من القدس الى غزة.. الكل «يربح» وفلسطين «تترقّب»!

علي الامين
أما وقد وضعت "حرب الأسبوع الإسرائيلي الطاحن" أوزارها من القدس الى غزة، على قاعدة win win" situation"، إذ ان الجميع "يربح" بحسب ما آلت اليه خارطة طريق المكاسب السياسية المرسومة. لكن ثمة خسارة فادحة دوما، خارج معادلة الانتصارات "الحقيقة والوهمية"، تقع على الشعب الفلسطيني الذي تسيل دماء كباره وصغاره، وتُسوى بيوته بالأرض جراء آلة الدمار الإسرائيلية، وما يستتبعها من مواجهات على الجبهات الصاروخية المتقابلة.

إذاً، انتهت المواجهة العسكرية بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة الى هدنة من دون شروط. وقد جاءت بعد تدخل اميركي مباشر وحاسم، فرض على رئيس الحكومة الاسرائيلية المستقيل الالتزام بها، من دون ان يحقق انتصارا واضحا، يتيح له القول انه حسم المعركة العسكرية ضد حركة “حماس”، وبالتالي معركته السياسية من اجل العودة الى رئاسة الحكومة، كملك من ملوك اسرائيل.
في المعلومات المتداولة ايضا داخل دوائر السلطة الفلسطينية في رام الله، ان الانتفاضة الفلسطينية في الضفة، اقلقت واشنطن كما الحكومة الاسرائيلية، من جراء تحركات الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وهو قلق من نشوء دينامية فلسطينية، تكمن قوتها في قوة تأثير القضية عالميا، وفي خطر الاخلال بالأولويات الاميركية في المنطقة، وهو ما عجل بحسم الهدنة من دون خلل في تطبيقها واحترامها.

إقرأ أيضاً: «حزب الله».. صواريخ غير «دقيقة» تُحصن «قواعد الإشتباك» مع «حبة مسك»!

من المبكر حسم ما سيؤول اليه مستقبل بنيامين نتنياهو في الحكومة المنتظرة في اسرائيل، لكن من الممكن القول ان “حماس” حققت مكاسب مهمة في هذه المواجهة، وفرضت حضورها على المستوى الفلسطيني، كحركة استطاعت الرد على العنجهية الاسرائيلية، وساهمت في رد الاعتبار للوحدة الفلسطينية بين الضفة الغربية والقدس وغزة، ولكن ايضا يبقى ذلك رهن ما ستشهده الأيام المقبلة، من تطورات في كيفية تعامل “حماس”مع التحديات سواء تلك المتصلة بالداخل الفلسطيني، او تلك المتصلة بمستقبل المفاوضات مع اسرائيل والعلاقة مع المجتمع الدولي، بما فيها الدائرة الاقليمية على اختلاف التوجهات بين دول الاقليم.

الهدنة التي فرضها الرئيس الاميركي، جرت صياغتها هذه المرة بأنامل مصرية وقطرية، حيث لعبت الأخيرة دورا مشابها لقناة التواصل بين الأميركيين وحركة طالبان بشأن افغانستان، وكذلك مصر التي لعبت دورا محورياً في الهدنة، استثمرت دورها الفاعل الجديد بزخم العلاقة المتنامية مع تركيا وقطر.

اعلان الهدنة هو استباق لبروز دينامية فلسطينية سيعزز من العوائق امام انجاز اتفاق نووي مع ايران

وما دفع واشنطن الى ممارسة الضغوط، وتنشيط الحركة الدبلوماسية بين الاطراف المؤثرة لوقف العمليات العسكرية امران، الأول عجز اسرائيل عن حسم المعركة بوقت سريع، والثاني، ادراك جو بايدن أن اطالة المواجهة العسكرية، سينعكس سلبا على مسار مفاوضات فيينا، وهي الأولوية التي وضعتها ادارته على طاولة الشرق الأوسط، لانجازها. وبالتالي كان اعلان الهدنة هو استباق لبروز دينامية فلسطينية بامتداد اقليمي ودولي، سيعزز من العوائق امام انجاز اتفاق نووي مع ايران.

ايران يناسبها حرب محدودة وسريعة من دون انتصار اسرائيلي على ان يوفر لها فرص تفاوض افضل في فيينا

في المقابل ايضا ايران لم تكن من دعاة اطالة عمر المواجهة، فهي كذلك لا تريد ان تتسبب المواجهة بعرقلة فرص التوصل لاتفاق نووي جديد مع واشنطن، فايران يناسبها حرب محدودة وسريعة من دون انتصار اسرائيلي، باعتبار ان ذلك يمكن ان يوفر لها فرص تفاوض افضل في فيينا.

المهم ان “حماس” كامتداد لتنظيم الاخوان المسلمين، ادارت علاقاتها الاقليمية بـ”براغماتية عالية”، على حد تعبير مقربين من السلطة الفلسطينية، وهي استخدمت ايران كما استخدمتها، وفتحت بابا واسعا على مصر، كما حرص رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنية، ان يعلن الانتصار في الحرب من اسطنبول، بعد ان تابعها من قطر، تمهيدا للزيارة المرتقبة الى القاهرة، التي يرجح ان تكون بعد اشادة بايدن بدور القيادة المصرية، المعبر السياسي لانجاز المرحلة المقبلة، بعناوينها الاعمارية والسياسية والأمنية كما تطمح واشنطن ايضا.

الرئيس عبد الفتاح السيسي كان اعلن عن تقديم نصف مليار دولار لاعادة اعمار غزة قبل ايام، وهو اعلان سياسي مفاده ان غزة لن تكون خارج المضلة المصرية مستقبلا، وهو ما سيكون محل اختبار هذه المرة، على وقع العلاقات مع مصر وقطر بالدرجة الأولى ودور واشنطن فيها.

السؤال الذي قد يطرح من قبل البعض، هو ما الهدف الذي دفع “حماس” لتفجير حرب الصواريخ مع اسرائيل؟

يعتقد متابعون فلسطينيون من داخل فلسطين لـ”جنوبية”، ان “حماس” ارادت من تفجير المواجهة، الخروج من المأزق الذي كانت تعانيه في غزة، بسبب الحصار الاسرائيلي والاقليمي والدولي، واعادة الحرارة الى العلاقة مع واشنطن ولو بوساطات قطرية وتركية”. لاحظت ان “تركيا كانت شديدة الالتزام بعدم تقديم اي معونة عسكرية لـ”حماس”، لكنها كانت تنشط على فتح القنوات مع الاميركيين، بما يساهم في تخفيف الحصار عن حلفائها في غزة”.

“حماس” ارادت من تفجير المواجهة الخروج من المأزق الذي كانت تعانيه في غزة

ولفت المتابعون الى ان “اطراف السلطة الفلسطينية في رام الله تراهن على الموقف الاميركي، الذي اعتبر ان التنسيق مع الفلسطينيين بشأن غزة وملفات اخرى سيكون عبر السلطة”.

و كشفوا ان السلطة “بادرت سريعا ، وربما استباقا لأي خطوات تهمشها ميدانيا، الى استمزاج رأي قيادة “حماس” لتشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها الحركة، لديها ثلاث مهمات:

  • ١- اعادة اعمار غزة
  • ٢- لملمة الشتات السياسي الداخلي
  • ٣- الاتفاق على مشروع تفاوضي مع اسرائيل بحاضنة عربية واسلامية ودولية

فرص استثمار الهبة الفلسطينية والعربية والعالمية بما يتيح تحقيق فرص سياسية للفلسطينيين

وختم المتابعون ان “فرص استثمار الهبة الفلسطينية والعربية والعالمية، لا يمكن ان تُغيّب ادارة العلاقة مع الدول المؤثرة، بما يتيح تحقيق فرص سياسية للفلسطينيين، ترسخ مقولة انهاء صفقة القرن والعودة الى طاولة المفاوضات”.

السابق
إدانة سعودية للإعتداءات اسرائيل في القدس.. وهكذا علّقت على وقف إطلاق النار!
التالي
المغتربون «يُرشّدون» إنفاق دولاراتهم..وحزب الله «يحرس» محطاته جنوباً!