الدولار «طالع نازل».. هل تصلح «المنصة» ما أفسدته السياسة والمضاربة؟

دولار

هل صحيح أن سبب الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار تحوله إلى أداة للضغط تستخدمها الطبقة السياسية ضد بعضها البعض لتحقيق مآربها؟، بحيث وصل في ظرف 48 ساعة إلى 15 ألف ليرة وثم تراجع خلال 24 ساعة 3 آلاف ليرة، وان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة هو جزء من لعبة عض الاصابع هذه؟ أم أن الاسباب تكمن في جشع المضاربين لتحقيق أكبر قدر من المكاسب في ظل جو سياسي مشحون، وقوى سياسية لا تُعير أهمية لمعاناة الناس ولو نهشهم الجوع والفقر؟

هذا السؤال يبدو مشروعا إذا جُمع أكثر من معطى حصل في الأيام الماضية و أوله قبل يومين. ففي عز الارتفاع الجنوني لسعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية، كان التراشق بالاتهامات بين القوى السياسية، بأن هذا الارتفاع هو لزيادة الضغط على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ضمن إطار التجاذب الحاصل حول تشكيل الحكومة، بعدها حصل إجتماع بين وزير المال غازي وزنة مع حاكم مصرف لبنان، وتم الاعلان بعده عن إجراءات يمكن أن تتخذ لضبط سعر الدولار في السوق السوداء، ثم كان تأكيد من الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه يوم أمس الخميس أن “الحاكم قادر على إتخاذ إجراءات لتخفيض سعر الدولار”.

إقرأ أيضاً: نصرالله إلى المربع الأول..لا لحكومة إختصاصيين ولا لـ«صندوق النقد»!

اما اليوم فقد أعلن الحاكم من القصر الجمهوري وبعد إجتماعه مع مستشار رئيس الجمهورية للشؤون المالية ان “المصرف المركزي قرر إطلاق العمل بالمنصة الالكترونية العائدة له بحيث يتم تسجيل كل العمليات وتصبح هي المرجع الاساسي للسعر الحقيقي للسوق” .

ويتضمن قرار مصرف لبنان ايضا “السماح للمصارف ابتداء من الاسبوع المقبل، بالتداول في العملات مثل الصرافين الشرعيين وتسجيل العمليات بالسعر الحقيقي على المنصة، على أن تتابع لجنة الرقابة على المصارف حسن سير العمل. وسوف يتدخل مصرف لبنان لامتصاص السيولة كلما دعت الحاجة حتى يتم ضبط سعر الصرف وفقا للآليات المعروفة”.

فهل كل ما سبق يعني أن سبب إرتفاع و هبوط الدولار سياسي أم تقني أم جشع المضاربين في السوق السوداء أم الثلاثة معا؟

غبريل لـ”جنوبية”: إرتفاع  الدولار يعود الى السوق السوداء و الخطاب  المتشنج

يجيب الخبير الاقتصادي نسيب غبريل “جنوبية” على هذا السؤال بالقول:”لا أسباب تقنية لإرتفاع الدولار بشكل جنوني في الايام الماضية، لأن السوق السوداء هي سوق غير شرعية وغير منظمة ولا تخضع لقواعد وقوانين”، موضحا أن “سبب وجود هذه السوق أو ما يسمى بالسوق الموازية، يرجع إلى أيلول العام 2019 حيث بدأ التراجع وبشكل حاد تدفق الاموال من الخارج إلى المصارف اللبنانية، وتوقفت هذه التدفقات بشكل كامل من بعد قرار الحكومة التعثر عن تسديد سندات اليوروبوند في آذار العام 2020 “.

يضيف:”عدم إجراء أي إصلاح جدي وثم الفراغ والشلل بعد إستقالة حكومة الرئيس حسان دياب وعدم وجود إرادة لتشكيل حكومة سياسية بالرغم من مرور سبعة أشهر على إستقالة الحكومة، كل هذه التعقيدات ساهمت في توسعة السوق الموازية للدولار أو السوق السوداء، لذلك يعمد المضاربين (صرافين وأصحاب أموال) إلى تحريك هذه السوق وفقا لمصالحهم مستغلين الفراغ السياسي وتراجع ثقة الناس بالليرة اللبنانية والضبابية التي تسود المستقبل الاقتصادي لبلدنا”، مشددا على أن “الارتفاع هو نتيجة إستغلال المضاربين بشكل أساسي والمهربين للسوق السوداء ويترافق مع حدة الخطاب السياسي بين الافرقاء المعنيين بتشكيل الحكومة مما يصيب الناس بالهلع و يدفعها لشراء الدولار مهما بلغ سعره”.

و يؤكد أن “التكهنات حول سعر صرف الدولار صعودا أو نزولا هو بيد المضاربين لا غير و لا يجوز إطلاقها لأنها تخدم مصالحهم”، لافتا إلى “عدة تصاريح سياسية ساهمت مؤخرا في خدمة المضاربين، لأنها دلت على الشلل السياسي، بدءا من الرئيس حسان دياب الذي أعلن بأن حدود إمكاناته في تصريف الاعمال تتقلص، بالاضافة إلى إعلان وزير الداخلية محمد فهمي أن الوضع مأزوم وان القوى الامنية لم يعد بمقدورها القيام بمهامهما كما يجب”.

يضيف:” هل يعقل أن يعلن وزير الاضراب على نفسه ( تأييد وزير التربية طارق المجذوب لإضراب المعلمين)، في الوقت الذي صرح فيه وزير الطاقة ريمون غجر ان لبنان ذاهب إلى العتمة، بعد أن صرفت الحكومات المتعاقبة 21 مليار دولار على القطاع الكهربائي في لبنان، و يعلن وزير آخر ( وزير الاقتصاد راوول نعمة)أنه لا يمكن وقف تهريب السلع المدعومة؟”.

ويرى غبريل أن” كل هذه الاجواء تدل على ان البلد تلاشى مما سمح للمضاربين بإستغلال الوضع لرفع سعر الدولار وتحقيق أرباح خيالية”، مشددا على انه “لإستقرار الدولار مقابل الليرة يجب توحيد سعر الصرف لأنه لايجوز أن يبقى متعددا، بين سعر الصرف الرسمي وسعر المنصة وصرف السحوبات، وسعر صرف لشراء البضائع المدعومة والمشتقات النفطية، وسعر صرف للمساعدات الانسانية بالاضافة إلى سعر صرف السوق الموازية أو السوق السوداء”.

ويختم:” يجب أن تكون أولوية الحكومة الجديدة هو توحيد هذه الاسعار ضمن خطة إصلاح متكاملة مع صندوق النقد الدولي”.

نسيب غبريل
نسيب غبريل
السابق
بالفيديو: مسيرات تجوب المناطق اللبنانية.. «مقاومة شعبية بوجه عصابات السلطة»!
التالي
«الكورونا» يحصد المزيد من اللبنانيين.. والإصابات بالآلاف!