بادية هاني فحص تكتب عن عادات حي السراي الرمضانية.. ذكريات لا تُنسى!

هلال رمضان

الحنين العابق بالذكريات الرمضانية المعشعشة في زوايا “حي السراي” في النبطية والطقوس الرمضانية في القرى الجنوبية، محطة في منشور لبادية هاني فحص على صفحتها على الفايسبوك.

وكتبت فحص تقول :” أفطر كل مساء، من دون أن أسمع صوت المؤذن، الساعة على الحائط حلت مكان الأذان، في الحي الذي أقطن فيه، لا يوجد إلا مسجد واحد وبعيد، لا يصلنا صخبه، وهذا لعمري أفضل ما حصل معي في غربتي.

لكني وللحقيقة أفتقد صوت الشيخ باقر، مؤذن حي السراي، عبالي أسمع تلعثمه في كل ما ينطق به على الميكرفون، فتتحول المهابة المفترضة لطقوس الشهر الكريم، إلى نكات يتندر بها أهل الحي.

أفتقد لصوت المدفع المنصوب على البيدر، يحشوه الحاج خضر بالبارود، ويجهزه للحظة الصفر، ولا مرة زبطت معه، فإما يدوي قبل الإفطار وإما بعده.

أفتقد لقطايف أبو شقرا، العجينة الرقيقة الهشة، التي لا نظير لها عند أي حلونجي بالعالم، يصبها بالقلوب لا بالقوالب، على الصفيح الساخن، فتخرج بيضاء شهية للناظرين.

أفتقد لصوت “بريش” وطبلته، عند السحور، وهو يذكر أسماء الأطفال في الحي اسما اسما، ويشدو بأعلى صوته: من معجزات النبي، الحمامة باضت ع باب الغار، والورد فتح كرامة للنبي المختار.

أفتقد لرؤية الهلال وهو يكبر ليلة إثر ليلة، ويظل يكبر ويتضخم حتى ليلة العيد، مثل امرأة حبلى على وشك الولادة.

أفتقد عجقة السوق في ليالي العيد، الألوان، الأصوات، الروائح، بكاء الأطفال أمام واجهات محال الألعاب وخناقات الأمهات مع بياعي الثياب.

أفتقد الجارات والصديقات وهن يخترن إحدى عائلات الحي، ليمررن لها “الفطرة” بحب حقيقي وحرص شديد على حفظ الكرامة.

إقرأ أيضاً: طابعان عن حرمون وأشمون من «أيام لبنان في باريس»

أفتقد كركعة الصحون والملاعق والهدوء غير الحذر، الذي يسود ساعة الإفطار، وجملة جارنا التي يرددها كل ليلة في مثل هذا الوقت: لو بتجي إسرائيل هلق ما حدا بيردها.

أفتقد شرفتي، أخرج إلى فضائها، بعد الإفطار، تؤنسني رفيقتي “أم كلثوم” وهي تغني لحبيب لم يعرف يوما “معنى الحب إيه”، ليلة، وليلة أخرى تعاتبه معترفة “انا وانت ظلمنا الحب”، وثالثة تسأله سؤالا استنكاريا، تعرف في داخلها، جوابه مسبقا: أغدا ألقاك؟؟

كل رمضان وانتو بخير. وانا سأكون بخير، رغم اني بلا قمر ولا شجر ولا بشر مما كان لي!

السابق
طابعان عن حرمون وأشمون من «أيام لبنان في باريس»
التالي
رفع الدعم يبدأ «تحت الطاولة» وبطاقة دياب «تفنيصة»..وأسبوع حاسم: الحكومة أو الإعتذار!