لبنان يترنّح بين «جمهورية موز»..و«جمهورية موت»!

اعتصام رافض لاغتيال لقمان سليم
تطوي بيروت أسبوعاً طبَعَه الاغتيال المدوي للناشط والباحث لقمان سليم والذي أثار مخاوف من أن يكون فاتحة دخول لبنان في «المرحلة الأمنية» من الأزمة الشاملة التي تقبض عليه و«الموصولة» بصراعاتِ المنطقة.

وإذا كان اغتيال المفكّر الشيعي المعارض بشراسة لـ «حزب الله»، فتحَ الباب أمام تحذيراتٍ من أن يكون هذا التطور بالغ الخطورة في سياق رفْع منسوب التأزم لبنانياً إلى «خط التوتر العالي» الأمني وسط توالي الاتهامات السياسية في الداخل للحزب بالوقوف وراء العملية والخشية من «تتمات لها»، فإن هذه الجريمة وبصرف النظر عن مآلات التحقيقات فيها والتي لا يُتوقّع أن تنتهي إلا إلى «الفاعل مجهول».

وشكّلت بطبيعتها وتوقيتها محطة يعتقد كثيرون أن بعدها ليس كما قبْلها، سواء لناحية معانيها البوليتيكو – أمنية أو ارتداداتها المحلية والخارجية على بلدٍ يراوح بين توصيفيْن: «جمهورية الموز» في ضوء الفشل المتمادي بتَلمُّس طريق الخروج من الأزمة المالية والحكومية، و«جمهورية الموت» اغتيالاً، أو جوعاً ومن «كورونا».

واستمرّت التفاعلات الأمنية لاغتيال سليم، الذي عثرتْ القوى الأمنية أمس، على نظاراته في المكان الذي رُصد فيه هاتفه الخلوي (ضمن منطقة نيحا الجنوبية علماً أنه عُثر على جثته على بُعد 35 كيلومتراً في منطقة الزهراني) وسط معلوماتٍ عن أن عائلته طلبت طبيباً خاصاً لإعادة الكشف على الجثة والتأكد من عدد الرصاصات والتحقق من موضوع التعذيب، وفي ظل اتساع رقعة الارتدادات الديبلوماسية مع توالي الإدانات الدولية وكان آخرها لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي طالب بـ «محاسبة مرتكبي هذه الأعمال الهمجية من دون تأخير أو استثناء».

إقرأ ايضاً: لقمان سليم حيّ على بلاطة حديقته مع أقوال للحسين..و«صديقته الشريرة»!

وفيما أعطى اللقاء الذي نظّمتْه مجموعات ثورة 17 اكتوبر 2019 – التي كان سليم من أبرز رموزها – في ساحة سمير قصير (وسط بيروت) مؤشراً إلى السقف الذي سيتم التعاطي معه داخلياً من جانب هذه المجموعات مع «تصفية» سليم بتأكيدها أن الاغتيال «يُدخِل لبنان في مرحلة جديدة عنوانها(التصفيات الجسدية)».

وغمزت غالبية المواقف السياسية للأطراف الوازنة (غير الحليفة لـ«حزب الله») من قناة مسؤوليته عن الجريمة ولكن من دون الإيحاء بمترتّباتٍ سياسية على ذلك، بدت مؤشراً لأمرين: تسليم متواصل بعدم إمكان الخروج من«الواقعية» التي حكمت تعاطيهم مع الصراع الداخلي منذ تسوية 2016، والثاني رغبة بعدم حرْق الجسور التي يُعمل عليها خارجياً لتفكيك ألغام الأزمة الحكومية.

تتجه الأنظار إلى كلمة الحريري الأحد المقبل في ذكرى اغتيال والده والتي ستمون عالية السقف تجاه عون وباسيل

ومن هنا تتجه الأنظار إلى كلمة الرئيس المكلف سعد الحريري الأحد المقبل في ذكرى اغتيال والده رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، في ضوء الانطباع بأنه ما لم يكن تَحقَّق خرق بالمأزق الحكومي، فإنه قد يعمد إلى تسمية الأمور بأسمائها والردّ على«مضبطة الاتهام» التي يوجّهها إليه رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه بالمسؤولية عن عرقلة التأليف عبر عدم مراعاة المعايير الواحدة ولا قواعد الشراكة الدستورية والوطنية.

وفي الفترة الفاصلة عن 14 فبراير، يجري رصْدٌ دقيق لمآل المحاولة الفرنسية لتوفير ائتلاف اقليمي ودولي دعْماً لمبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون التي أحياها أخيراً، وسط توقُّف أوساط واسعة الاطلاع عند البيان المشترك للخارجيتين الأميركية والفرنسية الذي دعا لحكومة«ذات صدقية وفعّالة»، مكرراً أن الإصلاحات تبقى شرطاً لتقديم الدعم الدولي لبيروت.

وإذ اعتبرت الأوساط أن هذا البيان الأول من نوعه يعكس وجود «لغة واحدة» حيال الواقع اللبناني، وإن لم يكن ممكناً تحديد تفاصيل الحكومة ذات الصدقية ومعاييرها.

فإنها رأت أن ثمة معطيات بأن واشنطن ليست حتى الساعة بوارد ممارسة ضغوط للدفع باتجاه حل الأزمة الحكومية ولكنها في الوقت نفسه لن تعرقل المسعى الفرنسي بل تعطيه فرصة على طريقة «جربوا حظّكم»، وسط اقتناعٍ بأن محاولة ماكرون تأمين مظلة إقليمة – دولية لحركته تبقى محكومةً بحسابات واعتبارات المكاسرة في المنطقة وبدايات رسْم أطرٍ لملفات شائكة أبرزها النووي الإيراني ومتفرعاته.

لم تبرز أي مؤشراتٍ في الداخل اللبناني حيال إمكان تَرقُّب حلحلة قريبة حكومياً

وفي السياق نفسه، رأت مصادر خصوم «حزب الله» أن «اغتيال سليم وصاروخ أرض – جو الذي أطلق قبل ايام على (مسيّرة)» اسرائيلية فوق الجنوب، وما يعنيه ذلك من إعلان «صواريخنا الدقيقة هنا»، إلى جانب ما يجري في العراق، كلها «رسائل بالنار» لاستدراج إدارة جو بايدن للتفاوض بتوقيتٍ قريبٍ وعلى «حبل مشدود» في كل ساحات النفوذ الإيراني.

وبأي حال، فإن أي مؤشراتٍ في الداخل اللبناني لم تبرز حيال إمكان تَرقُّب حلحلة قريبة حكومياً.

بل على العكس، استوقف الأوساط التشدّد الذي عبّر عنه «التيار الوطني الحر»، بمحاولته الضمنية استخدام الحِراك الخارجي للضغط على الحريري باعتباره «أن الدعوات الخارجية لتشكيل حكومة فعّالة وذات صدقية تشكل تطوراً لجهة توصيف الحكومة ويلتقي مع إرادة لبنانية يعبّر عنها رئيس الجمهورية والفريق ‏المؤيد له»، مبلوراً في الوقت نفسه رؤيته لحكومةٍ تحكمها التوازنات (السياسية والنيابية) وتضم وزراء «متخصصين وقادرين» ما اعتُبر إشارة متقدمة تدعو لحكومة سياسية ولو بوجوه متخصصة.

ولم يخلُ بيان«التيار الحر» في ذكرى توقيع التفاهم مع«حزب الله»من إشارة إلى«ان هذا التفاهم لم ينجح في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون، وتطويره باتجاه فتح آفاق وآمال جديدة أمام اللبنانيين هو شرط لبقاء جدواه».

وفي موازاة ذلك، يتجه لبنان ابتداء من الغد إلى معاودة الفتْح التدريجي للبلاد على 4 مراحل (كل منها اسبوعين) مع استمرار منع التجول إلا بأذونات عبر المنصة الخاصة، في إطار السعي لاحتواء وباء«كورونا»الذي يمضي في حصْد أرقام قياسية من الوفيات بلغت 98 الجمعة.

مرفأ بيروت يتخلّص من «الحاويات الـ 52»

وأعلنت السفارة الألمانية في بيروت، أمس، انتهاء عملية معالجة 52 حاوية تضم مواد كيماوية شديدة الخطورة كانت موجودة في مرفأ بيروت منذ أكثر من عقد من الزمن، على أن يتم شحنها إلى ألمانيا.

ووقّع لبنان في نوفمبر الماضي عقداً مع شركة «كومبي ليفت» الألمانية بقيمة 3.6 مليون دولار للتخلّص من «مواد خطرة قابلة للاشتعال» بعد اكتشاف تخزينها في مرفأ بيروت الذي شهد انفجاراً مروعاً قبل ستّة أشهر تسبّب بمقتل أكثر من 200 شخص وإصابة أكثر من 6500 وألحق أضراراً جسيمة بالمرفأ الرئيسي في البلاد وعدد من أحياء العاصمة.

وأفاد السفير الألماني أندرياس كيندل على «تويتر» عن «اتمام» الجزء الأول من المهمة بعدما «عالجت شركة كومبي ليفت 52 حاوية من المواد الكيماوية الشديدة الخطورة، التي تراكمت على مدى عقود وشكّلت تهديداً للناس في بيروت». وأضاف «باتت جاهزة للشحن إلى ألمانيا».

السابق
لقمان سليم حيّ على بلاطة حديقته مع أقوال للحسين..و«صديقته الشريرة»!
التالي
السوريون يختنقون من الأزمة الإقتصادية..والفنانون «يرقصون» من البرد!