المادة 110 في موازنة 2021 تثير البلبلة.. أين مصلحة المودعين بالدولار؟!

إقفال المصارف

تحفز المادة 110 من موازنة اللعام 2021 التي رفعها وزير المال غازي إلى مجلس الوزراء تمهيدا لدرسها وتحويلها إلى مجلس النواب، للبحث عن مردودها الايجابي على المودعين بعد إقرار الموازنة من جهة ومفاعيلها السلبية على الودائع بالعملة الاجنبية الموجودة في المصارف من جهة أخرى، خصوصا أن أصحاب هذه الودائع لا يحصلون إلا على جزء زهيد من دولاراتهم شهريا وبالعملة اللبنانية على سعر صرف 3900 ليرة للدولار الواحد .

اقرأ أيضاً: بالفيديو.. سلامة: «أنا كبش فداء» وهؤلاء من سحبوا أموالهم من المصارف!

سبب هذا “التحفيز” أن المادة 110 تنص بإختصار على أن “المصارف ملزمة بعد إقرار الموازنة على  تسديد الودائع الجديدة بالعملة الاجنبية التي يتم إيداعها نقدا لديها أو من خلال تحويلات مصرفية خارجية بنفس الطريقة التي أودعت فيها بناءا على طلب صاحب العلاقة، وأن ترفع قيمة ضمانة الودائع المشار إليها أعلاه إلى 50 ألف دولار أميركي أو ما يعادلها بالعملة الاجنبية”.

 وبما ان لبنان يعيش في أزمة مالية ومصرفية غير مسبوقة في تاريخ بلاد الارز، فقد أثارت هذه المادة مخاوف وتساؤلات الكثير المودعين وأصحاب الاختصاص، لجهة مصير الودائع الموجودة في المصارف بالعملة الاجنبية قبل حصول الازمة المالية، وعما إذا كانت ستشرّع حصولهم عليها بالليرة اللبنانية بدل الدولار؟ علما أن هذه المادة دفعت العديد من العارفين إلى التفاؤل بحذر لجهة قدرتها على جذب إستثمارات جديدة و”Fresh dollar” إلى البلد.

باتريك مارديني
باتريك مارديني خبير اقتصادي

وسيلة لإدخال «Fresh dollar»

يُبدي الخبير المالي والاقتصادي باتريك مارديني عن ارتياحه بهذه المادة، واصفا إياها “بالمهمة والايجابية”، ويعلّل ل”جنوبية” ذلك بالقول:”هذه المادة تمنح الراحة للاشخاص المنفتحين على الاستثمار في لبنان، لأن أي أمل بإنعاش لبنان وإعادة الحركة الاقتصادية لن يتحقق إلا بإدخال Fresh dollar” على البلد على أن يُستثمر في القطاعات الانتاجية، لأن هذه القطاعات لا يمكن إعادة إطلاق نشاطها من دون دخول ” Fresh dollar”على السوق اللبنانية”.

مارديني لـ”جنوبية”: خطوة إيجابية وتمنح الراحة للاشخاص المنفتحين على الاستثمار 

يضيف:”لا شك ان اللبنانيين في الداخل والخارج  يترددون في إيداع “Fresh dollar” في المصارف خوفا من حجزها كما حصل مع ودائعهم في بداية الازمة، وبالتالي هذه المادة تعطي هؤلاء المترددين ضمانات بإستعادة أموالهم بالعملة الصعبة، علما أن هناك العديد من المصارف تتبع هذه الخطوة وبالتالي هذه المادة تؤكد المؤكد لإستعادة التدفقات الاجنبية إلى المصارف”.

والسؤال الذي يطرح هنا هل هذه المادة كافية لإستعادة المصارف لهذه التدفقات؟ يجيب مرديني” بالتأكيد لا لأن هناك مشكلة كبيرة تتمثل في عدم إستقرار الدولار مقابل الليرة اللبنانية، وهذا ما يؤثر سلبا  على عملية الانتاج  والاستثمار، وبالتالي التدهور الحاصل في سعر صرف الليرة هو برأيي الحاجز الاكبر لمنع هذه التحويلات من أن تحصل لكن وجود المادة 110 هو خطوة في الاتجاه الصحيح”.

ماذا عن الودائع التي أودعت سابقا بالدولار، هل يمكن ان يحصل عليها المودع بالدولار أيضا؟

يجيب مارديني:”ليس صحيحا ما يقال أن إجبار المصارف على رد الودائع الجديدة (الموضوعة بالدولار) بالعملة ذاتها التي وضعت فيها، يعني أن المصارف ليست مجبرة على إتباع القاعدة ذاتها بالنسبة للودائع القديمة، برأيي هذا تأويل و”تبهير” للمادة 110″، مشددا على أن “الودائع القديمة ومصير سحبها بالدولار أو بالليرة اللبنانية يبتّه القضاء اللبناني ببساطة وسيكون جزءا من عملية إعادة الهيكلة التي ستحصل للمصارف اللبنانية ومعالجة الدين العام ككل”.

ويختم:”ما تحاول هذه المادة تثبيته هو(بغض النظر عما سيحصل للودائع القديمة) لنسمح للودائع الجديدة أن تسترد بالعملة ذاتها التي وضعت فيها”.

الخبير والمحلل الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة
الخبير والمحلل الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة

مفيدة ولكن

يفسر الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة إيجابيات ومحاذير هذه المادة من زاوية مختلفة، إذا يشرح ل”جنوبية” أن “هذه المادة تحوي نقاط إيجابية ونقاط سلبية. من النقاط الإيجابية هو التأكيد على حقّ المودع وإلزام المصارف بإعادة أموال هذا المودع بالطريقة نفسها التي أودعها في المصرف وهو أبسط الإيمان، كما رفع قيمة الضمان من ٧٥ مليون ليرة إلى ٥٠ ألف دولار أميركي أو ما يوازيها بالعملة الصعبة”، لكنه في المقابل يلفت إلى أن”هناك عددًا من المخاوف التي تطرحها هذه المادة وعلى رأسها مصير الودائع ما قبل نشر هذا القانون، فهل هذا يعني إعتراف رسمي بالإقتطاع من أموال المودعين بالعملة الصعبة؟”.

عجاقة لـ”جنوبية”: تؤكد حقّ المودع وتلزم المصارف بإعادة أمواله بنفس نوع العملة

ويُضيف عجاقة “هناك نقطة أساسية غائبة عن هذه الموازنة وتتعلّق بالتحديد بمصير الودائع وبالقطاع المصرفي. فالدولة قامت بإعلان وقف دفع سندات الخزينة الصادرة عن الدولة اللبنانية  في ٧ أذار من العام الماضي، والمصارف تقول أنها أقرضت الدولة اللبنانية بالعملة الصعبة وبالليرة اللبنانية. وبالتالي تُبرّر المصارف عدم قدرتها على دفع الودائع بعد إعلان تعثّر الدولة. ويردف” من هنا لم يأت في مشروع الموازنة أي ذكر لمصير سندات الخزينة وما هي خطّة الحكومة لسدّ قروضها”، مشيرا إلى أن  “هذا ما يزيد من مخاوف المودعين من إحتمال إقتطاع قسم من ودائعهم خصوصًا بالعملة الصعبة التي تُشكّل صلب مُشكلة الدولة وصلب مُشكلة القطاع المصرفي اللبناني”.

ويرى أن”مشروع موازنة العام ٢٠٢١ هو مشروع مُنقطع عن الواقع ولا يرتقي إلى مستوى التحدّيات التي يواجهها لبنان. نعم هناك علامات إستفهام كبيرة على أموال المودعين بعد نشر مشروع الموازنة، مستطردا”  إلا أن هذا لا يُعطي لا الدولة ولا المصارف اللبنانية حقّ التنصّل من مسؤولياتها تجاه المودعين وبالتالي هناك إلزامية أن يكون هناك خطّة مُشتركة بين الدولة وبين القطاع المصرفي تنص بوضوح على جدول زمني لإعادة أموال المودعين إلى أصحابها”.

ويختم:”الودائع محمية بالدستور الذي ينصّ على قدسية المُلكية، أضف إلى ذلك أن المودعين غير مسؤولين عن سوء الإدارة المالية للدولة أو سوء الإستثمارات التي قامت بها المصارف”.

السابق
رسائل تهديد المعارضين الشيعة بعد اغتيال سليم: هل عاد لبنان ساحة للتصفيات؟
التالي
بعد اغتيال سليم.. ديما صادق تتساءل: اسرائيل عدوة أو حليفة حزب الله؟