«لعنة الأمونيوم» تَحّل على دياب..ماذا عن الجناة؟!

باخرة روسوس
انتظر اللبنانيون ادعاء القضاء على المخططين والمتسببين بشكل مباشر بانفجار مرفأ بيروت المأساوي الذي قتل المئات كما دمر مئات المنازل وصدّع الآلاف منها، فتفاجأوا بالادعاء على رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب وعدد من الوزراء السابقين بجرم التقصير. خلف هذا الادعاء ارباكا رغم احقيته، لان السؤال يبقى: من هم مستوردو شحنة الامونيوم الذين تسببوا بالمأساة؟

في خطوة غير مسبوقة، ادعى قاضي التحقيق العدلي في جريمة مرفأ بيروت فادي صوان اول أمس الخميس، على رئيس حكومة تصريف ‏الاعمال حسان دياب والوزراء السابقين يوسف فنيانوس وغازي زعيتر وعلي حسن خليل، بجرم الإهمال والتقصير، ما تسبب بوفاة المئات وجرح آخرين. 

لا شك ان الدعوى على هؤلاء المسؤولين الكبار في الدولة شكل تقدما كبيرا للعدالة نحو كشف جريمة تفجير مرفأ بيروت الكارثية التي وقعت قبل أربعة شهور ونيّف، غير انه وبالعودة الى الاتهام الذي تضمنه الاستدعاء القضائي يظهر انه جرى القفز فوق الحلقة الأولى من المتهمين المفترضين، وهم المخططون والمنفذون لجرم استقدام سفينة الشحن المحملة بالأمونيوم وتفريغها في مرفأ بيروت وهو الفعل المتعمد والمقصود الذي ادى الى التسبب بالانفجار المأساوي، ليتهم القضاء اعضاء الحلقة الثانية وهم المدراء في الاستدعاء الأول والوزراء  المسؤولون المقصرون في الاستدعاء الثاني الذين اهملوا واجباتهم في تحمل المسؤولية ومتابعة الحمولة الخطرة على ظهر الباخرة فلم يمنعوا أو لم يستطيعوا منع تفريغها. 

الوقائع  

وبالعودة الى الوقائع، فانه بتاريخ 20-11-2013 رست السفينة Rhosus في مرفأ بيروت قادمة من مرفأ باتومي Batumi- البحر الأسود، وهي تحمل على متنها 2750 طنّاً متريّاً من مادة نيترات الأمونيوم High Density Ammonium Nitrate مشحونة لأمر بنك موزمبيك الدولي Banco Internacional De Mocambique ومرسلة إلى شركة Fabrica de Explosives.

وكانت السفينة Rhosus معدّة لتحميل بضائع من مرفأ بيروت إلى الأردن. إلاّ أنّ جهاز مراقبة السفن في مرفأ بيروت (Port State Control) وبعد أن كشف عليها، منعها من السفر لسبب وجود عيوب تقنيّة فيها ولعدم استيفائها لشروط سلامة الملاحة البحرية». 

إقرأ أيضاً: حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: عقارب الوقت القاتلة في لبنان

وبعد عدّة أشهر على وجود السفينة في المرفأ، توجّب عليها ديون بحريّة لمصلحة عدّة دائنين ومنهم الطاقم الموجود على متنها، وتخلّت الجهّة المرسَل إليها Fabrica de Explosives عن حمولة نيترات الأمونيوم المشحونة على متن السفينة.

فتوكّل مكتب «بـارودي ومشـاركوه» عن أربعة من طاقم السفينة المتروكة، من بينهم الربّان، وهم من الجنسية الأوكرانية، الذين كانوا لا يزالون مُحتجزين على متنها، ولا يملكون المال للعودة إلى موطنهم وفي حالة إنسانية يُرثى لها. وكان مكتب بارودي وكيلاً ايضاً عن دائنين آخرين يتوجّب لهم ديون بذمّة اصحاب ومستأجري السفينة واتخذ اجراءات قضائية ضدهم لمصلحة هؤلاء الدائنين». 

وبتاريخ 27-6-2014 صدر قرار عن قاضي الأمور المستعجلة في بيروت بناءً على استدعاء مقدّم من الدولة اللبنانية من خلال المديرية العامة للنقل البري والبحري، بالترخيص لها بتعويم السفينة Rhosus بعد نقل المواد الموجودة على متنها إلى مكان مناسب لتخزينها تحت حراستها”. 

جريمة تفريغ الحمولة 

لذلك فان فعل الجريمة ارتُكب عندما صدر أمر تفريغ حمولة السفينة الجانية Rhosus من قبل قاضي الامور المستعجلة، والتمهيد لهذا الجرم كان بأمر آخر غريب صدر عن جهاز مراقبة السفن في مرفأ بيروت بمنع السفينة من الابحار لـ”عيوب تقنية”!.. 

فهل تمّ التحقيق مع جهاز المراقبة في المرفأ وسؤاله عن السبب الحقيقي لمنع الباخرة من متابعة وجهتها الى موزمبيق، وهل جرى استجواب قاضي الامور المستعجلة وسؤاله عن سبب الامر بافراغ الحمولة الخطرة دون السؤال عن مصدر البضاعة والجهة التي تملكها، وكذلك لماذا قدمت الباخرة الى بيروت رغم ان وجهتها افريقيا؟! 

من هي الجهة اللبنانية النافذة المستوردة الحقيقية لشحنة الامونيوم (الشبح) المجهولة المالك من البحر الاسود حتى وصولها الى مرفأ بيروت؟ 

وقبل هذا كله يكمن السؤال الاكبر: من هي الجهة اللبنانية النافذة المستوردة الحقيقية لشحنة الامونيوم (الشبح) التي حركت كل هذه الخيوط منذ انطلاق سفينة الموت المجهولة المالك من البحر الاسود حتى وصولها الى مرفأ بيروت؟ 

 هذه الجهة دون شك هي نفسها التي قامت بالاستحصال على الاوامر الادارية والقضائية اللازمة من اجل تفريغ الحمولة المدمّرة، لاستخدامها لأغراض لا يعلمها الرئيس دياب ولا الوزراء المدعى عليهم رغم تحملهم جزءا من المسؤولية التقصيرية بحكم التسلسل الاداري. 

وبالنهاية فان الادعاء على رئيس الحكومة والوزراء بجرم التقصير سيظهر للعالم ان القضاء في لبنان يسير بالاتجاه الصحيح نحو تحقيق العدالة، على أمل ان يتقدم التحقيق باتجاه الحلقة الضيقة التي خططت لاستيراد الشحنة المميته وأفرغتها عن سابق تصوّر وتصميم في مرفأ بيروت قبل ست سنوات، بانتظار شرارة القدر التي أشعلت فتيل الانفجار الكبير. 

السابق
بعد سنوات الجفاء.. لقاء استثنائي بين أصالة وأيمن الذهبي
التالي
محامون في «حمى المقاومة» يُرهبون خصومها..بالقضاء!