«أمل» تخرج من سباق «حزب الله».. للعقوبات!

ربط عدد من المحللين السياسين بين ما صدر عن حركة أمل حول مطالبتها بحكومة اختصاصيين، وهو عكس ما كان حزب الله قد أعلنه على لسان امينه العام السيد حسن نصرالله عن رغبته بحكومة سياسية، وبين ما يجري من تنافس داخلي خفي بين الحركة والحزب على الساحة السياسية اللبنانية، في حين ان مراقبين وضعوا هذا التمايز في خانة أخرى تتعلق بالعقوبات الخارجية التي بدأت تستهدف رموز السلطة في لبنان.

قبل اسبوع، أصدر المكتب السياسي لحركة أمل بيانا طالب فيه بتشكيل حكومة جديدة مؤلفة من “إختصاصيين غير حزبيين وفق ما تم التوافق عليه في المبادرة الفرنسية، بعيدا عن منطق الأعداد والحصص المعطلة وتحوز ثقة المجلس النيابي وكتله، وتكون قادرة وبسرعة على إطلاق ورشة الاصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي، ولديها القدرة على إعادة ثقة اللبنانيين بوطنهم، وتعزيز علاقات لبنان الخارجية ومع المؤسسات الدولية، وإدارة حوار بناء ومسؤول لإعداد حفظ الخروج من الازمة”. 

إقرأ أيضاً: «أمل» _«حزب الله».. «السياسة» تُفسد في الود قضية!

تفاجأ المراقبون باصدار هذا البيان الذي بدا انه غير منسق مع حزب الله الحليف القوي في الثنائية الشيعية حزب الله، الذي طالب امين عامه السيد حسن نصرالله صراحة ​قبل اسبوعين بتشكيل حكومة تكنوسياسية تصب بخانة مطالب حليفه المسيحي رئيس ​التيار الوطني الحر​ ​جبران باسيل​، الذي سارع  حينها الى التغريد فرحا بما اعلنه نصرالله، مبديا استعداده للانخراط في هذه الحكومة عبر تياره  الذي يزخر بالكفاءات، وذلك دون ذكر ان كان هو (المعاقب اميركيا بسبب الفساد)، سوف يكون من بين الوزراء التكنوسياسيين المزمع تعيينهم في الحكومة القادمة المفترض ان يرأسها رئيس تيار المستقبل سعد الحريري. 

فزاعة العقوبات 

ويرجّح هؤلاء المراقبون ان يكون موقف حركة امل المستجد يتعلق بما اعلنه وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، بداية الاسبوع الماضي، حول الازمة السياسية والاقتصادية الخانقة التي يعيشها بلدنا التي تهدد وجوده، فقال ان “الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يقف مكتوف الأيدي ولبنان ينهار”، معربا عن إحباطه من الجهود الفاشلة لتشكيل الحكومة اللبنانية. 

ويشكّل تحذير لودريان امتداداً للكلام الذي أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ أيام حين قال “خلال الأسابيع القادمة وبطريقة واضحة ومن دون أدنى شك، نحتاج إلى تغيير النهج والأسلوب لأنه لا يمكننا أن نترك الشعب اللبناني يتخبط منذ شهر أغسطس الماضي في الوضع الحالي”. 

هل تّتجه فرنسا ومعها الاتحاد الأوروبي إلى تغيير سياسة تعاملها مع الأزمة اللبنانية، فتسلك خيار العقوبات؟

فهل تّتجه فرنسا ومعها الاتحاد الأوروبي إلى تغيير سياسة تعاملها مع الأزمة اللبنانية، فتسلك خيار العقوبات؟ خصوصا ان نار العقوبات شملت قبل ثلاثة شهور اضافة لباسيل، احد اقطاب حركة امل الاكثر قربا من رئيسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهو وزير المالية السابق علي حسن خليل. 

للجواب على هذا التساؤل، أوضح عضو البرلمان الأوروبي النائب الفرنسي تيري مارياني للاعلام الفرنسي، “أن الاتحاد الأوروبي يؤيّد فرض عقوبات على شخصيات فاسدة في لبنان، لأي طائفة انتموا إذا امتلك القضاء اللبناني أدلة تُثبت تورّطهم”. 

وأوضح “غالباً ما تنتهي العقوبات بشكل عام بضرب أفقر السكان من دون أن تُحدث تغييراً في البلد، من هنا فإنه في حال سلوك خيار العقوبات، يجب ألا تكون عامة بل أن تطال شخصيات متورّطة بملفات فساد ويملك القضاء اللبناني أدلّة تُثبت ذلك”. 

تمايز برّي يحمي حركة امل 

لذلك فان الاستنتاج المنطقي حسب تحليل هؤلاء المراقبين، ان حركة امل ورئيسها ليسا على استعداد لتلقي الضربة الموجعة التي تلقاها باسيل، فتنتهي تلك العقوبات عند الوزير السابق والنائب الحالي خليل، ولا تتعداها علوّاً فتصل الى رئاسة الحركة أي رئاسة مجلس النواب، فتنهي الزعامة السياسية التاريخية للطائفة الشيعية في لبنان المحصورة ببرّي منذ ثلاثين عاما. 

ليس هذا التمايز هو الاول الذي طبع العلاقة بين حركة امل وحزب الله في السنوات الماضية، فعلى الرغم من اعلان برّي تأييده لنظام بشار الاسد في سوريا، الانه انه رفض زج نفسه وحركته في اتون الحرب السورية، في حين ان حزب الله ارسل عشرات الاف المقاتلين الى القلمون وحلب وحمص ودمشق، للقتال الى جانب الجيش السوري ضدّ قوات المعارضة، مضحيا بحياة أكثر من 2000 من مقاتليه، واذا كان التدخل الروسي العسكري عام 2015 انقذ حزب الله ومعسكر الممانعة من هزيمة محققة في سوريا، فان ما انقذ حركة امل من العزلة العربية والدولية، التي اصابت الحزب بسبب التصاقه بإيران ومناصرته لنظام بشار الاسد، هو مواقف الرئيس نبيه بري المتمايزة عن حزب الله. 

والخلاصة، ان هذا التمايز بين حركة امل وحزب الله حول تشكيل الحكومة في البيان الاخير ومطالبة الحركة بحكومة اختصاصيين ترضي المبادرة الفرنسية، والذي وضعه كثيرون خطأ في خانة التنافس الداخلي بين فصيلي الثنائية الشيعية، لكنه في الواقع من اجل تفادي اغراق الحركة بالعقوبات الاوروبية هذه المرة كما أغرقت العقوبات الاميركية حزب الله، وكذلك كي لا تطال رئاسة حركة امل والمجلس النيابي كما طالت رئاسة التيار الوطني الحر جبران باسيل، فانهت العقوبات الاميركية حلمه بتقلّد سدّة الرئاسة الأولى خلفا لعمه رئيس الجمهوية ميشال عون. 

السابق
حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: طهران تتفاءل بـ«النووي».. ولا تجده!
التالي
تحذيرات غربية جدية للبنان.. اغتيالات تستهدف سياسيين واعلاميين ومصرفيين!