بروفايل حسن نصرالله في ملفات الجيش الإسرائيلي… شعبة للاستخبارات ترصد تحركاته ولغة جسده وحتى أنفاسه

السيد حسن نصرالله

15 باحثاً إسرائيلياً في شعبة الاستخبارات العسكرية لجيش الاحتلال “أمان” هم المسؤولون عن رسم وتحديث صورة وبروفايل زعيم حزب الله، حسن نصر الله، بحسب ما نشرت، اليوم الجمعة، صحيفة “يديعوت أحرونوت”، تحت عنوان “ملف نصر الله”.

ويقوم هؤلاء بتتبع كل معلومة جديدة، عن حسن نصر الله، وفحص خياراته وقراراته في محاولة لتحديد نمط سلوكه ومواقفه من أي تطور، ومحاولة توقع رد فعله على أي تحرك أو خطوة إسرائيلية، هذه هي عملياً المهمة الأبرز لهذه المجموعة في شعبة الاستخبارات العسكرية، التي تكشف عنها “يديعوت أحرونوت” اليوم من خلال سلسلة من لقاءات سمحت بها الرقابة العسكرية، ويبدو أنها ليست سوى خطوة أو تحرك في الحرب النفسية والإعلامية بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وبين حزب الله وأمينه العام، حسن نصر الله.

التقرير الذي تبرز فيه أحاديث “الدكتورة”، كما يرمز إليها التقرير، يصور حسن نصر الله بأنه شخص يملك شخصية “مثيرة ومركبة وشائكة لا يمكن أن تعرف عنها كل شيء. يملك قدرات استراتيجية سياسية مميزة، وينمي على مدار العقود الثلاثة الأخيرة صورته كقائد لا اعتراض على زعامته، ويركز الصلاحيات بين يديه، كتوم، يقلل من استشارة الآخرين ومنشغل بذاته إلى حد النرجسية، متقد للغاية وذكي جداً، لكن نرجسيته ليست في صالحه، وهو بنظر رجاله ومعارضيه أيضاً رمز، لكنه أيضاً أحجية، وهناك من يدعي أنه لا يتورع عن الكذب”.

الصورة التي ترسمها الباحثة المذكورة، لا تبتعد كثيراً عن نظرات الاستشراق الإسرائيلية، وهي لا تتورع عن الذهاب لتبرير “الكذب” بالقول مباشرة بعد ذلك إنه يستمد شرعية دينية لذك من مبدأ “التقية” المعمول به عند الطائفة الشيعية”، بحسب ادعاءات الاحتلال.

وبحسب البروفايل، فإن حسن نصر الله: “ممزق بين هويته الدينية الإسلامية المتشددة، وبين هويته السياسية البراغماتية التي تدرك أن عليها مسؤولية إدارة شؤون الناس، وهو ما يؤجج التوتر البنيوي بين الالتزام الديني لإيران، وبين دولة لبنان، وقد مر حسن نصر الله بتحولات وتغييرات من ثوري محض يحمل رسالة دينية متطرفة إلى لاعب سياسي أكثر براغماتية، يكره المخاطرة، خلافاً للماضي عندما كان أكثر مبادرة، أما اليوم فهو يتحرك فقط عندما يشعر أنه لا مفر من ذلك، لقد أصبح أكثر اعتدالاً مع تقدمه في السن”.

نصر الله/سياسة/محمود الزيات/فرانس برس
رصد
التحديثات الحية
تلويح إسرائيلي بإمكانية اغتيال حسن نصر الله “في ظروف معينة”
ووفق البروفايل، الذي تنشره “يديعوت أحرونوت” على لسان أعضاء الفريق المذكور، والذي يبدو أنه موجه أيضاً كجزء من حرب العقول والأدمغة بين نصر الله ودولة الاحتلال، يبث مثلاً المقدم “أ” أن نصر الله لا يستعجل لبناء وريث له، بل على العكس من ذلك، فهو حريص على شخصه ولا يسمح للآخرين بالنمو بجواره، لا يبني وريثاً لليوم الذي يلي رحيله، ويحافظ بشدة على القيادة العسكرية، وتفرده باتخاذ القرار وكونه صاحب الكلمة الأخيرة”.

التقرير الذي وعدت “يديعوت أحرونوت” أن يكون مليئاً بتفاصيل جديدة عن حسن نصر الله لا يأتي عملياً بمعلومات خاصة لا يعرفها القارئ أو المتابع العربي، لكنه يشير إلى محادثات مختلفة في سيرته، منها سطوع نجمه بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، في مايو/ أيار 2000، وهي الفترة الذهبية في مسيرة نصر الله إلى نقطة الانكسار والتغيير بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان 2006، إذ بدأت مكانته بالاهتزاز لدرجة ارتفاع أصوات منتقدة له حتى في صفوف الطائفة الشيعية في لبنان.

ومع ذلك، فإن البعض في قيادة شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” يرون أن نصر الله الثابت الوحيد في الشرق الأوسط المتغير باستمرار منذ تزعم حزب الله في العام 1992.

ومع ذلك، يصور البروفايل نصر الله بأنه دائم المتابعة للصحافة الإسرائيلية، ويعرف كافة المراسلين في وسائل الإعلام الإسرائيلية التي يعتبرها طريقة لدراسة المجتمع الإسرائيلي ومتابعة ما يحدث فيها، من جهة، وحرصه على البقاء بعيداً في خندقه، دون أن يطل برأسه من الشباك لمعرفته أنه في حال فعل ذلك سيكون بمقدور إسرائيل معرفة موقعه والوصول إليه.

وهو، أي نصر الله، منذ اغتيال عماد مغنية وباقي القيادات العسكرية في الحزب، ثم اغتيال قاسم سليماني، يأخذ على عاتقه كافة المسؤوليات السياسية والعسكرية، فهو رئيس الأركان ووزير الدفاع وقائد اللواء وقائد المنطقة حتى أصغر نقطة، ومع ذلك فهو لا يستخدم الهواتف النقالة ويمرر القرارات عبر مستشاريه، ومساعديه، مثل نائبه نعيم قاسم ورئيس اللجنة التنفيذية هاشم صفي الدين، كما أن هناك ما يمكن تسميته بروح القائد، الذي يوجه أيضاً القيادات الميدانية إلى ترجمة منظومة الرد على كل ضربة إسرائيلية وخاصة كسر معادلة الردع لاغتيال أي ناشط لبناني، وفق معادلة واضحة للرد المحسوب.

وبحسب المقدم “أ”، فإنه مثلما كان الانسحاب الإسرائيلي نقطة الذروة عندما قدم نفسه أول زعيم عربي نجح في طرد الاحتلال الإسرائيلي، فإن حرب 2006 كانت نقطة الصدمة التي أحدثت عنده تحولاً فعليا، وصار سلوكه أكثر حذراً، وأكثر تشككا وتردداً، صحيح أن الإنسان لا يتغير، لكنه بات الآن يطرح أسئلة أكثر: ما مدى الخطأ الممكن وما هي المخاطر”.

وبحسب التقرير، فإن نصر الله المتأثر بفعل القيود التي يفرضها على تحركه بعد حرب 2006، يبدو عليه تأثر صحته من عدم مغادرة البيت، مضيفاً “فنحن نرى من ظهوره التلفزيوني مثلاً أنه يفتقر إلى فيتامين “د”، وهو في الستين من عمره، وفي مجموعات الخطر مع ذلك يرفض اللقاح الأميركي ضد كورونا وعليه أن يكون أكثر حذراً”.

ووفقا للتقرير، فإن نصر الله في ضائقة استراتيجية اليوم، لا يستطيع تكرار نفسه من جديد، مع أنه يتعلم باستمرار من تجاربه، فبعد اغتيال سليماني احترقت الأوراق في لبنان وتعاظم الذين يخرجون ضده ويعارضونه من داخل قاعدته الشيعية في لبنان، وهو مشغول منذ حرب 2006 بالبحث عن صورة للنصر، ويجتهد الآن كي لا تتحول ضائقته الاستراتيجية إلى ضائقة تهدد قيادته وزعامته.

ويفضل نصر الله، بحسب البروفايل، الإسرائيلي له، لبنان: “ضعيفاً لكن مستقراً، ولا يريد أن يكون في الواجهة، لكنه يريد أن يبقى المسؤول فعلياً عما يحدث دون أن يتحمل المسؤولية، وهو لا يزال لليوم الشخص الأقوى في لبنان، هو من يتحكم بلبنان فعلياً (دي فاكتو) ويلف ذراعه حوله بشدة”.

ويدعي البروفايل الإسرائيلي، بحسب الصحيفة أن نصر الله مهتم جداً بأن يظهر وجود حلقة واسعة من المساعدين والمستشارين حوله، ومع ذلك تتهمه العميدة “أ” من الطاقم المكون من 15 فرداً في شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” أنه يعاني من درجة عالية من الرهاب في مواجهة كل صوت معارض”، وأن رغبته بالتحكم بكل شيء نابعة أيضاً من أن نصر الله هو شخص لا يحتمل عدم اليقين”.

وبحسب “د. ك”، فهو لا يستطيع أن يعيش مع حالة عدم اليقين، وبالتالي، فإن معادلته للردع مقابل إسرائيل هي وسيلة لخلق “اليقين” الذي يريده، فهي تمنحه نوعاً من الوضوح الاستراتيجي وتقلص عدم اليقين”.

أما فيما يتعلق بالفساد، فنصر الله بحسب البروفايل الإسرائيلي له، وعلى المستوى الشخصي، مرتبط جداً بالقاعدة الشعبية للشيعة ومستويات الفقر فيها، وهو لا يملك عقارات أو أملاكا شخصية ولا “يفهم في الاقتصاد وهذه نقطة ضعف عنده، لكن المنظومة اللبنانية تتيح الفساد، وتسيطر الطوائف على القطاع الخاص بها. ويعرف نصر الله ضمان المناقصات والعطاءات لصالح شركات منظمته، ويرتبط بالوزير صاحب الاختصاص في كل طائفة، ويحصل على المناقصات والعطاءات في مجالات الاتصالات والبناء وغيره.

أما ما يفاجئ في البروفايل، هو اعتراف الطاقم بأنهم تفاجؤوا من أن نصر الله، خلافا للصورة المعروفة، ليس منشغلا طيلة الوقت بدولة إسرائيل التي سلّم بوجودها منذ مدة طويلة، وهو مسرور من تصويره كإرهابي كبير، ومن أن الجمهور الإسرائيلي من يولي أهمية ووزنا لتصريحاته.

وبيّن التقرير أن المعلومات عن نصر الله تجمع بالأساس من مصادر معلومة وظاهرة، ولا سيما الصحف اللبنانية التي تمكن حتى من المتوقع مما هو آت، كما تم تسجيل خطابات نصر الله وترجمتها وتحليلها، والتوقف عند مفرداتها وعند “لغة جسده في الخطاب” ووتيرة التنفس ودلالات ذلك عن حالته الصحية، ومحاولة معرفة المواضيع التي لا يسهل عليه الحديث عنها أو ترافق الحديث عنها زفرات وتنهدات.

وأوضح التقرير أن نصر لله يهمه أن يتابع الكثيرون خطاباته المتلفزة، وأن تكون نسبة المشاهدة عالية، وهو ما يعني بنظره تراجعا في توق الناس وانتظارهم لخطاباته وهذا أمر يقلقه جداً، لأنه يعتبر أن هذه الخطابات تبقيه ذا شأن، وتؤكد حضوره في المشهد وهو يريد دائماً الإبقاء على رسالة “لم أختف، ما زلت الشخص البالغ والمسؤول هنا”.

متابعة نصر الله، بحسب ما يكشف التقرير، لا تقتصر عليه، بل على متابعة تحركات شخصيات وأطراف أخرى في لبنان وتحركاتها السياسية وانعكاسها على قوة نصر الله من تراجعها، مثل متابعة الرئيس اللبناني ميشال عون، وصهره جبران باسيل. ومع أن الأخير ليس محبوباً في لبنان، إلا أنه حليف لـ”حزب الله” ويرأس كتلته البرلمانية، وهذا يدل على أنه إذا كانت حواس باسيل وجبران صحيحة، فهو يدرك أن من يحدد هوية الرئيس القادم هو حزب الله، وبالتالي فإن قربه من حزب الله أمر مجدٍ له، حتى لو كان يخضع للعقوبات الأميركية، وهو يدرك أن نصر الله هو من يعين الملوك في لبنان، وعندما يكون هذا موقف “ثعلب سياسي” مثل باسيل، فهذا يدل من هو الرجل القوي في الدولة”.

ونصر الله، بحسب هذه التقديرات مهتم في القضايا الداخلية للبنان من القضايا الإقليمية، وهو ما برز، بحسب العميدة “أ”، في خطابه الأخير في 16 فبراير/شباط الذي ركز على القضايا اللبنانية الداخلية، وإن كانت الصحف الإسرائيلية أبرزت رده على تصريحات وتهديدات رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، وحذر من خطر الانزلاق لحرب ضد لبنان. فقد: كرر معادلة “مدينة مقابل مدينة”، لكن هذا المقطع كان مقطعاً صغيراً جداً من الخطاب، ولم يحمل خطابه مقاطع عدائية، بل على العكس من ذلك: “لا أريد مواجهة معكم، ولكن إذا فرضتم ذلك علي، فسأضطر للرد بشكل مناسب”.

ويعترف التقرير، بحسب ما جاء نقلاً عن أعضاء الفريق، الذي يتابع بأنه لا يوجد إجماع بشأن ولاء نصر الله، هل هو ولاء مباشر وفوري لإيران، وأنه يفعل وينفذ كل ما يطلبه منه الإيرانيون. وفيما يقول عدد منهم بهذا الموقف، فإن آخرين يعتبرون أن نصر الله طور مع الوقت وضعاً يتيح له أن يكون لاعباً أمام إيران له مقولته الخاصة كطرف في حوار وليس كمن يتلقى الأوامر. وهو يوضح أنه يعرف أنه “كنز ثمين” لا يجدر بهم تبديده بفعل أحداث صغيرة، لكنه موال لإيران في القضايا الكبيرة.

السابق
«هلوسات» لبنانية.. منذ أكثر من عشر سنوات!
التالي
بالفيديو: ثوّار برجا يطردون نائب «الإشتراكي».. ويُجبرونه على التراجع!