخي أميركي بطائرة مسيرة أوائل العام الماضي في بغداد.

ولم يكن إسماعيل قاآني، الذي خلفه في قيادة «فيلق القدس»، ملما بخبايا السياسة الداخلية في العراق ولم يكن له قط النفوذ ذاته الذي تمتع به سليماني على الفصائل.

كذلك اضطرت الفصائل الكبرى الموالية لطهران في العراق إلى تحاشي الأضواء بعد رد فعل سلبي شعبي أثار تظاهرات واسعة احتجاجا على النفوذ الإيراني في أواخر 2019.

وقد منيت تلك الفصائل بانقسامات بعد مقتل سليماني، ورأت إيران أن السيطرة عليها تزداد صعوبة.

غير أن التحول إلى الاعتماد على جماعات أصغر يحمل في طياته ميزات تكتيكية.

فهي أقل عرضة للاختراق وربما يتأكد أنها أكثر فاعلية في استخدام أحدث الأساليب التي طورتها إيران لاستهداف خصومها مثل الطائرات المسيرة المسلحة.

إقرأ ايضاً: خاص «جنوبية»: البخاري متفائل بعودة تصدير البضائع إلى السعودية..والكرة في ملعب عون!

وقال مسؤول أمني عراقي «الفصائل الجديدة مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالحرس الثوري. فهي تتلقى أوامرها منه لا من أي طرف عراقي».

وأكد هذه الرواية مسؤول أمني عراقي ثان وثلاثة قادة في فصائل أكبر موالية لطهران لها نشاط معروف ومسؤول في الحكومة العراقية وديبلوماسي غربي ومصدر عسكري غربي.

وقال أحد قادة الفصائل الموالية لإيران، «يبدو أن الإيرانيين شكّلوا جماعات جديدة من الأفراد المنتقين بعناية كبيرة لتنفيذ هجمات والحفاظ على السرية التامة. ونحن لا نعرف من هم».

وذكر المسؤولان الأمنيان العراقيان، أن 250 مقاتلاً على الأقل سافروا إلى لبنان على مدار أشهر في 2020 حيث تولى مستشارون من الحرس الثوري و«حزب الله» تدريبهم على استخدام «الدرونز» وإطلاق الصواريخ وزرع القنابل والترويج لأنباء الهجمات على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال أحد المسؤولين الأمنيين «الفصائل الجديدة تعمل سرا ويأتمر قادتها غير المعروفين مباشرة بأوامر ضباط الحرس الثوري».

«الفصائل العراقية الجديدة الموالية لايران تعمل سرا ويأتمر قادتها غير المعروفين مباشرة بأوامر ضباط الحرس الثوري

وتابع المسؤولان الأمنيان العراقيان والمصادر الغربية ان الجماعات الجديدة تقف وراء هجمات من بينها هجوم على قوات تعمل بقيادة أميركية في قاعدة عين الأسد العراقية في مايو الجاري، والهجوم على مطار أربيل الدولي في أبريل، وعلى السعودية في يناير، وكلها باستخدام الطائرات المسيرة المحملة بالمتفجرات.

ولم تسفر تلك الهجمات عن خسائر في الأرواح، لكنها أثارت انزعاج المسؤولين العسكريين الغربيين لشدة تطورها.

ولم يرد مسؤولون إيرانيون وممثلون للحكومة العراقية والفصائل الموالية لإيران والجيش الأميركي على طلبات للتعليق. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها لا تستطيع التعليق.

وقد ساندت إيران فصائل كبيرة مثل «كتائب حزب الله» و«كتائب سيد الشهداء» و«عصائب أهل الحق»، وكلها فصائل قادرة على نشر آلاف من المقاتلين المسلحين وتتمتع بوضع شبه رسمي، للمساعدة في محاربة تنظيم «داعش».

غير أن قادة فصائل قالوا إن المسؤولين في طهران أصبحوا، بعد مقتل سليماني وبعد الربط علنا بين المتظاهرين المحتجين على الفصائل وبين طهران، يرتابون في بعض الفصائل التي تعهدوها بالرعاية وتراجع دعمهم لها.

وأضاف أحد القادة «اعتقدوا أن تسريبات من أحد الفصائل ساعدت في التسبب في مقتل سليماني ورأوا انقسامات على مصالح شخصية ونفوذ في ما بينها».

وقال آخر «تراجعت الاجتماعات والاتصالات بيننا وبين الإيرانيين. لم نعد نعقد اجتماعات منتظمة وتوقفوا هم عن دعوتنا إلى إيران».

وذكر المسؤولان الأمنيان العراقيان ومسؤول حكومي وقادة الفصائل الثلاثة ان «فيلق القدس بدأ بفصل العناصر الموثوق فيها عن الفصائل الرئيسية بعد شهور من مقتل سليماني».

ويعكس التحول عن دعم حركات شعبية إلى الاعتماد على كوادر أصغر يسهل إحكام السيطرة عليها، استراتيجية اتبعتها إيران من قبل.

ففي ذروة الاحتلال الأميركي للعراق خلال الفترة 2005 – 2007، شكلت طهران خلايا أثبتت فعاليتها الكبيرة في نشر القنابل المتطورة لاختراق الدروع الأميركية.

والتصدي للطائرات المسيرة التي يستخدمها حلفاء إيران في شن هجمات أو رصدها، أكثر صعوبة بكثير من نيران الصواريخ العادية، الأمر الذي يزيد الخطر الذي تمثله على القوات الأميركية المتبقية في العراق وقوامها 2500 جندي.

وفي أبريل، قال قائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال كينيث ماكينزي، بعد الهجوم الذي شهدته أربيل إن إيران حققت «إنجازات كبيرة» من استثمارها في «الدرونز».

وفي العام الماضي، بدأت جماعات لم تكن معروفة من قبل إصدار بيانات تعلن فيها مسؤوليتها في أعقاب هجمات بالصواريخ وقنابل مزروعة في الطرق.

وفي كثير من الأحوال كان المسؤولون الغربيون وتقارير الباحثين الأكاديميين يعتبرون هذه الجماعات الجديدة مجرد واجهات لـ«كتائب حزب الله» أو أي فصيل آخر معروف.

غير أن المصادر العراقية أكدت ان هذه الجماعات منفصلة فعليا وتعمل بشكل مستقل.

وقال المسؤول في الحكومة العراقية «يحاولون في ظل قاآني إنشاء جماعات من بضع مئات من الرجال من هنا وهناك بهدف أن تكون موالية فقط لفيلق القدس. جيل جديد».

السابق
عون – الحريري من «عض الأصابع» إلى «تكسير العظام»!
التالي
تجدد السجال العوني ـ القواتي على خلفية ملف النازحين السوريين