التأليف يراوح مكانه.. 8 آذار تُحمّل الموفد الفرنسي شروطها للحل.. وهذه نقطة الخلاف الأساسية!

ميشال عون سعد الحريري

مزيد من الأجواء السوداوية و”الأمور تدور في حلقة مفرغة”، هكذا يصف المتابعون مفاوضات تشكيل الحكومة. وإشارتان صدرتا من بعبدا، وعلى لسان الرئيس ميشال عون تتصلان بموضوع الإسراع بتأليف حكومة جديدة: الإشارة الأولى تتعلق بأن “العقوبات الاميركية التي استهدفت سياسيين لبنانيين زادت الامور تعقيداً”. ومناسبة الحديث عن العقوبات انها فرضت على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وإن بدا انها اصابت وزيرين غيره، هما النائب عن كتلة “التنمية والتحرير” علي حسن خليل، ووزير الأشغال في حكومة الرئيس سعد الحريري السابقة، عن تيار المردة يوسف فنيانوس، وقبل ذلك نواب وقياديين ورجال اعمال من بيئة حزب الله. والإشارة الثانية، ان اوضاع لبنان من “تداعيات وجود النازحين السوريين والضائقة الاقتصادية وانتشار وباء “كورونا” اضافة الى انفجار بيروت والعقوبات الاميركية، “تتطلب توافقاً وطنياً واسعاً لتشكيل حكومة تتمكن من تحقيق المهام المطلوبة بالتعاون مع مجلس النواب، معولاً اهمية على التشاور الوطني العريض”.

اقرأ أيضاً: مي خريش تُعلن إصابتها بالـ«كورونا»: أعتذر من الجميع!

ببساطة، وفقا لمصادر سياسية متابعة، فإن هاتين الاشارتين هما اشبه بعقبتين واحدة دولية، والثانية محلية. وتساءلت المصادر: هل تشكيل الحكومة يحتاج الى مؤتمر للتوافق الوطني، ام ان على الرئيس المكلف الحريري، اجراء لقاءات مع الكتل كافة لتأليف حكومة فضفاضة، تتجاوز الـ18 وزيراً الى 24 وربما الى  30، لإرضاء “التوافق الواسع”؟

وفي ما خصَّ العقوبات على باسيل، لم يتضح ما هو المطلوب اوروبياً، او دولياً، حتى لا تكون العقوبات الاميركية المرشحة للاتساع، ربما في الاشهر القليلة المتبقية من ولاية دونالد ترامب، لإرباك الوضع اللبناني. واخطر ما في الكلام الرئاسي، انه جاء امام موفد الرئيس ايمانويل ماكرون باتريك دوريل، ومستشاره لشوون شمال افريقيا والشرق الاوسط، خلال استقباله في قصر بعبدا. ومما قال الرئيس عون ايضاً ان تحقيق المبادرة الفرنسية لمصلحة لبنان “لن يتحقق الا من خلال حكومة موثوق بها”. وعلى التنسيق مع الشركاء الدوليين لاخراج لبنان من الاوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي يمر بها. وكشف عون امام الموفد دوريل ان عملية التدقيق المالي في حسابات مصرف لبنان، وهو (اي العملية) من اسس الاصلاحات، تواجه بعراقيل عديدة، مؤكدا اصراره على التدقيق الجنائي، بعد التمديد ثلاثة اشهر لشركة “الفاريز ومارسال”.

واذا كانت العقبات باتت ثلاثاً: حكومة فضفاضة، عقوبات اميركية، وتدقيق بحسابات المركزي، كل واحدة منها تنطوي على تفاصيل تحتاج ليس لأسبوع او اسابيع، بل ربما لعهد كامل، فإن وحدة “القواعد والمعايير” التي يشترطها النائب جبران باسيل، تعني اشتباكاً مباشراً مع “الثنائي الشيعي” او عملية كسر التفاهمات التي حصلت بين الرئيس المكلف وكلّ من حركة “امل” وحزب الله.

8 اذار

وأشارت معلومات “اللواء” ان فريق 8 آذار طلب من الموفد الرئاسي العمل مع الرئيس المكلف على: إلغاء فكرة المداورة، نظراً للاشكاليات التي أثارتها، بعد تمسك التيار الوطني الحر بشموليتها، وإبقاء وزارة الطاقة مع التيار الوطني الحر، واقناع الرئيس مكلف بالاجتماع مع رؤساء الكتل النيابية، والاسراع بتأليف الحكومة. وكشفت مصادر ديبلوماسية اوروبية أن لقاءات الموفد الفرنسي مع المسؤولين والزعماء اللبنانيين تركزت على الأسباب التي تحول دون تنفيذ المبادرة الفرنسية حتى الان، بالرغم من موافقة كل الاطراف عليها وابلاغهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شخصيا بتأييدها والالتزام بتنفيذها ولكن لم يحصل شيء من هذا القبيل حتى اليوم.

وفي حين تذرّع البعض بان السبب يعود  لعدم وجود آلية تنفيذية تحدد كيفية التنفيذ، ما أدى إلى تباينات وخلافات حولها، اعاد الموفد الفرنسي على اسماع هؤلاء بان الاتفاق الذي تم بحضور الجميع هو بتشكيل حكومة انقاذ من اختصاصيين مشهود لهم بالكفاءة تتولى القيام بالاصلاحات المطلوبة في القطاعات والادارات العامة، وتعمل على حل الأزمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان، مشددا في الوقت نفسه على انه لا يكفي الاعلان عن الإستمرار بتأييد المبادرة الفرنسية فقط، بل يتطلب الامر وضع هذا التأييد موضع التنفيذ الفعلي والسريع من خلال المباشرة بتأليف الحكومة الجديدة اولا وتمكينها من القيام بالمهمات المنوطة بها. وحذّر انه من دون قيام حكومة جديدة، سيكون من الصعب  مساعدة لبنان ليتجاوز ازمته  المالية والاقتصادية، مبديا خشيته، من ان يكون مثل هذا السبب هو للتهرب من تنفيذ المبادرة.

ولفتت “اللواء” من مصادر مطلعة الى ان نقطة الخلاف الأساسية في الملف الحكومي تتصل بعدم عقد الرئيس المكلف أي اجتماعات مع أي من القيادات السياسية وهذا ما عبرت عنه هذه القيادات. وفهم من المصادر إن ما طرح من أسماء في اللقاءات الأخيرة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تأليف الحكومة لاقت تحفظات مشيرة إلى أن هناك جولات أخرى من الاجتماعات بينهما لكن واقع الأمور يفيد أن الملف الحكومي يحتاج إلى وقت والى خطوات عملانية ومن هنا اتت دعوة رئيس الجمهورية إلى تشاور وطني عريض. وأوضحت المصادر أن دوريل جدد اهتمام ماكرون بالوضع اللبناني على الرغم من التحديات الماثلة أمام فرنسا وطالب بالإسراع في تأليف الحكومة لأن الإصلاحات المنتظرة من الحكومة هي مفتاح الدخول إلى برامج المساعدات سواء من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي والمجموعة الدولية.

وكشفت أن عون عطف على ما قاله ماكرون في حينه أي قيام تشاور وطني عريض للحكومة وهذا أمر طبيعي والرئيس الفرنسي أورد وقتها عبارة التشاور الوطني لتشكيل حكومة مهمة كي تأتي الحكومة الجديدة مسندة الى أكثرية مريحة في مجلس النواب لأن هناك إصلاحات تستدعي قوانين وأخرى تستدعي مراسيم ومن هنا فأن المطلب هو الحكومة المنتجة والفاعلة وهذا ما تم التركيز عليه. وحسب معلومات “اللواء” ان موفد ماكرون نقل لمن التقاهم رسالة مضمونها تشكيل حكومة كفوءة ومقبولة كي تباشر الاصلاحات واستعادة ثقة المجتمع الدولي. وذكرت مصادر المتابعين للزيارة ان دوريل استفسر ممن التقاهم عن سبب تعثر تشكيل الحكومة، وعن العقدة الاساسية التي تعيق التشكيل وتبين انها لا زالت تدور حول من يسمي الوزراء وبخاصة المسيحيين منهم، حيث يصر الحريري على تسمية الوزراء ويعرضها على عون بينما يرفض عون ذلك. وألمحت المصادر الى ان زيارة دوريل تهدف الى إنقاذ المبادرة الفرنسية وإنقاذ لبنان ايضاً.

ولفتت “اللواء” الى انه خلال اللقاء مع جنبلاط  كرر موقف فرنسا “بتشكيل حكومة مهمة من الاختصاصيين غير الحزبيين، مهمتها تحقيق الاصلاحات وإعادة الاعمار”، وأن الحريري عرض له مسار الاتصالات لتشكيل الحكومة. واكد الطرفان ان المبادرة الفرنسية هي الحل الوحيد لحل الازمة في لبنان.

حكومة مهمة

 الى ذلك، قالت مصادر قريبة من الحريري لـ”الجمهورية” انه تم، خلال لقائه والموفد الفرنسي، التأكيد مجدداً على تأليف حكومة مهمة، حكومة اختصاصيين غير حزبيين لوقف الانهيار عبر تطبيق البرنامج الاصلاحي الذي تم التوافق عليه في اجتماعات قصر الصنوبر واعادة اعمار ما تهدّم من انفجار مرفأ بيروت”. وأشارت الى “ان المشاورات متواصلة في شأن التأليف الحكومي، وأن صيغة حكومة من 18 وزيراً ما تزال قائمة”.

واشارت المصادر الى “انّ العقدة الاساسية التي لا تزال تحول دون ولادة الحكومة هي الاختلاف على الاسماء، مؤكدةً أن لا مشكلة في توزيع الحقائب لا في وزارة الطاقة ولا في غيرها، لأنّ هذا الامر حصل حوله تفاهم مبدئي بين جميع الاطراف ولم يعد هناك مشكلة في توزيع الحقائب، إنما المشكلة الاساسية الآن هي عقدة الاسماء والتي لا تزال عند تمسّك باسيل بأن يسمّي ويختار اسماء يعتبرهم الحريري حزبيين، الأمر الذي يرفضه تماماً. ورأت المصادر انّ ما رَشح أخيراً عن رئيس الجمهورية لجهة طلبه من الحريري مراجعة القيادات السياسية والحوار معهم والتفاهم في شأن معايير تشكيل الحكومة، هو خطوة الى الوراء. وقالت: “من الواضح انّ العقوبات زادت من تَصلّب جبران باسيل في مواقفه، وهذا الامر ربما يؤخّر تشكيل الحكومة لفترة معينة”.

وأشارت “الجمهورية” الى ان في موازاة غياب الاتفاق على شكل الحكومة وطبيعتها، يكثر الحديث عن انّ العهد يريد حكومة تحدٍ في مواجهة واشنطن رداً على العقوبات، وحكومة من هذا النوع لا يستطيع ان يترأسها الحريري، إلّا أنّ فرَص الاختراق تبقى ممكنة من 3 زوايا: منع انهيار لبنان على وقع الأزمة المالية، قطع الطريق على العقوبات المتدحرجة لكي لا تهزّ الاستقرار، التهيّؤ لضربة أميركية في المرحلة الانتقالية بين رئيسين ومرحلتين وإدارتين، وبالتالي هل يمكن تحقيق الاختراق الحكومي من زوايا الخوف من المجهول الآتي؟

السابق
طائرة أميركية في مطار رياق.. هل نقلت الصحافي أوستين تايس إلى واشنطن؟
التالي
لم يحتمل انتقاداتها.. باسيل يحظر ميا خليفة على «إنستغرام»!