لقمان سليم..«قصة ألف حُرّ وحُرّ»!

اغتيال لقمان سليم
جاء اغتيال الناشط والكاتب السياسي لقمان سليم، ليرسم معالم مرحلة جديدة في مسار الحياة السياسية في لبنان. فبعد اغتيال المنظومات الديمقراطية والسياسية والمصرفية والطبية والاجتماعية في البلاد، ها هي منظومة الحرية والرأي الحر على المحك.

وما لقمان سليم سوى هذا الباحث الذي علا صوته صادحاً حراً مناهضاً للمشروع الايراني، واعتباره اياه نهجاً أخذ البلاد الى منحى التقوقع والعتمة الفكرية، خصوصاً لدى أبناء الجنوب وبعلبك، فغير الموازين الشعبية وقلب العادات الاجتماعية، وحوّل القرى الى مقابر يحيطها السواد من كل حدب وصوب، لا تعلو فيها سوى أصوات المآتم وصور الشهداء ولا تسودها سوى ثقافة الموت.

اغتيل لقمان سليم وسط العتمة، “الخفافيش بين الظلمة والظلمة” تهدده وترهبه وتعترض حرمة داره في حارة حريك، وفق بيان نشره سليم في 13 كانون الاول 2019.

خمس رصاصات في الرأس والظهر، أي باسلوب غادر، نالت من لقمان سليم مقتلاً بهدف اسكاته وكسر قلمه وقمع، من خلاله، الصوت المعارض لخط “حزب الله” ومشروعه السياسي والامني والعسكري.

منى فياض: يتم التركيز مرحلياً على الشيعة المعارضين لـ”تربية” أولئك غير المعارضين

المنفذون معروفون الى أي مدرسة ينتمون، وهم على يقين بأن امساكهم بقرار البلاد سياسياً وقضائياً سيقصيهم عن دائرة الاتهام.

“حز ب الله” هدد سليم مراراً وتكراراً!

وقد يتساءل أحدهم عن المسارعة الى اتهام البعض لـ”حزب الله” بقتل لقمان سليم قبل انتهاء التحقيقات في حادث اغتياله، لكن “حزب الله” مطالب بتفسيرات عن التهديدات المستمرة التي تعرض لها سليم، وعن ملصقات التخوين التي رفعت على دارته ومجدت “حزب الله”. كما أن السلطة مطالبة بكشف ملابسات كل جرائم الاغتيالات والاحداث الامنية التي ظلت سجلاتها فارغة.

إقرأ أيضاً: بالفيديو والصور: إنتفاضة مدنية رفضاً لاستباحة الدماء وتصفية لقمان سليم..حماية اممية وعربية

مسلسل الاغتيال الفكري لم يبدأ اليوم، بل هو مسار بدأ تنفيذه مع المفكرين حسين مروة ومهدي عامل في ثمانينيات القرن الماضي، وتوالى فصولاً حتى اغتيال الاعلاميين جبران تويني وسمير قصير.

لكن مقتل سليم يشكل مفصلاً في ذاك المسلسل الذي حصد عشرات السياسيين والمفكرين، باعتبار هذه الجريمة موجهة الى الشارع الشيعي  بالدرجة الأولى.

حارث سليمان

ويقول الباحث والكاتب السياسي الدكتور حارث سليمان لـ”جنوبية” أن جريمة اغتيال لقمان سليم “هي جريمة متصلة متمادية بدأت منذ سنوات ونفذت على مراحل، انطلاقاً من تخوينه والتشكيك بوطنيته واتهامه بالعمالة وتهديده بكاتم الصوت وصولاُ الى اطلاق الرصاصات على رأسه وجسده.

ويضيف سليمان: “هناك تغير في الرأي العام الشيعي وقد أصبح الكلام الذي يقوله لقمان سليم أو غيره  في البيئة الشيعية له صدى وتأثير”.

وهنا يستشهد سليمان بردود أفعال الجيوش الاكترونية على تصريحات الاعلامي قاسم قصير، وهو من ضمن بيئة “حزب الله” وأحد مؤسسيه، حين طالب الحزب بالعودة الى الوطن، وقد خونته تلك الجيوش واتهمته بالولاء للسفارات، ليجبر بعدها على التراجع والاعتذار في مناسبات عدة ، فكيف لا تكون ردة الفعل على لقمان بكاتم الصوت”؟!

هذا الواقع يؤشر بحسب سليمان “الى تغير في موازين القوى داخل الطائفة الشيعية، جراء تسوية بدأت تلوح في الأفق بين ايران والولايات المتحدة الاميركية”.

منى فياض

وتوافق الدكتورة منى فياض موقف سليمان من توسع دائرة الاعتراض والاحتجاج داخل بيئة حزب الله. وهي تقول في تصريح ل”جنوبية”: ” إنه يتم التركيز مرحلياً على الشيعة المعارضين لتربية أولئك غير المعارضين”.

 وتعتبر فياض أن “اغتيال سليم هو رسالة متعددة الاتجاهات، منها ما هو موجه لكل سيادي حر، رفع جهوزيته لاحداث إصلاح في لبنان على صعيد المؤسسات والمصارف، وانتخاب طبقة سياسية جديدة من دون الاتكال على وصاية طهران”.

وفي منحى آخر تعتبر فياض أنها “رسالة موجهة الى الفرنسيين والاميركيين وكل الغرب بأن لبنان ملك ايران والتخاطب لا يتم الا عبرها لاحداث أي تغيير فيه”.

حارث سليمان: جريمة اغتيال لقمان سليم متصلة متمادية بدأت منذ سنوات ونفذت على مراحل

الحرية في لبنان أمام تحد كبير، وأصحاب الرأي الحر أمام مسؤوليات أكبر، في مواجهة منظومة أمنية وسياسية تحيك خططاً تلو الاخرى، لتدمير ما تبقى من نظم الديمقراطية في البلاد.

في بيئة الأحرار ألف لقمان سليم سينتفضون على المشروع الخارج عن البيئة العربية، والمتضارب مع التاريخ السياسي والديمقراطي للبنان.

السابق
بالفيديو والصور: إنتفاضة مدنية رفضاً لاستباحة الدماء وتصفية لقمان سليم..حماية اممية وعربية
التالي
إلى قتلة أحلامنا: لكم رصاصكم ولنا أقلامنا!