قاتل لقمان.. «من فمه يُدان»!

اغتيال لقمان سليم

تظهر العودة الى كل عمليات الأغتيال السياسي انها تبدأ من ذات صاحب الفكرة و المحرض و الأعلام و الأقلام ذاتها، وكذلك الأدوات ذاتها التي تهيئ الأرضية للرأي العام في اصدار لوائح الأتهام الجاهزة ومعها بعض المقبلات التي تسهل له الهضم، مز دون الرجوع لأي تساؤل او شك في الروايات التي يتم طبخها في اروقة مطابخهم، تارة عبر ضخامة الشعار وعنوان التهمة وتارة عبر الترغيب او الترهيب فيما لو تم “التشكيك” في هول العمالة او شعار المقاومة، لكن الغلبة امام هذا وذاك تفضل الصمت والسكوت، تجنبا لمفاعيل سلبية لاحقة على مصالحها اليومية و المعيشية، واعمالها المرتبطة بهذه الزبائنية المتسلطة.

و في معرض تعداد كل عمليات الأغتيال السياسي المتسلسلة التي حصلت منذ سنة ٢٠٠٤، تبدو انه في ذات السياق الممنهج والبرمجة المحددة، من عقل مدبر بات يكشف نفسه بنفسه دون الحاجة الى محقق او تحقيق، لا يستدعي الكثير من “الفهلوة السياسية” او الأمنية، خاصة انها لم تأت كلها بمحض الصدف في التشابه والتماثل، برغم انها توجد بينها بعض الفوراق الشكلية لكل عملية على حدى، لكن في المضمون جاءت كلها وحصلت، بعدما انهى جهاز التحريض والدعاية عمليته في التصفية المعنوية، من ثم اتى دور التصفية الجسدية.

و في سياق استعادة شريط بعض العمليات الأغتيال على سبيل المثال لا الحصر، الرئيس رفيق الحريري، سمير قصير، جورج حاوي، جبران تويني، و وسام الحسن، اذ ان جميع هذه العمليات بدأت في اغتيالاتهم السياسية والمعنوية قبل مدة من اغتيالهم الجسدي، والكل بات يعرف ماهية التحريض والتشهير والتهديدات والأتهام المباشر، الذي يعطي اشارة هدر الدم عبر مكونات سياسية او عبر اقلام ومقالات في صحافة معروفة المصدر والتمويل،

وكان آخرها ومنذ سنوات قليلة حين باشرت ذات الأدوات وذات الأقلام بذات الصحافة، تنشر لوائح شخصيات وافراد اطلقت عليهم تسمية “شيعة السفارات”، التي اطلقها عليهم السيد حسن نصرالله في كلمة متلفزة ومن ثم تبناها رئيس تحرير جريدة “الأخبار”، وبنى على هذا الأسم مخيلة امنية سياسية بوليسية عند كل كل استحقاق وطني، وكل حدث لتلك المجموعات المعترضة وكل الشخصيات التي تحاول ابداء رأي مختلف ومعارض للنهج السائد، الذي هلك البلاد تحت حجج وشعارات كبيرة لا تمت بصلة لنهضة البلد، وانتشاله من الأزمات ومن ذهنية الحروب الأهلية والتوجه الفعلي نحو بناء دولة الحريات والقانون والمؤسسات لكل ابنائه.

لقمان سليم ذاك المبدع والثائر الناشط المفكر المثقف العنيد في حريته وموقفه، دفع حياته دون تردد، وهو كان يعرف ويعيش تلك التهديد والتحريض و يرفض الهروب من المواجهة، بالرغم من الصعاب والأسى وما يمكن ان يواجهه من حتمية انهائه جسديا، بقي يقاتل في اسطورة لغته، في عظمة مفردات جمله وفي قوة فصاحة الكلمة، كما بقيت كتبه ومقالاته تدوي في فضاء الثوار، وبقيت بصماته تجول في الساحات والميادين .. لم يمت لقمان نعم انه سيبقى يغرد في حديقة منزله مع احبائه ورفاقه وكل احرار وطنه.

السابق
مواكبة أمنية لإعلامية تتهم «حزب الله» باغتيال لقمان سليم؟!
التالي
وفيّات «كورونا» تُحلّق.. وهكذا توزّعت الإصابات على البلدات والأقضية!