أسواق صور «تصارع» من أجل البقاء..والمحال «وجوه و إقفال»!

اسواق صور "تصوفر"
لا يختلف المشهد الاقتصادي والحياتي الجنوبي والصوري تحديدا عن غالبية المدن اللبنانية ، فمسلسل اقفال عدد كبير من المؤسسات يتواصل في قطاعات تجارية عديدة مثل الالبسة والاحذية والمطاعم وادوات التجميل، وحتى الافران "والدكاكين " الصغيرة في وقت تنبت فيه مؤسسات بيع المواد الغذائية واداوت التنظيف والتعقيم التي يحتاجها المواطن بشكل يومي، وانتعاش بعض الحرف والاشغال التي كانت شبه مندثرة التي وفرت فرص عمل محدودة.

ففي صور التي كان يسجل فيها نشاطا اقتصاديا مرتفعا، لما تتمتع فيه من عوامل جذب واستثمارات في قطاعات التجارة والسياحة والخدمات، تحارب معظم المؤسسات من اجل الاستمرار والتكيف مع نسبة الارباح الضئيلة ، بما يتماشى مع قدرة وامكانات الميسورين نسبيا، وليس الفقراء الذين هجروا المحال الجديدة، الى اخرى تبيع الالبسة والاحذية المستعملة وسندويش الفلافل.

تراجع حركة الاسواق

ترصد العين في السوق التجاري القديم ،اقفال نسبة قليلة من المؤسسات، التي كان يدفع عدد من  مستثمريها ايجارات عالية، بينما يحافظ العدد الاكبر على نظام عمله، بالرغم من تراجع حركة الاسواق نحو ثمانين بالمئة  ، نتيجة دفعهم بدلات ايجار قديمة او ملكيتهم للمحال، ومن بينها محال الذهب والمجوهرات، كما هو الحال في شارع الحسبة القديمة.

ولكن اللافت القديم الجديد (اي منذ اكثر من سنة)، الارتفاع المتواصل في اقفال عشرات المحال لابوابها في شارع ابو ديب ومتفرعاته في حي الرمل، جراء بدلات الايجارات الكبيرة وانكفاء حركة البيع والشراء، وصولا الى جائحة كورونا والاجراءات المواكبة لها، لا سيما قرارات الاغلاق المتنقلة، التي حرمت هؤلاء من الايفاء بالتزامتهم.

 أما المطاعم والمقاهي على الكورنيش الجنوبي، لا تزال تحافظ الى حد كبير من استمرارية أغلبيتها، رغم الكلفة التشغيلية العالية لهذا القطاع، وذلك بانتظار حل ما، لا يبدو في الافق القريب على حد تعبير رئيس جمعية تجار صور ديب بدوي الذي يملك واحدا من اقدم المطاعم في صور “ابو ديب” الذي اصبح الشارع الموجود فيه على اسمه.

يؤكد بدوي ل “جنوبية” :ان الوضع من سيء الى أسوأ في ظل سقوط الليرة مقابل الدولار، والنكبات المتواصلة في البلد وجائحة كورونا ،وايضا غياب اي بارقة امل الى الان ليس بالتحسن ،لا بل بوقف التدهور الذي يقضي على طبقات اجتماعية باكملها”.

بدوي لـ “جنوبية”: الوضع من سيء الى أسوأ في ظل سقوط الليرة مقابل الدولار

واضاف:” ان ما يسجل في صور هو نفسه في باقي المناطق الجنوبية ولبنان عموما، وعلى سبيل المثال، فان قطاع الالبسة وهو الاكبر، تراجع اكثر من ثمانين بالمئة، وكل المؤسسات التي ما زالت تعمل لا تحصل الاكلاف من اجور عمال وموظفين وبدلات ايجار قديمة وفواتير كهرباء”، لافتا الى ان “المحال الكبيرة في صور التي وصل ايجارها الى اكثر من خمسة آلاف دولارشهريا ، كان يدفعها المستأجر حين كانت الاوضاع والاشغال “ماشية”، لكن ذات المحال لا  يقدم على استئجارها احد ولو بخمسماية دولار”، مؤكدا ان “القطاع الوحيد المزدهر حاليا هو بيع المواد الغذائية وتوابعها، بحيث تضاعف نشاط هذا القطاع بشكل كبير”.

إقرأ ايضاً: لبنان «يداوي العراق وهو عليل»..والحكومة بين العيدين؟

ويمارس عماد نعنوع نشاطه التجاري في سوق صور القديم منذ حوالي اربعين عاما في محله الخاص ببيع الاحذية، ويقول ل “جنوبية”، لا يوجد وصف للحالة التي وصلنا اليها غير “تعتير”، فقد انخفض عملنا الى ما يقارب ثمانين بالمئة، جراء الارتفاع الكبير في الاسعار، بسبب سقوط الليرة مقابل الدولار، وتبخرت القدرة الشرائية للمواطنين مهما كان دخلهم وانتاجهم سواء من الموظفين او العمال”. 

ويتابع نعنوع ” اما الذي يدفع بدلا لايجار محله على سعر الدولار الرسمي، فلولا المغتربين او تحويلاتهم لاقاربهم وبعض الفئات التي تقبض بالدولار، لكان وصل عملنا الى الصفر لان اي قطعة لا تقل عن العشرين دولارا”.

تاجر احذية: الحالة التي وصلنا اليها “تعتير” ولا يقل سعر اي قطعة عن العشرين دولارا

وأشار  الى ان “وجوه الناس العاديين الذين كانوا يرتادون المحال، قد غابت بنسبة كبيرة لعدم قدرتهم على شراء البسة او احذية جديدة، وكل ما يطمحون اليه توفير الحاجات الضرورية الطعام لاولادهم”.

في مقابل كل هذا التردي الحاصل في الاسواق، كان اللافت عودة بعض المؤسسات الى فتح ابوابها في احد اكبر الاسواق التجارية المستحدثة “الساحلي ” في منطقة العباسية على مدخل صور، فبعد ان بلغت نسبة الاقفال ما يقارب الثلاثين في المئة، سجل الشهر الحالي استمرار الاقفال لحوالي عشرة بالمئة من المحال فقط وغالبيتها من المطاعم، ويعيد العدد الكبير من اصحاب تلك المؤسسات اسباب العودة، الى محاولة التكيف مع الاوضاع وعدم وجود بدائل لاعمالهم، ودفع بدلات الايجار الكبيرة في السوق بواسطة الشيكات”.

السابق
المنخفض الجوي ينحسر..الربيع يَسود في الاجواء!
التالي
جريمة صباحية مروعة في النبطية..إبتزه فقتله وسلّم نفسه!