لا جديد في الملف الحكومي.. هل يُحرك المجتمع الدولي المياه الراكدة؟

ليس من المبالغة القول أن الطبقة السياسية في لبنان أثبتت براعتها في نسج الاكاذيب وتصديقها، والطلب من الشعب اللبناني القيام بذلك على طريقة "راجح" في مسرحية الرحابنة، علّها تصرف إهتمامهم عمّا تحضره لهم من نهب وإنهيار شامل قادم لا محالة لأنها لا تريد التخلي ولو قيد أنملة عن مصالحها ومكتسباتها في السلطة وفي المال العام.

لذلك إخترعت مؤخرا اكذوبة التحقيق الجنائي الشامل، كما أثارت موضوع قانون الانتخاب كنوع من الفولوكلور لصرف الانتباه عن الكباش الحاصل بينها و بين المجتمع الدولي حول موضوع الحكومة، علما أن هذه الطبقة تعلم علم اليقين أننا تحت مجهر الرصد الدولي ولا مناص من تنفيذ تعليماته إذا أردنا الحصول على دولارات إنقاذية للاقتصاد المنهار، في حين أن المجتمع الدولي قرر منذ بدء الازمة في 17 تشرين 2019المواجهة لتنفيذ ما يطلبه من إصلاحات للحفاظ على مصالحه الحيوية عبر إستعمال العصا الغليظة أي  العقوبات فأي منهما سينتصر؟

لا جديد في الملف الحكومي

“لا جديد على صعيد تأليف الحكومة بإنتظار ما سيحمله مؤتمر المساعدات الانسانية الذي سيعقده قصر الاليزيه غدا بمشاركة دولية، ومن المفترض أن يؤكد مرة جديدة “أنه لن يتخلى عن الشعب اللبناني لكنه في المقابل سيوجه رسالة قاسية إلى الزعماء اللبنانيين”، هذا ما يقوله مصدر دبلوماسي لـ”جنوبية” حين يُسأل عن الجديد في المبادرة الفرنسية أو الضغوطات الدولية الحاصلة لحث الافرقاء اللبنانيين للقيام بواجباتهم تجاه بلدهم الذي يغرق أمام أعينهم و شعبهم الذي تثقل الازمات كاهله من دون أن يحركوا ساكنا.

إقرأ أيضاً: «التاجر الفاجر» يستنزف «المال والرأسمال».. هل تختفي «السلة الغذائية» مع توقف الدعم؟

ويضيف المصدر:” كل ما ينشر حتى الان هو مجرد تكهنات وإضاعة للوقت ومحاولات للتذاكي إن من حيث  تقدير الوضع الاقتصادي الذي يعيشه لبنان أو لجهة الحلول التي يقترحونها، في حين أن الواقع أشد صعوبة و مرارة لكنهم لا يزالون يعيشون في أبراجهم العاجية”.

عصا العقوبات مستمرة

يوافق سفير لبنان السابق في الولايات المتحدة رياض طبارة على توصيف المصدر الدبلوماسي ويقول لـ”جنوبية”: “المؤتمر الذي سيعقد غدا هو فقط لتقديم المساعدة الانسانية للبنان وليس لأي سبب آخر، لأن المساعدة للإقتصاد اللبناني لن تحصل إلا بعد تنفيذ الاصلاحات، لكن مشكلة تنفيذها بالنسبة للطبقة السياسية في لبنان  هو أنها تطال  وتلغي مكتسباتها السياسية والاقتصادية”، شارحا أن “الطبقة السياسية حرصت على يكونوا جميعا في نفس دائرة المواجهة للمجتمع الدولي لضمان عدم حصول تسويات من قبل فريق على حساب الافرقاء الاخرين، والمثال على ذلك ما حصل في موضوع التحقيق الجنائي حيث أتفق الجميع على أن يشمل كافة مؤسسات الدولة لضمان إلتزام الجميع بالمواجهة الحاصلة بينهم وبين المجتمع الدولي وتمييع وتسويف ما يطلب منهم دوليا مقابل تقديم المساعدة الاقتصادية للبنان ولذلك فالتحقيق الجنائي لن يحصل لأن الجميع سيكون في دائرة الاتهام”.

طبارة لـ”جنوبية”: المجتمع الدولي يضغط و.. عقوبات جديدة 

 يضيف:”الفرنسيون والاميركيون يصرون على تأليف الحكومة وتنفيذ الاصلاحات في حين أن القياديين اللبنانيين يصرون على مجابهة هذه المطالب لأنهم أولا لا يريدون فتح الملفات القديمة وثانيا لأنهم لا يريدون التخلي عن أي من المكتسبات المادية التي يحصلونها من خلال المرافق العامة”، مشددا على أن “لا حل حاليا علما أن المجتمع الدولي يمكن أن يقبل بطي ملفات الماضي مقابل بقاء الطبقة الحاكمة وفقا لأسس إصلاحية جديدة، لكن هذا الامر يرفضه القادة اللبنانيون أيضا لأنه يقطع عنهم مزاريب التنفيعات التي يسيطرون عليها منذ سنوات و لذلك مقاومتهم لهذه الاصلاحات شرسة جدا”.

ويلفت طبارة إلى أن “أسلوب المجتمع الدولي تجاه الطبقة السياسية تغيّر عن الماضي، فسابقا كان يتم إعتماد “الجزرة” أي الدعم الاقتصادي والمؤتمرات الدولية في حال تفيذ الاصلاحات لكن هذه الطريقة لم تنجح، أما اليوم فيتم اعتماد العصا أي العقوبات في حال لم تنفذ الاصلاحات ولا أعرف كيف ستنتهي الامور”، مشيرا إلى أن “المجتمع الدولي يضغط بقوة على الافرقاء اللبنانيين وهم يقاومون بشدة هذه الضغوطات ولا نعرف اين ستصل الامور واعتقد ان عقوبات جديدة ستفرض على مسؤولين لبنانيين، وهذا التجاذب سيستمر الى حين يصيب اليأس أحد الفريقين”.

ويختم: أعتقد أن الفرنسيين والاميركيين مصرون على تنفيذ الاصلاحات حرصا على مصالحهم الحيوية، فالاميركيون يريدون إنهاء ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل وهم متخوفون من خلايا داعشية نائمة في الشمال، والفرنسييون يريدون الحفاظ على العلاقة التاريخية التي تربطهم بلبنان ويريدون إبعاد خطر توجه نحو مليون ونصف نازح سوري إلى أوروبا في حال إنهار لبنان”.

رياض طبارة
رياض طبارة
السابق
الكورونا يستفحل في بعلبك.. أعداد خيالية للإصابات ورئيس البلدية يطلق صرخة توعية!
التالي
بعد الهبوط المُفاجىء.. الدولار يُجدد إرتفاعه!