لبنان يتمرد على الوصايتين!

ثورة ساحة الشهداء لبنان ينتفض

بعد خروج الجيش السوري من لبنان في 26 نيسان 2005 جرّاء المظاهرات التي قام بها الشعب اللبناني، مطالبا بخروج الجيش السوري على إثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005، ظنّ اللبنانيون أنهم تحرروا من الوصاية السورية التي كانت تسيطر على كافة مفاصل الدولة اللبنانية، وأصبح بإمكانهم الانطلاق نحو مرحلة جديدة تمكّنهم بالارتقاء بوطنهم نحو الحرية والتطور والإنماء المنشود للبلد.

لكن سرعان ما تبدّدت أحلامهم وامالهم التي قدموا الكثير من التضحيات والدماء في سبيلها، ليصطدموا بما يسمى بالدولة العميقة وأتباعها من اللبنانيين، ويمارسوا سياسة المجابهة والدفاع في وجه التركة الثقيلة التي تركها النظام السوري، إضافة إلى سياسة الترهيب والتخوين التي مارسها أتباعه، والتصدي الى الوصاية الخارجية المقنّعة التي فرضت على الدولة اللبنانية من خلال قوّة السلاح، هذا السلاح المقاوم الذي أصبح عمله الوحيد فرض الشروط والنفوذ والمكاسب السياسية الداخلية.

اقرأ أيضاً: العهد «يُقحم» الدبلوماسية في الزاوريب السياسية!

    وبعد أن وجدوا أنفسهم (أتباع الوصاية) مرفوضين من قبل أغلبية الشعب اللبناني نتيجة الانتخابات النيابية، ما كان أمامهم الا القيام بانقلاب مسلح عرف ب7 أيار ليرضخ الفريق الرابح ويقبل ببدعة الديمقراطية التوافقية، التي نجم عنها ماعرف بحكومات الوحدة الوطنية بحجة السلم الاهلي، ولكي تكون جميع الأحزاب ممثلة فيها ولكنّها في الحقيقة كانت فقط من أجل دخول أتباع الوصاية الى قلب الحكومة من أجل التعطيل والعمل الى إعادة البلد الى حضن التبعيّة القاتلة.

     إنّ حكومات الوحدة الوطنية كانت بلاء على “لبنان الكيان” لأنها كوّنت مجموعة كان هدفها الاساسي، تعطيل عمل الحكومة والابتزاز والهدر، ولكي لا ننسى أن ملف الطاقة وحده كلف الخزينة أكثر من40 مليار دولار والتغذية الكهربائية لم تتحسن أبدًا، باعتبار أنّ فريقا واحدا سيطر على هذه الوزارة من خلال الابتزاز السياسي والقوة التي يحتمي بها، كما أنّ مبدأ حكومات الوحدة الوطنية قد أثبت فشله بكل المقاييس وكان السبب الرئيسي في إفشال العمل الحكومي.

لأن السلاح كان لا بد له من غطاء مسيحي ، فكان اتفاق مار مخايل في 6 شباط 2006 بين حزب الله والتيار الوطني الحر

ولأن السلاح كان لا بد له من غطاء مسيحي ، فكان اتفاق مار مخايل في 6 شباط 2006 بين حزب الله والتيار الوطني الحر، هذا الاتفاق الذي عوم سلاح حزب الله بعد أن كان محاصرًا ضمن بيئة ضيقة، في المقابل أعطى حزب الله التيار الوطني الحر من خلاله، دعما سياسيا لا حدود له مكّنه من الحصول على ما يريده حكوميا كما الوصول إلى فرض ميشال عون رئيسا للجمهورية، بعد أن عطل انتخاب رئاسة الجمهورية سنتين كاملتين لحين رضوخ القوى السياسية الأخرى والموافقة على انتخاب عون رئيسا .

 ولا يجب أن ننسى صهر “عون” جبران باسيل الذي كان يُفرض وزيرا في كافة الحكومات، مع العلم أنه كان يخسر في الانتخابات النيابية بجدارة، فيعطل تشكيل الحكومة بالقوة لأشهر عدّة، لحين الرضوخ والموافقة على تعينيه وزيرا، وهذا كله بقوة السلاح والتهديد باستخدام القوّة، كما حصل في 7  أيار، مع العلم أن هذا كله منافيا لمبدأ الديمقراطية، التي تفرض أن تحكم الفئة الفائزة بالانتخابات النيابية، والتي كانت تفوز بها في ذلك الوقت قوى 14اذار.

وبعد معاناة كبيرة في العمل على تشكيل الحكومة والفترات الزمنية المهدورة ، كنا نأتي إلى مرحلة جديدة من هدر الوقت وهي اقرار البيان الوزاري الذي كان يمتد أشهرًا لكي يبصر النور والذي كان يتضمن دائما ذكر كلمة “المقاومة وسلاحها” والتي يريد أصحابها أخذ شرعية  بعد أن أصبح حوله ( السلاح )الكثير من نقاط الاستفهام وتحديدا بعد استخدامه داخليا في 7 أيار، بالاضافة الى عشرات البنود التي لا تتعدى كونها حبرا على ورق.

لبنان وصل  اليوم إلى حافة الانفجار، نتيجة الانهيار الاقتصادي الحاصل ولم يعد هناك مجالا، الا بتشكيل حكومة من الاختصاصيين المستقلين

أما الثلث المعطل الذي كانت تحصل عليه قوى التعطيل فهو البلاء الأعظم والذي كان الأداة التي مكنت هذه القوى، من جعل ، العمل الحكومي أسير أهدافها للسيطرة على مفاصل الدولة ونخرها بالفساد وزرع أزلامها في  كافة الوزارات والمؤسسات ، ونتيجة لممارساتهم التعطيلية والسيطرة على بعض الوزارات والمؤسسات، وتصّديهم لعملية الاصلاح ومحاربة الفساد واستلامهم رئاسة الجمهورية فيمكن عندئذ رؤية لبنان إلى أي درك وصل .

لبنان وصل  اليوم إلى حافة الانفجار الامني والاجتماعي، نتيجة الانهيار الاقتصادي الحاصل ولم يعد هناك مجالا، الا بتشكيل حكومة من الاختصاصيين المستقلين لا يكون فيها ثلثا معطلا، حكومة تنصّب على العمل الاصلاحي ومحاربة الفساد واعادة الثقة الدولية والعربية بلبنان ووضع حد لجبران  باسيل، الذي يعتبر هو وتياره حصان طروادة للتسلل وتعطيل العمل الحكومي، فزمن التنازل والتسليم لقوى التعطيل يجب أن يُسحق.

السابق
«أمل» _«حزب الله».. «السياسة» تُفسد في الود قضية!
التالي
السفيرة الأميركية على خط بعبدا وبيت الوسط.. والعقوبات!